الفيلم المصري "فيلا 69"... شمعة بمحيط غارق في الظلام

إعداد – هلا الجريد
 
شاهدت الأسبوع الماضي الفيلم المصري "فيلا 69" الذي نال الممثل "خالد أبو النجا" عن دوره فيه على جائزة أفضل ممثل مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما وعلى جائزة المهرجان السنوي ل "جمعية الفيلم السينمائي" بالإضافة إلى حصول الفيلم على جائزة لجنة التحكيم فى مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي.
 
تدور أحداث الفيلم حول شخصية المهندس "حسين" التي يجسدها خالد أبو النجا وهو رجل في الخمسينات من عمره والعائد من باريس إلى القاهرة ليعيش مستوحداً في فيلا 69 وهي فيلا قديمة مطلة على جدول من جداول نهر النيل.
 
يبدأ الفيلم بذهاب الخادم الشخصي لقريته بسبب مرض والده مع الوعد بالعودة سريعاً لأن "حسين" ايضاً مريض وينتظر الموت ولكن لم يتم الإفصاح في الفيلم عن ماهو مرضه!
 
بعدها تأتي إليه شقيقته الكبرى "نادرة" (لبلبة) بصحبة حفيدها "سيف" لتقيم معه عدة أيام في الفيلا بحجة تصليحات في شقتها ووجود العمال هناك، ولكن ليس هذا هو السبب الحقيقي حيث أن "نادرة" أتت عندما هاتفها الخادم الشخصي لحسين ليبلغها عن مرضه وعن إنتظاره للموت في أي لحظة وهو لا يستطيع أن يشاهده وهو يموت، عندها أحست "نادرة" بواجب الجلوس بجانبه ولكنها لم تستطع تحمل وضعه في الفيلا المهملة، كما بدأ نوع من التوتر لدى "نادرة" عند ظهور "سناء" (أروى جودة) التي لفتت نظر حفيدها "سيف" لها بينهما هي حبيبة "حسين" الصغيرة" إبنة صديق "حسين" المصور الفوتوغرافي.   
 
ورغم المرض والتعب الذي يلازمه إلا أن حسين يقوم بالعمل بشكل يومي من الفيلا مع الموظف الذي يأتي من شركته ليتلقى كل التعليمات.
 
شخصية المهندس"حسين" غريبة الطباع فهو فظ وقاس وبذيء اللسان ويجرح من دون أن يداوي، وفي وجه آخر نراه حنونا ومتعاطفا ويعشق الشعر والأغاني القديمة وهذا يتضح في علاقته مع الناس القليلين الذين يأتون إليه وهم الممرضة التي تساعده في أخذ الحقن ولم نر هذا بشكل واضح، فقط في مشهد عندما لاحظ حفيد شقيقته "نادرة" علامات الحقن في يده، والموظف في شركته. 
 
ومن اللافت هي تلك المشاهد التي يظهر فيها المهندس حسين مع مجموعة من الشباب يضحك معهم ويغني أغاني قديمة ومن الواضح أنها شخصيات خيالية إسترجعها من ماضي حياته التي كان يعيشها في القاهرة ونميّز هذا الشي من الملابس التي يرتدونها والتي تنتمي إلى عصر سبعينيات القرن الماضي وهي الفترة التي كان فيها المهندس حسين شاباً. 
 
فيلم عميق جداً وقد يكون غير مفهوم بالإضافة إلى أنه يعطي أكثر من تفسير سواء إجتماعي أم سياسي وكأنه لوحة مرسومة تستحق التأمل والغوص في كل الشخصيات التي تحمل المشاعر الإنسانية مثل حسين ومحنته مع المرض والممرضة التي تتعرض للعنف الجسدي من أخيها أو من أخته التي باعت كل أصولها من إرث ابيها ولم يعد لديها حق في الفيلا أو من الحفيد الذي يجسد الجيل الجديد بكل مايحمله من مشاعر غير مترابطة نلاحظها في علاقته مع "آية".
 
وبذكاء تأتي خاتمة الفيلم بمنح "حسين" للموظف الذي يأتيه إلى المنزل نصيبه في كل الأسهم في الشركة وشرائه لقطعة أرض للممرضة، بالمقابل لم نعرف مصير فيلا 69. 
 
وجاء إختيار "حسين" لـ"سيف" و"آية" للركوب معه في سيارة والده السوداء القديمة من نوع جاكوار والإنطلاق بها نحو المجهول.
 
إخراج أنيق وراقي جداً للمخرجة "أيتن أمين" لأول فيلم روائي طويل لها نشاهد به الكثير من الحنين إلى الماضي الجميل.
 
يشار إلى أن الفيلم من بطولة الفيلم خالد ابو النجا بمشاركة لبلبة وأروى جودة وهبه يسري والعديد من الوجوه الجديدة.