الدكتور طلال لـهي شعركِ يخبركِ بأمراض لم تُشخص بعد.. كيف ذلك؟

الدكتور طلال عبد الرحيم لـ"هي": شعركِ يخبركِ بأمراض لم تُشخص بعد.. كيف ذلك؟

رحاب عباس المواردي
10 ديسمبر 2025

هل تعلّمين أن شعركِ ينمو ببطء، نحو سنتيمتر كل شهر، ويسجل خلال رحلته من البصيلة حتى الطرف كل ما يحدث في أعماقكِ؟. نعم، إنه يشبه جهاز تسجيل صامتًا، يلتقط التغيرات الهرمونية، يكشف عن نقص العناصر الحيوية، ينذر بالاضطرابات المناعية والأيضية، قبل أشهرٍ من أن تظهر الأعراض الواضحة على جسدكِ أو قبل أن تلتقطها الفحوصات الروتينية.

أنا لا أبالغ، ففقدان الكثافة المفاجئ، التقصف الذي لا تفسير له، الشيبالذي يغزو رأسكِ قبل أوانه، أو حتى تغير في ملمسه؛ جميعها ليست مجرد مشاكل تجميلية، إنها رسائل مشفرة، ونداءات استغاثة يُطلقها جسدكِ.

عمومًا، قد يكون الشعر أول من يُلمح بأي مشكلة نتعرض لها "خللخفي في الغدة الدرقية، فقر دم لم يُكشف بعد، توتر مزمن ترك بصمته، أو حتىاضطراب مناعي يُهاجم عن طريق الخطأ بوصيلاتكِ الشعرية.

من هذا المنطلق، سأكشف لكِ عبر موقع "هي" كيف يعمل الشعر كمرسال خفي يُسجل أخبار صحتنا بأحرف من الكيراتين والهرمونات والمعادن؟، وكيف يمكن لتغيراته أن تكون نافذة نادرة للنظر إلى صحتنا الداخلية، وكيف أن الانتباه إلى لغته الصامتة قد يمنحنا إنذارًا مبكرًا ثمينًا؟؛ بناءً على توصيات استشاري الأمراض الجلدية الدكتور طلال عبد الرحيم من القاهرة.

ما هي الإشارات المهمة التي يرسلها الشعر عن الحالة الصحية لأمراض لم تُشخص بعد؟

الشعر  يخبركِ بأمراض لم تُشخص بعد
الشعر  يخبركِ بأمراض لم تُشخص بعد

ووفقًا للدكتور طلال، يمكن للشعر أن يعطي إشارات مهمة عن الحالة الصحية لأمراض لم تُشخص بعد، وذلك من خلال التغيرات في مظهره، قوته، كثافته، وتركيبه الكيميائي؛ أبرزها:

التغيرات في المظهر والهيكل

قد يُشير جفاف الشعر وهشاشتهإلىقصور الغدة الدرقية "حيث يبطئ الأيض ويُقلل إنتاج الزيوت الطبيعية"، نقص التغذية "خصوصًا نقص الحديد (فقر الدم)، أو الزنك، أو البروتين، أو الأحماض الدهنية الأساسية"، كذلك جفاف الجسم المزمن أو أمراض الكلى.

تساقط الشعر المفاجئ أو الكربي

قد يكون رد فعل الجسم لصدمة جسدية أو نفسية حدثت قبل 2-3 أشهر (فترة نمو الشعر). على سبيل المثال:"عدوى شديدة، جراحة كبرى، فقدان وزن حاد، اضطرابات هرمونية حادة مثل (مشاكل الغدة الدرقية أو متلازمة تكيس المبايض)، والإجهاد المزمن الشديد.

تساقط الشعر ببقع

غالبًا ما يكون مرتبطًا بأمراض المناعة الذاتية الأخرى مثل (التهاب الغدة الدرقية، البهاق، أو الذئبة الحمراء).

