"فرانسيس كوركدجيان" Francis Kurkdjian لـ"هي": هذه العطور تعبير عن جماليّة حاسة الشمّ التي لطالما شكلت دليلا لي

العطر هو أشد شكل من أشكال الذاكرة، حيث تنعش بعض الروائح ذاكرتنا لتعيد لحظات كنا اعتقدنا أننا نسيناها. هذا تحديدا ما أدركه "فرانسيس كوركدجيان"

Francis Kurkdjian  عندما عُيّن مدير ابتكار العطور لدى دار "ديور" Dior عام 2021، فعاد بالذاكرة إلى موعده الأول مع الدار في جادة "مونتان" Montaigne عام 2004.

 هذا اللقاء الذي أسفر عن ثلاثة عطور فريدة ومكمّلة لبعضها البعض، إلى جانب فكرة عن مجموعة عطور ابتُكرت بطريقة مثالية: مجموعة La Collection Privée Christian Dior.  

 شكّلت عطور Eau Noire ،Cologne Blanche وBois d’Argent    تعبيرا عن الفخامة المصنوعة في Dior، المنقوشة بجرأة خالدة. اليوم قرر Francis Kurkdjian إعادة إصدار هذه العطور المحبوبة جدا والمرغوبة منذ ابتكارها. فيعرض كل عطر لونه الطبيعي الجميل، في حين يحافظ الثلاثي العطري على إخلاصه للروحية الأساسيّة لهذه المجموعة الفريدة. يتمحور كل عطر أساسي حول زهرة رمز في عالم العطارة، تمّت معالجتها بازدواجية تراوحت بين التقاليد والجرأة.

 فعطر Eau Noire عبارة عن خزامى معرّض للشمس، يمتدّ ليشمل درجات عطرية أساسيّة حسية لذيذة؛ في حين يسلّط عطر Cologne Blanche الضوء على زهر الليمون توازنه تناغمات ذروريّة؛ أما عطرt Bois d’Argen، فيلعب على أريج السوسن المشرق المتباين مع دخان البخور.

ويصف  "كوركدجيان" هذه التجربة في لقاء خاص مع "هي"  بأنها "قصة لقاء أوّل، لقاء أنيق ومتطلّب. كما تعود بنا إلى التعارض ما بين التقاليد والجرأة. فتشكّل تعبيرا عن جماليّة حاسة الشمّ التي لطالما شكّلت دليلا لي".

إشارة الى أنّه تم إبتكارالعطور تحت إشراف Hedi Slimane. 

غالبا ما تقول إن "العطر اختارك"، كيف ذلك؟

قبل أن أصبح صانع عطور كنت أتخيل نفسي في مجالات ووظائف مُختلفة. كنت صغيرا جدا عندما قررت أن أصبح صانع عطور، كان عمري 13 أو 14 عاما. وأعتقد أنه بمجرد أن قررت أنني أريد أن أصبح صانع عطور لم أغير رأيي أبدا بعدها. الأمور كانت ثابتة إلى حد ما في حياتي، بنيت حياتي المهنية كصانع عطور خطوة بخطوة. لم يكن الأمر سهلا على الإطلاق لم أشكّ يوما بقراري هذا حتى في حين كانت الأمور صعبة. هذا هو سبب قولي إن "العطر اختارني"، لأنني بطريقة ما أردت فعل العديد من الأشياء من قبل، ولكن عندما قلت إنني أريد أن أصبح صانع عطور فتح عالم العطور ذراعيه لي.

ما مصدر الإلهام لإبداعاتك؟

بوجه عام، أنا لست مدفوعا بالمكونات، بالنسبة لي المكونات مهّمة للغاية، لكنّها مجرد أداة، هي المسار بين الإلهام والعاطفة. شخصيا، أعتقد أن أكثر ما يهم في البداية هو الإلهام، وتليه العاطفة والمكونات تكمن بينهما.

كيف ألهمت  مدينة باريس، مسقط رأسك، مفهومك لصناعة العطور؟

أعتقد أنني عندما كنت أصغر سنا، كنت أرغب في الهروب من باريس، لأنني اعتقدت أنّها كانت نوعا ما كلاسيكية وبطيئة، وأتذكر أنني عندما زرت نيويورك شعرت بأنها مجنونة ومثيرة وجريئة. وبسبب عملي، تمكنت من السفر حول العالم، وفي كل مرة كنت أعود فيها إلى باريس، كنت أشعر أن لديها نوعا من التوازن الرائع الذي يناسبني جدا. ما يُميّز باريس فعلا هو التقاليد والامتياز والحرفية والثقافة والمتاحف. أحبّ التوازن في هذه المدينة، وأتفهم حقا سبب انبهار الناس بباريس.

