
بينهن سلمى حايك ..نجمات عبرّن عن تصالحهن مع علامات التقدم بالسن وشكلن نموذجاً ملهماً
في زمنٍ تُلاحَق فيه المرأة بمعايير جمال صارمة، وتُقاس فيه الثقة بالنفس بعدد الفلاتر أو جلسات البوتوكس، تقف بعض النجمات كصورة مغايرة، أكثر صدقاً وعمقاً. نجمات اخترن أن يُظهرن تجاعيدهن بفخر، ويكشفن خصلات الشيب من دون خجل، في رسالة مفادها أن الجمال الحقيقي لا يُقاس بالعمر، بل بالحضور، والقبول، والصدق مع الذات، والتصالح مع العمر تزامناً مع النضج والخبرة في الحياة.
في هذا التقرير، أسلط الضوء على عدد من النجمات، يفتخرن بتصالحهن مع الزمن، وأصبحن أيقونات لجيل جديد من النساء، يرفضن المثالية الزائفة، ويخترن أن يكنَّ حقيقيات ببساطة وجمال.
سلمى حايك.. الشيب لا يُخفيه الضوء
الممثلة المكسيكية-اللبنانية سلمى حايك واحدة من أبرز الوجوه التي اختارت أن تُظهِر الشيب في شعرها على السجادة الحمراء وفي صورها على إنستغرام، من دون تردد. بل عبّرت في أكثر من مناسبة عن فخرها بخصلات الشعر الرمادية، ورفضها القاطع للجوء إلى حقن البوتوكس أو تغييرات جراحية تُخفي تعابير وجهها الطبيعية.

قالت سلمى ذات مرة: "كل تجعيدة في وجهي تروي قصة، وتُظهر مشاعري، لا أريد أن أفقد ذلك".
حايك لم تعتنق فقط فكرة التقدم في العمر، بل حولتها إلى ميزة، تثبت فيها أن المرأة يمكن أن تكون ناضجة، واثقة، وجذابة بكل تفاصيلها الطبيعية.
جوليا روبرتس ..جمالها في نضوج ملامحها
في عالم هوليوود، حيث تُرفَع معايير الجمال إلى مستويات شبه مستحيلة، تُطل النجمة جوليا روبرتس بابتسامتها العريضة المعهودة، وتجاعيد وجهها الظاهرة، وكأنها تقول للعالم: "أنا أتقدم في العمر، نعم، لكنني أزداد جمالاً وثقة."

النجمة الحائزة على الأوسكار، والتي لطالما اعتُبرت واحدة من أجمل نساء السينما، اتخذت موقفًا واضحًا من عمليات التجميل والحقن، حيث أعلنت في مقابلات متعددة أنها ترفض التدخل الجراحي لتغيير ملامحها، وتُفضّل أن تعيش عمرها بشكل طبيعي، بكل ما يحمله من تغيرات. تقول جوليا: "لو قمتُ بحقن وجهي، فكيف سيعرف أطفالي ما أشعر به؟!"
هذه الجملة البسيطة، تلخص فلسفتها: الجمال بالنسبة لها ليس فقط في الشكل، بل في التعبير، والتجربة، والصدق مع الذات. وهي تؤمن أن التجاعيد ليست شيئًا يجب إخفاؤه، بل هي انعكاس لحياة مليئة بالمشاعر، الضحك، والقصص.
في ظهوراتها العلنية وعلى أغلفة المجلات، لا تخجل جوليا من خطوط وجهها، ولا تحاول تغطيتها بالفلاتر أو الإضاءة الصناعية. بل تحتفي بها كدليل على نضجها، واستقلالها، واختياراتها الواعية. وهذا ما يجعلها أكثر إلهامًا لجمهورها، خاصة النساء اللواتي يُشعرن بالضغط من معايير الجمال المتغيرة.
ولأنها تدرك تأثيرها كامرأة مشهورة، لم تتردد في الحديث عن ضرورة تقبّل المرأة لجسدها وملامحها كما هي، معتبرة أن التقدم في السن ليس تهديدًا للجمال، بل تطورًا له.
درو باريمور..الجمال في البساطة والصدق
الممثلة والمقدمة الأمريكية، التي بدأت مسيرتها في سن مبكرة جدًا، مرّت برحلة حياة طويلة مليئة بالتحديات، التجارب، والنضج. واليوم، في عمرها الذي تخطى الأربعين، لا تحاول إخفاء السنوات، بل تحتفي بها بكل فخر، رافضة اللجوء لحقن التجميل أو البوتوكس. فمن خلال حضورها المليء بالحياة ووجهها الذي لم يعبث به الجراحون، ترسم صورة جديدة للجمال الناضج.

