الدكتورة تاتيانا بافيتشيتش لـ هي خبرتي العالمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي تصنع مستقبل التجميل الواعي.

الدكتورة تاتيانا بافيتشيتش لـ "هي": الذكاء الاصطناعي لا يمتلك الحسّ الجمالي ..وهكذا يوازن مستقبل التجميل بين الـ AI ورؤية الخبراء

ندى الحاج
23 نوفمبر 2025

في عالم تتسارع فيه الابتكارات ويزداد فيه اعتماد الطب التجميلي على التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، تبقى الخبرة البشرية والرؤية الفنيّة عناصر لا يمكن الاستغناء عنها. لذلك، التقينا بـ "هي" بالدكتورة تاتيانا بافيتشيتش،الطبيبة الجلدية المعتمدة من المجلس، والمُدرّبة العالمية، وقائدة الرأي المؤثرة في قطاع التجميل، في لقاء شامل نغوص فيه في رؤيتها المتقدّمة حول مستقبل الجمال، وأثر الذكاء الاصطناعي، ودور الخبرة البشرية في تقديم علاجات دقيقة، واعية، وشخصية.

- دكتورة  بافيتشيتش، بصفتك طبيبة جلد معتمدة ومدرّبة عالمية ومؤثّرة في مجال التجميل، كيف ساهمت خبرتك الدولية في تشكيل نهجك تجاه العلاجات الحديثة المعتمدة على التكنولوجيا؟

"خبرتي الدولية أثّرت بشكل كبير على الطريقة التي أتعامل بها مع العلاجات التجميلية والجلدية الحديثة. من خلال عملي مع قاعدة متنوعة من العملاء، اكتسبت فهماً عميقاً لاختلاف الأعراق وأنواع البشرة ومفاهيم الجمال. هذا الانفتاح العالمي أتاح لي تطوير علاجات مُصمَّمة بعناية لتلائم الاحتياجات الفردية وتراعي الخصوصية الثقافية، بحيث يحصل كل مريض على تجربة علاجية تراعي متطلباته الشخصية وتعكس هويته الفريدة."

وأضافت:"ومن خلال عملي كمدرِّبة ومؤثِّرة، حظيت بفرصة تدريب أطباء التجميل والممارسين من مختلف أنحاء العالم، ما أتاح لي تبادل الخبرات واستقاء أفضل الممارسات العالمية، إلى جانب مواكبة أحدث الابتكارات التكنولوجية. كما أشغل منصب المديرة العملية الدولية للمؤتمر العالمي للطب التجميلي للأعوام 2023 و2024 و2025، وأشارك كمتحدّثة في أبرز المؤتمرات الدولية المتخصّصة في الطب التجميلي والطب متعدّد التخصّصات حول العالم، من أستراليا إلى الأرجنتين، ومن كوريا إلى كندا، ومن جنوب أفريقيا إلى النرويج."

المرضى في مختلف أنحاء العالم يتجهون نحو نتائج طبيعية تمنح مظهراً منتعشاً بدلاً من التغييرات الجذرية
المرضى في مختلف أنحاء العالم يتجهون نحو نتائج طبيعية تمنح مظهراً منتعشاً بدلاً من التغييرات الجذرية

وتابعت موضحةً التطوّر السريع لتقنيات التجميل أنه وبفضل هذا الرصيد الواسع من الخبرات، أصبحتُ على دراية دقيقة بالإيقاع السريع الذي تتطوّر به تقنيات التجميل، من التحليل التقليدي ثنائي الأبعاد، إلى النماذج المتقدّمة ثلاثية الأبعاد لسطح البشرة، وصولاً اليوم إلى تقنيات التصوير متعدّد الطبقات المعزَّزة بالذكاء الاصطناعي، والتي تكشف العمليات الحيوية الجارية في الطبقات العميقة تحت الجلد. وقد رسّخت هذه التطوّرات التزامي الثابت بالسلامة والدقّة والصدق العلمي في ممارسة الطب التجميلي.

"كما أن الشراكات الدولية لعبت دوراً محورياً في تطوير نهجي. من خلال تعاوناتي مع أسماء عالمية مرموقة، أتيحت لي الفرصة لاكتشاف طيف واسع من التقنيات المبتكرة ودمجها في ممارستي بعناية مدروسة. كل هذا يعزز فلسفتي في الطب التجميلي الواعي، نهج يرتكز على العلم والوعي والأخلاقيات المهنية، ويهدف إلى إبراز الجمال الطبيعي مع الحفاظ على التوازن، روح التفرّد، وصحة البشرة على المدى الطويل."

