
شباب العائلات الملكية: بين التقاليد وتطلعات العصر الجديد
كثيرا ما نرى أعضاء العائلات الملكية حول العالم خصوصًا شباب العائلات الملكية من خلال أنشطتهم الاجتماعية العامة والخاصة. كما نراهم يتصدرون الأخبار ويحظون بمتابعة الملايين عبر مواقع التواصل الاجتماعي في كل المناسبات الوطنية والدولية. لكن قليلا ما نعرف عن أدوارهم الرسمية ووظائفهم الحقيقية في دولهم.
ومع أن العديد من أبناء وبنات العائلات الملكية ليس لديهم أي صفة رسمية كمسؤولين في الدولة إلا أن مكانتهم الاجتماعية محفوظة. كما أن شباب العائلات الملكية لديهم تقدير كبير ممن حولهم أو ممن يتعاملون معهم سواء كان ذلك على الصعيد التعليمي أو الأكاديمي، أو المال والأعمال، أو الرياضة أو الفنون.
شباب العائلات الملكية العربية

وفي العالم العربي يحظى شباب العائلات الملكية بمكانة مرموقة في وجدان شعوبهم وينالون التقدير الذي يستحقونه خصوصًا المسؤولين والنشطاء منهم. ويقوم هؤلاء بأدوار مهمة في المجالات التي يشتغلون عليها أو يهتمون بها ويقدمون صورة مشرفة داخل دولهم وخارجها عن عائلاتهم وشعوبهم وغالبًا ما يقودون العديد من المبادرات الشبابية للتطوير والتحديث في دولهم.
كما أن معظم شباب العائلات الملكية العربية لديهم مؤسساتهم ومنظماتهم الاجتماعية الخاصة التي يقومون من خلالها بإدارة أعمالهم ومبادراتهم والمبادرات الوطنية التي يدعمونها. كما يقود بعض الأمراء العرب العديد من المؤسسات الحكومية في بلدانهم، مثل الرئاسات، ورئاسات الوزراء، والمجالس الوزارية. كذلك المؤسسات الخاصة كالمؤسسات الخيرية التي تهدف إلى دعم المشاريع التنموية والاجتماعية. أيضًا المؤسسات الاستثمارية، حيث يمتلك بعض الأمراء مؤسسات استثمارية ضخمة ويقودونها، وتساهم في تطوير البنية التحتية والاقتصاد في بلادهم والدول العربية الأخرى. وتساهم هذه المؤسسات في مختلف المجالات، مثل التنمية الاقتصادية والتعليم والثقافة والاتصالات والزراعة والصحة والبيئة.
شباب العائلات الملكية الأوروبية

يعتمد أفراد العائلات المالكة الأوروبية على التقاليد العائلية المتوارثة عبر الأجيال ومعظمها تمنح أدوارًأ مهمة لأجيال الشباب. كما تتفخر العائلة المالكة البريطانية،على سبيل المثال، بقربها من الشباب. كذلك يُنظر إليهم على أنهم متفهمين لتطورات العصر ومتقبلين للموضات والتقليعات الجديدة. على أي حال تابع الأمير تشارلز بعد أبيه الأمير فيليب مساعيه في مؤسسة "برنسز تراست"لبناء الشخصية؛ والآن تنضم إليهم كل من طليقة الأمير أندرو، التي تروج لبرنامجها "حكاية مع فيرغي وأصدقائها"، ودوقة كامبريدج كيت ميدلتون، التي تتجه نحو تنمية الطفولة المبكرة. وقد أكدت هيئة الإذاعة البريطانية بجدية كيت على المستوى المهني: "لقد اكتسبت خبرة وتريد منع نفس المشاكل التي تؤثر على نفس العائلات جيلًا بعد جيل".

على سبيل المثال، وفي سعيها لمنع تكرار المشاكل نفسها بين العائلات جيلًا بعد جيل، أمضت الدوقة كيت ميدلتون "أكثر من ساعة في حضانة أطفال في كارديف، جنوب ويلز". وقال مراسل ملكي إنها "انضمت إلى جلسة رسم مع أطفال ما قبل المدرسة، وزارت منطقة لعب خارجية، حيث التقت بحيوانات التجارب في الحضانة". وهذا مثال صغير لعشرات الأعمال وربما المئات التي تقوم بها الأميرات ويقوم بها الأمراء في الدول الأوروبية للحفاظ على الحيوانات النادرة من الانقراض، بما فيه الاحيوانات التي دأبوا عبر الأجيال على اصطيادها في رحلات الصيد الموسمية.
أدوار تثقيفية

