الدكتورة دانا السليمان لـ "هي": آمل أن أستخدم صوتي لنشر الوعي وتحقيق التطورات في أبحاث السرطان لتعزيز روح التفاؤل بالمستقبل

حوار:  "جويل دكاش" Joelle Daccache

يوما بعد آخر، تبرهن السيدات العربيات أن إنجازاتهنّ في جميع المجالات تبهر العالم وتجعله مكانا أفضل. من بينهن الدكتورة السعودية دانا السليمان، التي نفتخر بها، لكونها استطاعت الوصول إلى نتائج متقدمة في العلوم. هي دكتورة في الهندسة الطبية الحيوية، تعمل على تطوير منصات وتقنيات الاستشعار البيولوجي للكشف المبكر عن المؤشرات الحيوية للسرطان. واليوم تتبوأ مركز أستاذ مساعد في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا. في رصيدها الكثير من الإنجازات والتكريمات، فكانت إحدى الفائزات في الجائزة العالميةمبتكرون دون 35” لتوصلها إلى خلق شريحة تكشف عن مرض السرطان وأنواعه داخل جسم المريض. لا تبخل أبدا في عطاءاتها، فتتعاون أيضا مع مؤسسة "سهام" التي تهدف إلى التثقيف العام عن السرطان، وتسعى لمساعدة المرضى على الصعيدين النفسي والجسدي، إضافة إلى المشاركة في الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري، والتوعية عن أهمية إجراء الفحوص المبكرة والمتابعة مع الطبيب، ودعم الأبحاث للتقدم في مجالي العلاج والكشف المبكر...

كان لـ"هي" هذا الحديث مع الدكتورة دانا التي أغنتنا بمعرفتها، ومعلوماتها، وروحها الطيبة.

بعد مسيرة طويلة لكِ في مجال العلوم والأبحاث والدراسات المعمقة، كيف تختصرين أهم الإنجازات التي حقّقتها؟

من حيث الإنجازات العلمية، تمكنت بعون الله من تطوير عدد من التقنيات المختلفة التي يمكنها الكشف عن المؤشرات الحيوية للسرطان التي تسمى MicroRNA من السوائل البيولوجية. تفتح هذه التقنيات الباب لمستقبل تشخيص السرطان الذي يعتمد على مفهوم "الخزعة السائلة"، وهي استراتيجية أقل توغلا وأقل تكلفة وأقل تعقيدا مقارنة بالتقنيات التقليدية المستخدمة اليوم. أما فيما يتعلق بالجوائز والتقدير، فقد حصلت على منحة رئيس جامعة "إمبريال كوليدج لندن" والتي دعمت دراساتي البحثية لنيل درجة الدكتوراه. كما تلقيت الدعم من زمالة ابن خلدون أثناء أبحاث ما بعد الدكتوراه في معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا". حصلت أيضا على العديد من الجوائز الدولية، بما في ذلك "جائزة تقنيات الرعاية الصحية" من معهد الهندسة والتكنولوجيا في عام 2019، وجائزة "مبتكرون تحت 35" من "إم آي تي تكنولوجي ريفيو" في عام 2021. يشرفني للغاية أنه تم تعييني مؤخرا أستاذة مساعدة في جامعة الملك عبدالله، حيث أقود فريقي البحثي لتطوير مجالات التشخيص المبكر للسرطان والطب الشخصي.

 

كيف تجدين العالم العربي في هذا المجال؟

لم أكن هنا منذ فترة طويلة، ولكن منذ مجيئي، أدركت بالفعل التطورات الهائلة التي يتخذها العالم العربي نحو تحسين مجال الرعاية الصحية من حيث تمكين الكشف المبكر عن الأمراض، وتعزيز الطب الوقائي وتحسين العلاج والنتائج السريرية. لقد لاحظت أن مجال البحث الذي أجريه جديد نسبيا ونادر في هذا الجزء من العالم، لكنني آمل أن ألعب دورا في قيادة هذا المجال، وإلهام المزيد من العلماء للمساهمة في هذا الجهد.

 

ما العقبات التي تواجهك بصفتك باحثة؟ وما العامل الذي يمنع إيجاد الحل الذي يقضي على السرطان؟

منذ انضمامي إلى جامعة الملك عبدالله، تلقيت دعما هائلا من الجامعة والحكومة، وهو ما سيدفع جهودي البحثية إلى مراحل متقدمة بإذن الله. لقد تمكنت بالفعل من الوصول إلى مرافق عالمية المستوى، وتلقيت دعما ماليا لشراء معدات متطورة، واكتشفت مجتمعا نابضا بالحياة من الطلاب والزملاء الطموحين من المملكة العربية السعودية وبقية العالم.

