
السوبرانو أميرة سليم لـ "هي": برنامج "أوبرا ريمكس" موسيقي شبابي.. واعتز بهويتي المصرية في إطلالاتي بالحفلات
وسط ثورة صناعة المحتوى، تطل السوبرانو أميرة سليم، ببرنامجها الجديد "أوبرا ريمكس"، من خلال صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، لتضع الفن الأوبرالي في قلب الحوار الثقافي الفني المعاصر.
برنامج "أوبرا ريمكس" موجَّه للشباب ولكل فئات المجتمع؛ في محاولة لفتح نافذة مختلفة على هذا الفن الراقي، بلغة شبابية رقمية معاصرة أكثر حداثة وقربًا للرأي العام.
وكما أبهرت الفنانة المصرية العالم من قبل بأدائها الاستثنائي لـ "أنشودة إيزيس" في الحدث التاريخي "موكب المومياوات الملكية" ، تعود اليوم لتواصل مسيرتها المتفردة، كاشفة في حوارها لمجلة "هي"، عن أحدث أعمالها الفنية وأبعاد جديدة للفن الأوبرالي وتحديات الجيل الجديد من المغنيين والموسيقيين الكلاسيكيين، مؤكدة أن هذا الفن ليس حكرًا على النخبة، بل مساحة ثقافية جمالية يمكن أن تنبض في وجدان الجمهور العريض ولا سيما الجيل (Z).
بداية، "أوبرا ريمكس" جديد في فكرته ومُقدمته أيضًا؛ السوبرانو أميرة سليم أول مطربة أوبرالية مصرية تقدم برنامجًا عَبر السوشيال ميديا عن فن الأوبرا.. ما حمسك لتقديمه؟
رغبتي في تقريب المسافات بين الموسيقيين والجمهور بطريقة مبسطة وسلسة؛ تصحيح المفهوم المغلوط بوصف الأوبرا "بالمملة"، وتكسير أساطير الموسيقى الكلاسيكية وفرضيات انتماء الأوبرا للنخبة أو فئات معينة في المجتمع؛ لا أؤيد فكرة أن الموسيقي الكلاسيكي يجب أن يبتعد عن الناس، فالموسيقى لغة عالمية؛ وفن الأوبرا على وجه الخصوص عالميًا؛ لأنه يجمع كل الفنون ويخاطب الحواس؛ كالفن التشكيلي في الديكور، كذلك الغناء، والتمثيل، والإخراج، والباليه، وقيادة الأوركسترا، والرواية الأدب والشعر، دومًا ما تشغلني فكرة التواصل بفن الأوبرا مع المستمعين؛ لتوضيح عظمة الأوبرا والتعبير عن حبي لهذا الفن الراقي.

إذًا "أوبرا ريمكس" محاولة للوصول لجمهور جديد بخلاف جمهور الأوبرا؟
حقًا..علينا أن نذهب للجمهور نخاطبهم ونشاركهم فنيًا بصورة مباشرة؛ فهو فن موجه للشعوب بمختلف الثقافات؛ وعلينا توضيح التحديات التي تواجه صناعة كل أوبرا ومؤلفيها وقصتها وأحداثها التاريخية المهمة، مخاطبة الجمهور العارف أو غير العارف بفن الأوبرا؛ تمامًا كصناع المحتوى الآخرين على السوشيال ميديا يتحدثون عن مواضيع متنوعة ومتعلقة بمجالات كثيرة كالعلوم والفلسفة وغيره؛ ربما المشاهدين لا يهتمون بصفة خاصة بها لكنهم ينجذبون للمحتوى ويتابعونه بشغف، وهذا ما قصدته مع فن الأوبرا في "أوبرا ريمكس" أيضًا؛ أن تتيح الفرصة للجمهور لاكتشافه وتذوقه فنيًا؛ ونحن بزمن السوشيال ميديا وبالتأكيد منصاته خير وسيلة لصناعة المحتوى بطريقة شبابية ظريفة مبتكرة، لكي تصل للأجيال المختلفة، ويعودون للاستعانة بالمعلومات الموثقة من أرشيف حلقاتها.

