
فيلم "The Roses".. حرب آل روز والكوميديا الذابلة!
تخيل فيلمًا يمزج بين قسوة الطلاق في فيلم Marriage Story ومرح حرب المنزل في فيلم Home Alone؛ هذه تقريبًا فكرة فيلم The Roses "آل روز"، الذي يُعيد إحياء قصة الطلاق الشريرة التي قدمتها هوليوود في الثمانينيات، تحت عنوان The War of the Roses "حرب آل روز"، إخراج داني ديفيتو وبطولة مايكل دوغلاس وكاثلين تيرنر. الفيلم الجديد، إخراج جاي روتش، مخرج أعمال كوميدية بارزة في حقبة نهاية التسعينيات وبدايات الألفية الجديدة، مثل Austin Powers وMeet the Parents، يجمع روتش بين بنديكت كمبرباتش وأوليفيا كولمان كزوجين يتحولان من عاشقين إلى أعداء في حرب طلاق لا ترحم.
كابوس منزل الأحلام
الفيلم مقتبس من رواية كتبها وارن أدلر عام 1981، وتستكشف النسخة الجديدة كيف يمكن أن تتحول الحب إلى ساحة قتال، مع لمسة معاصرة تعكس التوترات الاجتماعية الحديثة. الافتتاحية، التي تبدأ بمشهد زفاف مثالي، تخدع المشاهد قبل أن تغرقه في دوامة من السخرية والألم، حيث يُظهر المنزل الذي كان رمزًا للحلم الأسري وجهًا آخر مظلمًا.

الحبكة في The Roses تنطلق بزوجين مثاليين، ثيو (كمبرباتش) وإيفي (كولمان)، يعيشان حياة فاخرة في منزل أحلامهما، لكن سرعان ما يتحولان إلى أعداء شرسين عندما يقرران الطلاق. القصة تتبع صراعهما الدموي على المنزل، الذي يتحول إلى ساحة حرب مشحونة بالفخاخ والمكائد، من السموم إلى التلاعب بالأطفال. هذا النهج غير الخطي، الذي يتقاطع بين ذكريات الماضي والحاضر، يبني التوتر تدريجيًا، مستوحى من الرواية الأصلية لأدلر، التي كانت استكشافًا لكيفية تدهور علاقة زوجية ناجحة إلى كراهية متطرفة، لكن مع لمسة كوميدية سوداء تعكس الواقع الاجتماعي المعقد.
من العناصر البارزة في حبكة الفيلم، يبرز النقد الحاد للزواج الحديث، حيث يصبح منزل الزوجية رمزًا للأنانية والطمع، والمعرفة العميقة بالآخر مصدرًا للسخرية والتحقير، وهو ما يميز الفيلم عن أعمال الكوميديا الرومانسية التقليدية. على سبيل المثال، مشهد يجمع بين الزوجين في محكمة، حيث يتحول النقاش إلى تبادل اتهامات مضحكة ومؤلمة، يبرز هذا التباين بذكاء، مما يجعل القصة تتجاوز حدود الكوميديا لتصبح تأملًا عميقًا في كيف يتحول الحب والتفاهم إلى حرب تستغل فيها كل طرف نقاط ضعف الآخر.

أشواك الوردة!
يستخدم روتش هذه الحبكة لاستكشاف فلسفة الطلاق كامتداد للصراع الإنساني، حيث كل طرف من "آل روز" يعكس ضعفًا داخليًا، يستغله الطرف الأخر في التشهير، في إسقاط على واقع المجتمعات المعاصرة المليئة بالانقسامات العاطفية.
يعتمد السيناريو على التويستات العاطفية، التي تبدو أحيانًا متوقعة وغير مدعومة ببناء درامي قوي، خاصة في النصف الثاني حيث تتراكم الإكتشافات بسرعة تجعلها تبدو عشوائية. يفقد الفيلم بعض مصداقيته بسبب هذه السرعة، رغم أنها تضيف بعض الديناميكية التي تجعل الفيلم ممتعًا لجمهور يبحث عن الإثارة العاطفية. فلسفيًا، يحاول الفيلم استكشاف كيف يتحول الحب من رابطة إلى سلسلة من "الورود الدامية"، لكنه يفشل في تعميق هذه الفكرة، مما يجعل الحبكة تبدو سطحية في بعض الجوانب.

