هدى المفتي في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير

عن شريهان وتمكين النساء ودروس الحضارة المصرية في التصميم.. 6 ملاحظات على افتتاح المتحف المصري القديم

حميدة أبوهميلة
2 نوفمبر 2025

قبل أيام امتلأ الإنترنت بصور مولدة بالذكاء الاصطناعي تعيد الجماهير لآلاف السنين إلى الوراء بالزي المصري القديم، وهو التريند الذي كان هوسًا تزامن مع التسريبات الأولى لتفصيل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، الصرح الفريد من نوعه المطل على الأهرامات بمحافظة الجيزة، ورغم كل الإبهار الذي صنعته صور الـ AI إلا أن الحالة الأصيلة والأصلية التي جسدها الحفل تفوقت على كل تلك المحاولات المصطنعة، فالتاريخ يصنع اليوم أيضا، ليأتي مزج التكنولوجيا مع العنصر البشري في لقطات الحفل خياليًا وأسطوريًا، بمشاهد لن تسقط من الذاكرة بسهولة، إضافة إلى مشهد آخر بدا معبرا وحانيا ويذكر الشعوب بأن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، وهو العزف الأوركسترالي في أنحاء كوكب الأرض بشكل متزامن، في تناغم وأناقة، من مصر إلى الولايات المتحدة، واليابان وفرنسا والبرازيل وأستراليا.


1 ـ احتفت قارات العالم بمعزوفة من أجل السلام، وتكامل النغمات صاحبه تكامل آخر كان ضروريًا وصنع الفرق خلال فقرات الأمسية الاستثنائية وهو الأزياء باعتبارها فلسفة وثقافة متأصلة في هويات الشعوب، حيث كانت العازفات والراقصات يرتدين الأبيض، بتصاميم موحدة مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة بإكسسوارات ذهبية، وتصاميم شديدة الأناقة، تذكر بأن إرث تلك الحضارة في عالم الأزياء والجمال لا يزال بحاجة إلى الاكتشاف مجددًا، وأن كل استلهامات المصممين مما دون على جدران المعابد كان مجرد قشور.
 

2 ـ رغم ذلك ثراء التصاميم الملكية والإكسسوارات والمكياج في حفل الافتتاح كان أحد أهم عناصر اللوحة الاستعراضية الغنائية السردية التي قُدمت عبر فقرات متعددة، لتحكي باختصار بعضًا من المجد، فيما كان الشعار هو وحدة العالم وتكامل الميراث الإنساني، لتكمل الصورة والهدف النهائي وهو دعوة السلام التي عبرت عنها المشاهد والأغنيات، وكأن العالم كان بحاجة إلى ذلك الحدث ليذكره بأن الأصل هو التكامل وأن الحضارة الحقيقية في الأساس هي التي تبحث عن المشترك الإنساني دون التنافر، وتمد جسورا لا تنقطع بين الماضي والمستقبل، وهنا جاء دور الإبهار البصري من ديكورات وقطع أثرية وإضاءة، وكان لافتًا النجاح في المحافظة على أن تكون الهوية الفرعونية حاضرة في كل لفتة.

سلمى أبو ضيف كما ظهرت في الحفل
سلمى أبو ضيف كما ظهرت في الحفل


3 ـ بالعودة إلى الأزياء باعتبارها رمز الانسجام والإبداع الذي تقع عليه العين أولًا وتساهم بشكل رئيسي في تحقيق الهدف البصري وهو سرقة الجماهير للعيش لبضع ساعات في فخامة الحضارة المصرية القديمة، فقد كان وراءها عدة أسماء بارزة في التصاميم والتنسيق  وبينهم نور عزازي، وفؤاد سركيس، ومي جلال، وخالد عزام، وقد خرجت ملابس نجمات مثل ياسمينا العبد وسلمى أبو ضيف وهدى المفتي، وفريدة عثمان بالإضافة إلى مئات الراقصين والممثلين شديدة الأناقة والأصالة وتعبر بصدق عن الحقبة التاريخية الفريدة في تاريخ كوكب الأرض.


