
فيلم "Weapons .. أسلحة الظلام: رؤية جريئة للرعب الفني والصراع الاجتماعي
في عام 2025، يعود زاك كريجر، مخرج فيلم الرعب النفسي "Barbarian"، بعمل جديد يدعى "أسلحة" "Weapons"، فيلم رعب وغموض يمزج بين التشويق والكوميديا السوداء بطريقة تجعل الخط الفاصل بين الواقع والكابوس غير محدد تمامًا. القصة تبدأ في بلدة صغيرة في كولورادو، حيث يختفي 17 طفل من فصل دراسي واحد في نفس الليلة؛ ما عدا تلميذ واحد ومعلمة الفصل الشابة، مما يشعل فوضى من الفزع والشكوك والصراعات الطبقية. وهذا الغموض يتكشف من خلال بداية الفيلم، التي تبدو كلوحة فنية هادئة لمناظر جبلية، تخدع المشاهد قبل أن تغرقه في دوامة من الغموض؛ وتجذبه إلى أعماق تحمل أفكارًا فلسفية حول الأسلحة كرموز للعنف والانقسام الاجتماعي.
الأسلحة وجروح المجتمع
الحبكة في "أسلحة" تبدأ باختفاء التلاميذ، حيث يتبع الفيلم مسارات متعددة غير خطية لتكشف عن صراع طبقي عميق بين سكان البلدة الأثرياء والفقراء. القصة مقسمة إلى فصول تتداخل، كل منها يركز على شخصية مختلفة، مثل والد طالب مفقود (جوش برولين) الذي يتحول إلى محقق، أو المعلمة الشابة جوستين (جوليا جارنر) تكشف أسرارًا مظلمة عن ماضي البلدة. هذا النهج غير الخطي يضيف طبقة من التشويق ويجعل سرد الواقعة بعيون مختلفة أكثر غموضًا وإرباكًا؛ وهذا يبني التوتر تدريجيًا؛ لكن مع لمسة رعب نفسية تعتمد على الأسلحة كرمز للانقسام، حيث يصبح كل سلاح - سواء كان مسدسًا أو سكينًا - تعبيرًا عن الغضب الاجتماعي المكبوت.

هذا النهج يمهد لحبكة تقدم نقدًا اجتماعيًا حادًا يركز على الصراع الطبقي؛ حيث يصبح الاختفاء رمزًا للانقسامات الاجتماعية في أمريكا، وهو ما يميز الفيلم عن أفلام الرعب النمطية، التي تركز على الرعب الشخصي دون بعد اجتماعي. على سبيل المثال، مشهد يجمع بين شخصيات من طبقات مختلفة في مواجهة الشر، حيث يتصارع الفقراء بأسلحة بدائية والأثرياء بتكنولوجيا متطورة، يبرز هذا التباين بذكاء، مما يجعل القصة أكثر من مجرد رعب، بل تأمل في كيف تتحول الأسلحة العادية إلى أدوات للثورة الاجتماعية. كريجر يستخدم هذه الحبكة لاستكشاف فلسفة الأسلحة كامتداد للإنسان، حيث كل سلاح يعكس ضعفًا داخليًا، في إسقاط على واقع أمريكا المعاصرة المليئة بالانقسامات الاقتصادية والاجتماعية.

أداءات الرعب والكوميديا السوداء
التمثيل في "أسلحة" يمثل قوة حقيقية، حيث يجمع فريقًا متنوعًا يبرز التباين الطبقي في القصة، مما يعكس فلسفة كريجر في استخدام الأداء كأداة لتسليط الضوء على الانقسامات الاجتماعية. جوش برولين، كوالد غاضب من الطبقة العاملة، يقدم أداءً يمزج بين الغضب والفكاهة السوداء؛ مما يذكر بأدائه في "No Country for Old Men"؛ لكنه هنا يضيف لمسة كوميدية تجعل شخصيته أكثر جاذبية؛ جوليا جارنر، كمعلمة شابة، تبرز بتعبيراتها الدقيقة التي تعكس الصراع الداخلي، خاصة في مشاهد الرعب النفسي؛ حيث تتحول من ضحية إلى بطلة بسلاسة؛ مستوحاة من دورها في "Ozark" لكن مع عمق أكبر يجعلها تبدو كأداة لاستكشاف كيف تتحول الأسلحة إلى رموز للقوة الشخصية.
أما ألديس هودج، في دور محقق، فيضيف عمقًا عاطفيًا يعزز من الجانب الدرامي، رغم أن دوره يبدو أحيانًا محدودًا، مما يعكس فلسفة الفيلم في أن الأسلحة ليست جسدية فقط بل نفسية أيضًا. وهذا الأداء يدعم يعزز من فكرة الفيلم عن الأسلحة كأدوات للصراع الجيلي.
بعض الشخصيات الثانوية تبدو سطحية وغير متطورة، مثل صديق الطالب المفقود الذي يظهر بشكل عابر؛ مما يقلل من التأثير العاطفي في النهاية، وهذا الضعف يظهر كما لو كان التركيز على التويستات أكثر من البناء الشخصي؛ وهو ضعف يذكر ببعض أفلام الرعب الحديثة التي تفشل في تعميق الشخصيات.

