خاص "هي" رسالة مهرجان البحر الأحمر: محاربة الصحراء .. نجوم عالميون وإنتاج ضخم ومعارك درامية طاحنة!
أداء تمثيلي مبهر، صورة سينمائية جذابة، مواقع تصوير لافتة، لكن شيئا ما ينقص شريط "محاربة الصحراء" للمخرج روبرت وايات والذي عرض ضمن برنامج "روائع عالمية" بالدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي .
"محاربة الصحراء" هو أول فيلم عالمي بهذه الضخامة يُصوّر في مدينة نيوم السعودية بدعم من قطاع الصناعات الإعلامية في نيوم، بجانب تصوير مشاهد عدة في منطقة تبوك، تعاون إنتاجي هو الأول بين "استوديوهات MBC" وشركة "JB Pictures". جمع الفيلم في بطولته كوكبة من النجوم العالميين والعرب، أبرزهم: أنتوني ماكي، عايشة هارت، سير بن كينغسلي، شارلتو كوبلي، غسان مسعود، سامي بوعجيله، لميس عمار، جيزا روهريغ، وغيرهم؛ وكتب السيناريو كل من روبرت ويات، إيريكا بيني، ديفيد سيلف، وعرض للمرة الأولى في مهرجان زيوريخ السينمائي الدولي في سبتمبر الماضي فيما قالت تقارير صحفية أن كلفة الانتاج تجاوزت الـ 140 مليون دولار أمريكي .

النعمان الذي قال لا
الفيلم يحكي قصة مطارد "كسرى" ملك الفرس للنعمان بن المنذر وابنته هند، القصة التي تداولها العرب قرنا تلو الأخر، والتي وقعت في القرن السابع الميلادي، وجدت طريقها أخيرا إلى شاشة السينما، مدعمة بأسماء عالمية وإمكانات انتاجية غير مسبوقة، حيث ينطلق الشريط من استنجاد الملك نعمان ابن المنذر بقاطع طريق ليوصله مع ابنته هند إلى مضارب بني شيبان، لنعرف سريعا أن الرجل ملك معزول والبنت فتاة عربية هاربة من طلب إذعان، "كسري" كلما سمع عن فتاة جميلة طلبتها محظية لنفسه، والدور جاء على هند التي يحكم أبيها الحيرة بأرض العراق تحت رعاية كسرى نفسه، بالتالي الرفض كان معناه الخلع من العرش واستبداله بآخر موافق على طلبات الملك الساساني حتى لو كانت ضده قومه العرب .
لم يكتف كسرى بالخلع، بل طارد الفتاة وأبيها من موقع لأخر معتمدا على أقوى رجاله وأعنفهم، لكن بني شيبان يرفضون التسليم، والعرب المتفرقون يتحدوا، ليلتقى الطرفان في معركة ذي قار، التي تعد مشاهدها الأقوى في الفيلم على الإطلاق، ينتظر العرب الموحدون ويعود جيش كسرى مهزوما، وإن كانت المرويات تقول أن كسرى نفسه قاد الجيش بعد هزايم متتالية لقواده لكنه في الفيلم لم يخرج من القصر.

الأفضل غسان مسعود وسامي بوعجيلة
أفلام المعارك الحربية عادة ما تكون جذابة، وقصص هروب المرأة من الأسر لها وقع خاص، لكن "محاربة الصحراء" لم ينجح في النفاذ للقلوب، حيث اكتفى صناعه بالاهتمام فقط بتصميم المعارك، والتفاصيل التقنية والعبارات الحوارية الموحية، لكن دون أن نشعر بتقمص الممثلين للشخصيات اللهم إلا الممثلين العرب وخصوصا غسان مسعود "النعمان بن المنذر" وسامي بوعجيلة "هاني بني شيبان" فيما أجاد أنتوني ماكي في شخصية "قاطع الطريق" كون تفاصيل الشخصية قادرة على النجاح أيا كان موضوع الفيلم، حيث اللص صاحب المبادئ كون العدو واحد كما أكد لـ"هند" التي جسدتها "عائشة هارت" .

بدا الفيلم وكأنه "لعبة رقمية" عن الحرب، وكأن المشاهد يحتاج إلى "أذرع" البلاي استيشن ليتفاعل ويحرك الشخصيات، خصوصا المتفرج العربي الذي سيعاني أحيانا في فهم الأسماء خصوصا أسماء القبائل والمناطق، وهو ما يرجعنا إلى التجربتين الأبرز للمخرج السوري الراحل مصطفى العقاد، "عمر المختار" و"الرسالة" حيث نجح في الدمج بين نسختي صوت لشريط واحد، من يريد أن يشاهد أنتوني كوين وهو يتكلم بصوت عمر المختار سيفعل ومن يريد أن يشاهده لكن يستمع لصوت عبد الله غيث سيفعل، حدث هذا ولم تكن الأعمال المدبلجة قد وصلت لذروتها بعد، وتم ضبط التقنيات المتاحة وقتها بحيث لا يشعر المتفرج بأن الصوت لشخص آخر، في "محاربة الصحراء" هناك جدار واضح يحجز بين المتفرج العربي وشريط الصوت، فيما قد يختلف الأمر بالنسبة للمتفرج غير العربي الذي سيتعرف على واحدة من أشهر المعارك في الصحراء العربية، تلك المعركة التي استغل فيها العرب كل امكاناتهم المحدودة أصلا، واستفادوا من كونها على أرضهم حيث يعرفون كل حبة رمل، وقادرون على نصب الأفخاخ للعدو، فنجحوا في اسقاط "الفرس" وكسر "كسرى" وبقت "هند بنت النعمان" امرأة حرة كما قرر العرب.
