أسوار ويليام وكيت "القاتلة" للخصوصية: لهذا السبب يكره الجيران قصر الأمير الجديد؟
في قلب حديقة وندسور الكبرى، حيث تعاقب الملوك لقرون، نشأت مؤخراً مواجهة من نوع خاص، ليست عسكرية ولا سياسية، بل هي مواجهة بين الحاجة السيادية للأمن، والحق الإنساني في الفضاء العام،فقد وجد الأمير ويليام وزوجته كيت ميدلتون نفسيهما اليوم في مرمى نيران انتقادات لم يعتادا عليها، ليس بسبب بروتوكول ملكي، بل بسبب طوق أمني بطول ستة أميال أحال مساحات شاسعة من المتنزه التاريخي إلى "منطقة محظورة" خلف أسلاك شائكة وكاميرات لا تنام.
"فورست لودج": الحلم الأبدي خلف الحصن الجورجي

لم يكن انتقال أمير وأميرة ويلز مع أطفالهما الثلاثة جورج، وشارلوت، ولويس إلى عقار "فورست لودج" مجرد تغيير في العنوان، هذا القصر الجورجي المهيب، الذي يعود تاريخه لعام 1670 تقريباً، يمثل المنزل الأبدي الذي اختاره الزوجان ليكون مقرهما حتى بعد اعتلائهما العرش،ويتميز العقار بفخامة صامتة قاعة رقص واسعة، زخارف جصية متقنة، ونوافذ فينيسية تطل على تاريخ بريطانيا، لكنه اليوم تحول من قصر يسكنه ملوك إلى حصن أمني من الدرجة الأولى.
انتقلت العائلة من "كوخ أديلايد" المتواضع نسبياً، والذي لم يتطلب حراسة استثنائية، إلى هذا العقار الذي يمتد على مساحات شاسعة، مما فرض واقعاً أمنياً جديداً بموجب المادة 128 من قانون مكافحة الجريمة المنظمة والشرطة لعام 2005، هذا القانون حول التعدي على الأراضي المحيطة بالمنزل من مسألة مدنية بسيطة إلى جريمة جنائية تمنح الشرطة صلاحيات الاعتقال الفوري.
صرخة عتب من الجيران على مؤسسة التاج

على الجانب الآخر من السياج، يسود شعور بالخيانة، السكان المحليون الذين قضوا عقوداً وهم يمشون مع كلابهم أو يمارسون رياضة الركوب في هذه الأراضي، يشعرون بأنهم تعرضوا لكمين، يقول أحد الجيران الذين عاشوا في وندسور لـ 20 عاماً: "لقد أحدثوا فجوة في قلب المتنزه.. نحن نقدر حاجتهم للخصوصية، لكن هذا الإغلاق مفرط ومفجع".
المفارقة تكمن في أن النظام القديم كان يسمح للسكان مقابل رسوم 60 جنيهاً إسترلينياً بالوصول إلى مناطق حصرية، وهو امتياز بات الآن عديم القيمة، ومع إغلاق الطرق المحلية التي كانت تختصر المسافات، يضطر السكان الآن لقطع أميال إضافية لقضاء شؤونهم، مما زاد من حدة الغضب المتزايد تجاه مؤسسة التاج التي ترفض، بحسب قولهم، أي حوار لتخفيف هذه الاضطرابات.
لماذا يحتاج ويليام لستة أميال من الأمن؟

مطالب الجيران الإنسانية هي محل اعتبار، لكن يجب أن نفهم وجهة نظر "سكوتلاند يارد" أيضا، حتى تكتمل الصورة، فيوضح داي ديفيز، الرئيس السابق لقيادة الحماية الملكية، أن الأمن الجيد يشبه "البصلة"، يتكون من طبقات متعددة تحيط بالنواة، في حالة الأمير ويليام وأبنائه وهم الورثة المباشرون للعرش، المسافة تعني الوقت، والوقت هو منقذ الحياة.
وتؤكد المصادر الأمنية أن هناك عوامل رفعت مستوى التهديد إلى درجات غير مسبوقة:
- الصلة بالقوات الخاصة:تعيين الأمير ويليام راعياً لرابطة فوج القوات الجوية الخاصة (SAS)، جعله هدفاً لمجموعات منشقة، لا سيما مع استمرار التهديدات المرتبطة بملف أيرلندا الشمالية.
- تعقيدات الهجرة والأمن القومي: أيضًايرى خبراء أمنيون أن حدود بريطانيا المفتوحة وتوافد المهاجرين غير الشرعيين من مناطق نزاعات، خلق كابوساً أمنياً للشرطة، حيث يصعب تعقب مئات الآلاف من الأشخاص، مما يجعل تأمين المحيط المباشر للملكية ضرورة قصوى لا ترفاً.
- محاولات الاغتيال التاريخية:يذكرنا التاريخ بأن الملك جورج الثالث، الذي بنى هذا القصر، نجا من 9 محاولات اغتيال، واليوم، مع تطور التكنولوجيا والمنظمات الإجرامية الدولية، أصبح التهديد أوسع نطاقاً وأكثر تعقيداً.
صراع العقارات في "وندسور": ويليام ضد أندرو
لا يمكن فصل قصة "فورست لودج" عن الدراما الملكية المحيطة بعائلة "ساسكس" وعائلة "يورك"، ففي حين يستقر ويليام في حصنه الجديد، يواجه عمه الأمير أندرو شبح الطرد من "رويال لودج" القريب بعد فضائحه المتتالية، ومن المثير للاهتمام أن سارة فيرغسون كانت قد طالبت سابقاً بالانتقال إلى "فورست لودج" نفسه بعد طلاقها، لكن الأمير فيليب رفض طلبها بصرامة، اليوم، الملك تشارلز هو من يتولى هذا الدور، وهو من بارك هذه الترتيبات الأمنية الجديدة لولي عهده.
محفظة عقارية بمليارات الدولارات
هذا المنزل ليس سوى قطعة واحدة ضمن ممتلكات ويليام وكيت الاستثنائية، والتي تشمل:
- شقة رقم 1A في قصر كينسينغتون (21 غرفة).
- قاعة "أنمر هول" في نورفولك (10 غرف نوم).
- كوخ "تام نا غار" في بالمورال.
ومع ذلك، يظل "فورست لودج" هو المقر الأهم أمنياً، لأنه يمثل "الحصن الدائم" للعائلة في وندسور.
موازنة صعبة ومستقبل غامض
بينما يصر النائب المحافظ عن وندسور، جاك رانكين، على أن الإجراءات متناسبة وأن الارتباط الملكي الفريد يجلب بعض الإزعاج، يظل الجيران في حالة ترقب، القصر ينفي وجود رد فعل عنيف، ويصف الشكاوى بالضئيلة، لكن الواقع على الأرض يقول إن السياج الأمني قد بنى حاجزاً نفسياً بين الأمير وشعبه في وندسور، ويبقى التحدي الأكبر للأمير ويليام في منزله الأبدي هو كيف يحمي أطفاله دون أن يسجنهم خلف أسوار العزلة، وكيف يحافظ على أمن مملكته المستقبلية دون أن يفقد مودة الجيران.

