استلهمي من جمال هذا المنزل في لندن من الحقبة الفكتورية

أنجزت شركة التصميم الداخلي "إل إل آي ديزاين" LLI Design حديثًا مشروع ترميم وإعادة تصميم كاملة لمنزل قديم مؤلف من خمسة طوابق وموجود في مجموعة بيوت متلاصقة في منطقة "هايغيت"، شمال لندن. وفاز عمل "إل إل آي ديزاين" بجائزة في فئة "ديكور العقارات الخاصة في لندن" ضمن جوائز العقارات البريطانية بالتعاون مع "رولز رويس". وقد ترأس لجنة التحكيم اللورد "كيثنس" واللورد "بيست" واللورد "ويفرلي"، وهم أعضاء في مجلس اللوردات في برلمان المملكة المتحدة.

تعج منطقة هايغيت التاريخية بمنازل عائلية تاريخية جميلة، وهذا البيت واحد مهنا. من قمة تلّة "هايغيت هيل"، يطل البيت العائد إلى ستينيات القرن التاسع عشر على مناظر استثنائية لمدينة لندن، ويقع ضمن صفّ بيوت متجاورة. وبسبب وجوده ضمن منطقة تاريخية محمية، اضطر فريق التصميم إلى التعامل مع أي تعديلات معمارية بطريقة حساسة ودقيقة.

شدّدت تعليمات العملاء على إبقاء الشخصية التاريخية التي يتميز بها المبنى، إلا أنها طلبت أيضًا إضافة جمالية فردية معاصرة بغية إنشاء مساحات جلوس مفتوحة تتماشى مع نمط عيش عصري. المنزل كان عاليًا وضيقًا، لكن ميزة مساحته الأساسية كانت طوله الرحب من الجهة الأمامية حتى الخلفية. وكانت مشكلة التصميم الرئيسية التي اضطر فريق العمل إلى معالجتها، جعل العقار يبدو أكثر اتساعًا من الناحية الأفقية. تجاوبا مع التعليمات، تطلبت التخطيطات إعادة تصميم كاملة مع التفكير بعناية في تدفق المساحات وديناميكيتها. وكان الاتجاه المعتمد في تصميم كل أجزاء المنزل مستوحى من أفكار وحقبات وأنماط مختلفة، فاجتمعت عناصر من أسلوب منتصف القرن، ولمسات معاصرة، وتفاصيل صناعية، وقطع تقليدية.

بين الفصل والدمج

في الطابق الأرضي السفلي، تم فصل قسم من مقدمة المنزل وتحويله إلى غرفة تخزين للأحذية والمعاطف اليومية الاستعمال. ويمكن دخول الغرفة مباشرة من الشارع عبر منور القبو، الأمر الذي يجعلها مثالية للاستخدام العائلي اليومي، كما تتصل بالمطبخ المفتوح ومساحة الجلوس والطعام المتصلة بدورها بالحديقة الخلفية.ُوأُعيد تصوّر الطابق الأرضي العلوي بالكامل عبر إزالة الممر بين الغرف، مما وفر مساحة كبيرة. وبُنيت قاعة دخول أصغر حجما ومفتوحة على غرفة الجلوس والطعام الرسمية التي تطل على غرفة زجاجية جديدة معاصرة الروح تطلب بناؤها الحصول على إذن رسمي لاستبدال الغرفة الزجاجية الموجودة.  ازدادت مساحة الطابق الأرضي العلوي الذي يمتد الآن فوق الطابق الأرضي السفلي، واستًبدلت النافذة التقليدية المتعددة الإطارات، بنافذة ثابتة ذات ارتفاع وعرض كاملين تقدّم مناظر خلابة للحديقة. وقد سمح توسيع هذه المساحة الصغيرة بضمان تدفق أفضل في غرفة الطعام وتحويل المساحة إلى مكان أكثر تماسكًا وراحة.

أما الطابق الأول فأعيد تصميمه ليصبح جناحًا رئيسيًا يتألف من غرفة نوم رئيسية وغرفة ملابس وحمام داخلي، وصار الطابق الثاني يحتضن غرفتي نوم وحماما عائليا وخزانة ضخمة للمعدات. في حين جُهز الطابق الثالث بغرفة نوم للضيوف ومكتب منزلي وغرفة للاستحمام.

الطابق الأرضي السفلي

في المطبخ المصنوع من وحدات خشبية مصممة خصيصًا له، سطح مستقل بداخله مغسلة عميقة تقليدية، وفوقه مصابيح متدلية، وبجانبه مقاعد مستقلة. وحدات النجارة التي صاغت أجزاء المطبخ الأساسية مصممة وفق أسلوب "شيكر" الكلاسيكي التقليدي ومزودة بمقابض من برونز داكن ذي تأثير مشقوق. وفي غرفة الطعام، طاولة طعام تتسع لثمانية مقاعد، مع مقعد طويل منجد بأزرار عميقة.