تقصف الأطراف وضعف النمو

تقصف أطراف الشعر تُخبركِ على أمراض الجهاز الهضمي
تقصف أطراف الشعر تُخبركِ على أمراض الجهاز الهضمي

قد يكون علامة على سوء الامتصاص أو أمراض الجهاز الهضمي مثل (الداء البطني أو مرض كرون) التي تمنع امتصاص العناصر الغذائية.

التغيرات في اللون

قد تكون بسبب الشيب المبكر والشديد قبل العشرينات (عامل وراثي قوي)، وفي بعض الحالات النادرةقد يرتبط بأمراض المناعة الذاتية مثل (البهاق أو نقص فيتامين B12  الشديد وخصوصًا المرتبط بفقر الدم الخبيث)، كذلك فقدان اللون الطبيعي أو بهتان الشعريمكن أن يكون مرتبطًا بنقص البروتين أو سوء التغذية المزمن.

التغيرات في كثافة الشعر وموقعه

غالبًا ترقق الشعر في مناطق محددةمثل (جانبي الجبهة عند النساء)، قد يُشير إلى اختلال هرموني مثل زيادة هرمون الأندروجين (في متلازمة تكيس المبايض أو مشاكل الغدة الكظرية)، كذلك زيادة نمو الشعر في أماكن غير مرغوبة على الوجه والجسم مع ترقيق شعر الرأس قد تكون أيضًا مؤشر هام على اختلال الهرمونات.

أمراض فروة الرأس

عمومًا القشرة الشديدة، الاحمرار، الحكة، أو الالتهاب، قد تكون أكثر من مجرد مشكلة جلدية بسيطة؛ إذ يمكن أن ترتبط بالصدفية، التهاب الجلد الدهني، أو في حالات نادرة بمؤشر على تفاعلات مناعية أو التهابية جهازية.

كيف يعمل الشعر كـ "سجل بيولوجي"؟

أوضح دكتور طلال، أن الشعر يحوي  بروتين الكيراتين، لكن أثناء نموه، فإنه يمتص المواد والعناصر من الدم. وبالتالي  تحليل الشعر مختبريًايمكن أن يكشف عن المعادن الثقيلة السامةمثل (الرصاص، الزرنيخ، الزئبق) التي تتراكم على مدى أشهر، مما قد يشير إلى تسمم مزمن؛ كذلك نقص أو زيادة عناصر غذائية معينةمثل (الزنك، السيلينيوم، والحديد)، أو مخلفات بعض الأدوية أو المواد. علمًا أن بصيلة الشعر نفسهاقد تحتفظ بسجل للهرمونات والعمليات الأيضية التي حدثت خلال فترة نموها (عدة أشهر).

الجدير بالذكر، أنه برغم أن الشعر يعتبر منبهًا أو جرس إنذار، إلا أنمعظم تغيراته لها أسباب شائعة وغير خطيرة مثل (الإجهاد المؤقت، التغيرات الموسمية، والعناية الخاطئة). لذا، يجب دائمًا استشارة الطبيب (طبيب عام، طبيب أمراض جلدية، أو أخصائي غدد صماء) عند ملاحظة أي تغيرات مفاجئة أو حادة في الشعر. لأن الطبيب سيقوم بربط أعراض الشعر بأعراض أخرى قد لا نلاحظها مثل (التعب، تغيرات الوزن، تغيرات الجلد) وسيطلب فحوصات الدم والهرمونات المناسبة لتشخيص السبب الجذري.

اعتمدي النصائح المقدمة للحصول على شعر متألق وصحة جيدة
اعتمدي النصائح المقدمة للحصول على شعر متألق وصحة جيدة

