باميلا كيك في حوار مع هي

باميلا الكيك لـ "هي": مسلسل "آسر" محطة فارقة في مسيرتي.. وإطلالاتي تحمل توقيعي دومًا

نرمين حلمي
30 سبتمبر 2025

النجمة اللبنانية باميلا الكيك أيقونة عربية يصعب تكرارها أو تقليدها، نموذج إبداعي يغرد دومًا خارج السرب حتى أصبحت ظاهرة فنية وإنسانية وجمالية تستحق التوقف كثيرًا عند محطاتها.

فنانة متفردة وكاتبة تجمع بين معادلات صعبة وتناقضات نادرة؛ كالرقة والصلابة، الأناقة والإلهام، أنوثة وحكمة رصينة؛ إذ تمنحك ملامحها براءة الطفلة، والشابة ذات العنفوان ابنة كل بيت عربي، لكن سرعان ما تفاجئك بقوة امرأة تعرف كيف تنتزع مكانتها وتدير صورتها بوعي يليق بنجمات الصف الأول.

اختياراتها التمثيلية واعية، تحمل توقيعها وهوية خاصة بها، توجتها مؤخرًا ببطولتها للمسلسل الناجح "آسر" الأكثر تصدرًا للتريند ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة القليلة الماضية، وإلى جانب فنها بشاشة التلفزيون والسينما، فهي رمز للجمال والأناقة والإبداع، مدرسة في الذوق والجرأة والفرادة.

 "هي" تلتقي في حوار خاص مع النجمة المتألقة باميلا الكيك؛ تفتح قلبها وتضع شخصيتها "حياة" من مسلسل "آسر" في جولة تأملية ومباراة فكرية تقتنص بها معاني الحب الأبدي والانتقام وتحقيق الذات، فضلاً عن كشفها عن كواليس أبرز محطاتها الفنية الفارقة في حياتها وعلاقتها بالجمهور وفلسفتها في اختيار إطلالاتها ومجوهراتها.
 

باميلا كيك
باميلا كيك تكشف لـ هي عن محطات من مسيرتها الفنية

بداية..︎نجاح كبير لمسلسل "آسر" في الوطن العربي، وتصدره قوائم المشاهدة رقم (1) على المنصات الرقمية رغم انتهاء عرضه.. كيف ترين ذلك؟

سعيدة للغاية بالتفاعل الجماهيري الكبير، كذلك بتأثير الأدوار والموضوعات المتناولة حديثًا في الدراما التركية المعربة؛ وقدر القبول والنجاح الكبير الذي تحققه لدى الجمهور؛ مسلسل "آسر" يعد التجربة الثالثة لي بالدراما المٌعربة، أعتز بمشاركة النجاح مع أيقونات نجوم الدراما السورية واللبنانية، بعد المسلسل الاستثنائي "ع الحلوة والمرة" (2021) بطولة دانا مارديني، وجو طراد، ونيقولا معوض، وكارمن لبس ونخبة كبيرة من الممثلين المتميزين، والمسلسل الأخر "كريستال" (2023)، أحبه أيضًا بمشاركة نخبة كبيرة من النجوم؛ خالد شباط، وستيفاني عطا الله، ومحمود نصر.
 

باميلا كيك ونجاح كبير لمسلسل "آسر"
باميلا كيك ونجاح كبير لمسلسل "آسر"


 لكن مع النهاية الجدلية للمسلسل بموت "حياة" و"آسر/باسل خياط"، البعض تمنى وطالب عَبر صفحات السوشيال ميديا بوجود جزء ثانِ لمسلسل "آسر"..ما رأيك؟

صعب للغاية، هذا أمر يستحيل حدوثه؛ لأنه 90 حلقة المعروضين لمسلسل "آسر" هم وليدة الجزئين المختصرين في نسخة الدراما المُعربة.

 هل ترين أن النهاية الدرامية (المأساوية/الفراق) في الحب هي الأكثر تخليدًا عَبر تاريخ الدراما؟

الدراما تُعرف بـ "نقل الواقع" أي الواقع المرير أحيانًا والنهايات غير السعيدة، وبعض المسلسلات تنتهي بنهايات (سعيدة) أو نهايات مأساوية مع فرضية المجهول للمصير والقدرة على تصديقها، لكنني بصورة شخصية أرى المفاضلة تحدث بالمسار الذي تسلكه القصة الدرامية ذاتها؛ ومع "آسر" ونهايته التي تتفق مع النسخة التركية "إيزيل" أيضًا، اقتنعت كثيرًا بوجدانية القصة والخط الدرامي السوداوي الذي يسلكه نص السيناريو، فضلاً عن المعلومات الدرامية الذكية التي يقتنصها المشاهدون في أثناء متابعة الحلقات كاملة، كذلك اكتساب الكثير من تفاصيل حِكم "الخال رستم/ عباس النوري" ذي التشبيهات والصور البليغة، في أثناء ربط الخطوط الدرامية الفلسفية الثرية ضمن سياق الأحداث، رغم اجتناب البعض للفلسفة بالحياة لكنني أراها الأصل في كل شئ.

