
رؤى سعودية خلف العدسة: ريّان نواوي يصوغ هوية بصرية تتحدث بلغة العالم
في فضاء الصورة المعاصرة، حيث تتقاطع الموضة مع الثقافة، والتقنية مع الهوية، يبرز المصور السعودي ريّان نواوي كأحد الأسماء التي تصوغ اتجاهاً بصريًا جديدًا للمشهد السعودي.
بأسلوب يمزج بين التصميم والتحرير، وبين التقنية والفكر، يقود ريان من خلال استوديو Nawawi مسارًا بصريًا جريئًا يرفض الحلول السهلة والكليشيهات، ويؤمن بأن الهوية السعودية ليست ثابتة، بل حية وقابلة للتشكّل.
هذا اللقاء يأتي امتدادًا للمقالة المنشورة في عدد يوليو وأغسطس حول المصورين الذين يعيدون تشكيل الوعي الجمالي في السعودية، نسلّط فيه الضوء على المصور ريّان نواوي، الذي يقدّم من خلال عدسته لغة بصرية طموحة تمزج بين المحلّي والعالمي، ويعيد تعريف الهوية السعودية بمعايير تصميمية رصينة.

الهوية السعودية ككيان بصري حي
حين يُسأل عن كيفية التوازن بين الجذور والنظرة العالمية، يجيب ريّان قائلاً: "الأمر يتعلق بصياغة لمسة محلية بمعايير عالمية. هو أشبه بترجمة ثقافتنا إلى لغة بصرية يمكن لأي شخص، في أي مكان، أن يتواصل معها. لا أرى الهوية السعودية كشيء ثابت، بل ككيان حي—بصري، عاطفي، وقابل للتكيّف."
هذه الفلسفة تنعكس في كل تفصيل من أعماله، حيث يتعامل مع الهوية بنفس الأدوات التي يصمم بها علامة تجارية: الوضوح، النية، والعمق. يريدها أن تكون متجذّرة دون أن تُقيَّد، وعالمية دون أن تُفرَّغ.
التراث كمادة خام لإعادة البناء
في أعماله يحول ريّان التراث إلى نقطة انطلاق نحو خيال بصري جديد. يوضح: "أنا لا أسعى لتكرار التراث، بل لبنائه من جديد. أبحث عن طرق لتطويره بصريًا باستخدام أدوات أو تقنيات حديثة. قد يعني ذلك إعادة التفكير في القصّات، أو دمج مرجعيات غير متوقعة، أو استخدام وسائل رقمية لتغيير النظرة إليه." بالنسبة له، التراث ليس النهاية، بل مادة خام لابتكار ما لم يكن.

الإبداع كبيئة عمل لا كفكرة مجردة
في قلب استوديو نوّافي، لا تدور الأمور حول إلهام فردي، بل حول فريق يعمل بروح جماعية تُغذّيها الأسئلة لا الأجوبة. يقول: "نركّز على خلق مساحة تتحرك فيها الأفكار بسرعة... نحفّز المخاطرة الإبداعية، لكن نوفّر أيضًا بيئة آمنة للتجريب بدون ضغوط. نبتكر نماذج أولية باستمرار، ونعمل عبر تخصصات مختلفة. الأمر ليس في رفع الصوت، بل في وضوح النية." هذا المناخ الإنتاجي مرن لكنه مركز، يستند إلى فضول دائم لا إلى استجابة لحظية.
الذكاء الاصطناعي... أداة لا بديل
ضمن مشاريع مثل Nawawi Imaging وLast Studio on Earth، يُدمج ريّان التقنية ضمن نسيج العمل الفني، دون أن يفقده روحه. يقول: "الذكاء الاصطناعي سيغيّر كيف نُنتج، لكنه لن يغيّر لماذا نُنتج. ما يمنح العمل قيمة لا يزال يأتي من الإنسان—من الذوق، والحدس، والإدراك الثقافي." مستقبل الصورة، كما يراه، سيكون هجينًا — آلة وإنسان، لكن الفكرة تبقى هي المحرك الأساسي لكل شيء.
المشهد البصري السعودي: بدايات تحتاج تراكمًا
عن تقييمه للمشهد الحالي لتصوير الأزياء في السعودية، يرى ريّان أن الإمكانيات موجودة، لكن الطريق يتطلب كثافة إنتاج وجرأة في الرؤية، يوضح قائلاً: "لدينا شغف، ومواهب تبتكر، وأفكار جريئة، وحكايات لم تُروَ بعد، لكن نحتاج للاستمرار في التجريب، والإنتاج بكثافة، والتركيز على توجّه إبداعي أقوى." وبنبرة واضحة يختم: "تصوير الأزياء السعودي لن يصبح مرجعًا عالميًا عبر محاكاة الآخرين، بل من خلال خلق لغة بصرية جديدة كليًا."