خاص "هي": المصممة السعودية هالة الشعيل… مجوهرات تروى كحكاية عائلية تمتد عبر الزمن

خاص "هي": المصممة السعودية هالة الشعيل… مجوهرات تروى كحكاية عائلية تمتد عبر الزمن

سارة العجمي
24 ديسمبر 2025

في دار هالة الشعيل للمجوهرات، لا تُصاغ القطع بوصفها زينة، بل كحكايات تُحمل. دار عائلية تأسست عام 1992 على يد هالة الشعيل، إحدى الرائدات السعوديات في تصميم المجوهرات، التي آمنت منذ البدايات بأن للمعدن والرمز قدرة على التعبير عن الهوية والثقافة. اليوم، تمتد هذه الرؤية عبر جيل جديد تقوده ابنتاها: عالية، التي تشرف على التوجه الإبداعي للدار بخلفية في الفنون البصرية والتسويق، ونورة، التي تدير الجانب الاستراتيجي والتشغيلي مستندة إلى خبرتها في القانون والحوكمة. ثلاث نساء، يجتمعن على إرث واحد، ويقدمن مجوهرات تنسج الماضي بالحاضر بهدوء وثقة.

في هذا الحوار الحصري مع "هي"، تتحدث هالة الشعيل عن البدايات الأولى للدار، واللغة الرمزية التي تشكّل تصاميمها، وعلاقة المجوهرات بالهوية والذاكرة الثقافية. حوار يسلّط الضوء على الامتداد العائلي للدار، ومفهوم الفخامة الخالدة، والرؤية التي تحملها هذه القطع للأجيال القادمة.

حلق مع الأحجار الكريمة من هالة الشعيل
حلق مع الأحجار الكريمة من هالة الشعيل

تأسست الدار في وقت لم تكن فيه صناعة المجوهرات المحلية قد تشكلت بعد. كيف تصفين تلك اللحظة الأولى؟

كانت تلك اللحظة مشبعة بالشغف والانتماء للثقافة الإسلامية والسعودية. حين تأسست دار هالة الشعيل للمجوهرات عام 1992، لم تكن المجوهرات المحلية قد بلورت هويتها بعد، وكانت الرؤية منذ البداية تتجاوز فكرة الزينة إلى اعتبار المجوهرات لغة قادرة على سرد الحكايات. التراث الإسلامي والعربي، بما يحمله من عمق بصري وروحي، كان مصدر إلهام أساسي لتحويل الرموز إلى تصاميم معاصرة.
ما بقي حيًا من تلك الرؤية اليوم هو التوازن الدقيق بين الأصالة والحداثة، والالتزام بالحرفية العالية، والإيمان بأن كل قطعة تحمل قصة لا تنفصل عن هوية الدار.

تحمل مجموعة "الأثر" بعدًا تاريخيًا واضحًا. كيف توازنون بين قدسية الرمز وحرية التصميم؟

الرمز التاريخي يُعامل لدينا بوعي واحترام عميقين، خصوصًا حين يرتبط بمحطات مفصلية في التاريخ الإسلامي مثل حقبة عبد الملك بن مروان، حيث كانت العملة إعلانًا للهوية والسيادة. تبدأ عملية التصميم بدراسة دقيقة للرمز وسياقه، ثم يُعاد تفسيره لا نسخه حرفيًا. نحافظ على جوهره، لكن نمنحه حياة جديدة من خلال المواد، والأحجار، وطريقة التنفيذ، ليصبح قريبًا من المرأة المعاصرة، وقابلًا للارتداء اليومي دون أن يفقد عمقه.

