الحجاز برؤية Hindamme في مجموعة ربيع و صيف 2026
التقرير
الحجاز برؤية Hindamme في مجموعة ربيع و صيف 2026
كانت مجموعة الحجاز لمحمد خوجة إحدى العلامات الفارقة في أسبوع الأزياء في الرياض، عرضًا فكريًا بقدر ما هو جمالي، يؤكد مكانة خوجة كمصمم لا يقتبس من التراث، إنما يعيد بناءه في صياغة معاصرة تنبض بالهوية وتفكّر بالمستقبل. كل قطعة تحمل ذاكرة المكان، وكل تفصيلٍ فيها يتّجه بخطى واثقة نحو الغد.


في جوهرها، تبدو المجموعة رواية بصرية متكاملة: نابضة بالألوان، دقيقة في الحِرفة، وجريئة في الطرح. الخامات هنا ليست خلفية، بل لغة. الموهير يلتقي الجلد اللامع، الحياكات البراقة تتقاطع مع فراء صناعي مترف، والجلود الصلبة بألوانها الترابية تتحوّل إلى سترات معدنية البناء تومئ برؤية مستقبلية و بطريقة ما يُقدم نُسخة جديدة من القميص الأيقوني الذي صدّح برسالةٍ واضحة: “Saudi Arabia is the Future.”

غير أن الجمال البصري لم يكن سوى مدخلٍ لفكرٍ أعمق. خوجة يدرك أن التراث لا يُستعاد بالتقليد، وإنما يُجدَّد بالتصادم الخلّاق. حين حوّل الحجاز إلى شِعرٍ قابلٍ للارتداء، نقش عبارته الشهيرة: “الحجاز كيف ماينقال، هو المزاج، هو الجمال، هوالخيال.” لتتحوّل الكلمات إلى بُنى، والمعنى إلى هيئة. فالكلمة هنا لا تزخرف القماش، إنما تنبض فيه، تربط الحسّ بالعقل، والعاطفة بالتصميم.

أما التعاونات، فعمّقت الطابع الثقافي للمجموعة. ففستان HINDAMME × Hala AlGharbawi المُهدى إلى الأميرة الجوهرة بنت طلال حمل اسم حوّاء كرمزٍ للأنوثة الأولى، يجمع بين الأسطورة والأصل، بين الذاكرة والبداية. فيما تجسّد تعاون HINDAMME × Mansoojat تطريزاتٍ يدوية عمرها قرنان، فكرة الحداثة التي تنبثق من الجذور، خصوصًا حين ارتداه الفنان السعودي مشعل تامر. وفي الختام، تجسّدت عروس البحر على لمى العقيل، كأنها استعارة لجدة الأسطورية، تجمع بين الخيال والرُقيّ العمراني.

بهذه المجموعة، يتجاوز هندام مفهوم العرض إلى فضاء الفكر. فخوجة لا يقدّم أزياء فحسب، إنما خطابًا ثقافيًا متكاملاً يرى في السعودية أكثر من عاصمةٍ للموضة: يراها مركزًا فكريًا يكتب تاريخه الجديد بخيوطٍ من الوعي والجمال.