مرضى فقدان الذاكرة... هل تتغير شخصياتهم؟

منذ زمن طويل وأبحاث علم النفس العصبي معزولة إلى حد كبير عن الأبحاث التي تجري في مجال علم النفس الاجتماعي التجريبي. ومع ذلك فإن مجال علم الأعصاب الإدراكي الاجتماعي يجاهد لدمج جوانب من أبحاث علم النفس العصبي إلى نماذج اختبار ضمن علم نفس اجتماعي شخصي.
 
وتوصلت جهود الدمج الأولية بين هذه العلوم إلى عدد من النتائج المهمة، مثال لذلك: دراسات يتم تصميمها لمعرفة كيفية تفسير علم الأعصاب للشعور بالنفس، وكانت دراسة في عام 2002 قد تناولت مريضاً يعاني من فقدان ذاكرة حاد لمعرفة ما إذا كان بالرغم من ذلك يحافظ على إحساسه بنفسه. وكان عدد من اختبارات الذاكرة قد أوضح أن هذا المريض يعاني من فقدان عميق للذاكرة، وعلى الرغم من هذا العجز، كان المريض يؤدي وظائف تدل على معرفته لنفسه (مثل الإشارة إلى مايمتلكه من صفات) ولم يختلف عن هؤلاء المشاركين الأصحاء من باب ضبط التجربة. وخلال عدد من القياسات كان هذا المريض مثله مثل الآخرين الأصحاء المشاركين في التجربة يعرف شخصيته.
 
وتواصلت الأبحاث حول قدرة مرضى فقدان الذاكرة على الاحتفاظ بمواقفهم  وآرائهم. وتعني المواقف وتقديراتنا الكلية (مثل الحب والكراهية) تجاه المحفزات الاجتماعية، مثال لذلك: قد يكون لشخص ما موقف ايجابي تجاه عرض موسيقى أوبرالي، وموقف سلبي تجاه عقوبة الإعدام. والمواقف المهمة لأسباب لاتحصى، فهي مثلاً تعطي معنى وشكلاً للعالم الاجتماعي لأي شخص. والأكثر أهمية أن المواقف تلعب دوراً مهماً في توجيه سلوكنا.
 
نتائج الدراسات...
وكان المشاركون في الدراسة ممن يعانون من عجز في الذاكرة مع عته، وشارك معهم أشخاص غير مصابين بالعته، وعرضت عليهم صور لأشياء متنوعة مألوفة مثل:الآيس كريم وجراء صغيرة، وطلب منهم أن يشيروا إلى درجة حبهم لأي من هذه الأشياء، وأعيدت هذه التجارب في ظروف أخرى وتمت مقارنة استقرار مواقف المشاركين مع مرور الزمن في الحالتين. 
 
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن الذين يعانون من عجز في الذاكرة يحافظون بشكل ملحوظ على استقرار المواقف بعد مرور الزمن، وذلك يوضح أنه على الرغم من فقدانهم الذاكرة، فإن من يعانون من عجز في الذاكرة يحافظون على مواقفهم وآرائهم، لكن درجة استقرار هذه المواقف والآراء تقل لديهم مقارنة بالأصحاء الذين شاركوا في الدراسة، ولكن يظل هناك تساؤل في شأن ما إذا كانت المواقف المرتبطة باحتياجات مختلفة تتم المحافظة عليها أكثر أو أقل. ومثال لذلك: هل المواقف تجاه الأشياء المهمة للحياة اليومية (الأكل - الأفراد المهمون) تكون أكثر قابلية للمحافظة عليها من المواقف تجاه الأشياء قليلة الأهمية؟
 
أنواع فقدان الذاكرة..
وللتوضيح كان لابد أن نسأل عن الذاكرة والنسيان، وحصلنا على إجابتنا من الدكتور زينب فؤاد- استشارية مخ وأعصاب مركز الحنان الطبي بالرياض- حيث قالت:
 
لابد أن نعلم أن لفقدان الذاكرة بشكل عام ثلاثة أنواع :
 
النوع الأول: يحدث نتيجة حادث قوي يتعرض له الشخص، ويأتي المصاب إلى المستشفى لا يتذكر اي شيء أبدا لمدة تتراوح من ساعة إلى ساعتين إذا لم يتعرض إلى نزيف في المخ، فيوضع تحت الملاحظة لمدة 24 ساعة إلى أن يتحسن حالته ويسترجع ذاكرته وتسمى هذه الحالة "فقدان جزئي".
 
النوع الثاني: يأتي نتيجة الصدمات النفسية القوية، مثلاً: وفاة شخص قريب جداً، أو ترك الزوجة أو الحبيبة، وهنا يفقد المريض على أثرها الذاكرة تماماً، ولكن تبقى العادات والمهارات متركزة في المخ مثل: السباحة، قيادة السيارة أواحتراف لعبة معينة، وهذه الحالة علاجها صعب ومداها طويل وتسمى هذه الحالة "فقدان كلي".
 
النوع الثالث: مرض الزهايمر أو مايسمى بالخرف المبكر، وهنا يفقد المريض الذاكرة القريبة، فلا يتذكر ماذا أكل؟ وهل صلى؟ أو نام؟ ولكنه يتذكر الماضي القديم فقط، وفي هذه الحالة خلايا المخ تتضمر وليس له علاج ليسترجع ذاكرته، ولكن تكون هنالك محاولات للحد من التطور والتدهور من الزهايمر، ويقال ان الزهايمر يكون نتيجة التدخين، والأكل غير الصحي، وبعض العادات السيئة في النوم والأكل والشرب،....الخ. ولكن هذا غير ثابت، أما ما أثبتته الدراسات أن الاكتئاب الشديد وخاصة بعد سن الـ60 هو أهم أسباب الإصابة بالزهايمر.