لطيفة الخياط ومريم الجميري تتحدثان لـ"هي" عن "حكايات الحواف البحرية".. العمل الفائز بجائزة أبواب 2025

لطيفة الخياط ومريم الجميري تتحدثان لـ"هي" عن "حكايات الحواف البحرية".. العمل الفائز بجائزة أبواب 2025

رهف القنيبط
21 أكتوبر 2025

في دورة هذا العام من أسبوع دبي للتصميم، أعلنت لجنة أبواب عن فوز استوديو Maraj البحريني، الذي أسسته المعماريتان لطيفة الخياط ومريم الجميري، بمشروع العام "حكايات الحواف البحرية"، الذي سيُعرض في حي دبي للتصميم من 4 إلى 9 نوفمبر 2025. 

يسلط المشروع الفائز الضوء على جزيرة نبيه صالح في البحرين، بين بيئة طبيعية هشة ومنطقة صناعية ناشئة، ليعيد عبر الزخرفة والنسيج صياغة علاقة الإنسان بالمكان، مستلهمًا من ثوب النشل البحريني فكرة العمارة كذاكرة حيّة تربط التراث بالمعاصرة.

ومن هذا المنطلق، نخوض حديث حصري مع لطيفة الخياط ومريم الجميري، الفائزتين اللتين مزجتا البحث العلمي بالحرفة المحلية لتقديم رؤية بصرية ومعمارية تنبض بالهوية.

حكايات الحواف البحرية الفائز بجائزة أبواب
تقول لطيفة: "تعلمنا المنطقة المدّية أهمية المساحات البينية حيث تتعايش الطيور والطحالب والكائنات البحرية. ومع استمرارنا في استصلاح الأراضي، يجب أن نرفض الثنائية بين "البرّ والماء"

البحث في التفاصيل... والانطلاق من الحكاية

تبدأ لطيفة الخياط حديثها عن شرارة الفكرة قائلة: " أردنا أن نستكشف دور الزخرفة اليوم: هل يمكن أن تكون لغة متجذّرة محليًا وقادرة على كشف القصص غير المرئية؟ تاريخيًا، كانت الزخارف مثل التيجان مستوحاة من الطبيعة. وللبحث عن ما يعادلها في حاضرنا، توجهنا إلى جزيرة نبيه صالح ومياه خليج توبلي بيئات غنية ومهملة لا تُرى إلا لمحة عابرة من الطريق السريع".

ومن منظور مريم الجميري، فإن البداية كانت بالبحث الميداني وجمع السرديات المحلية، وتقول: "بدأنا بالبحث؛ قراءة الأوراق العلمية، وزيارة الموقع، والتحدث مع العائلات والأجداد وسكان الجزيرة. ساعدنا ذلك في جمع طيف واسع من القصص والملاحظات، قمنا بعدها بتكثيفها في لغة بصرية من خلال الرسومات المطرزة. هذه الرسومات تحمل روح المبالغة واللعب، تمامًا كما تفعل الحكايات الشفوية".

حين تتحول الأزياء إلى جلد ثالث للعمارة

توضح لطيفة العلاقة بين الأزياء والعمارة من خلال استلهامهما من ثوب النشل قائلة: "إذا كان اللباس هو الجلد الثاني، فالعمارة يمكن اعتبارها الجلد الثالث. جمال ثوب النشل يكمن في شفافيته الطبقية وزخارفه المطرّزة التي تصوّر النباتات المحلية. خصوصيته الإقليمية ضرورية اليوم، في زمن طغت فيه النزعة العالمية والتكرار في الموضة والعمارة. هذا العمل يستحضر شوقًا إلى مكان كان يومًا ما خصبًا ومشتركًا، ويحتفي بالتطريز كحرفة حيّة تُستخدم لتجسيد الأنواع البيئية المهددة التي تحتاج إلى رعاية".

أما مريم فترى أن الحرفة ليست مجرد عنصر جمالي بل شريك في تشكيل الفكرة، وتقول: "نحب أن نعمل بشكل وثيق مع الحرفيين المحليين، ونسمح لعمليتهم أن تشكّل النتيجة بدلًا من البدء بتصميم ثابت. هذا التبادل يولد تفاصيل وأساليب لم نكن لنصل إليها بمفردنا. إضافةً إلى الأثر الفني، فهو يدعم الورش المحلية ويضمن بقاء الحرف التقليدية حيّة، مطبّقة بأساليب جديدة تربط التراث بالممارسة المعاصرة".

