خبيرة التواصل عائشة مشعل البريه لـ"هي": فرحة أبي بخبر القيادة كانت أكبر حتى من فرحتي
الرياض: مشاعل الدخيل
تصوير: علي المتروك
أصبحت الطرقات في السعودية لا تجهل وجود المرأة على شوارعها متحكمة ومتمكنة ومسيطرة على ذاتها وحياتها المهنية والشخصية. التقينا خبيرة التواصل عايشة مشعل البريه التي تقود سيارتها بنفسها إلى العمل منذ تطبيق القرار، وتقضي حاجاتها دون اللجوء إلى السائق المنزلي مثل ذي قبل.
تعتبر عايشة من السيدات السعوديات اللواتي لم يمتلكن خبرة قيادة من قبل خارج المملكة، وتجربة القيادة بالنسبة إليها تجربة جديدة كليا لا تقارن، وهو ما يجعل تفاصيل خبرتها مثيرة للإعجاب ومختلفة وذات صلة للكثيرات اللواتي لم يحصلن على فرصة القيادة من قبل. حصلت على شهادة علوم الحاسب من جامعة الأمير سلطان، وتمكنت عايشة من اكتساب خبرات جمة في مجال عملها لدى إحدى شركات التواصل العالمية في مقرها الرئيس في الرياض، وأسهمت القيادة في تمكينها بشكل فعال في دورها على الصعيد المهني والشخصي.
كيف بدأت مسيرتك في مجال العلاقات العامة في السعودية؟
بدأت عندما انضممت إلى الشركة التي أعمل بها حاليا متدربة، وذلك لإتمام متطلبات التخرج في جامعة الأمير سلطان. وبعد مضي 7 أشهر من عملي متدربة، عرضت علي الشركه وظيفة مهندسة نظم، وعملت في هذا المجال لمدة عامين. وخلال العامين انضممت إلى برامج تطويرية كإعداد القادة الجدد، والعمل مع فريق من مختلف مناطق الشرق الأوسط لتطوير المهارات التواصلية وبضعة مهارات أخرى تفيدني شخصيا في سوق العمل. وبعد عامين عرض علي الانضمام إلى قسم التسويق والتواصل، وامتلكت في هذا المجال خبرة 6 سنوات.
حدثينا أكثر عن أهم وأبرز مهامك في وظيفتك الحالية؟
أستطيع أن أقول: إن التواصل عالم آخر ومجال جديد جميع الشركات والمؤسسات بحاجة إليه لترقى لمستويات أفضل في الخدمات.
تعملين في شركة عالمية بحجم كبير في سوق الاتصالات، كيف تصفين دور المرأة السعودية فيها؟ وما أهم إنجازاتها ودورها بوجه عام في تنمية وتطور الشركة؟
دور مهم طبعا، يوجد مجال كبير لإبداع المرأة السعودية في العمل، وتستطيع أن تحقق ما تريد إذا أحبت ما تفعل بجد والتزمت. لا يوجد فرق في العمل بين امرأة ورجل لا من حيث الالتزام والإبداع، ولا من حيث الاحترافية. أنا أرى كل يوم هذه الفروقات في العمل بين المرأة والرجل تضمحل ولا يلتفت إليها أحد، طبعا مع أخذ احترام العادات والتقاليد الدينية والاجتماعية بعين الاعتبار. أنا في العمل أمثل نفسي وتربيتي ووطني، ويجب أن أكون خير مثال تحتذي به الكثيرات من بعدي. وإذا أرادت المرأة أن تكون متميزة في عملها، فيجب أن تنفذه بطريقة إبداعية،وأن تكون دائما السباقة في أداء مهامها ومتلهفة للتطور وتعلم المزيد، ويكون دائما شعارها العمل بطريقة ذكية وفعالة، وليس فقط العمل بجد.
كيف تلقيتِ خبر رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في السعودية؟
كان سعادة بحجم السماء صراحة! لم أكن أفضل الاعتماد على سائق خاص أو أجرة. أحب أن أنجز مهامي بشكل مستقل وأن أعتمد على نفسي. وفرحة أبي بخبر القيادة كانت أكبر حتى من فرحتي، وأذكر حينها قال لي: "أستطيع الآن التخلص من السائق الخاص، وأرى بناتي يعتمدن على أنفسهن".