كيف ترى كباميلا الكيك النهاية الدرامية والمأساوية
كيف تفضل باميلا الكيك النهاية الدرامية؟

"حياة" شخصية قوية (العقل المدبر للخطة)، ونرى ذلك في أفعالها وسط تطور الشخصية دراميًا، بداية من محاولات تأقلمها مع ضياع قصة حبها الأول، مرورًا بسعيها للحفاظ على شقيقتها وعائلتها من التشتت على حساب رغباتها الشخصية، وصولاً بمطالباتها لحقوقها واعترافها "لراغب/خالد القش" بوجود شخص آخر في حياتها وصولاً بلحظات يأس لانتحارها.. هذه التركيبة النسائية ليست مستساغة بالدراما العربية؛ تلك التي تطور من الصمت للمواجهة بجرأة، كيف توصلتِ لهذا البناء القوي للشخصية الدرامية النسائية؟

تشخيص دقيق .. حقًا "حياة" قوية وعاجزة؛ تستخرج قوتها من ضعفها، تضحي كثيرًا في سبيل راحة شقيقتها "ناي/زينة مكي"، ولكنها تتأقلم مع حياتها و"راغب"، بوجه (Make-Up) جاد جاف؛ يكسو وجهها مستحضرات تجميلية تكشف حالتها؛ تميل إلى درجات اللون الرمادي وكأنها درجات لوحات الزجاج، إلى أن يعود إلى حياتها "آسر" ويُزهرها مجددًا، رغم تشتتها لكنها تحاول التركيز على ابنها وشقيقتها أهم عنصرين بحياتها، أمًا التوصل لهذا البناء الدرامي فهو وليدة موهبة ربانية صدقًا، أي 50 بالمائة، و50 بالمائة أخرى خبرة بالحياة وواقعيتها؛ أي إنني أعرف الكثيرين مثل "حياة"، الذين يعيشون عالقين بكذبة من الماضي؛ مع اختلافها سواء بعلاقة عاطفية سابقة أو بأي شئ من ممتلكات الحياة، كما أنني قرأت تعليقات كثيرة من الجمهور، بعد عرض المسلسل،  معبرين عن قرب شخصية "حياة" لهم تشبههم. "حياة" تطلبت أن أكون امرأة وافية لحبها، ومطعونة من والدها الذي خدعها وقرارها وتسبب في سجن حبيبها طوال العمر، ومغلوبة على أمرها وفقًا لحكيها عن شعورها بالوحدة لخالتها.

باميلا الكيك
باميلا الكيك بطلة مسلسل اسر

 

إذًا.. هل التقمص والتجسيد "لحياة" في مسلسل "آسر" وفقًا للمرجع الأصلي بالرواية "الكونت دي مونت كريستو" أو النسخة التركية "إيزيل"؟

لا.. لم أقرأ الرواية ولم أشاهد النسخة التركية أيضًا، الحقيقة إنني أفضل تشخيصها بالإمضاء والانطباع الخاص بي، كما أنني أضافت لمسات خاصة على التركيبة النفسية للشخصية الدرامية ذاتها؛ تختلف عن مثيلتها في النسخة التركية؛ أي إنها في "آسر" تكتسب الشر مع والدها، على عكس "إيزيل" فشرها تكتسبه من والدها، وهذا التباين القوي بين الشخيصتين يظهر بالتدريج في الفروقات الواضحة لشخصيتها وتطورها بين سلوكها بعمر المراهقة وأفعالها كامرأة ناضجة؛ "فحياة" تظل محافظة على طيبتها، لذلك تتأثر بشدة برغبات شقيقتها، شخصية "حياة" في النسخة التركية وصفوها "كالحية" لكن في النسخة المُعربة كانت تابعة لشقيقتها.

