ذهب مع الريح... 75 عاما من الرومانسية

ابحث عن أي قائمة لأهم عشرة أفلام في تاريخ السينما العالمية، ومن المؤكد أنك ستجد بينهم أيقونة الرومانسية الخالدة "ذهب مع الريح" Gone with the Wind الذي ظل منذ عرضه للمرة الأولى في عام 1939 وحتى عام 2006 أعلى الأفلام إيراداً في تاريخ السينما الأميركية بأرباح تجاوزت مائة ضعف تكلفة انتاجه، ولا زال مصدرا لجني الأرباح وهو على بعد أيام قليلة من الذكرى الماسية لإنتاجه.
 
الفيلم المقتبس عن رواية مارغريت ميتشل الشهيرة "ذهب مع الريح"، الفائز بِـ8 جوائز أوسكار، اختاره معهد الفيلم الأميركي ليكون الرابع في قائمة الأفلام الأميركية المائة الأفضل في القرن العشرين، فهو ليس أيقونة للرومانسية وفقط، ولكنه مرآة تعكس تأثير نتائج الحرب الأهلية الأميركية على المزارعين الجنوبيين في مجال القطن، وصعود المجتمع الصناعي مع فرض قيم رجال المال الجدد، ويرصد أيضا ارهاصات تحرير العبيد، وأسباب انهيار المجتمع الإقطاعي الريفي.
 
كل هذه القضايا يتم عرضها عبر مجموعة من قصص الحب المتشابكة والمعقدة، محورها البطلة سكارليت أوهارا الابنة الكبرى لمهاجر إيرلندي يُدعى جيرالد أوهارا مالك مزرعة تارا، التي تُحب أحد ورثة الإقطاع في ولاية جورجيا الأميركية آشلي ويلكس، والذي لا يُبادلها الحب بدوره، لتتزوج من تشارلز هاملتون أخ زوجة ويلكس ميلاني، لتبقى بقرب حبيبها ومن ثم ظهور البطل المغامر ريت بتلر يقوم بدوره كلارك غيبل الذي يحب سكارليت، لكنها لا تفطن لذلك إلا في النهاية، بعد أن يتركها، رغم أنها تزوجته.
 
الفيلم الأسطوري بدأ تحقيق أرقامه القياسية منذ كان مجرد فكرة، فقد دفع المنتج ديفد أو. سيلزنيك، رئيس شركة أفلام سيلزنيك العالمية، مبلغ 50.000 دولار أميركي لشراء حقوق تحويل الرواية الأصلية لعمل سينمائي وهو رقم قياسي في ذلك الوقت، كما احتاج اختيار فريق العمل من الممثلين لعامين كاملين وكانت المرشحات لدور سكارليت نخبة من نجمات هوليوود الخالدات منهن كاثرين هيبوكن، نورما شيرير، بيتي ديفز، باربارا ستانويك، جوان كراوفورد، لانا تيرنر، سوزان هاوارد، كارول لومبارد، إيرين دوني، ميريل أوبيرون، إدا لوبينو، جوان فونتين، لوريتا يونغ، ميريام هوبكينز، تالولا بانكهيد، فرانسيس دي، ولوسيل بول. وتأهلت اثنتان فقط لتصبحا المرشحتين النهائيتين، بوليت غودارد وفيفيان لي، فاختبرتا بتقنية، وكان المنتج سيلزنيك مقتنعا بفيفيان لي، وبعد سلسلة من اختبارات الشاشة، أُعلِن اختيارها لأداء الدور في 13 يناير 1939.
 
دور المغامر ريت بتلر لم يحتاج لكل هذه الاختبارات فقد كان محجوزاً للنجم الشباك كلارك غيبل رغم ارتباطه بعقد احتكار مع مترو غولدوين ماير، التي اشترطت للإفراج عن نجمها، المساهمة بنصف ميزانية الفيلم مقابل خمسين بالمائة من الأرباح تذهب إلى مترو غولدوين ماير، واحتكار حقوق توزيع الفيلم لإحدى شركات ماير. وتم الاتفاق بالفعل وبدا المخرج جورج كوكر التصوير الأساسي في 26 يناير 1939، وانتهى في 27 يونيو من نفس العام ولكن بمخرج آخر وهو فيكتور فليمنغ الذي خرج الفيلم باسمه برغم ان مخرجا ثالثا هو من انجز العمل وهو سام وود.
 
بجوار البطلين كلارك غيبل وفيفيان لي شارك في البطولة النجمة هاتي ماك دانيال التي حصلت على جائزة الأوسكار أفضل ممثلة مساعدة للعبها دور مامي، ليزلي هاوارد في دور آشلي ويلكس، أوليفيا دوهافيلاند في شخصية ميلاني هاملتون، إضافة الى توماس ميتشل، باربارا أونيل، آن رذرفورد. وأنجز التأليف الموسيقى ماكس شتاينر وقد اختيرت عام 2006 كثاني أعظم موسيقى تصويرية في التاريخ.
 
حصد الفيلم 8 جوائز أوسكار هي أفضل فيلم للمنتج ديفد أو سيلزنيك، وأفضل مخرج وتسلمها فيكتور فليمنغ، أفضل ممثلة في دور رئيسي فيفيان لي، أفضل ممثلة في دور ثانوي هاتي مكدانيل، أفضل مخرج فني ليل ر. ويلر، أفضل تصوير سينمائي ملون إرنست هالر وراي ريناهان، أفضل مونتاج هال. ك. كيرن وجيمس أي. نيوكوم، أفضل سيناريو سيدني هاوارد، وجائزة تذكارية لويليام كاميرون مينزيس "للإنجاز المذهل في استخدام الألوان لتعزيز الحالة الدرامية في إنتاج ذهب مع الريح"، وجائزة الإنجاز التقني لدون موسغريف تقديرا "للريادة في استخدام المعدات في إنتاج ذهب مع الريح".
 
75 عاما من الرومانسية .. و100 ضعف من الأرباح .. مع فيلم شارك في صناعة وعي وضمير أغلب "عشاق الفن السابع".