فيلم 1989، الذي كان يركز على الكوميديا السوداء مع لمسات درامية قوية من دوجلاس وتيرنر، بينما يقدم The Roses نسخة أكثر أناقة وفلسفية، حيث يعمق روتش الصراع العاطفي باستخدام زمن غير خطي يتقاطع مع الرواية الأصلية لأدلر، التي كانت تركز على الطمع كمحرك للكره. في الرواية، كان المنزل رمزًا للانهيار الزوجي، لكن فيلم 1989 أضاف لمسات كوميدية بدنية مثل سقوط الثريا، بينما النسخة الجديدة تُضيف بعداً اجتماعيًا معاصرًا، مثل نقد الطبقية في العلاقات، مما يجعلها أكثر ارتباطًا بقضايا اليوم مثل الطلاق في عصر الثراء السريع.

بين الصعود والهبوط!
يعمل ثيو كمهندس معماري مرموق، بينما تصنع إيفي الطعام كطاهية مغمورة، هو يبني أشياء نراها، وهي تصنع أشياء ملموسة، يجمعهما حب النظرة الأولى وتفاهم سحري، لكن في الوقت الذي تنهار سمعة ثيو الوظيفية بسبب خطأ مهني فادح، تعلو أسهم مطعم إيفي بفضل ريفيو ناقدة مشهورة على السوشيال ميديا؛ الصعود والهبوط يحدثان في آن واحد، يلتقي الإثنان في نقطة ما، هو أثناء الهبوط الحر، وهي أثناء التحليق نحو الشهرة، في تلك اللحظة تنشرخ علاقتهما، ويبادرا بكل عنف إلى تحطيمها بكل قسوة. هذا التناقض يشعل شرارة الصراع، حيث يتحول التوازن المهني إلى حرب عاطفية لا هوادة فيها.

الفيلم الجديد يحافظ على روح الرواية في تصوير عملية الطلاق كحرب، لكنه يتفوق في تعميق الشخصيات مقارنة بفيلم 1989 الذي كان أكثر تركيزًا على الكوميديا الجسدية. على سبيل المثال، مشهد السموم في النسخة الجديدة يصبح استعارة للكراهية المتراكمة، بينما في 1989 كان مجرد لحظة مضحكة. لكن الخلل الذي يعاني منه الفيلم الحديث هو فقدان لمسات السخرية الجريئة، مما يجعل النسخة الجديدة تبدو أكثر خفة، رغم أنها تعكس روح رواية أدلر في نقد المادية.
النسخة الجديدة من الفيلم تستفيد من كمبرباتش وكولمان لإضافة بعداً نفسيًا أعمق، مما يجعلها أقرب إلى دراما اجتماعية. ومع ذلك، نهاية الرواية الأصلية كانت أكثر سوداوية، بينما نهاية الفيلم الجديد أقل حدة لتناسب جمهور 2025.