البرنامج يتكون من 12 حلقة.. كيف تختارين محاور ومواضيع حلقات "أوبرا ريمكس"؟
اعتمد على عنصرين رئيسيين؛ الأول منبع حكايات فن الأوبرا وتاريخها ونشأتها وتطورها؛ أي البدايات خاصة وأنه الموسم الأول وسأعد الثاني قريبًا، أمًا العنصر الثاني فهو اختيار مواضيع ترتبط بالناس وذاكرتهم؛ "أوبرا عايدة" على سبيل المثال، و"أوبرا كارمن"، مرتبطان بثقافتنا والجمهور حتى ولو بطريقة غير المباشرة؛ بالتالي سيتفاعلون معها وهذا يهمني كثيرًا للغاية؛ أي إنني أبحث في آلية ارتباط المشاهدين بالقصة.

هنا دعينا نتوقف عند لحظة فارقة في مسيرتك؛ غناؤك "أنشودة إيزيس" بتميز في موكب المومياوات الملكية، والذي تحوّل من عمل أوبرالي نخبوي إلى لحظة جماهيرية استثنائية شاهدها الملايين؛ هل تشعرين بأنها نقطة تحول شخصية في علاقتك بالجمهور ومسؤوليتك نحوه؟
اعتبر موكب المومياوات حدثًا شعبويًا؛ تاريخ الثالث من أبريل 2021 سيظل محفورًا في ذاكرة المصريين والعالم كله؛ خاصة وأنه تسبب في صحوة حب؛ أي إعادة إحياء لارتباطنا والعالم كله بتاريخنا وحضارتنا المصرية القديمة، وبالتأكيد نشعر بتأثيره حتى يومنا هذا وسيكبر خلال الأعوام المقبلة، هذا بالإضافة إلى تأثيره الفني الضخم وقتما قدم الموسيقار العالمي هشام نزيه الأوركسترا في قالب كلاسيكي، كذلك الكورال وراقصي الباليه أيضًا، مع إضافة الروح المصرية بتوظيف "هشام" للناي والربابة والإيقاعات والألحان المصرية القديمة مثل "أنشودة إيزيس"، بجانب لمسات المتميزتين ريهام عبد الحكيم ونسمة محجوب، لكنني تغنيت بالطبقة الأوبرالية باللغة المصرية القديمة في "إيزيس"، وهنا صحوة فنية إضافية للجمهور وارتباطهم به؛ خاصة مع اكتشافهم مواهب كثيرة غير المسلط عليهم الأضواء؛ كعازفي الأوركسترا المتميزين المخضرمين، ومن ثمً إثارة فضول المشاهدين أكثر تجاه هذا الفن، وبكل تأكيد فرقت كثيرًا معي هذه اللحظة وشعرت بقرب الجمهور حقًا لفن الأوبرا ودفعني للتقرب منهم بصورة أكبر وحملت على عاتقي المسؤولية، وأكملت المسار بعدها بتقديمي أغنية "الحب" باللغة المصرية القديمة، وبعض من أعمال التراث وسيد درويش بطريقة أوبرالية كلاسيكية، و"أوبرا ريمكس" ثمرة التواصل الفعال مع الجمهور.

اسم "أوبرا ريمكس" مؤشر لدمج واضح بين الكلاسيكي والمعاصر.. كيف توازنان بين الأصالة والحداثة مع الحفاظ على روح الأوبرا في حلقاته؟
حقًا.. لأنني قصدت إضافة لمسات Modern لحلقاته؛ حتى لا يكون كلاسيكيًا بدرجة كبيرة، أفضل أن أحكي مع الجمهور وأتناقش معهم بقصص كل حلقة بعيدًا عن وسائل التلقي أو التقديم التقليدية، كذلك تجنب استخدام ألفاظ لغوية معقدة وهي الطريقة الأقرب للأجيال الجديدة وكأنهم أصدقائي، هذا بالإضافة لموسيقى البرنامج المستخدمة في التتر أو Intro والتي تبتعد عن النمط الكلاسيكي أيضًا لكنها تحمل أناقته وهذا ما طلبته بالضبط من مؤلفها الموسيقي المتميز أحمد مجدي.