وضعت غرفة الجلوس العائلية في القسم الخلفي المجاور للحديقة التي يمكن الوصول إليها عبر أبواب جديدة موجودة على طول الجدار الخلفي ومميزة بتصميم معاصر منزلق وقابل للطي ومصنوع من الألومنيوم الرمادي الداكن. وهو ما يسمح للمساحة كلها بالانفتاح على الشرفة المكسوة ببلاط خرساني وعلى الحديقة بعدها. أضيفت إلى المساحة العائلية أريكة جلدية صلبة على شكل حرف L، وبساط أرضي بطراز بربري، وخزانة خشبية باللون الرمادي الفاتح تحتضن تلفزيونًا بمقاس 65 بوصة مع مكبر صوت في الأسفل. وجهّز سقف مساحة الجلوس العائلية بفتحات إضاءة إضافية، كما ركّب فريق الهندسة الداخلية أرضية زجاجية جديدة في الغرفة الزجاجية الموجودة فوقها مباشرة، للسماح بدخول أكبر مقدار ممكن من النور إلى المساحة ولبعث إحساس هوائي الخفة. واعتُمد بديل درج جديد على الطراز التقليدي ليتناغم مرئيا مع الدرج الأساسي الموجود. ولضمان التماسك بين أجزاء العقار، صنعت أرضيات الطابق الأرضي السفلي والطابق الأرضي العلوي من ألواح الخشب العريضة نفسها الملونة بدرجة رمادية شاحبة دافئة.

الطابق الأرضي العلوي

شُيد الطابق الأرضي العلوي في الأصل ليكون مساحة لغرفتي الجلوس والطعام الرسميتين. وصممت قاعة دخول صغيرة مع أرضية تقليدية من الرخام الأسود والأبيض، في تلميح جمالي إلى تاريخ هذا العقار. طُليت حواف الجدران والعوارض الزينية المصبوبة على مدار المدخل باللون الأسود الذي كسا أيضًا خزانة المعاطف المصقولة باللك. وفي تناقض مع الملامح التقليدية، أضاف المصممون تفاصيل معاصرة مثل ثريا ضخمة مصنوعة من الأسلاك المعدنية والبرسبكس، ومرآة جدارية معتّقة ذات تصميم مقوّس وإطار معدني، وطاولة كنسولة من الرخام والنحاس الأصفر.

من المدخل، ينزلق البابان ويفتحان ممرهما تماما نحو منطقة الاستقبال والطعام الرسمية المفتوحة، والتي تتميز بأسقف عالية في الجزء الأمامي وأسقف منخفضة في الخلف. لواجهة المساحة هذه، نوافذ تقليدية متعددة الإطارات مع ستائر أصلية، بينما تأتي في الجزء الخلفي نافذة معاصرة مؤطرة بالألومنيوم الرمادي الداكن وغرفة زجاجية تشرف على الحديقة. ومن الناحية الجمالية، قرر فريق التصميم تسليط الضوء على الإيجابيات التي تتسم بها هذه المساحة، فأبرز ارتفاع السقف وجذب الاهتمام نحو منظر الحديقة.

في الجزء الأمامي، كان من المهم تسهيل حركة الظلال وتدرجات الألوان الداكنة الموجودة طبيعيا، والتقدّم بسلاسة منطقية باتجاه الغرفة الزجاجية المشرقة والمليئة بالضوء في الجزء الخلفي، بالحفاظ في الوقت عينه على تماسك متكامل. وتحققت هذه النتيجة بفضل الألوان والخامات ومواد قطع الأثاث الموجودة ضمن الديكور العام الذي يشدد على الفاتح والداكن. استُخدمت لوحة ألوان داكنة بالأزرق الكحلي على الجدران لتوحيد المساحات، واختيرت درجة رمادية فاتحة للأسقف بهدف التخفيف من حدّة الاختلافات في ارتفاعات السقف.

تمت صيانة الملامح الأصلية وترميمها وفي بعض الحالات نسخها، وشملت هذه المرحلة العمل على ستائر النوافذ والحواف والدعامات الأفقية الزينية والزخارف المعمارية المصبوبة. رُمم الموقدان الأصليان المصنوعان من الأردواز الأسود حتى أًصبحا شغّالين من جديد؛ كما أعيد ترميم الدرج الأساسي الأصلي ودرابزينه الجميل، ورُسم الجزء السفلي من السلالم ليتطابق مع الدرج الأصلي ويلتف بكل أناقة نحو الغرفة. من بين العناصر المعمارية العصرية، الغرفة الزجاجية الجديدة والنافذة الجديدة الكاملة الارتفاع والمؤطرة بالألومنيوم الرمادي الداكن، اللتان تتضاربان مع الملامح التقليدية الباقية.

