د. مها رضوي تروي لـ"هي" تفاصيل فيلمان لسيرة والدها الفنان السعودي عبدالحليم رضوي

د. مها رضوي تروي لـ"هي" تفاصيل فيلمان لسيرة والدها الفنان السعودي عبدالحليم رضوي

رهف القنيبط
16 مايو 2025

بروح تمزج بين الحب والوفاء، وبصوت يعبّر عن الامتنان والاعتزاز، اختارت د. مها عبدالحليم رضوي أن ترد الجميل لوالدها، أول فنان تشكيلي سعودي في المملكة البروفيسور عبد الحليم رضوي الذي ينسب له الفضل في تشكيل المشهد الفني السعودي، ليس عبر كلمات، بل من خلال عملين سينمائيين يحكيان سيرته ومسيرته، وينقلان إرثه الإنساني والفني للأجيال القادمة.

في حديث خاص لـ"هي"، تكشف د. مها عن دوافعها لتدقيم فيلم عبدالحليم رضوي والتحديات التي واجهتها، وماذا يعني لها هذا المشروع في ضوء رؤية 2030 وتمكين المرأة السعودية.

فيلم عبدالحليم رضوي
عملين سينمائيين يحكيان سيرة أول فنان تشكيلي سعودي، وينقلان إرثه الإنساني والفني للأجيال القادمة

فيلم عبدالحليم رضوي من وصية... إلى وعد بصري للأجيال

استهلّت د. مها حديثها مع "هي" قائلاً:"راهن علينا سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بقوله: لدي شعب همته مثل جبل طويق... وأنا أدعم المرأة السعودية لأن نصف المملكة نساء." بالتأكيد على أن دعم القيادة السعودية، وعلى رأسها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، للمرأة منحها الثقة للمضي في هذا المشروع، مستعيدة وصية والدها في أيامه الأخيرة، حين عهد إليها بحمل إرثه الفني والأدبي وصونه للأجيال القادمة. وبين تمكين الوطن ووعد الأب، وُلد هذا العمل السينمائي.

رغم اعتراض إخوتها الذكور على مشاركتها في الإرث العيني المرتبط بفنه، اختارت مها أن ترتقي فوق الخلافات، قائلة في نفسها: "يا مها، ماذا يفيد الميت في قبره سوى علم يُنتفع به؟". ومن هنا انطلقت في مشروعها، ساعية إلى تحويل فن والدها إلى علم، وسيرته إلى رسالة.

فيلمين... ومسارين مختلفين للتوثيق

حول طبيعة المشروع، أوضحت د. مها أن الفيلمَين — أحدهما وثائقي والآخر درامي — يُعدان امتدادًا لحلمٍ خططت له منذ وفاة والدها عام 2006. وبعد حصولي على الحقوق الفكرية الكاملة، حصل المشروعان على التصاريح اللازمة، ليبدأ بذلك مشوار التوثيق والبناء.

الفيلم الوثائقي انطلق منذ عام 2016 تزامنًا مع دراستها للدكتوراه التي كرّستها بالكامل لسيرة والدها، فيما يعبّر الفيلم الدرامي عن العلاقة العاطفية الفريدة بين الأب وابنته، ويستعرض مشاهد حقيقية وعبارات موثقة بينهما.

د.مها عبدالحليم رضوي
تسعى د.مها إلى تحويل فن والدها إلى علم، وسيرته إلى رسالة

وتسترسل د.مها لـ"هي" قائلة: "الوثائقي يعتمد على التوثيق الزمني والبصري المعتمد على مصادر رسمية، أما الدرامي، فهو تأكيد على صدق ذلك المحتوى لكنه يحمل بُعدًا عاطفيًا وفنيًا يعكس الأحاسيس والرسائل الإنسانية بعمق وواقعية الفيلمان، وإن اختلفا في الأسلوب، إلا أنهما يُكملان بعضهما البعض، ويشكّلان معًا محاولة صادقة لإحياء سيرة فنان كبير وإنسان ملهم."