وهنا نتطرق لسؤال آخر، أميرة سليم مع ولا ضد دمج الموسيقى الأوبرالية مع أشكال موسيقية مختلفة؛ كالراب والموسيقى الإلكترونية؟
"مع" بكل تأكيد لو لم يكن عشوائيًا؛ أي عندما يكون مقدمًا بطريقة فنية جيدة ذات رؤية واضحة، وعلى مدار تاريخ الموسيقى دومًا ما كانت تتأثر باتجاهات مختلفة، وآلات جديدة، وثقافات ولغات متنوعة، فهذه التجارب طبيعية ومنطقية لحالة التطور الفني؛ كما يحدث بين لقاء ثقافات أو فنون مختلفة، نجد الموسيقى أو الغناء الأوبرالي يُدمج مع أي نوع موسيقي آخر، ومنها ما قدمته بالفعل من خلال "موزارت المصري"؛ دمج بين أوبرا موزارت و الإيقاعات والآلات الموسيقية المصرية كالطبلة والناي، رغم إثارة الآراء وقتها حول مؤيد ومعارض للتجربة لكنني ما زالت سعيدة بها وأتفاجأ بسؤال الجمهور عنها من وقت لآخر والتذكير بتفرد الفكرة آنذاك.

قوة الحكي بفن الأوبرا لا يدركها سوى دارسي تاريخ الدراما ونشأتها الأوديبية.. في رأيك، كيف نربط الجيل الجديد جيل (Z) بالدراما الأوبرالية؟
هذا يعد أحد أهم أهداف برنامج "أوبرا ريمكس"؛ عَبر الموسم الأول والثاني أيضًا، عن طريق ابتكار لغة مشتركة بيننا وبينهم كأصدقاء، فضلاً عن استخدام أداة من أدوات Generation Z وهي صناعة المحتوى ورواية القصة والمفاهيم الأوبرالية بالتبسيط؛ على غرار البرنامج الشهير "الدحيح الأوبرالي"، هذه المقاربة بآلات وأدوات زمنهم تثير فضولهم تجاه هذه الفنون خاصة وأن الفضول سمة أساسية في هذا الجيل الشغوف بالبحث والمعرفة.
هناك فنانات صاعدات مصريات من الجيل الجديد يفضلن العزف الأوبرالي الكلاسيكي أكثر من موسيقى البوب؛ منهن مريم وأميرة عبد الرحمن أبو زهرة، ما رأيك في موهبتهن؟ وهل ترين في اختياراتهن الفنية امتدادًا لجيلك؟
بكل تأكيد، هناك الكثير من الشباب الموهوب حاليًا يعد امتدادًا للأجيال السابقة.. موهبتي أيضًا تعد امتدادًا للجيل السابق وما قبله؛ لأنني تعلمت من كبار الموسيقيين وتأثرت بهم بصورة مباشرة أو غير المباشرة؛ كالأساتذة الدكتور صبحي بدير، والدكتورة الراحلة رتيبة الحفني، فهم أناروا الشعلة التي دفعتنا لاستكمال الطريق؛ تأثرنا بكفاحهم وأعمالهم ورسالتهم، أمًا "مريم وأميرة" مؤثرتان حقًا لجيلهما والأجيال القادمة، تحققان نجاحًا استثنائيًا كبيرًا ونادرًا بنشاطاتهما الفنية العالمية، يمكننا وصفه Extra Ordinary على مستوى أعمارهما ونجاحهما داخل وخارج مصر، شاهدت موهبة "مريم" في أثناء مشاركتها بالعزف في احتفالية مرور 20 عامًا على إعادة بناء مكتبة الإسكندرية التي شاركت بالغناء بها، وأحرص على دعمها كثيرًا كما تستحق موهبتها.