• ما هي الرؤى التي اكتسبتها من خبرتك في العمل مع ثقافات وأسواق مختلفة حول ما يبحث عنه المرضى فعلياً في مجال الطب التجميلي اليوم؟

أوضحت الدكتورة بافيتشيتش أنّ المرضى في مختلف أنحاء العالم يتجهون نحو نتائج طبيعية تمنح مظهراً منتعشاً بدلاً من التغييرات الجذرية. وقالت: "يتّجه المرضى بشكل متزايد نحو النتائج الطبيعية التي تمنح مظهراً منتعشاً بدلاً من التغييرات الجذرية، أي نحو "التحسين" لا "التغيير." وتابعت قائلة أنه: " ومع أنّ التفضيلات تختلف من منطقة لأخرى، تبقى البصمة الثقافية واضحة: ففي الأسواق الغربية تسود البساطة واللمسات الناعمة، بينما يركّز المرضى في الشرق الأوسط وآسيا على التوازن، والتناسق، والتحديد الذي يبرز ملامحهن الطبيعية. ورغم اختلاف الأذواق، تبقى السلامة والشفافية والثقة قيماً عالمية مشتركة لا يمكن التفريط بها.

وأضافت، أما القاسم المشترك الأوسع اليوم، فهو أنّ المرضى يريدون إجراءات تجميلية قائمة على التكنولوجيا ومخصّصة بدقّة لاحتياجاتهم الفردية، إذ يتوقّعون فهماً عميقاً لبنية بشرتهن، عمرها الحيوي، وديناميكيات وجوههن، ليس فقط على مستوى السطح، بل وصولاً إلى الطبقات والهياكل الداخلية التي تحدّد التعبير والتوازن. وقد عزّزت هذه التوقّعات التزامي بنهج تجميلي واعٍ وشخصي، يقوم على تصميم العلاجات بما يناسب كلّ فرد، مع الحفاظ على أعلى معايير السلامة والعناية.

• لا يزال الكثير من المرضى يعتقدون أنّ التكنولوجيا قادرة على استبدال عين الأخصّائي. برأيك، كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكمّل خبرة الطبيب بدلاً من أن يحلّ محلّها؟

أكدت الدكتورة أنّ الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة قوية، لكنه لا يمكن أن يحلّ محلّ الحكم الفني أو الحس الجمالي للطبيب. وقالت: "أراه أداة داعمة قوية للخبرة البشرية، لا بديلاً عنها. فقد أحدث الذكاء الاصطناعي نقلة حقيقية في طريقة تحليلنا، وتخطيطنا، وتوثيقنا للعلاجات، لكنه لا يمتلك الحكم الفنّي، ولا الذكاء العاطفي، ولا الحسّ الجمالي، وهي عناصر أساسية في الطب التجميلي."

أكدت الدكتورة أنّ الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة قوية، لكنه لا يمكن أن يحلّ محلّ الحكم الفني أو الحس الجمالي للطبيب
أكدت الدكتورة أنّ الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة قوية، لكنه لا يمكن أن يحلّ محلّ الحكم الفني أو الحس الجمالي للطبيب

وأوضحت أن التقنيات الحالية تركز على سطح البشرة، لكنها في المستقبل ستكشف أيضاً الطبقات العميقة: "فاليوم تُستخدَم تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي لتحليل سطح البشرة عبر التصوير ثلاثي الأبعاد أو المسح الضوئي بالليزر... لكن أدوات المستقبل ستسمح لنا بالنظر أبعد من السطح، إلى الطبقات العميقة: وسائد الدهون، مرونة العضلات، الأربطة، العظام، والشبكات الوعائية والعصبية".

وختمت قائلة: "أنه ومع ذلك، سيبقى دور الطبيب محورياً: فهو من يفسّر البيانات، ويربط النتائج بالسياق السريري، ويحوّل التحليل الرقمي إلى خطة علاجية مدروسة تُنفَّذ بخبرة فنّية وحدس لا يمكن للآلة محاكاته".