تصفون مجوهراتكم بأنها "قصص تُحمل"، ما القصة الأقرب إليك شخصيًا؟

منذ البداية، كان الرجوع إلى الثقافة الإسلامية والسعودية أمرًا طبيعيًا، نابعًا من إحساس بالانتماء. الثقافة الإسلامية، بخطوطها وهندستها وإيقاعها البصري، ألهمتني في تحويل المفاهيم الروحية إلى لغة تصميم معاصرة. أما الهوية السعودية، فهي حاضرة في التفاصيل الدقيقة: في المزج بين البساطة والقوة، وبين الصحراء والعمارة، وبين التاريخ والتحول الذي نعيشه اليوم. المجوهرات أصبحت وسيلتي لسرد هذه القصة بهدوء وعمق، من دون مبالغة.

حلق وخاتم من تصميم مصممة المجوهرات السعودية هالة الشعيل
حلق وخاتم من تصميم مصممة المجوهرات السعودية هالة الشعيل

كيف أثّر الامتداد العائلي على لغة التصميم والقرارات الإبداعية؟

لغة التصميم تطورت مع الجيل الجديد لتصبح أكثر جرأة ووعيًا بالسياق العالمي، مع الحفاظ على القيم الأساسية: الحرفية، والمعنى، والصدق. الامتداد العائلي يمنحنا شجاعة محسوبة؛ نبتكر بثقة لأننا نعرف جذورنا جيدًا، ونتخذ قراراتنا الإبداعية ونحن مدركون أن كل قطعة تمثل قصة دار، لا مجرد لحظة عابرة.

كيف تعرّفين الفخامة اليوم بعيدًا عن الصيحات؟

الفخامة هي أن تكون القطعة صادقة مع ذاتها، مصممة بعناية، وتحمل قيمة فكرية وثقافية تجعلها قادرة على العبور عبر الزمن. هي فخامة تُكتشف ولا تُفرض، وتشبه المرأة الواثقة التي لا تحتاج إلى المبالغة لتعبّر عن قوتها وجمالها.

ما الذي يميز مجموعات مثل "النور"و"الحُلي" في علاقتها بالخامة والضوء؟

"النور" تنطلق من الضوء كمعنى وطاقة، حيث يتحاور الألماس والذهب والأحجار الكريمة ليعكسوا بريقًا هادئًا ومتزنًا. أما "الحُلي"، فهي احتفاء بالحِرفة والذاكرة المحلية، منفذة يدويًا باستخدام خامات متجذرة في المملكة، ومستوحاة من عناصر تحمل دلالات اجتماعية وهوية متوارثة، لا بوصفها أشكالًا فقط، بل كذاكرة حيّة.

كيف تنعكس رؤيتكم للمرأة السعودية في تصاميم الدار؟

نرى المرأة السعودية كقوة هادئة وواثقة. تصاميمنا لا تُلفت النظر من اللحظة الأولى، بل تُكتشف مع الوقت، في التوازن بين الجرأة والنعومة، وفي تفاصيل تحمل معنى أكثر مما تحمل ضجيجًا. كل قطعة تُصمَّم لتكون امتدادًا لشخصية المرأة، ترافقها في يومها، وتعكس ثقتها ونورها الداخلي.

خاتم من مجموعة هالة الشعيل
خاتم من مجموعة هالة الشعيل

بعد أكثر من ثلاثة عقود، كيف تنظرون إلى مستقبل الدار؟

ننظر إلى المستقبل بوصفه امتدادًا طبيعيًا لما بدأناه: أن تظل دار هالة الشعيل جسرًا بين التراث والحداثة، وبين الهوية السعودية والعالم. نأمل أن تحمل مجوهراتنا للأجيال القادمة قيم الحرفية، واحترام التاريخ، والقدرة على الابتكار، وأن تبقى كل قطعة شهادة على شغف طويل، وقوة هادئة تُرتدى وتُورث.

هكذا، تواصل دار هالة الشعيل صياغة المجوهرات كلغة ذاكرة وهوية، لا كزينة عابرة. حكاية عائلية تُروى بالمعدن والرمز، وتؤكد أن الأناقة الحقيقية هي تلك التي تعرف من أين جاءت، وإلى أين تمضي.