طقوس الأعراس العربية بين المحافظة على التقاليد والإضافات العصرية المكلفة

إعداد: سينتيا قطار من السعودية: إسراء عماد تختلف عادات وتقاليد الخطبة والزواج من مجتمع لآخر أو من منطقة لأخرى، فلكل مجتمع عادات زواجه التي تميزه عن المجتمعات الأخرى، سواء في فترة الخطوبة أو في مراسم الزواج. ومع تطور العصر واختلاف الأجيال، اندثرت بعض العادات، في حين استمرت عادات أخرى مع الجيل الجديد، مع إضافة عناصر جديدة، أضفت لمسات معاصرة على حفلات الزفاف، من دون أن تفقد من بريق حفل الزفاف التقليدي. إليك في هذه السطور أبرز وأهم تقاليد حفلات الزفاف في السعودية والإمارات والمغرب، إضافة إلى السودان. العرس السعودي ومراحله المتنوعة في مجتمع مثل المجمتع السعودي الذي يتميز بتنوع ثقافاته، من الجنوب إلى المنطقة الشرقية والغربية، تتنوع العادات النابعة من الثقافة البدوية الأصيلة، وإن دخلت عليها بعض التطورات تماشيا مع العصر، أو تحقيقا لرغبة واهتمامات الفتاة السعودية، إلا أنها تدل على الأصالة والتميز والرسوخ. و من أبرز المحطات التي تمر بها العروس خلال حفل الزفاف: الشوفة: غالبا ما يتم ترشيح العروس من قبل الأقارب والأصدقاء المقربين للأم وربما الخاطبة، تتقدم والدة العريس لوالدة العروس لطلب ابنتها، وبعد الموافقة يأتي يوم «الشوفة»، وهو الرؤية الشرعية للعروسين بمنزل العروس بوجود محارمها، فإذا نالت استحسان العريس يقوم بتلبيسها خاتما أو طقما من الذهب، وتبقى العائلتان على تواصل لتحديد موعد تحليل الدم للعروسين، لضمان خلوهما من أمراض قد تحول دون زواجهما، وبعد النتيجة الإيجابية، يتم تحديد موعد الملكة والمهر والشبكة وغيرها. الغُمرة «الغُمرة» أو ليلة الحناء: وهي الليلة التي عادة تسبق حفل الزفاف، وهي خاصة فقط بالنساء المقربات من العروس من دون حضور العريس أو أي من الرجال، وفي تلك الليلة تخضع العروس لجلسات تنظيف الجسم وعمل الحناء لها، وتبخيرها وتعطيرها استعدادا للزواج، لكن مع تطور التقاليد أصبحت «الغمرة» تتم في قاعة أفراح خاصة، تسبق الزواج بأسبوعين إلى شهر، وتختار العروس زفة تراثية وطنية، أو زفة لثقافات أخرى مثل المغربية والهندية، وقد تكون هناك زفتان بفرقتين مختلفتين، فتدخل العروس وهي ترتدي ملابس تلك الثقافة التي اختارتها، سواء ثوبا عربيا، أو جنادرية، أو مغربيا أو هنديا، أو ملابس تقليدية أو بدوية، وتضع البرقع على وجهها. الدَبَش قبل الفرح بعدة أيام: تذهب العروس مع والدتها والمقربات منها إلى منزل الزوجية ومعها «الدبش» المتمثل في ملابسها وكافة مقتنياتها الشخصية ليرتبنها في منزلها بمساعدة نساء من أهل العريس. يوم الزفاف: وأخيرا يوم حفل الزفاف، الذي يتم عادة في قاعة كبيرة يُفصَل فيها الرجال عن النساء، وقد يفصل يوم أو عدة أيام بين حفلي الرجال والنساء. في قاعة النساء تكون في استقبال المدعوات والدة العروس وكبار نساء العائلة، وبعد المباركة لهن تدخل الحاضرات القاعة ولا تطل العروس إلا في نهاية الحفل، فتدخل مع محارمها، وإلى جانبها والدها الذي يسلمها للعريس، ثم تبدأ أغاني الزفة حتى الوصول إلى الكوشة، وبعد مغادرة العريس للقاعة، تتوجه المدعوات للمباركة للعروس، والرقص معها، ثم تنتهي السهرة بدعوتهن للعشاء. يُذكر أن العديد من الرجال والنساء السعوديين يتذمرون من ارتفاع كلفة حفلات الزفاف، وهو أمر ساهم في ارتفاع نسبة العنوسة في المملكة. العرس المغربي وطقوسه المميزة يعتبر العرس المغربي من أكثر حفلات الزفاف شعبية في العالم العربي وفي العالم بوجه عام، إذ هناك العديد من العرسان من جنسيات مختلفة الذين يعتمدون موضوع العرس المغربي في حفلات أعراسهم، لما يتمتع به هذا العرس من طقوس وتقاليد مميزة. الحمام المغربي: من أبرز العادات التي تمارسها المرأة المغربية قبل الزواج، هو الحمام المغربي الذي تقوم به العروس المغربية مع صديقاتها. إن الحمام المغربي لا يساعدها على الاسترخاء وحسب، بل أيضا على تنظيف بشرتها بالبخار، وتطبيق العديد من الأقنعة الطبيعية