أول شيء طرأ على بالي وقتها هو أن أبدأ بحفظ طرقات الرياض ومداخلها، لتكون عندي خبرة جيدة فيها، وحرصت على أن أكون مطلعة على جميع تفاصيل ومتطلبات القيادة لكي أكون سائقه محترفة.
وكيف خططتِ لهذا اليوم؟
أصبحت أراقب السائق بشكل يومي، وأتابع حركاته في القيادة؛ متى يضع قدمه على البنزين ومتى يضعها على الفرامل، وكيف يتحكم في السيارة، ومتى يدير المقود. لا يوجد هناك أفضل من متابعة شخص ضليع في هذا المجال! راقبت أيضاً حركة السيارات وردات فعلها، خصوصا في أوقات الزحام أو في الأزمات المرورية. وحفظت الطرقات والشوارع الرئيسة، وجربت قيادة السيارة بشكل تجريبي بجانب المنزل، والتحقت بمدرسة القيادة فور إعلانها عن بدء التسجيل بها. درست جميع الساعات النظرية والعملية، ودعمتها بالكثير من التجارب بعد ساعات العمل، لكي تتحسن مهاراتي القيادية بسرعة.
أخبرينا عن أول تجربة لك في قيادة السيارة في المملكة؟ وأين كانت وجهتك الأولى؟ ومع مَن؟
أول تجربة لي كانت مع أخي، أخبرته بأنني أريد أن أجرب قيادة السيارة، وكان سعيدا جدا، ونصحني بأن أكون واثقة بنفسي لكي يستشعر من حولي بثقتي حتى لو كنت خائفة من الداخل، فالخوف طبيعي عند تجربة أي شي جديد، وسوف أتخطاه بعد وقت قصير. شعرت أول مرة أن السيارة حجمها كبير جدا علي، وأني لا أستطيع أن أرى الشوارع، ولا أستطيع أن أعرف حدود السيارة، ولم أكن أعرف كيف أتصرف بالسيارة، سواء في التحكم بحركة المقود، المرايا، دواستي البنزين والفرامل، وفي الوقت نفسه، أرى ما يحدث في الشارع وأُصدر ردات فعل حسب معطيات الشارع.
وجهتي كانت مركز تسوق قريب من بيتي. شعرت وقتها بأنه بعيد جدا، ولا أستطيع الوصول إليه، وأنه في أي لحظة ستأتي سيارة وتصدمني. أضحك كثيرا عندما أذكر ردات فعلي الأولى لقيادة السيارة، وكيف كنت أتشبث بمقود القيادة بقوة شديدة، وأراقب حركة السير بتركيز شديد جدا خوفا من أي مفاجآت على الطريق. أردت أن أثبت لنفسي ولعائلتي أنني متمكنة وعلى مقدرة كاملة لقيادة السيارة بطريقة آمنة.
برأيك كيف أثر هذا القرار في المرأة السعودية العاملة بوجه عام؟
أراحها كثيراً من ضغوط التفكير والاعتماد على شخص لكي تنجز مهمة بسيطة مثل الذهاب من وإلى العمل. السائق قد يذهب لإجازة، أو يمرض أو قد يكون لديه ظرف طارئ، وعلى المرأة أو أسرتها إيجاد حلول بديلة وفورية لكي تستطيع الذهاب في اليوم التالي للعمل أو للتسوق أو لأداء مهماتها واحتياجاتها اليومية.
ما أهم الإيجابيات التي أتت من وراء هذا القرار على الصعيد الشخصي؟
الاعتماد على النفس، بحيث لا أحتاج إلى أحد يقلني للذهاب للعمل وغيره. الحس بالمسؤولية زاد كثيرا، كل قرار أتخذه بالطريق يجب أن يكون مدروسا جيدا. وكذلك تعزيز مهارات انضباط النفس والهدوء في حال حصلت أحداث غير سارة أو مواقف تولد التوتر أثناء القيادة مثل زحمة الطريق أو الحوادث أو التصرفات غير المسؤولة من بعض قائدي المركبات الأخرى في الطريق.