بصريات الانهيار والدمار الجميل
الفيلم يتأرجح أحيانًا في الاعتماد على نكات عاطفية مفرطة البذائة في بعض المشاهد، حيث تحاول الكوميديا أن تجمع بين السخرية الحادة والمرارة العميقة، لكنها تفقد زخمها في النهاية بسبب التكرار وسطحية البذائة، مما يجعل الفيلم، الذي يتوهج بنور ساطع في بداياته، يخفت تأثيره تدريجيًا مع تقدم الأحداث، كأنما يعكس الانهيار التدريجي لعلاقة الزوجين نفسه.
يبرز التصوير السينمائي كعنصر أساسي في جاذبية ونجاح الفيلم، حيث يستغل مدير التصوير ستيفن إتش بوروم المناظر الداخلية للمنزل ببراعة لإبراز التباين العاطفي، مستخدمًا إضاءة قاتمة تُعزز الرعب النفسي وتُحيط المشاهد بلمسة من الغموض. الموسيقى التصويرية لدانيال بيمبرتون تضيف طبقة من التوتر عبر نغمات منخفضة، خاصة في مشاهد المكائد التي تتصاعد فيها الصراعات، مما يخلق تناغمًا صوتيًا يعزز من جو الدمار الجميل. المؤثرات البصرية، المستخدمة في تصميم المخاطر المنزلية، تتميز ببساطتها المقصودة، فهي جيدة وغير مبالغ فيها، مما يمنح الكوميديا طابعًا واقعيًا، على عكس فيلم 1989 الذي اعتمد بكثافة على المؤثرات البدنية لتسليط الضوء على الصراعات الثنائية بين الزوجين.

التصوير يحول الفيلم إلى تجربة بصرية ممتعة ومؤثرة، حيث تعكس الديكورات التباين العاطفي ببراعة، كما في تحول المنزل الفاخر إلى ساحة حرب، مما يضيف عمقًا بصريًا يدعم التطور الدرامي للقصة. من بين المزايا، يتميز الاندماج السلس بين الجماليات الفنية والتوتر الدرامي، مما يعكس فلسفة الفيلم في تصوير الطلاق كشكل من أشكال الدمار الجميل، حيث تتجلى الجمالية في تفاصيل الانهيار نفسه، كأن كل شق في المنزل يروي قصة من قصص الكراهية المتراكمة.
تقلبات سردية وعاطفية
في سياق السينما الحديثة، يمثل The Roses محاولة جريئة ومبتكرة من روتش لاستكشاف زاوية جديدة في الكوميديا السوداء، مستفيدًا من خبراته الغنية في أعماله السابقة ليصنع قصة متعددة الطبقات تعكس فلسفة الطلاق كأحد أوجه الصراع العاطفي العميق بين الرجل والمرأة، مستلهمةً من ديناميكيات المجتمع المعاصر. تكمن المزايا في التعليقات الحادة والمباشرة على مؤسسة الزواج، مدعومة بأداءات قوية استثنائية من الثنائي كمبرباتش وكولمان، اللذين منحا الشخصيات حيوية نابضة وجاذبية مدهشة، مما عزز تصوير التقلبات المذهلة بين الحب والكراهية في علاقتهما، وأضاف أبعادًا نفسية غنية. لكن العيوب تظهر بوضوح في التعقيد العاطفي المفرط، حيث يصبح السرد غير متماسك في بعض اللحظات، مما يخلق فجوات في الانسجام الدرامي، بينما تبرز الكيمياء الساحرة بين كمبرباتش وكولمان كأبرز عناصر الفيلم، في حين تأتي النهاية الضعيفة كأبرز نقاط الضعف التي تخمد التأثير العام.

يقدم فيلم The Roses رؤية فريدة ومميزة للكوميديا السوداء، حيث تعكس حبكته فلسفة الطلاق كصراع إنساني معقد، مدعومًا بإخراج جريء يتحدى التوقعات وعناصر فنية جذابة تُعزز مكانته في سينما 2025، رغم أن عيوب السرد تُقلل من تأثيره الشامل وتترك انطباعًا غير مكتمل. مقارنة بأعمال روتش السابقة، يشكل هذا الفيلم خطوة متقدمة وواعدة، لكنه كان بحاجة إلى توازن أفضل في الهيكلة ليحظى بمكانة استثنائية بين الأفلام الكلاسيكية. لعشاق الكوميديا السوداء، يُعد تجربة ممتعة ومشوقة، لكن عند النظر بتأمل عميق إلى عناصره، يبقى عملًا يفتقر إلى التلاحم الكامل، مما يدعو إلى نقاش حول قدرته على استكمال رؤيته الفلسفية.
الصور من حساب الشركة المنتجة Searchlight Pictures.