خاص لـ"هي": مهرجان نبض العُلا 2025 تجربة تتنفس العافية بين سكون الطبيعة وإيقاع الحركة

خاص لـ"هي": مهرجان نبض العُلا 2025 تجربة تتنفس العافية بين سكون الطبيعة وإيقاع الحركة

رهف القنيبط

في قلب العُلا، حيث تلتقي الجبال بالصمت وتتعانق السماء بالاتساع، يعود مهرجان نبض العُلا هذا العام ليحوّل مفهوم العافية إلى تجربة حيّة تنبض بكل الحواس. من 24 أكتوبر إلى 1 نوفمبر، تتبدّل الواحة إلى مسرح مفتوح للحركة والتأمل، حيث تتداخل الرياضة بالهدوء، وتلتقي القوة بالسكينة في رحلة تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والطبيعة.

ما يميز المهرجان هذا العام ليس حجمه ولا تنوّع فعالياته فحسب، بل الطريقة التي يقدّم بها العافية كنهجٍ للحياة، لا كاستراحة مؤقتة. من جلسات اليوغا إلى سباقات التحمل، تتجلى رؤية متماسكة توازن بين الجسد والعقل والروح. وأكثر ما لفتني هو هذا التلاقي السلس بين النشاط البدني والاستجمام، بين الرياضة كقوة والطبيعة كملاذ.

مهرجان نبض العلا 2025

من بين الفعاليات، يبرز برنامج اليوغا كجوهر المهرجان. ثمانون جلسة مصممة بعناية بين منتجعات العُلا ومناظرها الطبيعية، في تجربة تتجاوز التمرين الجسدي لتصبح ممارسة وعي وتأمل. في كل موقع من بانيان تري إلى فايف سنسِس سانكشواري يحمل المكان نبرته الخاصة، حيث تتحول الجبال المحيطة وسكون الصحراء إلى عناصر مشاركة في التجربة.

ولفهم روح البرنامج أكثر، تحدثت "هي" مع سارة الحجيلان، إحدى المدربات المشاركات، التي تجسّد من خلال تجربتها مفهوم العافية الذي يقوم عليه المهرجان، حيث تقول: "أنا مدرّسة يوغا وبيلاتس من الخبر، وقد جئت إلى مهرجان نبض العلا لتقديم جلسات اليوغا بمفهوم يهدف إلى إبقاء الجسد قويًا ومرنًا ومتوازنًا — ممارسة أؤمن بأنها ستفيد المشاركين في أنشطة المهرجان ذات الطابع الرياضي، مثل الجري أو تدريبات التحمّل."

مهرجان نبض العلا

ولأن الجلسات تُقام في الهواء الطلق، تصف الحجيلان الفرق بين التعليم داخل الاستوديو وممارسته في أحضان الطبيعة قائلة: "ما أحبه في التعليم في الهواء الطلق، بخلاف التعليم داخل الاستوديو، هو تلك الطاقة التي تحيط بك من كل جانب. السماء المفتوحة فوقك، الجبال التي تُؤطّر الأفق، والخُضرة التي تملأ المكان — يصعب ألّا تستمدّ منها إحساسك. سواء كانت الجلسات في وضح النهار تحت الشمس أو في لحظات المساء الهادئة، الأجواء تتبدّل كليًا وتمنح التجربة روحًا مختلفة."

لكن ما جعلني أرى المهرجان كتجربة رياضية متكاملة هو اتساع نطاقه وتنوّع برامجه التي تمتد من التأمل إلى التحديات البدنية. فبرنامج نبض العلا لا يكتفي بتجارب الهدوء والصفاء الذهني، بل يفتح المجال لرياضات التحمل التي تحفّز الطاقة وتختبر الإرادة. من "الدواثلون" الذي يجمع بين الجري وركوب الدراجات، إلى "نصف ماراثون العلا"، وصولًا إلى "سباق التحمل 24 ساعة" و"ترايثلون وادي عِشار"، كل سباق هنا يبدو امتدادًا لفلسفة واحدة: اختبار الذات في حضن الطبيعة.

وتوضح زينب يوسف، مديرة التسويق في رايس أرابيا، أن هذا التطور لم يقتصر على تنوع الأنشطة فحسب، بل شمل أيضًا تنامي الحضور النسائي، إذ تقول: "في السابق كان الحضور الرجالي طاغيًا على النسائي، لكن في السنوات الأخيرة لاحظنا تغيّرًا واضحًا؛ نسبة اشتراك النساء بدأت تقترب تدريجيًا من أرقام الرجال. لم نصل بعد إلى مرحلة التساوي أو التفوّق، لكن الإقبال النسائي مُلهم ومُشجّع للغاية."

في النهاية، لا يمكن النظر إلى مهرجان نبض العُلا كحدث رياضي فقط، بل كرحلة تُعيد التوازن بين القوة والسكينة، وتُعيدنا إلى أصل الفكرة: أن العافية ليست غاية نصلها، بل أسلوب حياة نمارسه في كل لحظة — تمامًا كما تفعل العُلا، حين تجعل الطبيعة نفسها تنبض بالحياة.