وكيف تصفين تجربة الحصول على رخصة القيادة من مدارس تعليم القيادة في المملكة؟
تجربة رائعة جداً، وأنصح بها بقوة. أعرف أن الكثيرات متخوفات من القيادة بسبب القيادة نفسها، أو بسبب صعوبة الطريق، وأقول لهم: مع الممارسة سوف تتحسن المهارات، ومع التجربة ستصبح الطرقات أسهل. استفدت جدا من جميع الدروس النظرية والعملية التي أخذتها في المدرسة، وأحرص على تطبيق جميع الإرشادات والأنظمة أثناء قيادتي للسيارة. أنا أنصح بالتعلم في المدرسة، وليس فقط الاعتماد على التعلم من خلال الأقارب، لأن المدرسة سوف تقدم لك نظرة شاملة ووافية عن القيادة.
هل أصبحت معتمدة على نفسك تماما بقيادة السيارة للعمل وغيره؟
نعم، أصبحت أقود سيارتي الخاصة، وأذهب بها إلى العمل وغيره بعد مرور أسبوعين من حصولي على الرخصة. وفِي أوقات الفراغ أُقِلّ معي أخواتي وصديقاتي إلى مختلف المشاوير الخاصة. هي حقا تجربة ممتعة بالفعل، وصديقاتي دعمنني جدا فيها، فزادت ثقتي بنفسي أكثر.
هل تمارسين "طقوسا" خاصة أثناء القيادة؟
طبعاً! يجب أن أرتدي حذاء رياضياً مريحاً أثناء القيادة، وكل مرة أقود فيها يجب أن أتأكد من المرايا والمقاعد، وأن السيارة فيها كمية كافية من البنزين، وأتأكد من خلو المسار من المركبات الأخرى قبل البدء بالحركة.
وكيف اخترتِ سيارتك الخاصة؟
وما أهم الميزات والصفات التي كنتِ
تبحثين عنها عند شرائها؟
حرصت على أن تكون سيارتي سهلة وخفيفة في القيادة، واستهلاكُها للوقود قليلا، وأن تكون مزودة بكاميرا خلفية تساعدني على الموازنة والتحكم عند الرجوع إلى الخلف، بحيث تكشف لي الشارع بطريقة أفضل. وأن تكون السيارة عملية ومريحة من أهم النقاط التي أبحث عنها، وطبعا أن تكون عصرية. اشتريت سيارة سيدان، وهي سيارة صغيرة توجد منها أنواع كثيرة لدى مختلف الشركات. حرصت على شراء سيارة جديدة لم تُستعمل من قبل، لأنني لا أريد أن اكتشف خللا في السيارة في تجربتي الأولى، وأنشغل بمشكلات تصليح المركبة.
هل حرصتِ على اقتناء إكسسوارات أو أدوات معينة لسيارتك؟
نعم طبعاً، الدواسات الأرضية وغطاء عجلة القيادة، ومثبت الجوال، ومختلف العطور والروائح الجميلة. أقضي وقتا طويلاً في سيارتي، فلذلك حرصت على أن تكون مريحة بالنسبة لي.
وما نصيحتك لكل امرأة مقبلة على شراء سيارة خاصة بها؟
أن تكون السيارة عملية وعصرية ومناسبة لاحتياجاتها اليومية. ويجب أن تحرص على أن تكون السيارة جديدة، أو أن يكون استعمالها خفيفاً لكي لا ترهق نفسها بأعباء وتكاليف التصليح، وبذلك تتعطل في مشاويرها. كما أنصح أيضاً بأن تكون السيارة اقتصادية، ولا تستهلك الكثير من الوقود، بحيث تكون ضمن النطاق الأخضر لاستهلاك البنزين. وتحرص على وجود خاصيات تقنية مثل الكاميرا الخلفية، وحساسات خلفية وجانبية، وتقنية بلوتوث، وطبعا فتحات USB لشحن الأجهزة الإلكترونية الحديثة.
هل من كلمة أو رسالة توجهينها لكل امرأة مقبلة على القيادة في السعودية؟
افعليها ولاتتردي أبدا، كل المخاوف والمخاطر سوف تستطيعين تجاوزها لأنك قوية وتستطيعن تجاوز تحديات أكبر من ذلك. الإحساس بأنك تقودين سيارتك بنفسك إحساس جميل جدا، وشعور جميل أن تكوني معتمدة على نفسك كليا. وأن تتحدي ننفسك وتقولي نعم أستطيع أن أفعلها إحساس رائع بمنتهى الكلمة. ارسمي طريق مستقبلك، وسوف تستطيعين أن تفعليها، لأنك قادرة وملهمة وجميلة.