باميلا كيك لم تشاهد النسخة التركية "إيزيل"
باميلا كيك لم تشاهد النسخة التركية "إيزيل"

بعد رحلة تصوير شاقة وكواليس صعبة، ︎لو باميلا الكيك ستقابل "حياة" كأنها إنسانة حقيقية، ماذا تقولين لها؟ أو ما السؤال الذي توجهينه لها؟

أحب أقولها أنتِ شخصية جبارة، وتخوضين أحاسيس معقدة ولا يمكن إدراكها للبشر حتى لو تتعمقين في تفسيرها، أحترم كثيرًا الجملة التي قالتها وأقرتها؛ "إنها لا تغير شيئًا بحياتها، وتتخذ نفس القرارات لو عاد بها الزمن"، فالحياة علمتها ومَن لا يتألم فلا يتعلم؛ أنتِ امرأة استثنائية تدافعين عن ابنك وشقيقتك وكل أحبائك رغم قسوتهم؛ فهي اعترفت لوالدها أنها ستظل تحبه حتى ولو كان أسوأ أب في الدنيا، أمًا السؤال الذي أوجه لها (كباميلا) مشاكسة لخيالها ويقينها: "الآن أنتِ تنفذين قرارك برغبتك؛ هل ترينه محققًا وفقًا لإرادتك أم هو قدر مكتوب ومحسوم عليكِ تقبله؟".. رغم أنني أعرف الإجابة؛ (كحياة) سأجيبك بلطفِ: "إنها مشقة مستحقة لأنني ما أقدر أعيش بدون حبيبي وما قدرت أكون معه تحت على الأرض لكننا قدرنا نتجمع عند الله."

النجمة اللبنانية باميلا كيك
النجمة اللبنانية باميلا كيك

أيضًا بعد خوضك تجربة "حياة" الصعبة بين مشاعر الحب المؤلم أو غير المكتمل، كذلك إيمان "حياة" بقوة الحب الروحي خاصة وأنها عادت لتشعر بنفس مشاعر الحب مع "آسر" والتي كانت وجدتها مع "مجد"، رغم عدم إدراكها أنه الشخص نفسه.. فإلى أي مدى دفعتك "حياة" لتعيدين النظر (كباميلا الكيك) في مفهومك للحب؟

الحقيقة أنه (كباميلا الكيك) مفهومي للحب يحتاج، إن جاز التعبير، لأحاديث مطولة للغاية بعدة حلقات ومجلات ولقاءات للتفسير عنه؛ أرى الحب قوة ولا مرة يكون ضعفًا. رغم عدم إدراك "حياة" إنه "مجد" هو "آسر" نفسه لكنها كانت تمتلك صوتًا داخليًا يدلها أن هذه هي قرنيته عيونه وهذه روحه؛ والروح لا تكذب أبدًا، لكن "حياة" لا تدفعني لإعادة النظر في مفهومي للحب؛ لأنني كباميلا الكيك أؤمن دومًا بالمكتوب والقسمة والنصيب؛ على يقين بأنني سأشعر بقوة بما يرسمه لي الله.

نرى 4 وجوه لشخصية "حياة" ما بين كونها نقطة الضعف ومفتاح الانتقام؛ تختلف بين الحبيبة والابنة والأم والزوجة، أي لحظة (أو مرحلة) في المسلسل تشعرين بها إنك "انكشفتِ" كامرأة؟

اختصرتها بهذا الاختلاف الذي كان صعبًا كثيرًا في الأداء؛ أي إنني يجب أن أعطي الحبيبة والابنة والأم والأخت والصديقة المتكتمة عن انتقام وكذبة كبيرة لأكثر من 14 عامًا، تعدد الوجوه لدرجة أصعب من وجهي شخصية "عليا كرم" في مسلسل "كريستال"، هنا تلعب لسبعة وجوه كلاً على نفس القدر بالتوازي؛ أمًا أكثر لحظة شعرت بالانكشاف كامرأة وقتما وُجدت مع "آسر" أو مع نفسها بمفردها؛ مثل حكيها مع حالها أمام المرآة وملاحظاتها لنفسها وتعبيرها عنها بالملامح والأداء مباشرة بلغة Body Language؛ حتى إن صمتها كان مدويًا مسموعًا.

نعرف عنك حبك لاختيار أزيائك وتفاصيل إطلالاتك بأعمالك الفنية، هل تكررين الأمر نفسه للستايل الخاص بك مع "حياة" في مسلسل "آسر"؟ 

هذه حقيقة منذ بدأت مسيرتي الفنية في عمر 18 عامًا، شغوفة بتوقيع بصمتي الخاصة بكل مسلسل أو مقابلة صحفية أو لقاء تلفزيوني أو مسرحي أو بالشارع أو المهرجانات؛ كذلك كل شخصية درامية أفضل رسم إطلالتها من أزياء ومجوهرات بحسب مكنونها؛ بذل المجهود والاختيار بعناية دومًا ما يكونان رفيقي النجاح وهذا ما اتبعه في كل أعمالي من قبل التواصل والتعاون مع فريق MBC المحترف أيضًا خلف الكاميرا في مسلسل "آسر".

