اكتشفي مع "هي" فوائد الزنجبيل للشعر والتخلص من الشيب على غرار الحضارات القديمة
لطالما سعّت النساء عبر الأجيال وراء ينابيع الشباب، لتأتي جذور الزنجبيل الطازجة تتصدر المشهد على صفحات تاريخ الطب التقليدي، والتي أكدت أنه سرّ من أسرار الجدّات للعناية بالبشرة والشعر من دون استثناء.
لكن هل هو علاج سحري للشيب؟ أم مجرد وهم جميل؟ الإجابة أكثر تعقيدًا وإثارة مما تتخيلين. فهي تقع في المنطقة الرمادية بين قوة الاعتقاد القديم وبين دقة البحث العلمي. لذا دعينا نكتشف سويًا عبر موقع "هي" كيف كان يُعتقد أن الزنجبيل يُعيد 'الحرارة' واللون إلى الشعر، وكيف ينظر إليه الباحثون اليوم كحليف ضد شيخوخة الخلايا"، بناءً على توصيات أخصائية البشرة والشعر مريم عبد الغني من القاهرة.
كيف تعاملت الحضارات القديمة مع ظاهرة الشيب باستخدام الزنجبيل؟

ووفقًا لأخصائية الشعر مريم، في البداية، يجب أن نُدرك أنالمنظور القديم للعناية بالبشرة والشعر كان مختلفًا جذريًا؛ فلم تكن هناك علوم صيدلانية حديثة أو دراسات حول صبغة الميلانين. وبالتالي اعتمدت المعرفة على الملاحظة التجريبية، ونظرية الأمزجة (الأخلاط)، وفلسفة "الطبع الساخن أو البارد" للأعشاب، والطب الشعبي المتناقل. ولمزيد من التوضيح، تعرفي على فوائد الزنجبيل للشعر في العصور القديمة، من خلالالطب التقليدي والمعتقدات السائدة آنذاك.
الطب التقليدي الصيني
كان مبدأ "اليانغ" (Yang) والطاقة الدافئة، يُصنف الزنجبيل (جيانج)على أنه ذو طبيعة "حارة" و"يابسة". وكان يُعتقد أن الشيب المبكر أو انتشاره قد يكون ناتجًا عن نقص في طاقة (اليانغ الدافئة في الكلىالتي ترتبط بصحة العظام والشعر حسب الطب الصيني) أو برودة في الدم.
والتالي، كان استخدام الزنجبيل يهدف إلى تنشيط وتدفئة "يانغ" الكلى وتحفيز دوران الطاقة (تشي) والدم (شيويه) في مسارات الجسم، بما فيها تلك المؤدية إلى فروة الرأس. علمًا أن الهدف كان علاج السبب الجذري وليس الظاهر منه، وذلك استخدام الزنجبيل (كشاي أو ضمن الوجبات) لتدفئة الجسم ككل، أو خارجيًا في تدليك الفروة لتحفيز تدفق الدم الموضعي.
طب الأيورفيدا الهندي القديم
يرتبط الشعر الصحي في الأيورفيدا،بقوة بطاقة "برانا" (الحيوية) وتوازن "الدوشات"، خاصة "فاتا" و"بيتا". إذ يمكن أن يؤدي اختلالها إلى جفاف الشعر وضعف الصبغة.
