خاص بـ "هي": فيلم "جريش سلام" وبناء الجسور بين الأجيال.. برؤية المخرجة السعودية الشابة تالة الحربي
برزت المخرجة السعودية تالة الحربي كواحدة من الأصوات الشابة التي تعيد تعريف السينما السعودية، فلقد قدمت مؤخرا فيلمها "جريش سلام" الذي شهد عرضه الأول ضمن برنامج رؤى البحر الاحمر في مهرجان البحر الأحمر لهذا العام، حيث ترسم مسارها السينمائي بشغف وإبداع وهي في سنتها الدراسية الأخيرة بتخصص الفنون السينمائية بجامعة عفت، في إطار إيمانها بأن السينما وسيلة لبناء جسور بين الأجيال، ليقدر الجمهور الماضي ويفهم الحاضر، بينما جاء فيلمها "جريش سلام" كمشروع مؤكد على موهبتها وأسلوبها الإبداعي كمخرجة شابة تسعى لترك بصمتها في المشهد السينمائي السعودي والعالمي.. فلنتعرف على تفاصيل هذا المشروع الذي حظي بردود أفعال إيجابية متنوعة، من خلال هذا الحوار الخاص معها:
حدثينا عن نفسكِ.. وعن أبرز المحطات في مشواركِ السينمائي.

أنا صانعة أفلام سعودية، في سنتي الدراسية الأخيرة في تخصص الفنون سينمائية في جامعة عفت، كانت بدايتي من السنة الدراسية الأولى في الجامعة، بالإضافة إلى أنني قد بدأت موازنة دراستي الجامعية والأعمال الخارجية مثل برنامج أكاديمية MBC لصناعة الأفلام في مدينة كان- فرنسا، وبرنامج صناع الأفلام المدعوم من نيوم و NFTS.

كانت أول تجربة إخراجية لي لفيلم "عندما يزهر الأحمر" الذي فاز في تحدي الـ 48 ساعة سنة 2022 بمهرجان البحر الأحمر، والذي تم عرضه بعد ذلك على نتفليكس ضمن "أصوات سعودية جديدة".. ومؤخراً، حصلت على دعم صندوق "المرأة في السينما" من AFAC و Netflix لإخراج فيلم "جريش سلام" وكان عرضه الأول في مهرجان البحر الأحمر 2025.
جاء عرض فيلم "جريش سلام" ضمن برنامج رؤى البحر الاحمر في مهرجان البحر الأحمر لهذا العام.. كيف ترين تأثير مشاركته في مهرجان بهذا الحجم على حضور الفيلم ومساركِ كمخرجة شابة؟

كان هدفنا أن نبني جسرا بين الأجيال، حتى يستطيع الجمهور أن يقدر ماضينا ويفهم حاضرنا بشكل أكبر.. إن عرض الفيلم في مهرجان البحر الأحمر السينمائي كان شرف كبير بالنسبة لنا، لأنه أعطانا مساحة وصوت مسموع.. وهذا الشيء أثبت إن قصصنا ليست مجرد قصص تُقال، لكنها قصص حقيقية تستحق أن تصل إلى العالمية.. دعم المهرجان يعطينا كمخرجين شباب إحساس أن صوتنا يصل، وأتمنى ان هذا يشجع العالم لأن يسمعونا.
ما الرسالة الأساسية التي حرصتم على إيصالها من خلال "جريش سلام"، وكيف أسهم أداء طاقم العمل في تعزيز هذه الرسالة وترجمتها على الشاشة بشكل صادق ومؤثر؟

رسالتي الأساسية إن المرأة السعودية الحديثة لم تظهر فجأة ولم تولد بالأمس.. هي كانت موجودة منذ زمن بعيد، كبرت وتكوّنت بهدوء، وتنتظر فقط اللحظة التي يُفتح فيها الباب حتى يرى العالم حقيقتها مثل ما هي طول عمرها.
بالنسبة لي الجوري جابر (سلمى) كانت فعلاً وعاء لهذه الطاقة.. رغم إنها أول تجربة تمثيل لها، لكنها قدمت أداءً صادقا، خام، وفيه موهبة واضحة، أما فتون الجارالله (الأم) فلقد لعبت دور الأم الصارمة بذكاء، وليست قسوة فحسب، بل استطاعت أن تنقل مشاعر كان فيها خوف وحماية بنفس الوقت، وهذا الذي جعل الشخصية حقيقية.

وزدنا شخصيات تساعد في بناء العالم المحيط حولهم، حيث منحنا "بسام العصيمي" عفوية الطفولة وطبيعتها بدون تصنّع، وكذلك شكل وجود "سلمان العبودي" تجسيدا للضغط القادم من الخارج - ضغط المجتمع الذي يحاصر، ويزيد من التوتر- فوجوده وأداؤه كان الشرارة التي رفعت رسالة الفيلم وأسهمت في إيصالها بشكل أقوى، حتى نشعر بسياق العالم الذي يعيش فيه الجميع.
وفي الحقيقة إن صناعة هذا الفيلم هو نتاج مجهود وشغف الفريق الرئيسي لطاقم العمل، فلقد قمت بإخراج الفيلم، إلى جانب الكاتبة المشاركة في اﻹخراج زهراء الضامن، والمنتجة لجين الكبرى، ومديرة التصوير شهد النفيسي، والمونتيرة ريناد بدوي.
كيف أسهمت مبادرة "المرأة في السينما: أطلقي قصتك إلى الحياة" في تشكيل أسلوبكِ الإخراجي، وما التغيير الأبرز الذي شعرتِ به بعد هذه التجربة؟

مبادرة AFAC وNetflix كانت فعليًا الدفعة الأخيرة التي أسهمت في خروج هذا الفيلم للنور بالطريقة التي كنا نتمناها، فالإرشاد والتوجيه الذي حظينا به كان نقطة تحوّل بالنسبة لي.. فلقد تعلمت أساليب جديدة في تحليل النص، والأهم من ذلك: كيف أوجّه الأطفال وأديرهم في التمثيل.. وهذا كان تحدّي جديد تمامًا علي.
وردّة فعل الجمهور في العرض الأول أكدت لي إن هذا التوجيه بالفعل قد أثمر عن هذه النتيجة، فأنا لم أخرج من هذه التجربة بفيلم جاهز فقط، بل خرجت منها بتطوّر حقيقي وجذري في طريقتي بالإخراج وأسلوب عملي.
ما طموحاتكِ السينمائية المقبلة، وهل تعملين على مشروع جديد بعد "جريش سلام"؟

حاليًا ينصبّ تركيزي بالكامل على إنهاء دراستي، وتتمثل أولى خطواتي الفعلية في ذلك بتحضيري لفيلم التخرج، والذي سيبدأ إنتاجه في شهر أبريل، بإذن الله.
وتدور قصة الفيلم حول الصداقة، الفقد، والتقبّل، وأتمنى أن أتمكن من تقديم عمل يلامس الناس ويشبههم، ويدفع الجمهور إلى التأمل في علاقاتهم الخاصة، وفي نفس الوقت يساهم في زيادة الوعي حول هذه التجارب الصعبة وكيف نمر فيها بإنسانية.
صور الفيلم تم استلامها من المخرجة، وحقوق صور المخرجة تالة الحربي:
Photo by Tristan Fewings/Getty Images for The Red Sea International Film Festival.