بيلا حديد

بين الفلتر والواقع... كيف تصنع السوشيال ميديا قرارات التجميل؟

ماريا شربل
30 يونيو 2025

في عصر الثورة الرقمية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياة الشباب اليومية، تؤثر في طريقة تفكيرهم، رؤيتهم لذاتهم، وتطلعاتهم المستقبلية. ومن بين أبرز التأثيرات الحديثة التي طالت هذه الفئة العمرية هي قرارات التجميل، حيث أصبحت المنصات الرقمية، مثل انستغرام، تيك توك وسناب شات، محفزاً قوياً يدفع الكثير من الشباب للتوجه نحو عمليات التجميل أو تعديل مظهرهم الخارجي. فإليك كيف تؤثر وسائل التواصل على قرارات التجميل لدى الشباب.

معايير الجمال الرقمية

منذ ظهور المؤثرين والمشاهير على وسائل التواصل، أصبحت معايير الجمال أكثر انضباطاً وأحياناً غير واقعية. فالصورة المعدلة، والفلاتر التي تغيّر شكل الوجه والبشرة، بالإضافة إلى الانتشار الهائل لمحتوى "قبل وبعد" لعمليات التجميل، ساهمت في خلق تصورات غير دقيقة عن الشكل الطبيعي للإنسان. يرى الكثير من الشباب أن "المثالية الجمالية" التي تعرضها هذه المنصات هي المعيار الذي يجب أن يُحتذى، ما يولّد شعوراً بالضغط النفسي والرغبة في تعديل المظهر الخارجي ليواكب تلك الصور المثالية.

أريانا غراندي
أريانا غراندي

تأثير المؤثرين والمشاهير

كما يلعب المؤثرون دوراً كبيراً في تشكيل قناعات الشباب، خصوصاً إذا كانوا يتحدثون بصراحة عن تجربتهم في إجراء عمليات تجميل مثل تجميل الأنف، حقن الفيلر والبوتوكس، أو نحت الجسم. وعندما يرى المتابع أن شخصيته المفضلة أصبحت تبدو أجمل وأكثر ثقة بعد هذه الإجراءات، يبدأ هو الآخر بالتفكير في خوض التجربة نفسها، خاصة إن تم الترويج للعملية على أنها بسيطة وآمنة وتُحدث فرقاً هائلاً في الحياة.

تكرار الصور المثالية وتأثير المقارنة

تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على قرارات الشباب بخصوص التجميل
تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على قرارات الشباب بخصوص التجميل

عقل الإنسان بطبيعته يتأثر بالتكرار، ومع كثرة الصور المثالية التي تراها المستخدمة عبر وسائل التواصل، تبدأ المقارنات اللاواعية في التكوّن. فتبدأ في مقارنة ملامحها و بشرتها وجسدها وحتى ابتسامتها بما تراه على الشاشة، وغالباً ما تكون النتيجة شعوراً بالنقص أو عدم الرضا عن الذات. هذه المشاعر، إن لم يتم التعامل معها بوعي، قد تدفع الكثيرات إلى اتخاذ قرارات تجميلية سريعة وغير مدروسة

التجارة والترويج للتجميل

هناك جانب تجاري قوي مرتبط بالتجميل على وسائل التواصل. كثير من العيادات والمراكز الطبية تستخدم المؤثرين كوسيلة دعائية، وتعرض خصومات أو عروضاً مغرية لمتابعيهم. بعض الشباب يلجأون لهذه العروض دون أن ينتبهوا للجوانب الطبية أو النفسية المهمة المرتبطة بأي إجراء تجميلي. كما أن سهولة الوصول إلى معلومات عن الأطباء والإجراءات عبر الإنترنت تجعل عملية اتخاذ القرار أسرع، وأحياناً أكثر اندفاعاً.

الأثر النفسي والاجتماعي

يلعب المؤثرون دوراً كبيراً في تشكيل قناعات الشباب في التجميل
يلعب المؤثرون دوراً كبيراً في تشكيل قناعات الشباب في التجميل

رغم أن بعض العمليات التجميلية قد تُحسّن من ثقة المرأة بنفسها، إلا أن التجميل المفرط أو اتخاذ قرارات بناءً على ضغوط خارجية قد يؤدي إلى مشاكل نفسية مثل اضطراب تشوّه صورة الجسد. كما أن الاعتماد على التجميل لتحقيق القبول الاجتماعي أو جذب الانتباه يمكن أن يخلق حلقة مفرغة من القلق وعدم الرضا المستمر.

هل يمكن أن تكون وسائل التواصل جزءاً من الحل؟

رغم أن التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي واضحة، إلا أنه يمكن استخدامها بطريقة إيجابية. فبعض الحملات الرقمية بدأت تروج لمفاهيم "الجمال الطبيعي" و"حب الذات"، وتنشر قصصاً حقيقية عن تقبل العيوب الشخصية والرضا عن المظهر الخارجي. كما يمكن استغلال المنصات نفسها لنشر الوعي حول مخاطر التجميل العشوائي، وأهمية الاستشارة الطبية والنفسية قبل اتخاذ أي قرار تجميلي.