امير المصري

خاص "هي": "العملاق ".. قصة "نسيم حميد" الملهمة تفتتح مهرجان البحر الأحمر السينمائي

محمد عبد الرحمن
5 ديسمبر 2025

"سيكرهونك لأنك مختلف" ..عبارة ملهمة تتصدر النصف الأول من فيلم "العملاق" الذي اختارته إدارة مهرجان البحر الأحمر السينمائي ليكون فيلم افتتاح الدورة الخامسة (4- 13 ديسمبر 2025) ، المختلف المقصود هو الملاكم البريطاني من أصل يمني "نسيم حميد" فيما قائلها هو أسطورة تدريب الملاكمة في بريطانيا ريندان إينغل في سياق تأهيله النفسي للملاكم الموهوب منذ الصغر والذي سيهزم كل أقرانه على حلبات الملاكمة في أوروبا وأمريكا محققا أرقاما قياسية غير مسبوقة ومجدا لم يقلل منه اعتزاله المبكر وهو في الثامنة والعشرين من عمره. 

العنصرية في مواجهة الأمير

الشريط الذي يروي قصة صعود البرنس نسيم حميد نجم الملاكمة العالمي طوال حقبة التسعينات، ليس فيلما فقط عن ملاكم شهير واسم بارز في تاريخ هذه اللعبة العنيفة، وإنما هو فيلم عن انتصار كل ما هو مختلف واثق من نفسه، عن العنصرية التي تضرب المجتمعات الغربية، فرغم أن نسيم من مواليد شيلفيد بإنجلترا، لكن المجتمع هناك لم ينس أنه يمني الأصل، بل كانوا ينعتوه بالباكستاني طوال الوقت، حيث المعرفة القاصرة لا تدرك الفارق الجغرافي والثقافي بين اسلام أباد وصنعاء، فيما نجح هو بمساعدة مدربه في تحويل صيحات العنصرية إلى طاقة شحن بها لكماته القوية الموجهة إلى أجساد المنافسين.

ق

مصالحة لم تحدث

إذا كان الفيلم يبدو من خارجه متوقعا، حيث رحلة الصعود المعروفة لأي بطل شهير، ثم الانقلاب على مدربه، لكن المؤلف والمخرج البريطاني الهندي روان أثال تخطى تلك المعضلة بتقديمه فيلما عن العلاقة المعقدة دائما بين اللاعب والمدرب، فحميد نفسه تعود الفوز منذ الطفولة، ما يجعلنا كمتفرجين غير منتظرين لنتيجة أخرى على الشاشة بل كان عادة ما يحقق الفوز بالضربة القاضية (فعلها 31 مرة من أصل 36 انتصار) وهو ليس الملاكم الذي هُزم في البداية ثم حقق الانتصارات لاحقا، كل ذلك لم يحدث في سيرة نسيم حميد الرياضية، بالتالي اهتم المخرج أكثر بالكشف عن مكنون الشخصيتين، والعلاقة المرتبكة بينهما، وظهر ذلك جليا في مشهد ربما هو الوحيد المتخيل في الشريط، مشهد المصالحة التي لم تتم بين نسيم وإينغل وهو واحد من أهم مشاهد الفيلم والأبرع أداء لأمير المصري وبيرس بروسنان النجم الهوليودي البارز الذي تألق بشدة في هذا الشريط.

ب

من العملاق المقصود؟ 

الأداء البارع لبروسنان دفع بعض الكتابات النقدية الغربية للقول بأن الفيلم يدور حوله هو، مع تساؤل عن من يكون العملاق المقصود، هل هو المدرب أم نسيم، يعكس هذا الجدل الذي صاحب العرض الأول للفيلم في لندن قبل شهرين نجاح المخرج في الخروج بعيدا عن حلبة الملاكمة والتركيز أكثر على العلاقة بين الشخصيات وانتقاءه الحساس للعديد من العبارات الموحية التي تكشف تعارض الخلفيات الثقافية لعائلة نسيم من جهة والمدرب وعائلته من جهة أخرى ومن بينهما مجتمع حاولا الثنائي الصمود أمامه طويلا قبل أن ينفك وثاقهما إثر خلاف حول تقسيم الأرباح وهو الخلاف الذي بدأ 1998 قبل اعتزال حميد بأربع سنوات، واستمر حتى وفاة إينغل 2018 . 

ل

نسيم حميد وصل جدة 

إذا كان الحوار بطلا في هذا الفيلم، فزوايا التصوير وحجم اللقطات من العناصر المهمة كذلك، خصوصا طريقة تصوير المباريات التي لم تأخذ وقتها طويلا على الشاشة، فكان المهم عند روان إثال هو ما قبل المباراة وتوابعها لاحقا، غير أن الممثل المصري البريطاني أمير المصري بدا مستعدا تماما للتجربة من الناحية الجسدية والنفسية وكونه تربى في بريطانيا ساعده ذلك كثيرا على اتقان اللكنة الإنجليزية، واستفاد من تجارب سابقة في الوقوف بإحترافية أمام ممثل بحجم بروسنان. 

نسيم حميد الحقيقي حضر العرض في جدة التاريخية حيث افتتاح المهرجان، وأثنى على أداء أمير الذي اقترب من شخصيته بشدة، لكنه لم يتكلم بعد عن رأيه في الفيلم، وكيف قدمه وهل فعلا أعطى للمدرب المساحة الأكبر، كلها أسئلة ستدور كثيرا في الأسابيع المقبلة مع الطرح الجماهيري للشريط الذي من المنتظر أن يحقق إقبالا عربيا وليس فقط في إنجلترا كون حميد ظل لعقد كامل أيقونة عربية متألقة في أوروبا، فيما خرج فائزا من الحلبة مهرجان البحر الأحمر الذي أحسن بشدة اختيار فيلم الافتتاح لدورته الخامسة. 
ل