باميلا كيك شغوفة بتوقيع بصمتها الخاصة بكل مسلسل
باميلا كيك شغوفة بتوقيع بصمتها الخاصة بكل مسلسل

حقًا أنتِ أيقونة في عالم الموضة والجمال ودومًا ما تجذبين الأنظار عالميًا وعربيًا بإطلالتك المبتكرة في الأزياء، إذًا، ما فلسفة باميلا الكيك تجاه إطلالاتها؟

  أحب أن أختار ما يشبهني وحالي ومرحلتي والظرف المتواجدة به، وأشبه المكان الذي أتوجه إليه؛ سواء كان في السعودية أو الكويت أو سوريا أو قطر أو أي دولة؛ هكذا يحدث كما اختارت فستان Joy Awards الأخضر على الطراز الملكي المستوحى من علم السعودية، كذلك إطلالة فستان الكوفية الفلسطينية بمهرجان بياف مؤخرًا، كذلك ارتداء القفطان الجزائري وقتما وُجدت بالجزائر.

بعد انتهاء فترة التصوير المرهقة لمسلسل "آسر" .. كيف تفضلين قضاء عطلتك الصيفية؟

تأثرت كثيرًا بشخصية "حياة" جسديًا ونفسيًا، لما بعد انتهاء التصوير، رغم أنني لم أخذ معي الشخصية بالمنزل كما يظن البعض؛ قرابة 3 أشهر، وهي الأقصر بعمري 37 عامًا؛ كنت أحاول الخروج من هذه الحالة ولم أخبر بها أحدًا؛ أرهقتني كثيرًا رغم أنني شخصية   Productive تميل إلى الإنتاجية والقيام بالأنشطة الجديدة يوميًا، لكنني عانيت منها فترة نفسيًا؛ فعقل الإنسان يصدق المعلومة حين يتحدث معها مع نفسه، فما بالك بمعاشرة "حياة" بسوداويتها لعام كامل، حتى انتهت هذه الحالة بحمد الله منذ أيام قليلة في أقل من شهر.

باميلا كيك تأثرت نفسيا بشخصية "حياة"
باميلا كيك تأثرت نفسيا بشخصية "حياة"

دعينا ننتقل للحديث عن باميلا الكيك المؤلفة، التي تغرم بالفلسفة والإنسانية، ووسط أصداء انتظارنا لكتابك الثاني وتأثرنا بالمقطع الإنساني الفلسفي القوي الذي انتشر منه عَبر حسابك الرسمي على تطبيق "إنستجرام" السوشيال ميديا.. كيف ترين نفسك بين باميلا الممثلة وباميلا الكاتبة؟ هل تجدين نفسك بين صراع أو تحدِ أم حالة تكامل؟

لا أشبع أبدًا من التمثيل؛ تجمعني به حالة عشق متكاملة وستظل "باميلا" ممثلة لآخر العمر؛ لكنني أتشوق للكتابة أيضًا من حين لأخر، لأن دراستي متخصصة بالإخراج السينمائي. بين "باميلا" الكاتبة والفنانة حالة تكامل حقًا، وتحديًا بكل تأكيد، لكنه ليس صراعًا، هويتي الفنية تتنوع وتمتد وتكتمل كقطع "لعبة البازل" من التمثيل للرقص والغناء للكتابة والتأليف؛ طالما تمتلكين أفكارًا هادفة وقوية لا تترددين في تقديمها للعالم.

باميلا كيك تأثرت نفسيا بشخصية "حياة"
علي كاكولي يشيد بالنجمة باميلا كيك

في حوارنا الخاص في مجلة "هي" مع الفنان الكويتي علي كاكولي، ذكر اسمك كأفضل وأهم النجمات العرب الذي يحرص على متابعة أعمالها باستمرار، وجهي له رسالة من خلالنا، ماذا تقولين له؟

لي الشرف أن أتعاون معه بمسلسل درامي جديد بين الكويت ولبنان.

أخيرًا.. لو عندك فرصة ترسلين رسالة لإحدى شخصياتك الدرامية، أي شخصية تختارين؟ وماذا تقولين لها؟

اختار "عليا كرم" من مسلسل "كريستال"؛ وأقولها  مبروك من قلبي، برافو، ترفعين لي رأسي في كل مكان أتواجد به يعلو اسمك مزدهرًا؛ توجت لي مسيرتي الفنية بإمضاء عربي؛ جعلني فنانة عربية شاملة وليس لبنانية فحسب؛ وأضاء صورة لبنان والفن اللبناني في سماء نجوم العرب والعالم.