الأخرى، وهو ما يؤدي إلى التعزيز من نضارة بشرة وجهها. ويعتبر الحمام المغربي بمنزلة احتفالية مسبقة لحفل زفافها، من خلال الرقص والغناء مع صديقاتها، اللاتي يجلبن عادة معهن أدوات الموسيقى المغربية التراثية، مثل البنادير احتفالا بالعروس. إلى ذلك، يشكل الحناء جزءا لا يتجزأ من التحضيرات التي تقوم بها العروس قبل حفل زفافها، ومن ثم تخصص ليلة مع صديقاتها للاستمتاع بالحناء وتجربة أشكال متنوعة ومختلفة. حفل الزفاف: يتألف حفل الزفاف المغربي من مراحل عدة. المرحلة الأولى تتمثل في زيارة العريس وأهله وأصدقائه لتقديم الهدايا لها، والتي تكون عبارة عن مجموعة من المجوهرات. وغالبا ما يدخلون مع الزفة المغربية التقليدية، والتي تسمى "دقة مراكشية" لإضفاء المزيد من الأجواء الحماسية إلى الحفل. بعدها تختفي العروس، وتقوم بتغيير أزيائها، فترتدي قفطانا مغربيا تقليديا، غالبا ما يضج بألوان جريئة تسلط الضوء على العروس، نجمة الحفل، بمساعدة النجفات، وهن عبارة عن مساعدات يقمن بتلبية حاجات العروس طوال الحفل. أما المرحلة الثانية من حفل الزفاف، فهي عندما يتم حمل العروس والعريس الذين يجلسون على أريكة يحملها الأصدقاء احتفالا بالعروسين، ويرقصون سويا على أنغام الموسيقى المغربية التراثية. من ثم يختفي العروسان مرة أخرى لتغيير أزيائهما، ثم يجلسان مع الأصدقاء والعائلة على مأدبة العشاء، ليقطعا قالب الحلوى قبل نهاية الحفل. العروس السودانية ترقص 14 رقصة في حفل زفافها أصبح فستان حفل الزفاف الأحمر رائجا في الفترة الأخيرة على ساحة الموضة العالمية، ومن أبرز ما ساهم في رواج هذه الموضة المصمم العالمي ستيفان رولان Stephane Rolland في تشكيلته للأزياء الفاخرة في العام 2012. إلا أن ما لا يعرفه كثيرون هو أن أول من لبس فستان حفل الزفاف الأحمر هو العروس السودانية الذي تختاره عادة من قماش الحرير الناعم. ومن أبرز طقوس حفل الزفاف السوداني أن العروس تتزين بالحناء على يديها وعلى رجليها، قبل يوم من حفل الزفاف. أما خلال حفل الزفاف، فيطلب منها أن تبدل أزياءها 3 مرات طوال الحفل، وأن ترقص 14 رقصة على الأقل على أنغام الموسيقى السودانية التراثية، لتثبت للعريس ولعائلته وأقاربه أنها شابة ورشيقة ونشيطة، وأنها تستحق الزواج من العريس. ارتفاع تكاليف حفلات الزفاف في الإمارات يعتبر حفل الزفاف الإماراتي من أكثر حفلات الزفاف العربية التي حافظت على تقاليدها وطقوسها، إذ بعد عقد القران، تبدأ الاحتفالات قبل أسبوع من حفل الزفاف، بحيث يستضيف أهل العروس عائلة العريس على مدى أسبوع، دلالة على مدى كرمهم وحسن ضيافتهم، وتقوم فرق الرقص الشعبية بترفيه الحضور وإضفاء أجواء مميزة على الحفلات المتتالية، ليقوم بعدها أهل العروس وجيرانها وأصدقاؤها بزفّها إلى بيتها الزوجي. الجدير بالذكر أن محيط ومجتمع العروس يلعبان دورا أساسيا في المشاركة بالتحضير للزفاف، فهم يساعدون في إتمام حفل الزفاف، ويقدمون مختلف الهدايا سواء من الذبائح أو النقود أو العطور والمجوهرات. أما جهاز العروس، أو ما يسمى بـ"الزهبة"، فهو مؤلف من الذهب والملابس المختلفة والإكسسوارات المتنوعة، والتي غالبا ما تقوم أم العروس بتوزيع البعض منه على صديقاتها وجيرانها، بهدف تكريم ضيوفها. وفي حين كانت تقام الاحتفالات في حي العروس سابقا، أصبحت الأعراس تقام حاليا في أفخم الفنادق، وهو ما زاد من تكاليف الزواج. يذكر أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان قد أمر بإنشاء صندوق الزواج في العام 1992، وذلك بهدف تسهيل معاملات وعملية الزواج، وتشجيع الشبان والشابات عى الإقدام على هذه الخطوة. وفي السياق نفسه، تعتبر الإمارات من أبرز الدول الخليجية والعربية التي تقيم حفلات زفاف جماعية سنوية، أقيم أولها في العام 1990 بدعوة من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، لتكرّ سبحة الأعراس الجماعية التي تنال شعبية كبيرة في الإمارات، كونها وفرت على المئات تكاليف الحفل الباهظة التي تقلق الشبان والشابات.