وبما أن خصائص الزنجبيل (أردراكا) تُعتبر ذو طاقة ساخنة، حادة، ومنشطة، لذا كان يُستخدم لـ كسر "الستها" (الركود) وتحسين دوران الدم والأيض. والهدف الرئيسي من ذلك كان إزالة السموم (آما)، تحسين الهضم (وهو أمر أساسي لامتصاص المغذيات للشعر)، وتنشيط فروة الرأس. علمًا أنه كان يُعتقد أن الشعر الصحي هو انعكاس لهضم قوي ودم نقي. وبالتالي لم يكن التركيز على إعادة اللون بل على تأخير الشيخوخة المبكرة للشعر.
الطب اليوناني والعربي القديم
اعتمد هذا الطب على نظرية الأخلاط، إذ كان يُعتقد أن الجسم يحتوي على أربعة أخلاط (دم، بلغم، صفراء، سوداء). وكان الشيب مرتبطًا غالبًا بـ غلبة المزاج البارد والجاف (السوداوي). وبما أن الزنجبيل كان يُعتبر منالأدوية "المسخنة" القويةكما وصفه ابن سينا في "القانون في الطب"، لذا كان يُستخدم لمعادلة البرودة والرطوبة الزائدة في الجسم، وبالتالي تحسين مزاج فروة الرأس ومنطقة الرأس.
من ناحية أخرى، أوصى الأطباء القدامى مثل "ديسقوريدوس" باستخدام الزنجبيل لتسخين الجسم وتحفيز إفراز الفضلات، مما ينعكس إيجابًا على قوة الأعضاء وبصيلات الشعر.
ممارسات شعبية في العصور القديمة
كان التدليك بمعجون الزنجبيل أو عصيره طريقة شائعة في العديد من الثقافات لتسخين فروة الرأس وجلب "الحرارة والحيوية" إليها، ظنًا أن هذه الحرارة تنشط قوى الحياة التي أنتجت اللون في الأصل. كذلك كان يُخلط الزنجبيل مع أعشاب أو مواد ذات لون مثل"الحناء، القهوة، القرنفل، أو أوراق المريمية"لصنع صبغات شعر طبيعية. وكان دور الزنجبيل هنا تحفيز امتصاص الصبغة من خلال تنشيط الدورة الدموية، وليس التصبغ بذاته.
من ناحية أخرى، نشأ اعتقاد شعبي قوي بأن الزنجبيل يُعيد "اللون والحرارة" المفقودتين إلى الشعر، حتى لو لم يكن ذلك تصبغّا حقيقيًا بل تحسينًا للبريق والصحة العامة للخصلة، وذلك بسبب لونه "الأصفر-البني" وقوته المنشطة.
عمومًا، كان الزنجبيل في العصور القديمة أداة قيمة في الطب التقليدي لمواجهة علامات الشيخوخة، بما فيها الشيب. كانت فوائده تُفهم وتُقدّر في إطار نظريات ذلك الزمن عن توازن الجسم والطاقة. بينما يثبت العلم اليوم بعض آلياته العملية (كالتنشيط الدموي ومضادات الأكسدة)، لإعادة اللون الأصلي.
هل الزنجبيل المطحون يمكن أن يقضي على الشعر الأبيض؟

