عبدالحليم رضوي على الشاشة: أول فيلم سعودي يوثّق سيرة رائد الفن التشكيلي

عبدالحليم رضوي على الشاشة: أول فيلم سعودي يوثّق سيرة رائد الفن التشكيلي

رهف القنيبط
6 مايو 2025

في خطوة تُعد الأولى من نوعها في المملكة، أعلنت د. مها عبدالرحيم رضوي خبر العمل على مشروع سينمائي يوثّق سيرة ومسيرة والدها، الرائد التشكيلي السعودي عبدالحليم رضوي، أحد أبرز أعمدة الفن التشكيلي الحديث في المنطقة.

يُعد الفيلم بمثابة وثيقة بصرية نادرة، تسلّط الضوء على محطات مفصلية في حياة فنان ساهم في تشكيل ملامح الحركة التشكيلية السعودية منذ ستينيات القرن الماضي، وفتح آفاقًا جديدة للحوار بين الفنون المحلية والتجارب العالمية.

فيلم عبدالحليم رضوي
الفنان الراحل عبدالحليم رضوي برفقة ابنته د. مها عبدالرحيم رضوي

جاء هذا المشروع بدافع شخصي ومهني من ابنته د. مها رضوي، التي جمعت بين خلفيتها الأكاديمية والتقنية، وعاطفتها العميقة تجاه إرث والدها الفني. الفيلم هو محاولة لاستعادة ذاكرة جيل بأكمله ساهم في بناء مشهد ثقافي متجدد في المملكة، قبل أن تختفي ملامحه في زحمة التحولات.

وُلد عبدالحليم رضوي في مدينة مكة المكرمة عام 1939، ويُعتبر من أوائل الفنانين السعوديين الذين درسوا الفن أكاديميًا في الخارج، حيث التحق بأكاديمية الفنون الجميلة في روما، وتخرّج منها عام 1965. تأثر بالمدارس الأوروبية الحديثة، إلا أنه عمل على تطوير أسلوب خاص به يمزج فيه بين العناصر التراثية السعودية والتجريد الفني العالمي. 

ساهم في وضع اللبنات الأولى للحركة التشكيلية في المملكة، وكان له دور محوري في تأسيس قسم التربية الفنية بجامعة أم القرى، كما أنشأ المرسم الحر بجدة ليكون منصة لتدريب ودعم المواهب الفنية.

امتدت شهرة أعماله إلى خارج حدود المملكة، حيث عُرضت في معارض دولية في أوروبا وآسيا، وتُقتنى لوحاته اليوم في عدد من المتاحف والمجموعات الخاصة حول العالم. كما شهد أول مزاد فني نظمته دار Sotheby’s في المملكة، والذي أقيم في حي الطريف بالدرعية، بيع إحدى لوحاته ضمن نخبة مختارة من الأعمال الفنية السعودية، ما يعكس مكانته الفنية والرمزية في المشهد التشكيلي المحلي.

فيلم عبدالحليم رضوي
العمل الفني الذي تم عرضه في أول مزاد فني نظمته دار Sotheby’s في المملكة

يُركّز الفيلم على أبرز محطات الفنان الراحل، بدءًا من دراسته في روما، وعودته إلى جدة حاملاً مفاهيم الفن المعاصر، مرورًا بمشاركاته الدولية، وتأسيسه قسم التربية الفنية في جامعة أم القرى، وصولًا إلى إسهاماته المؤسسية في دعم الفن المحلي من خلال تأسيس المرسم الحر. 

الفيلم الذي سيأتي من إنتاج د. مها رضوي يسعى لتوثيق المسيرة من زوايا متعددة: إنسانية، أكاديمية، وفنية. ويتضمّن مشاهد أرشيفية نادرة، ولقطات من بعض المعارض التي شارك فيها، إلى جانب عرض بصري لأعماله الفنية وأثرها. كما يستعرض الفيلم علاقاته بالمؤسسات الثقافية، ودوره كأحد أوائل من أسهموا في صياغة خطاب بصري سعودي في مرحلة مبكرة من النهضة الفنية.

فيلم عبدالحليم رضوي
من أعمال الراحل البروفيسور عبدالحليم رضوي

ويأتي هذا العمل في وقت تتسارع فيه خطوات المملكة نحو ترسيخ هويتها الثقافية ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تضع الفنون ضمن أولوياتها التنموية. يعكس الفيلم إدراكًا متزايدًا بأهمية الحفاظ على الذاكرة البصرية، وتقديم رموز الفن السعودي بطريقة حديثة تصل إلى جمهور واسع، وتُعيد ربط الحاضر بجذوره المؤثرة.