أوقفي الشجار قبل أن يتحول خصاماً

يقول الطبيب النفسي الأميركي ومؤلف كتاب "الرجال من المريخ والنساء من الزُهرة" أن الجدال غالباً ما يكون بين المرأة والرجل على طريقة الكلام وليس على الموضوع، وهذا ما يجعل جدال الكثير من الأزواج ينتهي بالخصومة لأن الهدف في النهاية هو فرض الرأي أكثر منه حلَ أساس الجدال.
 
فهل هذا الكلام صحيح؟ وهل تتحول معظم شجاراتنا وجدالنا لخصام مقيت لأن لدينا الرغبة الجامحة في فرض آرائنا بدلاً من معالجة المشكلة؟
 
في كثير من الأحيان، يكون أحد الشريكين غاضباً من الآخر، فيقوم بافتعال الشجار لا لشيء وإنما لتنفيس هذا الغضب والتعبير عنه. فماذا يجب على الطرف الآخر التصرف حينها؟ أفضل ما يمكن فعله هو احتواء الموقف وعدم الرد بحدة حتى لا تزداد حدة الشجار. 
 
وكم من مرة إفتعلنا شجاراً على شيء غير منطقي وغير حقيقي، إما للتعبير للطرف الآخر عن غضبنا منهم، وإما للتنفيس عن حالة نفسية تعصف بنا فنجر أنفسنا وشركاءنا لجدال قاس ولا جدوى منه قد ينقلب خصاماً بيننا في أسوأ الأحوال. ومن المؤكد أن بعض الشجارات سببها إحساس أحد الطرفين بعدم اهتمام الطرف الآخر فتصبح الحاجة ضروريةً للفت الإنتباه والتقرب والكلام ونيل الإهتمام حتى ولو كان عن طريق الشجار.
 
أما شجار المشكلات الحقيقية، فيجب علينا أن نعترف بأخطائنا فيه ولا نكابر بغية الفوز على الشريك، فهو ليس بسباق ولكنها حياتنا التى ستتأذى من جراء ذلك. حتى وإن كان الطرف الاخر هو المخطئ فمن الأفضل أن نترك الشريك قليلاً حتى تهدأ النفوس وبعدها نحاول المعاتبة لكن دون جدال حتى لا نعود إلى الشجار من جديد.
 
والشجار الدائم لا يعبَر عن الحب دائماً، بل عن تباعد في الأفكار في أكثر الأحيان أو الغيرة المفرطة أو الشك وعدم الثقة.
 
كما أن الصراخ خلال الشجار ليس أسلوباً حضارياً ولا يساعد في غلبة أحدكم على الآخر بل قد يؤزم الأمور أكثر.
 
من أكثر الأخطاء التي يمارسها الشريكان عند الجدال هي سكوت المرأة وإخفاء الغضب والتسليم معظم الأحيان بأن الرجل على حق عوضاً عن الجدال، أما الرجل فيخطئ في تحميل المرأة دوماً مسؤولية الخطأ والهروب إلى الأمام بالقول: أنا بريء. الحقيقة أن الجدال يحتاج إثنين لا فرداً واحداً لافتعاله، وبالتالي يحتاج للإثنين معاً للمصارحة ومحاولة حله بأسرع وأفضل السبل وبأسلوب حضاري ولائق ينمَ عن محبة الشخص للآخر، وعن تقبل كل منا للآخر على اختلاف طباعه ونفسيته وأفكاره.
 
لذا أوقفوا الشجار قبل أن يتحول خصاماً، وتعلموا كيف تتحاورون حتى في خضم خلافاتكم وشجاراتكم، فالعتاب لا ينقص من المحبة شيئاً لكن عدم احترام الآخر قد يؤذي هذه المحبة.
 
وفي النهاية، أورد قصةً طريفةً قرأتها يوماً، تلخَص الطرق المثلى للتعامل عند الشجار. فهناك سيدةٌ كانت على سرير الموت، نادت زوجها وقالت له: أحضر الصندوق الموجود تحت السرير وافتحه. فعل الزوج ما طلبت منه زوجتها وعندما فتح الصندوق وجد مئات الآلاف من الدولارات فيه. بدهشة كبيرة: سألها: من أين لك كل هذا المال يا عزيزتي؟ أجابته بابتسامة رقيقة: خلال السنوات الخمسين الماضية التي كنا فيها معاً، كنتُ كلما تشاجرنا أصعد إلى غرفتي وأحيك دميةً للتنفيس عن غضبي منك. وعلى مر الوقت، صنعتُ الكثير من الدمى وتراكمت عندي فقمت ببيعها، وهذا المال هو ثمن كل الدمى التي صنعتها في السنوات الخمسين الماضية.
 
لو فعلنا كلنا كما فعلت هذه السيدة، لما كان هناك شجار في أي بيت، ولكنا بالتأكيد أغنياء أيضاً.