في أكثر من مقابلة، عبّرت درو عن قناعتها بأن التقدم في السن ليس شيئًا يجب محاربته، بل اعتباره امتيازًا. تقول:"عندما أرى وجهي في المرآة، لا أبحث عن الكمال، بل أتذكر كل ما مررت به. أنا لا أريد أن أكون شخصًا آخر.. حتى لو بدوت أصغر."
درو باريمور لا تروّج للجمال المثالي، بل للجمال الواقعي. تكرر دومًا أنها لا تتبع روتينًا معقدًا للعناية بالبشرة، ولا تهدر وقتها في محاولة "إيقاف الزمن"، بل تركز على الصحة، الراحة النفسية، والحياة المتوازنة.
كما تشجع النساء على تقبّل أجسادهن وأعمارهن كما هي، وتعتبر أن الثقة والمرح واللطف هي مفاتيح الجاذبية الحقيقية.
سوسن بدر.. الجمال في التصالح مع الزمن
الممثلة المصرية القديرة سوسن بدر تُعتبر مثالاً عربياً بارزاً في تقبّل التقدّم بالسن. لم تخفِ شعرها الأبيض، بل تباهت به، وحوّلته إلى جزء من هويتها البصرية. حتى لقبها بين محبيها أصبح "نفرتيتي الشاشة"، لأنها تمثل جمالاً ناضجاً ووقوراً لا يخضع للزمن.

في مقابلة لها، صرّحت سوسن بدر:"الزمن لا يُقلل من قيمتنا، بل يزيدنا نضجاً وعمقاً".
بشعرها الفضي وإطلالاتها الأنيقة التي تجمع بين العصرية والأصالة، أصبحت قدوة لكثير من النساء العربيات اللاتي يبحثن عن نموذج يعزز ثقتهن بأنفسهن في كل مرحلة عمرية.
جوليان مور وميريل ستريب ونجمات عالميات أخريات
ولم تكن سلمى وسوسن وحدهما من كسرن القواعد. فالممثلة الحائزة على الأوسكار جوليان مور لطالما تحدثت عن أهمية التقدّم في العمر دون مقاومة اصطناعية. كذلك النجمة الأسطورية ميريل ستريب التي قالت:لن أحارب التجاعيد، لأنها جاءت من الضحك، والبكاء، والعيش حقاً".

أما النجمة البريطانية هيلين ميرين، فتظهر بانتظام على أغلفة المجلات العالمية بشعرها الرمادي وتجاعيدها الواضحة، ولا تجد حرجاً في عمرها، بل تتحدث عنه كعلامة "نجاة وتجربة".
ما بين التجميل والقبول.. معادلة جديدة
لا يعني تصالح هؤلاء النجمات مع التقدم في السن أنهن يرفضن العناية أو التجميل بشكل قاطع، بل أن الاختيار أصبح واعياً وأقرب إلى الذات. لم يعد الهدف هو "الظهور أصغر من العمر الحقيقي"، بل أن تبدو المرأة بأفضل حالاتها في عمرها الحقيقي، بلا ضغط ولا إنكار.
في هذا السياق، ظهرت حملات تجميلية عالمية بمشاركة نساء فوق الستين، وشهدنا نجمات يعُدن للواجهة بإطلالات طبيعية لاقت إعجاباً ودعماً واسعاً من الجمهور.
ربما ما يوحّد هذه النجمات من الشرق والغرب، هو إيمانهن العميق بأن الجمال لا يشيخ، بل ينضج. فكل خط على الوجه هو أثر لرحلة، وكل شعرة بيضاء هي تذكير بالتجارب التي صنعت الإنسان.