لا، أكدت أخصائية الشعر مريم، أنه لا يوجد أدلة علمية قوية أو دراسات طبية معترف بها تثبت أن مطحون الزنجبيل يمكنه التخلص من الشعر الأبيض (الشيب) أو إعادة لونه الطبيعي.لأنه ينتج بشكل أساسي عن توقف الخلايا الصبغية (الميلانين) في بصيلات الشعر عن العمل بسبب التقدم في العمر، العوامل الوراثية، الإجهاد التأكسدي، أو نقص بعض الفيتامينات مثل"B12". ومع ذلك، يحظى الزنجبيل بشعبية في الطب التقليدي والعديد من الوصفات المنزلية للعناية بالشعر، لذا يمكن أن تكون له فوائد غير مباشرة قد تدعم صحة الشعر وفروة الرأس بشكل عام، مما قد يؤخر ظهور الشيب أو يحسن مظهر الشعر.
ماذا عن الفوائد المحتملة للزنجبيل للشعر وفروة الرأس؟
أشارت أخصائية الشعر مريم، أن الزنجبيل الطازج أومطحونه يمكن أن يكون فعّال للعناية بالشعر، والقضاء على الشيب، من خلال التالي:

يُحفز الدورة الدموية
يحتوي على مركبات مثل "الجينجيرول" التي تساعد على تنشيط الدورة الدموية في فروة الرأس عند تدليكها به. وبالتالي وصول الدم المحمل بالمغذيات والأكسجين إلى البصيلات يمكن أن يقويها.
مصدر لمضادات الأكسدة
يكافح االإجهاد التأكسدي الذي يساهم في شيخوخة الخلايا، بما في ذلك الخلايا الصبغية في الشعر.
خصائصه مضادة للالتهابات
يمكن أن يهدئ فروة الرأس المتهيجة أو الملتهبة، مما يوفر بيئة صحية لنمو الشعر.
غني بالعناصر الغذائية
يحتوي على معادن مثل "المغنيسيوم، الزنك، والفوسفور، وفيتامينات مثل B6، وهي مهمة لصحة الشعر بشكل عام.
يُنقّي فروة الرأس
قد يساعد في التخلص من البكتيريا أو الفطريات وبقايا المنتجات التي تسد ّالمسام.
ما هي أفضل الوصفات الطبيعية للاستفادة من فوائد الزنجبيل للعناية بالشعر؟

اختارت أخصايئة الشعر مريم، أفضل وصفات شعبية استخدمت في الحضارات القديمة للعناية بالشعر والتخلص من الشعر الأبيض شكل غير مباشر. علمًا أنها أكدت أن نتائجها تختلف من امرأة لآخرى، وذلك على النحو التالي:
ماسك الزنجبيل وزيت جوز الهند
اخلطي ملعقة من مطحون الزنجبيلمع ملعقتين من زيت جوز الهند الدافئ. دلكي الفروة بلطف واتركه 20-30 دقيقة قبل الشطف. كرري الماسك مرتين في الأسبوع، حيث يعمل زيت جوز الهند على ترطيب الشعر بينما ينشط الزنجبيل الدورة الدموية.
ماسك الزنجبيل والعسل
امزجي كميات متساوية من مطحون الزنجبيل والعسل الطبيعي. ضعه على الفروة لمدة 20 دقيقة. كرري الماسك مرة في الأسبوع، حيث يعمل العسل كمرطب قوي ويمتلك خصائص مضادة للميكروبات متجانسة مع مركبات الزنجبيل، لتعزيز صحة الشعر وبُصيلاته.
مغلي الزنجبيل
اغلي قطعًا طازجة من الزنجبيل أو ملعقة من المطحون في الماء، صفّي السائل بعد أن يبرد واستخدميه كغسول نهائي بعد غسل الشعر. كذلك يمكنكِ شرب كوب الزنجبيل االمطحون الخالي من السكر ، لكن بعد التأكد من خلو الجسم من مشكلات الجهاز الهضمي المتنوعة أو استشارة الخبراء المتخصصين، كذلك إضافة قطع الزنجبيل الطازجة إلى الأطعمة الصحية للحصول على فوائده وتغذية الجسم بعناصر المفيدة.
على الهامش.. نصائح مهمة لاستفادة من فوائد الزنجبيل للعناية بالشعر

- ضعّي كمية صغيرة على جزء من جلدك مثل (داخل الذراع)، وانتظري 24 ساعة للتأكد من عدم وجود حساسية أو تهيج.
- قد يُسب تهيج فروة الرأس، وخصوصًا لذوي البشرة الحساسة، لذا، يفضل تخفيفه بزيت ناقل.
- لا يصبغ الشعر الأبيض ولا يغطي الشيب، وبالتالي إذا لاحظ البعض تغيرًا في اللون، فقد يكون ذلك بسبب تأثير العسل أو الزيوت المصاحبة أو بسبب تحسين لمعان الشعر وصحته، مما قد يغير انعكاس الضوء عليه.
- إذا ظهر الشيب مبكرًا وبشكل مفاجئ، راجعي طبيب الأمراض الجلدية لاستبعاد أي أسباب طبية مثل "نقص الفيتامينات أو مشاكل الغدة الدرقية".
وأخيرًا، الزنجبيل الطازج أو المطحون أوزيته ليس علاجًا سحريًا للشعر الأبيض، لكنه مكون طبيعي قد يدعم صحة فروة الرأس ويقوي الشعر بشكل عام بسبب خصائصه المحفزة للدورة الدموية والمضادة للأكسدة. لذا، يمكنكِ تجربته كجزء من روتين العناية بشعركِ، ولكن مع إدارة التوقعات وفهم أن الحلول الدائمة لتغطية الشيب تبقى في صبغات الشعر الآمنة، بينما يرتبط تأخيره بصحة الجسم العامة، التغذية السليمة،التحكم في الإجهاد، وليس غير ذلك.