كما توضح قائلة:" الفيلمان ليسا مجرد إنتاجين فنيين، بل امتداد لقائمة أهداف وضعتها لنفسي، نابعة من أحلام لطالما راودت والدي ولم تُتح له الفرصة لتحقيقها. وبعد أن حمّلني وصيته قبل وفاته بأيام معدودة، أيقنت أنني أحمل أمانة ومسؤولية حقيقية في مواصلة مسيرته الفنية، سواء على المستوى العلمي أو المهاري أو الفكري.

لماذا الآن؟

ترى د. مها أن توقيت إطلاق الفيلمين يتقاطع تمامًا مع روح العصر، في ظل صعود السينما السعودية وانفتاحها على القصص الإنسانية ذات القيمة:" في ظل النجاحات التي حققتها رؤية 2030، نشهد نموًا متسارعًا في صناعة الأفلام السعودية، سواء من حيث حجم الإنتاج، جودة العمل، أو تطوير مستقبل السينما محليًا وعالميًا." 

وتكمل حديثها قائلة: "البيئة اليوم مهيأة لإنتاج أفلام أصيلة تعبّر عن رموز وطنية ملهمة، وتمنح الأجيال الجديدة قدوة فنية وثقافية من داخل هذا الوطن". 

عبدالحليم رضوي
د.مها: "ما أقوم به اليوم هو انعكاس للعهد الذهبي الذي نعيشه في المملكة"

التحديات... وكيف تحوّلت إلى دوافع

رغم صعوبات مرحلة جمع وتدقيق السيرة الذاتية خلال فترة الدكتوراه، تشير د. مها إلى أنها تلقى اليوم دعمًا كبيرًا من الأوساط الفنية والإنتاجية. أما عن الفصل بين كونها ابنة للفنان ومنتجة للفيلم، فترد بثقة: "لا أحد يمكنه تجسيد الإحساس الحقيقي الذي يربطني بوالدي كما أفعل أنا. لقد نشأت على حب التمثيل منذ طفولتي، وهذا الجانب ليس غريبًا علي، بل هو امتداد طبيعي لحياتي."

رسالة الفن... ورسالة الوطن

لا تخفي د. مها أن مشروعها هذا يحمل بُعدين؛ الأول هو الوفاء لوالدها الذي لم يكن فقط رائدًا فنيًا، بل أبًا ملهِمًا دعمها وعلّمها معنى الحب والسلام. والثاني، ردّ الجميل لوطن أعطاها فرصة أن تُعبّر وتنتج وتُكرّم من تحب في عصر تمكين المرأة.

قائلة: "ليتعرف العالم على عبدالحليم رضوي، الإنسان لا الفنان فقط. وليرَ كيف تصنع القيم الفنية والروحية جسورًا بين الماضي والمستقبل، بين الفنان وأسرته، وبين الوطن ومبدعيه."

د. مها رضوي
وتختتم بقولها:" بدعمهم، يصبح الحلم واقعًا، والإرث رسالة، والفنّ حياة."

وفي ختام حديثها، تعبر عن امتنانها العميق لكل من ساند رحلتها الفنية، قائلة: "إن مشاركتي في مهرجان البحر الأحمر ومهرجان أفلام السعودية كانت تجربة ملهمة أمدّتني بالدعم والمعرفة، وقرّبتني من مؤسسات وشركات سينمائية آمنت بالمحتوى المحلي وقدرته على الوصول عالميًا."

وتكمل الحديث قائلة: "ما أقوم به اليوم هو انعكاس للعهد الذهبي الذي نعيشه بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان  آل سعود، وأتوجه بالشكر لكل من ساهم في دعم هذا المشروع، من وزارة الثقافة وهيئة الأفلام، إلى مركز إثراء، وجمعية السينما، ومهرجان أفلام السعودية، ومهرجان البحر الأحمر، وصندوق الاستثمار السعودي، وجمعية الثقافة والفنون."

وتختتم بقولها:" بدعمهم، يصبح الحلم واقعًا، والإرث رسالة، والفنّ حياة."

الصورة الرئيسية د. مها برفقة والدها البروفيسور عبدالحليم رضوي، أول فنان تشكيلي سعودي