
خاص لـ"هي": معرض كوكلا رفعت "أولاد النيل" يحول النهر مسرح للبهجة والمرح
في لحظة لم تكن محسوبة، وبينما كانت المصوّرة المصرية كوكلا رفعت تودّع مشروعها الأخير في أسوان، اصطدمت عيناها بمشهد بدا وكأنه خرج لتوه من الحلم؛ فتيان صغار يتزلجون فوق صفحة النيل بألواح خشبية بسيطة، أصواتهم تعلو بالغناء، وضحكاتهم تُخترق ضجيج الماء. مشهد عفوي مشحون بجمال فوضوي، يقول الكثير عن الطفولة عندما تكون حرّة بلا قيود.

تفتتح كوكلا حديثها لـ"هي" قائلة: "لم أختر هذه القصة... بل هي التي اختارتني"، هكذا تصف كوكل تلك اللحظة التي تحوّلت إلى مشروع فوتوغرافي متكامل حمل اسم "ركّاب النيل". مشروع لم يكن مجرد توثيق بصري، بل تحوّل إلى قصيدة حب مكتوبة بالضوء، موجهة لأسوان وأطفالها ونهرها العظيم.
لكن كيف تمكنت كوكل من كسر الحاجز مع هؤلاء الفتيان الصغار؟ بابتسامة ودفء إنساني. حيث تقول: "لا يمكنك اصطناع التواصل الحقيقي، كنت أشاركهم يومهم، أضحك معهم، أحضر الموسيقى والهدايا الصغيرة، حتى بدأت أسمعهم ينادونني باسمي، ويطلبون أن ألتقط لهم الصور التي يظنونها الأكثر "كول"... هنا فقط بدأت العدسة ترى ما لا يُرى."
تملك كوكل علاقة استثنائية مع أسوان؛ تراها ملعبها البصري ومصدر إلهامها الروحي. توضح ذلك قائلة: "في أسوان، الضوء يرسم لوحاته بجرأة، الألوان صارخة، والعيون تروي حكايات لا تنتهي. النيل هنا ليس مجرد نهر، بل شخصية تُشاركك كل مشهد، وتضخ الحياة في كل لقطة."

ولأن هذه الحكاية بُنيت على الحركة والفرح، كان لا بد للصور أن تنقل هذا الإيقاع الحي. كوكل استخدمت عدستها كأداة لالتقاط اللحظة بكل حيويتها، بسرعة غالق عالية، ولقطات واسعة تحتفظ بالتفاصيل... والأهم، بحدس يقود القلب قبل التقنية تعبر عن ذلك قائلة: "أردت لكل صورة أن تشعر وكأنها لا تزال تتحرّك... أن تراها فتسمع معها صدى ضحكاتهم."
معرض "ركّاب النيل" ليس مجرد معرض صور؛ إنه دعوة مفتوحة لاكتشاف الجمال المخفي في الأماكن التي تمر بها العيون ولا تراها القلوب، ودعوة لأن نعيد النظر إلى التفاصيل الصغيرة، حيث تختبئ قصص الفرح البسيط، والحرية الفطرية التي تنبع من أعماق الحياة.
وحين سألتها "هي" عن الرسالة التي تود أن يخرج بها الزائر من هذا المعرض، تجيب ببساطة تحمل عمقًا شديدًا: "أريد للناس أن يشعروا بالفرح، ذلك الفرح الخام الذي لا يعتذر عن وجوده. وأريدهم أيضًا أن يتساءلوا: لماذا لم نرَ هؤلاء الأطفال من قبل؟ إنه احتفال بالحياة، لكنه أيضًا تذكير بأن الجمال دائمًا موجود... فقط علينا أن ننظر عن قرب."

في إطار فعاليات أسبوع القاهرة للتصميم، يستضيف كايرو ديزاين ديستريكت (CDD) هذا المعرض الفوتوغرافي الاستثنائي خلال الفترة من 6 إلى 16 مايو 2025، بالشراكة مع فوتوبيا وLuminol، ليمنح زوّاره فرصة الغوص في عالم يفيض بالفرح الطفولي وروح المغامرة.
ورغم نجاح هذا المشروع، لا تخطط كوكلا للتوقف هنا، فمصر بالنسبة لها كتاب مفتوح لم تُقلب كل صفحاته بعد تقول: "هناك دائمًا قصة تنتظر أن تُروى. سواء كانت في عمق الصحراء مع قبائلها، أو في زوايا المدن مع فناني الشوارع، أو في طقوس دينية هادئة لا يسمع عنها الكثير. ما زلت أبحث عن الحكاية التالية التي تجعل عدستي امتدادًا حقيقيًا لقلبي."