رؤية كريجر عن الفوضى
زاك كريجر، بعد نجاح فيلمه السابق "Barbarian"، يثبت في "Weapons" قدرته على المزج بين الرعب والكوميديا بأسلوب غير خطي جذاب. الإخراج يعتمد على تقطيع سريع وكاميرا متحركة تجعل مشاهد الرعب أكثر توترًا؛ مثل تلك التي تتبع شخصية في الغابة؛ حيث يبني التشويق عبر الزوايا الغريبة. هذا الأسلوب يعزز من الجو الكلاسيكي للرعب، مع لمسات حديثة، حيث يصبح كل سلاح أداة لاستكشاف الصراع الداخلي للشخصية.
هذا النهج يبرز جرأة كريجر في استخدام الزمن غير الخطي لكشف الأسرار تدريجيًا، مما يعكس رؤيته في تحويل الفوضى المادية إلى مرآة للصراعات الداخلية؛ تجعل المشاهد يشعر بالمشاركة في الغموض؛ لكن العيب يكمن في الفوضى الدرامية التي تنشأ من هذا النهج، حيث يصبح الفيلم معقدًا جدًا في بعض اللحظات، مما يفقد الحبكة التوازن مقارنة بأفلام مثل "Get Out" التي نجحت حبكتها في الجمع بين الرعب والنقد دون إرباك، خاصة في مشاهد تستخدم الأسلحة كعناصر نفسية. النهاية، التي تحاول ربط كل الخيوط، تبدو متسرعة، مما يعكس ربما ضغط الإنتاج.

الصورة والمؤثرات
العناصر الفنية في "أسلحة" تبدأ بتصوير سينمائي رائع لمدير التصوير لاركين سيبل، الذي يستغل المناظر الطبيعية لإبراز التباين الطبقي، مع إضاءة قاتمة تعزز الرعب النفسي. الموسيقى التصويرية، زاك كريجر بمشاركة الشقيقين ريان وهايز هولاداي، تضيف توترًا من خلال نغمات منخفضة متوترة، خاصة في مشاهد المطاردة، حيث تصبح أصوات الأسلحة جزءًا من الإيقاع الصوتي. المؤثرات البصرية، المستخدمة في تشكيل المخلوقات أو التأثيرات، رغم افتقارها للابتكار؛ إلا أنها جيدة وغير مفرطة؛ مما يجعل الرعب أكثر واقعية مقارنة بأفلام معروفة مثل "The Conjuring" التي تعتمد على الرعب الخارق، البعيد عن التعقيدات الاجتماعية، ويعزز فكرة الفيلم عن الأسلحة كأدوات للدمار الاجتماعي.
هذا الاندماج الفني يبرز التصوير ويجعل الفيلم تجربة بصرية ممتعة بشكل عام، الديكورات تعكس التباين الاجتماعي، مثل المنازل الفاخرة مقابل الأحياء الفقيرة، كما تضيف عمقًا بصريًا يدعم القصة والشخصيات؛ وهذا النسيج يخلق نسيجًا بصريًا وسمعيًا يعكس تعقيد الصراع الطبقي الاجتماعي بأناقة سينمائية؛ معززًا الشعور بالتوتر والخوف من خلال دمج الأسلحة كرموز حية في كل لقطة.

آثار التويستات المعقدة
العيب الأبرز هو الاعتماد المفرط على التويستات، التي تبدو أحيانًا متوقعة وغير مدعومة ببناء درامي قوي؛ خاصة في النصف الثاني حيث تتراكم الكشوف بسرعة تجعلها تبدو عشوائية. يفقد الفيلم بعض مصداقيته بسبب هذه السرعة، رغم أنها تضيف ديناميكية تجعل الفيلم ممتعًا لجمهور يبحث عن الإثارة السريعة. ومع ذلك، فلسفيًا، يحاول الفيلم استكشاف كيف تتحول الأسلحة من أدوات دفاع إلى رموز للفوضى الاجتماعية، لكنه يُخفق في تعميق هذه الفكرة، مما يجعل الحبكة تبدو سطحية في بعض الجوانب. في سياق السينما الحديثة، يمثل الفيلم محاولة جريئة لكريجر في استكشاف الرعب الاجتماعي، مستفيدًا من نجاح "Barbarian" ليبني قصة متعددة الطبقات تعكس فلسفة الأسلحة كرموز للصراع الطبقي.
الإيجابيات تكمن في النقد الحاد للصراع الاجتماعي، الذي يجعل العمل يتجاوز أفلام الرعب التجارية التقليدية، مع أداءات قوية تجعل الشخصيات حية. لكن العيوب واضحة في التعقيد المفرط، حيث يصبح السرد غير متماسك؛ وهكذا، الفيلم رغم بعض مشاكله يُقدم الرعب بنظرة عميقة؛ تصنع من الخوف البشري وتعقيداته النفسية رؤية مخيفة عن تحولاته تحت الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المعاصرة؛ مما يجعل رؤية الفيلم للرعب فريدة، تقدم إنعكاس مخيف لما يمكن أن يصل الإنسان تحت وطأة الضغوط القاسية.
الفيلم ربما يتعثر قليلًا في بعض تعقيدات السرد، إلا أن الإخراج الجريء والعناصر الفنية الجذابة تجعله من الأعمال البارزة في عام 2025.
الصور من صفحات الفيلم على السوشيال ميديا.