شتاء الإمارات… حين تفتح المحميات الطبيعية أبوابها لأجمل التجارب الخضراء
في لوحةٍ طبيعيةٍ نادرة، تنسج دولة الإمارات العربية المتحدة مشهداً متكاملاً تتعانق فيه الصحراء الذهبية مع السواحل الهادئة، وتتماهى الجبال الشاهقة مع الواحات الخضراء، لتقدّم تجربة سياحية بيئية تُجسّد مفهوم التنوع في أبهى صوره. هذا الثراء الجغرافي لا يقتصر على الجمال البصري فحسب، بل يمتد ليشمل منظومة متكاملة من المتنزهات والمحميات البرية والبحرية التي تشكّل اليوم إحدى ركائز السياحة الخضراء، عبر حماية النظم البيئية، والحفاظ على التنوع الحيوي، وتبنّي ممارسات الإدارة المستدامة للموارد.
أجمل شتاء في العالم.. السياحة الخضراء في قلب المشهد
تأتي حملة «أجمل شتاء في العالم» في نسختها الخامسة، تحت شعار «السياحة الخضراء»، لتؤكد هذا التوجّه الوطني الطموح، من خلال تعاون مثمر بين وزارة الاقتصاد والمركز الزراعي الوطني والهيئات السياحية المحلية. وتركّز الحملة على دعوة الزوار لاكتشاف الجزر والمحميات والواحات والجبال ومواقع التنوع البيولوجي التي تزدهر شتاءً، وتتحول إلى مساحات نابضة بالحياة تجمع بين الاعتدال المناخي وروح المغامرة والاستدامة.
جبل حفيت… هيبة الطبيعة في قلب العين
في منطقة العين بإمارة أبوظبي، يبرز متنزه جبل حفيت الوطني كوجهةٍ آسرة تجمع بين التاريخ الجيولوجي العريق والمشهد الطبيعي الخلاب. تمتد المحمية على مساحة 81 كيلومتراً مربعاً، وأُعلنت عام 2017 ضمن شبكة زايد للمحميات الطبيعية، لتصنّف متنزهاً وطنياً وفق معايير الاتحاد الدولي لصون الطبيعة. هنا، تفرض الجبال حضورها، وتتحول المسارات الطبيعية إلى رحلة تأمل ومغامرة في آنٍ واحد.

محمية المرموم… الصحراء كما لم تُرَ من قبل
في دبي، تتصدر محمية المرموم المشهد كأكبر محمية طبيعية في الإمارة، إذ تغطي نحو 23% من مساحتها الإجمالية. تمتد عبر صحراء سيح السلم، وتحتضن نظاماً بيئياً متكاملاً يضم المها العربي وغزال الريم والغزال العربي، إلى جانب تنوع غني من الطيور والزواحف. كما تشكّل المحمية نموذجاً رائداً للتوازن بين حماية البيئة والانفتاح على الجمهور من خلال مشاريع بيئية وترفيهية متكاملة.

حتا الجبلية… مغامرة خضراء بين قمم الحجر
تكشف محمية حتا الجبلية عن وجهٍ مختلف للطبيعة الإماراتية، حيث الجبال الشاهقة التي تشكّل بيئة مثالية لدعم التنوع البيولوجي. وتحوّلت حتا إلى وجهة مفضلة لعشّاق الأنشطة الخارجية، من مسارات المشي الجبلية إلى التجديف وتسلق الجبال وركوب الدراجات، في تجربة تمزج بين الحركة والهدوء الطبيعي.

وادي الحلو… "الجراند كانيون" الإماراتي
في الشارقة، تبرز محمية وادي الحلو كتحفة طبيعية تخطف الأنفاس بتشكيلاتها الصخرية ومساراتها المفتوحة على مناظر بانورامية. وتتميّز المحمية بتنوّعها النباتي والحيواني، ما يمنحها قيمة بيئية وعلمية، إلى جانب كونها وجهة مثالية للتخييم والمشي في أحضان الطبيعة.

الزوراء… غابات القرم وموطن الطيور
في عجمان، تتألّق محمية الزوراء بغابات القرم الشاسعة التي تحولت إلى ملاذ آمن للطيور المقيمة والمهاجرة، وعلى رأسها طيور الفلامينجو الوردية. وتمثّل المحمية نموذجاً للجمال الطبيعي المرتبط بالتنمية السياحية المستدامة.

وادي الوريعة… كنز مائي نادر في قلب الجبال
في الفجيرة، تتفرّد محمية وادي الوريعة الوطنية بكونها أول محمية جبلية وأول منتزه وطني في الدولة، وتحتضن النظام الدائم الوحيد للمياه العذبة في الإمارات، بما في ذلك الشلال الطبيعي الدائم الوحيد. وقد عزز إدراجها ضمن القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي مكانتها كأحد أبرز كنوز الطبيعة الإماراتية.

رأس الخيمة… بين الخور والقمم العالية
تجمع رأس الخيمة بين تنوّع بيئي لافت، يتجلى في محمية خور المزاحمي، موطن الطيور والسلاحف المهددة بالانقراض، وبين روح المغامرة في منتزه جبل جيس، أعلى قمم الدولة، حيث تمتزج الأنشطة الجبلية بالمشاهد الطبيعية الخلابة وتجارب المغامرة العالمية.

جزيرة السينية… حيث يلتقي التاريخ بالطبيعة
وفي أم القيوين، تحتضن جزيرة السينية مزيجاً فريداً من المواقع الأثرية والطبيعة الساحلية، لتقدّم تجربة سياحية ثقافية تعكس عمق التاريخ الإماراتي وتنوّع بيئته.
بهذا التنوع المذهل، تؤكد الإمارات مكانتها كوجهة عالمية للسياحة البيئية، حيث تتحول الطبيعة إلى تجربة متكاملة تجمع بين الجمال، والمغامرة، والوعي البيئي، في رسالة واضحة عنوانها: الاستدامة أسلوب حياة ومستقبل يُبنى اليوم.