4 ـ في حين تولت مرمر حليم تصميم فستان سيدة مصر الأولى، انتصار السيسي، بنقوش ورموز فرعونية ساحرة حيث كان مثالًا في الإتقان، ولم يخلُ فستان الملكة رانيا العبد أيضًا من اللمسة الفرعونية المتمثلة في الشنديت، حيث ارتدت فستانًا أحمر ميدي من DOLCE&GABBANA، كذلك اختارت الملكة ماري ملكة الدانمارك ، إطلالة متناغمة من الدانتيل من توقيع Zimmermann.

الملكة رانيا وسيدة مصر الأولى
الملكة رانيا وسيدة مصر الأولى

5 ـ ورغم أن مشاركة شريهان بحفل افتتاح المتحف المصري الكبير كانت خبرًا معروفًا من قبل، ولكن التوقع لم يمنع الدهشة والانبهار بظهورها الخاطف، وكأنها لم تغب أبدًا، وفي حين أن نجمة الفوازير الأولى اعتادت التواجد من وقت لآخر في أحداث متنوعة، إلا أن طلتها هذه المرة جاءت مرفقة بحركات استعراضية للمرة الأولى على الهواء منذ عقود ربما، إذ كانت أعمالها الأخيرة في هذا الصدد مصورة سلفًا، وكأنها قررت أن تمنح هذا الحدث شيئا عزيزا جدا.


شريهان لم تخذل جمهورها الذي يعرفها جيدًا، وحافظ فريق نقل الحفل على الهواء على الحفاظ على التفاصيل التي عُرفت بها، فقد شاركت أولًا بالتعليق الصوتي لتذكر المشاهد بحكايتها في الفوازير، ثم منح الجمهور لمحة أخرى تعبر عنها من خلال تصوير شعرها الطويل من الخلف، وهو مشهد تميزت به شريهان في الفوازير وفي مشاركاتها المسرحية المتعددة قبل سنوات.

إنها شريهان كما نعرفها لم تتغير، فقط الكثير من الزخم والمحبة، وتقدير الجمهور والحدث، فبعد مشاركتها في الأمسية، تحدثت باستفاضة وفخر عن اختيارها في مناسبة بهذا الحجم، وكشفت عن فستانها الذي صممه إيلي صعب، بروح فرعونية كاملة، بدءًا من النقوش التي تمثل الحضارة المصرية القديمة والتي استغرق تطريزها عشرات الساعات في إيطاليا وصولًا للون المستوحى من الحجر المصري الذي نُحتت منه التماثيل الصامدة.
كان واضحًا للغاية أن رؤية شريهان المعروفة بحسها وموهبتها في الموضة والتصميم وإن لم تحترف رسم الإطلالات، توافقت مع رؤية مصمم مبدع بحجم إيلي صعب، فظهرت إطلالتها وكأنها امرأة مصرية خرجت من جدران معبد أثري ضارب في القدم لتتحرك برقي وفن وذكاء.

شيرين طارق وفاطمة سعيد وياسمينا العبد في كواليس الحفل
شيرين طارق وفاطمة سعيد وياسمينا العبد في كواليس الحفل

6 ـ المايسترو ناير ناجي قائد الأوركسترا قدم ملحمة تليق بمسيرته، وكذلك الموسيقار هشام نزيه، لكن هذا لا يمنع أن الحضور النسائي بشكل عام كان طاغيًا، فيما بدا وكأنه استلهام آخر من إرث هذه الحضارة التي منحت النساء فرصًا كبيرة استغرق العالم آلاف السنين كي يدركها، ومن بين أبرز الأسماء المشاركة في الحدث الذي يدشن رسميا افتتاح بأكبر متحف لنوع واحد من الآثار بالعالم، المايسترو إيمان جندي، والسبرانو فاطمة سعيد، والممثلة والمطربة الأوبرالية شيرين طارق، والعازفتان مريم وأميرة أبو زهرة، والمطربة الشابة حنين الشاطر، كما زينت منى زكي الحدث بصوتها، إضافة إلى مئات المشاركات التي أكملت مشهد الافتتاح المهيب.