Ashi Studio خريف وشتاء 2025 للأزياء الراقية: عالم من الذكريات وفوضى شاعرية مُتقنة (فيديو)
التقرير
Ashi Studio خريف وشتاء 2025 للأزياء الراقية: عالم من الذكريات وفوضى شاعرية مُتقنة (فيديو)
ثمّة حدّة صامتة في الطريقة التي ينحت بها آشي ستوديو المشاعر. لا يعتمد على الاستعراض ولا يلهث خلف الدهشة، بل يختار أن يُفكك الذاكرة ببطء، بوعي، بغريزة تشبه التأمل. مجموعة خريف 2025 للأزياء الراقية، والتي جاءت من دون عنوان كما أخبرني بعد العرض ليست بياناً بصرياً بقدر ما هي عملية تنقيب حسّي..نزول إلى أرشيف الذكريات المحسوسة، حيث يتحوّل القماش إلى قِطعة أثرية شخصية، والأزياء الراقية هنا لا تُرتدى و تُستعرض…بل تُستخرج.

مجموعات آشي ستوديو ليست موضة للترفيه و لا الإستعراض الفارغ، هي موضة بمفاهيم مُتعددة الطبقات قاعدتها الأساسية الحِرفة و الصور الظلية المنحوتة و مُحركها الديناميكي الذي يبث فيها الحياة هو المشاعر. المجموعة تنبض كجرحٍ مفتوح، خامات حُرة لكنها دقيقة، كل طرف مهترئ وكل نسيج مُتلف هو ندبة موضوعة بعناية. إحدى الإطلالات تأتي على شكل جلد بايثون شفاف يلتصق بالجسد كأنه طبقة جلد ثانٍ في خضمّ انسلاخ… تحوّلٌ استثنائي محصور بين مفهوم الاهتراء و التَحول. تضع هذه المجموعة مهارات المصمم مُحمد آشي تحت المجهر، فنرى الصور الظلية الهيكلية المنحوتة بِدقة استثنائية و خِبرة اكتسبها من صميم التجربة و عقود طويلة في ميدان الحِرفة. هندسة تجمع بين الهشاشة والصلابة، بين الانكشاف والصمود.


عالم آشي دائماً ما يزخر بأناقة شاعرية و هالة مُظلمة و في هذه المجموعة تظهر المراجع التاريخية كدلائل تهمس في الهامش. من نقوش و زهور البورسلان، إلى التُحف القماشية القديمة، إلى وزن المخمل المتدلّي، كل قطعة تبدو كأنها أثَرٌ من صالون منسيّ، جزء مبتور من حكاية نعرفها ولا نذكرها. هناك تقديسٌ للماضي ولكنه لا يتطرق إلى الحنين و لكن إلى الإحياء. الإطلالات بأحجامها المُتفجرة تستحضر أثر تشارلز جيمس، و الصور الظلية التي تشابه الـBustle تستدعي القرن التاسع عشر، لكن اليد التي شكّلتها تنتمي للآن، و لذاكرة معاصرة و روح إبداعية تعرف كيف تعادل الوزنية.


التوتّر بين السيطرة والانهيار يُدار بعبقرية. تنانير واسعة محمّلة بالتطريز تتحدى الجاذبية، في حين يتمسّك الدانتيل الرقيق بالجسد بأجمل صوره الحِسية. كورسيه مرصّع بفسيفساء من عرق اللؤلؤ يلمع كأثرٍ أُنتُشل من الأعماق، سطحه أشبه بمخطوطة زمنيّة متعدّدة الطبقات. الأطراف الممزقة، الأقمشة المتآكلة، لا توحي بالإهمال، بل بالانتقاء. كل عيبٍ ظاهري هو ارتجافة محسوبة في واجهة لا تزال متماسكة.

لكن أكثر ما يبقى بعد مرور العارضات، هو الشعور بالحميمية، لا بين الجمهور والتصميم، بل بين المصمم ومصدر إلهامه. المرأة التي ترتدي هذه القطع ليست دمية للعرض، ولا تمثّل أحداً. هي أثرٌ يتحرّك، تمشي بوزن التاريخ وتدخل الحاضر بخطى ثابتة. قوة هذه المجموعة تكمن في صمتها، في رفضها للصراخ. لا تطلب الانتباه… تفرض الهيبة.


لطالما كان آشي شاعراً في العتمة. لكن الشعر هنا أكثر تكثيفاً و أكثر نضجاً، أنشودة تُقدّم للفتات التي تشكّلنا، للأنسجة التي تحدد ملامحنا، للذكريات التي نرتديها كجلدٍ ثانٍ. هذه ليست أزياء، بل خرائط شعورية. تنقيب عاطفي. وككل التنقيبات العظيمة، تتركك أمام مزيد من الأسئلة، أقل من الإجابات… وأعمق بكثير مما توقّعت.