ما نصائحك للفتيات الطامحات في احتراف الفن الأوبرالي سواء بالغناء أو العزف الكلاسيكي؟
التأكد من عشقهم لهذا المجال الذي يحتاج الاحتراف والإتقان؛ لأنه سيتطلب مزيدًا من التضحية والكفاح والصعوبات والتحديات لتخطي مرحلة الهواة، كذلك يجب اتباع خطوات منتظمة وعدم التسرع؛ أي البداية مع الدراسة الجيدة سواء للتاريخ أو النظريات أو التقنيات الموسيقية، يليها اكتساب الخبرات خارج الإطار الدراسي ثم الاحتراف.
تحافظين دومًا على حضورك القوي الجذاب في حفلاتك بالدول العربية والأوروبية، ما معايير اختيار إطلالتك بالحفلات؟
أفضل اختيار الإطلالات التي تعتز بهويتي وتعبر عن ثقافتي المصرية؛ حتى ولو بعنصر بسيط كارتداء إكسسوارات معبرة عن الهوية أو تنسيق تسريحة الشعر أو طريقة عمل الأزياء وليس بتصميم الفستان فحسب؛ لأنني أمثل حضارة وتاريخ بلدي، وأعتقد أنها جزء من هويتي كفنانة، بالإضافة لمعيار آخر وهو طبيعة العمل الفني الذي أشارك به فإطلالتي يجب أن تكون متناسقة فنيًا معه، وكثيرًا ما تعاونت مع مصممة الأزياء فريدة تمرازا التي صممت لي إطلالة موكب المومياوات قبل وبعد هذا الحدث العالمي وتجمعنا رؤى مبتكرة بإطلالات متسقة مع روح العمل الفني وأخرى مرتبطة بالهوية المصرية.

تغنين بعدة لغات..ما أقرب لهجة لقلبك؟
حقيقة أنه أصعب سؤال لمغني أوبرا؛ لأنه تخصصه يغني بكل اللغات بدون استثناء؛ كالصيني والهندي وفنلندي وإسباني، أي إننا قادرون على ذلك ونحن نفضل اكتشاف الغناء بلغات على إيقاعات مختلفة، ربما لا نتحدثها لكننا نحب الغناء بها، يمكن أن نقول السؤال بطريقة أسهل؛ أي إنه ما أسهل لغة أتغنى بها؟؛ فاللغة الإيطالية هي الأكثر سهولة بالنسبة لي؛ لأنها لغة رنانة ومفتوحة جدًا في الحروف المتحركة، أمًا اللغة المصرية القديمة أصبحت لها مكانة متميزة في قلبي، رغم صعوبة تكرار الغناء بها لأزمة توفر النص الملائم.
خارج فن الأوبرا.. مَن المطربين/ المطربات المفضلين لكِ؟
هذا سؤال صعب أيضًا؛ لأنني كمغنية أوبرا أفضل الاستماع لكل الأداءات الغنائية والأنواع الموسيقية، لكن لو على مستوى الساحة المصرية؛ أفضل محمد منير، وعمرو دياب يمتلك ذكاءً فنيًا وموسيقيًا كبيرًا للغاية، سواء على مستوى اختياراته الغنائية المؤثرة أو استمراريته، بجانب أم كلثوم، وفيروز، وماجدة الرومي، بالإضافة لفرق موسيقية متميزة، تقدم فنًا معاصرًا وموسيقى ممتعة؛ ككايروكي، ومسار إجباري، وشارموفرز، ومن الساحة العالمية سيلين ديون، ويتني هيوستن، ومغنيين وموسيقيي الجاز.

وفي رأيك، ما أفضل أغنية حديثة في موسم صيف 2025؟
لا أعلم حتى الآن.. لكن على ما يبدو أغنية عمرو دياب لها تأثير كبير.
لو ستختارين توثيق سيرتك الذاتية في كتاب يحمل اسم أوبرا عالمية..ماذا تسميه؟
اختيار صعب.. لكن نسميه "الناي السحري".
أخيرًا..بعد النجاح المتميز وحصد التكريمات عربيًا والجوائز عالميًا، ما الذي تتمنين تحقيقه خلال الفترة المقبلة؟ وهل تحضرين لطرح ألبوم موسيقي أوبرالي؟
برنامج "أوبرا ريمكس" يستحوذ على تركيزي كثيرًا خلال هذه الفترة؛ انشغل بتحضيراته والتفاعل مع الجمهور من خلاله واستكمال سرد حكايات الأوبرا ومشاركتهم ومناقشتهم، وبالفعل أحضر مجموعة أغاني مع مؤلف تونسي وما زالت أعمل عليها، وتحتاج مزيدًا من الوقت لاختيار التوزيع الموسيقي المناسب وتسجيلها، سأطرحهم قريبًا لكل أغنية روح وطريقة مختلفة كما أفضل دومًا تقديم ألوان غنائية جديدة وتحمل لمسات أوبرالية.