 

أخبرينا عن تعاونك مع مؤسسة "سهام" بصفتك سفيرة لها.

بصفتي سفيرة لمؤسسة "سهام"، آمل أن أستخدم صوتي لمساعدة المؤسسة في تحقيق أهدافها، من خلال نشر الوعي والتطورات في أبحاث السرطان لتعزيز روح الأمل والتفاؤل بالمستقبل.

 

ما أهداف المؤسسة؟ وأين يرتكز نطاق عملها؟

مؤسسة "سهام" تسلط الضوء على الجهود التعاونية والنداء العالمي لتحسين النتائج السريرية لمرضى السرطان في مجتمعنا وفي جميع أنحاء العالم.

 

هل تعتقدين أنك استطعت تحقيق هدفك في مجال العلوم أم أن هناك نتيجة معينة تريدين الوصول إليها؟

على الرغم من أنني فخورة جدا بجهودي، إلا أنني ما زلت حريصة جدا على أن يكون لي تأثير مباشر وأكثر أهمية في هذا المجال. بالطبع، تحقيق التطورات العلمية في مجال الرعاية الصحية هو أحد أهدافي الرئيسة، لكني أجتهد أيضا في تثقيف وإلهام الجيل القادم من العلماء والمهندسين.

 

نعلم أن عالم الأبحاث واسع جدا، وقد يصل الباحث أحيانا إلى أبواب مسدودة. ما الذي يحفزك على المثابرة؟

من الطبيعي جدا والشائع في عالم العلوم أن تفشل معظم تجاربك، لكن هذه التجارب الفاشلة ليست عديمة الفائدة، فهي في الواقع تخبرنا بما لا ينجح. التجارب الفاشلة هي فرص لنا للتعلم والنمو، أقول لطلابي هذا طوال الوقت: لم تفشل، بل تعلمت الحالة التي لا تعمل. عندما تغلق أبواب كثيرة في مجال العلوم، فإن ما يبقيني مستمرة هو شغفي بالعلوم والهندسة، إضافة إلى نيتي وهدفي لأن ألعب دورا مهما في تقدم الرعاية الصحية، وخاصة في مجال تشخيص وعلاج السرطان. هذا يحفزني على الاستمرار في المحاولة، على الرغم من التحديات، ومواصلة التساؤل والتفكير بشكل مبتكر.

 

ما الخبر السار الذي يمكن أن تبشرينا به عن مرض السرطان؟

هناك العديد من المجموعات والمؤسسات البحثية التي تكرس جهودا كبيرة لمكافحة السرطان. السرطان ليس مرضا واحدا، ولكنه يشكل أكثر من مئة مرض، لذا من المحتمل أن تظهر الحلول المبتكرة للسرطان من العديد من الأشخاص في أجزاء مختلفة من العالم. نحن نقترب أكثر نحو فهم أفضل لكيفية ظهور السرطان وتطوره، وفهم كيفية تطوير علاجات متقدمة وشخصية لمعالجة هذا المرض.

 

ما الذي تطمحين إلى تقديمه لبلدك؟ وبالمقابل ما الذي قدمه لك بلدك؟

لقد قدمت لي المملكة العربية السعودية ومؤسستي، جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، قدرا هائلا من الدعم منذ بدء وظيفتي أستاذة مساعدة. لقد حصلت على الموارد اللازمة لأصبح باحثة وعالمة ناجحة تحقق أبحاثا عالية الجودة على قدم المساواة مع الجامعات الرائدة في العالم. إضافة إلى المرافق والمختبرات ذات المستوى العالمي، فإن أثمن مورد حصلت عليه منذ وصولي هو الأشخاص - مجتمع الطلاب والزملاء - الذين يتوقون إلى إحداث تغيير مؤثر في المجتمع من خلال مواجهة التحديات المحلية والعالمية. إنني أتطلع إلى استخدام هذه الموارد وهذا الدعم لإحداث تغيير إيجابي في مجتمعي والمجتمع العالمي الأوسع. آمل أن يأتي هذا التغيير في شكل اختراقات وتطورات علمية ولكن أيضا من خلال إلهام الجيل القادم من العلماء والمهندسين السعوديين والعرب.