ما المسار الإبداعي الذي تتبّعه؟

أنا أتبع منحى تحليليا للغاية، يجب أن أفهم لماذا أفعل الأشياء، إضافة الى المسار والهدف الذي يجب أن نصل إليه. لذلك، عندما يتعين علي ابتكار عطور جديدة، يجب أن أعرف نتائجها، لأن الأمر يساعدني في تحديد ما أصفه على أنه ملعب وإطار العمل وجزء منه هو اسم العطر. أحب تحديد الاسم بسرعة كبيرة، لأنه بمجرد أن أضعه، أكون قد حددت إطارا آخر. بمجرد أن يكون إطار العمل واضحا، يكون من السهل جدا توجيه عملي وإلهامي وهدفي والتركيز على النتيجة النهائية.

ما التغييرات التي أجريتها منذ انضمامك إلى "ديور" Dior في أكتوبر 2021 بصفتك مديرا إبداعيا للعطور؟

من السابق لأوانه الحكم على الأمر، لأنّه لم يمضِ على انضمامي إلى "ديور" Dior سوى بضعة أشهر. لقد بدأت بتطوير أمور لا أستطيع التحدث عنها بعد، كما أدخلت بعض التعديلات في طريقة عملنا وبعض استراتيجياتنا التي لا يمكنني مناقشتها. ستظهر النتيجة النهائية في غضون 18 شهرا تقريبا.

بالحديث عن التغييرات، أخبرنا عن إعادة إصدار العطور الثلاثة المميزة Eau Noir وCologne Blanche وBois D’argent.

أسهمت إعادة إطلاق عطور Eau Noire ،Cologne Blanche وBois d’Argent في إعادة إحياء ركيزة التصميم الإبداعي لمجموعة La Collection Privée Christian Dior. عندما دخلت دار  “ديور” Dior، حدّثني الناس عن رغبة في إعادة جمع العطور، وإعادة سرد هذه القصة الجميلة. إنها قصة لقاء أوّل، لقاء أنيق ومتطلّب. كما تعود بنا إلى التعارض ما بين التقاليد والجرأة. فتشكّل تعبيرا عن جماليّة حاسة الشمّ التي لطالما شكّلت دليلا لي.

أيّ من هذه العطور الثلاثة أقرب إلى قلبك؟

لا أعتبر أن هناك عطرا أقرب إلى قلبي، فأنا أحب جوانب من عطر ما، وأخرى من عطر آخر، فعندما تبتكرين عطرا جديدا تمنحين جزءا منك للآخرين.

ما فلسفتك في مجال صناعة العطور؟

أبذل قصارى جهدي لجعل العطر يبدو جديدا جدا، لأنك في بعض الأحيان تدّعين أنه جديد ويظهر العكس تماما عندما تشّمين رائحته. أحاول العمل كفنان بطريقة ما، وأرى أنّ المهم هو العثور على "توقيع"  signature، لبثّ شيء مختلف ومألوف في الوقت نفسه حتى يتمكن الناس من وضع العطر بسهولة وبطريقة بسيطة للغاية. أعتقد أن البساطة أمر صعب التحقيق ومهم جدا في مجال صناعة العطور.

ما أكثر اللحظات التي تفتخر بها في حياتك المهنية؟

من الصعب دائما أن أعود إلى الماضي وأقول إنني فخور، لمجرد أنني خائف من المستقبل وما سيأتي بعده، وهو أكثر أهمية من الماضي، لأن الماضي هو الماضي. أنا ممتنّ حتى الآن للأشخاص الذين كانوا حولي طوال هذه السنوات، وساعدوني في أن أصبح ما أنا عليه اليوم، ومن بينهم عائلتي، وأصدقائي، والأشخاص الذين أعمل معهم. ليس من لحظة واحدة فقط أفتخر بها، ولا أعتبر أنه يمكن تلخيص الحياة بلحظة واحدة. لذا، الأمر يتعلق أكثر بالمسار المهنيّ، لقد حاولت تقديم 200 في المئة من طاقتي وبذل قصارى جهدي خلال حياتي المهنية.

كيف ترى مستقبل صناعة العطور؟

السوق بدأ ينقسم إلى أجزاء، صناعة العطور الراقية والعطور الأخرى. مع تطوّر الذكاء الاصطناعي، ستكون الفجوة الكبرى، لأن الكثير من العطور تملك رائحة متشابهة، والطريقة الوحيدة لإحداث فرق يكون من خلال إضفاء لمسة إنسانية، لأنها "تستند إلى ما تعرفه، ولا تستند إلى ما لا تعرفه".

ما رأيك بالمكونات الشرقية مثل العود والعنبر والخشب والمسك؟

يعتبر العنبر جزءا من المكونات التي أحبها، لأنه يتمتع بعمق ومركزية، وأحب التفاعل المادي معه. أنا أحب النضارة، أحب العمل على نوتات العنبر ونوتات الأزهار كثيرا.