• هل يمكنك توضيح كيف ساهمت المقاربات القائمة على البيانات في تحسين السلامة والدقّة مقارنةً بالأساليب التقليدية؟

أكدت الدكتورة إن الأدوات القائمة على البيانات أحدثت تحولاً كبيراً في الاستشارة والتخطيط. فمن خلال تحليل سطح البشرة بتقنيات التصوير ثلاثي الأبعاد والمحاكاة الحجمية، أصبح بإمكاننا توقّع النتائج بدقّة أكبر، ورسم صورة أوضح للخصائص التشريحية الخاصة بكلّ مريض.

وتابعت أنه أما المرحلة المقبلةوهي الأكثر إثارة بالنسبة إليها، فتتمثّل في الانتقال نحو الخرائط التشريحية متعددة الطبقات... وهذا يعني أنّ التحليل لن يقتصر على ما نراه على السطح، بل سيتوغّل إلى التفاصيل الخفية التي تفسّر تغيّر الملامح. وأضافت أنّ هذه التطورات ترفع مستوى السلامة عبر تجنّب المسارات الحساسة، وتستهدف السبب الحقيقي للترهّل وفقدان الحجم، مما ينقل الطب التجميلي من مجرد فن إلى علم دقيق.

• كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في توقّع نتائج الفيلر والبوتوكس بناءً على البُنى التشريحية الفردية؟

أوضحت الدكتورة أنّ الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل طريقة التخطيط العلاجي.فحالياً، يمكننا محاكاة تغيّرات الحجم على السطح… أما الخطوة التالية فهي إدخال الطبقات التشريحية العميقة في نماذج الذكاء الاصطناعي.

وأضافت أنه وبذلك، سيتمكّن الأطباء من توقّع كيفية تغيّر توزيع طبقات الوجه عند وضع الفيلر، أو كيف سيؤثر استرخاء عضلة معيّنة على الأنسجة فوقها. تخيّلوا واجهة رقمية توضّح في الوقت الفعلي كيف يمكن لكمية صغيرة، مثل 0.2 مل من الفيلر، أن تعيد ضبط الحجم، والتوتر الموضعي، والتوازن بين الطبقات في آن واحد. وأكدت أن هذا هو الاتجاه الجديد في التكنولوجيا: دقة وظيفية، لا مجرد محاكاة سطحية.

الجمال المستقبلي بين الخبرة والتكنولوجيا مع الدكتورة  تاتيانا
الجمال المستقبلي بين الخبرة والتكنولوجيا مع الدكتورة  تاتيانا

• ما هي الفوائد الرئيسية لاستخدام الأدوات المعزّزة بالذكاء الاصطناعي للطبيب والمريض؟

قالت الدكتورة بافيتشيتش إن الذكاء الاصطناعي يوفّر قيمة كبيرة على الجانبين.فهي تمنح الطبيب قاعدة بيانات دقيقة للتخطيط والتوثيق، وتمنح المرضى وضوحاً وثقة من خلال صور وقياسات ملموسة.

وأضافت أنه في المرحلة المقبلة، ستقوم النماذج التشريحية متعددة الطبقات برسم خرائط دقيقة للدهون، والعضلات وجودة الأنسجة الضامة، ما يسمح بتقييم العمر البيولوجي للوجه ورصد التغيرات الهيكلية المبكرة.

وختمت أن لا يحلّ الذكاء الاصطناعي محلّ خبرة الطبيب، بل يعزّزها، محوّلاً البيانات إلى بصيرة واضحة، والبصيرة إلى نتائج أدقّ وأكثر أماناً.

• هل تعتقدين أنّ بإمكان الذكاء الاصطناعي أن يحلّ محلّ الجانب الفنّي من الطب التجميلي؟

بكل ثقة، أكدت الدكتورة أنّ الجانب الفني سيبقى حكراً على البشر.لن يتمكّن الذكاء الاصطناعي يوماً من استبدال الحسّ الجمالي للطبيب. الجوهر هو القدرة على تخيّل التناسب وقراءة ملامح المريض وما يناسب هويته، وهذه لا تستطيع الآلة محاكاتها.

وأضافت أنه حتى لو سمح لنا الذكاء الاصطناعي برؤية الطبقات العميقة وتحليلها، تبقى العين البشرية والعقل البشري وحدهما القادرين على تحديد ما هو متناغم وأنيق ومناسب لكل فرد.