على الهامش.. نصائح وقائية شاملة للحفاظ على صحة الشعر وحمايته من الأمراض والمشاكل

  • اعتمدّي دومًا التغذية الوقائية ، من خلال نظام غني بالبروتين (لبناء الشعر)، الحديد، الزنك، السيلينيوم، البيوتين (فيتامين B7)، وفيتامينات A, C, D, E. ومصادرها "البيض، السمك، الدجاج، البقوليات، المكسرات، اللحوم الحمراء (باعتدال)، السبانخ، العدس، بذور اليقطين، السلمون، الجوز، بذور الكتان (لترطيب فروة الرأس)، التوت، الخضراوات الورقية، الخضروات الملونة".
  • اهتمي بالعناية اللطيفة والوقائية من خلال (استخدم شامبو لطيف خالي من الكبريتات (Sulfates)  والبارابين حسب نوعية شعرك، عدم الإفراط في الغسيل حتى لا يجرد الشعر من زيوته الطبيعية، التدليك اللطيف لفروة الرأس (يحسن الدورة الدموية ووصول المغذيات للبصيلات)، الحماية الحرارية (تقليل استخدام مجفف الهواء الساخن، المكواة، ومكواة التجعيد، واستخدام منتجات حماية من الحرارة)، الحماية من الشمس ( لأن الشعر يتأثر بالأشعة فوق البنفسجية) باستخدام قبعة أو منتجات تحتوي على واقي شمسي للشعر، والتصفيف اللطيف بعيدًا عن تسريحات الشد القاسية مثل (ذيل الحصان المشدود).
  • التزمي بنمط حياة صحي من خلال "ممارسة الرياضة لإدارة التوتر، النوم الكافيلإفراز الهرمونات المنظمة لصحة الجسم والبصيلات، وشرب الماء لأنالترطيب الداخلي أساسي لصحة الشعر وفروة الرأس".
  • احرصي على تطبيق عناية خاصة بعد المرض أو الصدمة (بعد العدوى الشديدة، الجراحة، الولادة، أو فقدان الوزن السريع) من خلال  التغذية السليمة وممارسة الرياضة تحديدًا.
  • تجنبي العادات الضارة، وخصوصًا التدخين لأنه يُضعف الدورة الدموية لفروة الرأس ويسرع شيخوخة الشعر.
  • تخّلي عن تمشيط الشعر الرطب بعنف، لأنالشعرقد يكون في أضعف حالاته عندما يكون مبللًا، ولا تنسي استخدام مشطًا ذو أسنان واسعة.
  • اختاري المنتجات المناسبة لنوع شعركِ سواءً (دهني، جاف، حساس)، كذلك إذا كانت فروة رأسكِ حساسة أو عرضة للأكزيما أو الصدفية، استخدمي منتجات خالية من العطور والمواد المهيجة.
  • داومي على استخدام الوصفات الطبيعية المرطبة والمغذية حسب نوع شعركِ، كذلك الزيوت الطبيعية مثل (زيت جوز الهند، الأرجان، أو الزيتون) مرة أسبوعيًا  لتقوية البُصيلات ، ولكن تجنبيها إذا كانت فروة رأسكِ دهنية أو معرضة للالتهاب.
  • امتنعي عن استخدام العلاجات الكيميائية القاسية المتكررة "صبغات الشعر الكيميائية المتكررة، التفتيح الشديد (Bleaching)، والتمليس الكيميائي (الكيراتين التجاري الذي يحتوي على فورمالدهيد). فجميعها قد تضعف الشعر وتسبب التهابًا في فروة الرأس.
  • لا تنسي الفحوصات الدورية من خلال تحاليل الدم السنوية لتحقق من مستويات الحديد، فيتامين D، فيتامين B12، الزنك، وهرمونات الغدة الدرقية وخصوصًا إذا كان هناك تاريخ عائلي، كذلك مراقبة التغيرات (إذا لاحظت تساقطًا مفاجئًا غير معتاد، أو بقعًا صلعاء، أو تغيرًا سريعًا في الملمس أو الكثافة، فاستشيري طبيب الأمراض الجلدية مبكرًا).

وأخيرًا، شعركِ هو امتداد لجسمكِ الحيوي، وتغيراته يمكن أن تكون نافذة على صحتكِ الداخلية. إنه سجل زمني حي يكشف عن الاضطرابات الأيضية، الهرمونية، الغذائية، أو السمية التي حدثت في الأشهر الماضية؛ لذا انتبهي لإشاراته، لكن لا تستبدلي بها التشخيص الطبي الاحترافي.