تأثثت المساحة بمزيج من قطع الأثاث القديمة والحديثة، فالسجادات العتيقة المغسولة والملونة بالدرجات البرتقالية والوردية والمرجانية الشاحبة أضفت لونًا ونورًا على المكان وساهمت في تحقيق توازن في مقابل الألوان الداكنة. وازدادت المساحة أناقة بفضل أريكة مخملية رمادية مصممة بطراز تقليدي، وكرسيين عميقين مريحين من الجلد الأسمر اللون. على جانبي المدفأة وحدات خشبية مصممة على الطلب، وفوقها تلفزيون مثبت في كوّة الجدار. ويأتي مخزن الحطب الطويل الموجود على جانب واحد من الوحدات الخشبية، ليذكرنا بالارتفاع الشاهق لسقف الغرفة. وفي غرفة الطعام، طاولة معاصرة من خشب الجوز مع مقاعد مخملية خضراء مستوحاة من عمارة منتصف القرن، وفوقها مصباح متدل حديث وجريء من النحاس الأصفر والزجاج المنفوخ.

أما الغرفة الزجاجية الموجودة أيضا على هذا الطابق، فتتزين بأريكة من الكتان الكريمي اللون، وكرسي ذي ذراعين مزخرف بنقشة دراماتيكية بالتدرجات الزرقاء والبنفسجية. ويكتمل ديكور الغرفة بمصباح متدل مصمم بظلال قماشية غريبة الأشكال. وتختبئ داخل إطار عصري مصنوع من الألومنيوم ستائر متحركة عملية يمكن التحكّم بها من خلال نظام إضاءة وأتمتة خاص بالمنزل.

الطابق الأول - الجناح الرئيسي

وحّدت الألوان الهادئة والناعمة أجزاء الجناح الرئيسي في الطابق الأول، ومنها الرمادي الباهت والكريمي ودرجات اللون الوردي والمرجاني التي تنشر معًا شعورًا بالهدوء والرفاهية. تلبس جدران غرفة النوم الرئيسية ورقًا حريريًا ذا لون رمادي شاحب، ويرتدي مسند الرأس الذي يتمم السرير كتانًا كريمي اللون ترصّعه مسامير معدنية زينية. على جانبي السرير، طاولتان من النحاس الأصفر والزجاج تعودان بنا إلى منتصف القرن الماضي، وعند طرفه الأخير، متكأ مصمم بأزرار.

تكتمل الغرفة بطاولة زينة رمادية مطلية باللك معها مقعد مستقل مكسو بالفرو الصناعي، ومرآة كبيرة مذهبة،  وستائر ثقيلة من الكتان الرمادي تؤطر النوافذ الطويلة إلى جانب الستائر المتحركة الإضافية؛ وتتزين بقطعتين فنيتين تم تصميمهما بتكليف خاص للتكامل مع أحجام الغرفة وألوانها، وبثريا زجاجية ضخمة معلّقة على زخرفة جديدة أضيفت إلى السقف.

الطابق الثاني

أعيد تصميم الطابق الثاني وتحويله إلى طابق للأطفال مع غرفة نوم مشتركة، وحمام عائلي، وغرفة ألعاب. وحالما نصل إلى الطابق، نجد خزانة تجهيزات ومعدات كاملة الارتفاع خلف بابين منزلقين، ووظيفتها احتواء الغسالة، ونشافة الملابس، وسلال الغسيل، وسخان الماء.

تصميم الحديقة

طلب العملاء تصميم حديقة يسهل الاعتناء بها وتكون ملائمة للأطفال وفي أفضل حالاتها في الربيع وأواخر الصيف. لا يمكن الوصول إلى هذه الحديقة الخلفية إلا من خلال المنزل، لذلك كان من المهم تنفيذ أعمال تصميمها الرئيسية أثناء ترميم المنزل.

في الجزء الخلفي من المنزل، بُنيت شرفة مبلّطة لاستقبال الضيوف في الهواء الطلق. وصُممت الحديقة بشكل يضمن عدم حاجتها إلى صيانة كبيرة بهدف تفادي شراء معدات بستنة كثيرة. لهذا الهدف، وجد المصممون أن العشب الاصطناعي هو الحل العملي الأفضل، إذ أنه لا يحتاج سوى إلى القليل من الصيانة، كما جُهّزت الحديقة بنظام ريّ حديث. أما زراعة النباتات على جانبي السطح العشبي، فكانت سخيّة وحرّة لتجعل الزائر يشعر بفضل عطورها وملامسها أنه في حديقة ريفية انجليزية. وعانقت النباتات المتسلقة جداري الحديقة القرميديين المنخفضين والعائدين إلى الحقبة الفكتورية.

اقتصرت ألوان الحديقة الناعمة على درجات اللون الوردي والبنفسجي والأبيض، وضمت أنواعها النباتية الكثير من النباتات المعمرة مثل الورود والياسمين وزهر العسل والخزامى والهورتنسيا، كما تخللتها الحشائش والسراخس للمسة طبيعية وهيكلية متينة تضمن لهذه الحديقة العائلية جمالا وقوة في الوقت نفسه.

وعند طرف الحديقة الأخير، يظهر سياج عصري التصميم مصنوع من ألواح أفقية رفيعة من خشب الصنوبر، ليحمل المزيد من الخصوصية ويؤطر منطقة ألعاب التسلق التي يستعملها الأطفال.

llidesign.co.uk