حكايات الحواف البحرية الفائز بجائزة أبواب
المصممتان المعماريتان لطيفة الخياط ومريم الجميري

البيئة كإلهام والمكان كذاكرة حيّة

تتحدث لطيفة عن العلاقة بين العمارة والطبيعة قائلة: "تعلمنا المنطقة المدّية أهمية المساحات البينية حيث تتعايش الطيور والطحالب والكائنات البحرية. ومع استمرارنا في استصلاح الأراضي، يجب أن نرفض الثنائية بين "البرّ والماء"، وأن نصمم هذه الحدود بحسّ بيئي. هدف التركيب الفني هو إثارة الدهشة تجاه هذه المواطن الطبيعية، لتحفيز العناية والفضول بدل اللامبالاة".

وتتابع مريم من زاوية مكملة، مشيرة إلى كيفية ترجمة هذه الطبقات البيئية والثقافية داخل العمل، فتقول: "بدلًا من تقديم سرد نهائي، أردنا إبراز آثار وأنماط مفتاحية تسمح للتعقيد بالظهور عبر ملاحظة الزائر وتفسيره الشخصي. صيغ التركيب بطريقة تدعو إلى الاكتشاف، محفزًا التساؤل والتفكير بدلًا من تقديم إجابات جاهزة".

حكايات الناس والبحر

تستعيد لطيفة بعض القصص التي جمعتهن من سكان الجزيرة، قائلة: "تكررت قصة زيارة الجزيرة بالقوارب، وتحدث كثيرون عن خرافة مفادها أن أخذ أي شيء من الجزيرة يجلب سوء الحظ، مثل انقلاب القوارب. دخلت هذه القصص إلى تفاصيل التصميم نفسها، لكنها أيضًا كشفت عن إجلال مشترك لوفرة الجزيرة الطبيعية وإحساس جماعي بالفقد. أردنا تكريم ذلك عبر إبراز التنوع البيئي الذي ما زال قائمًا".

بينما ترى مريم أن هذه الحكايات منحت المشروع بعدًا تأمليًا يتجاوز المعمار إلى الوعي البيئي، موضحة: "العمل جعلني أُدرك كم هو عميق ما تختزنه الجزيرة من تفاصيل بيئية وتاريخية يسهل تجاهلها حتى نبدأ ملاحظتها. آمل أن يغادر الزوار وهم يرون قيمة وغنى هذه الأماكن، سواء كانوا يعرفون نبيه صالح أو يسمعون عنها لأول مرة".

حكايات الحواف البحرية الفائز بجائزة أبواب
تقول مريم :"العمل جعلني أُدرك كم هو عميق ما تختزنه الجزيرة من تفاصيل بيئية وتاريخية يسهل تجاهلها حتى نبدأ ملاحظتها."

الزخرفة كذاكرة ومعرفة

تقول لطيفة حول مفهوم الزخرفة: "الزخرفة اليوم يمكن أن تكون سجلًا للذكاء الثقافي والبيئي، وطريقة لتحويل الذاكرة إلى شكل مادي. نراها ردًا واسعًا على الصمت الذي فرضته الحداثة على التعبير والنقش والحرفة. ومن خلالها أيضًا صوّرنا التنوع الحيوي الذي يحدث على مقاييس لا تراها أعيننا أو تتجاوز قربنا المباشر".

ومن منظور مريم، يمثل هذا العام تحولًا في تجربة Abwab نفسها، إذ تضيف: "بوجود جناح واحد، يصبح لدى الزائر وقت أطول للتأمل والتعمق. بدل الانتقال السريع من مشروع إلى آخر، يمكنهم قضاء وقت مع التفاصيل وفهم الطبقات خلفها. أعتقد أنه يتيح تجربة أكثر هدوءًا وتركيزًا".

إكمال الدائرة وبداية جديدة

تختتم لطيفة بالحديث عن أثر الفوز على المشهد البحريني قائلة: "نحن متحمسون لمشاركة هذه القصة من خلال أول تركيب عام واسع النطاق لنا في الخليج. غالبًا ما يعيد الاعتراف الدولي إشعال التقدير المحلي ليلفت الانتباه إلى ما قد يُهمل في الداخل. نأمل أن يرفع هذا العمل الوعي بالأنظمة البيئية الهشة، وأن يبرز إمكانات الإنتاج والتصميم الإقليمي".

أما مريم فتربط هذا الفوز بمسيرتها الأكاديمية والشخصية، فتقول: "أتذكر زيارتي لأسبوع دبي للتصميم وأنا طالبة في الجامعة الأمريكية بالشارقة، ومتابعتي للأعمال المعروضة هناك، بما فيها مشاريع أساتذتي فيصل طبارة وعمّار كالو. أن أكون الآن جزءًا من المنصة نفسها هو أمر ذو معنى كبير، وتذكير بكيفية اكتمال الدائرة بين التعلم والممارسة".