نعم، من شبه المؤكد أن هذه الحيوانات نجت عبر الأجيال من غزوات الصيد الملكية. بالإضافة إلى ذلك، وبصفتها مسؤولة عن رعاية الأطفال، تدرك الأميرة كيت، بقدر استمتاعها بصيد الحيوانات، أن تُعلم كيفية رعايتها والرفق بها، للآباء عبر موقع سي بيبيز، حيث قالت "تجربة يمكن للأطفال نقلها بسهولة إلى علاقاتهم مع الآخرين، فهي تساعد على بناء التعاطف والتفاهم والاحترام بين أقرانهم والبالغين".
وتعلم مطاردة الحيوانات وقتلها، كما يفعل ابنها الأمير جورج، وهو في السابعة من عمره؟ تشير التقارير إلى أن هذا المخضرم، الذي بدأ في الخامسة من عمره، قد انضم مرة أخرى إلى عائلته في رحلة صيد طيور الطيهوج بالقرب من بالمورال. وبينما قد يقدم سلوك الرياضيين الكبار، مثل الأمير فيليب والأمير تشارلز، رؤىً حول الأثر طويل المدى لمثل هذه التجارب في السنوات المبكرة، يمكن للآباء الذين يستمتعون بالرياضات الدموية أيضًا الاعتماد على تحالف الريف و"ذا فيلد" لضمان أن "الأسرة الشغوفة بالرماية" ستجني ثمارًا عظيمة من البدء في الصغر.
كذلك يقول أحد المساهمين في "ذا فيلد": "إن فوائد قضاء وقت ممتع مع الأم أو الأب (أو أي قريب آخر) في بيئة ناضجة لا تتمحور حولهم فقط، لا حصر لها". وبينما يكون الأطفال في سن الثالثة أو الرابعة كبارًا بما يكفي للاستمتاع بمشاهدة الطيور المصابة وهي تسقط من السماء، "فبحلول سن الخامسة أو السادسة". كما يقول الكاتب "يمكنهم الجلوس على وتدك وحمل كلبك، والتقاط خراطيشك الفارغة أو عدّ الطيور التي تصطادها".
مجالات الصحة والبيئة

قبل بروز الأميرة كيت ميدلتون في مجال الصحة النفسية للأطفال، كان من أبرز التحديات التي واجهتها كأمّ؛ تحدّي التوفيق بين اللطف بالحيوانات وتعريف الطفل المبكر بقتل الحيوانات وفق تقاليد العائلة. أو حتى التحضير لإحصاء الجثث في صيد الأسماك. ونفس الشيء بالنسبة للملكة الراحلة إليزابيث ورعايتها لجمعية السلمون والتروت جعلتها "عرابة السلمون". ونفس الأمر ينطبق على سلفتها الدوقة ميغان ماركل. التي أبعدت أولادها عن هذه الأجواء، وانتقلت بهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ولا نراها هي أو زوجها أو أولادها يشاركون في رحلات الصيد الموسمية التي دأب أفراد العائلة الملكية البريطانية القيام بها طيلة العام حسب مواسم الصيد المقررة في أجندتهم المتوارثة منذ مئات السنين.
التعليم والأكاديمية

تعتبر العائلات الملكية الحديثة والتاريخية من اكثر داعمي العلوم والبحث العلمي والأكاديمي، حيث تشكّل السلطة والسياسة محوراً للعديد من الأبحاث. كما تعدّ العائلة المالكة مجالاً دراسياً شائعاً في مجموعة من المجالات الأخرى، بما في ذلك النوع الاجتماعي، والطبقة، والثقافة المادية، ودراسات المشاهير، وممارسات الاستهلاك، والتمثيلات السينمائية. علاوة على ذلك، يأتي الكثير مما نفهمه عن العائلات المالكة من صور متناقلة، أي أننا نرى صورة عامة للملوك والملكات وأبنائهم. تنتقى هذه الصور بعناية وتدار مسرحياً، بهدف تأكيدها وقيمها في إطار اجتماعي ووطني إيجابي خصوصًأ في قطاعات الشباب وتصدير صورة نموذجية عنشباب العائلات الملكية.

وفي حين أن بعض العائلات المالكة في حالة تراجع، لا تزال عائلات أخرى، مثل آل وندسور وآل سعود، بارزة للغاية ولها قيمة ثقافية وتاريخية مهمة. لا يقتصر استخدام الثقافة الشعبية لمصطلح "العائلة المالكة" على أفراد العائلة المالكة فحسب، بل يستخدم أيضاً على نطاق واسع للإشارة إلى شخص وصل إلى قمة الشهرة، مثل تينا تيرنر، ملكة موسيقى الروك أند رول. والأمير سلطان بن سلمان أول رائد فضاء عربي، والأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود.وقد دأبت شركة ديزني للإنتاج السينمائي على إرضاء جمهورها من خلال ملكاتها وملوكها المشهورين الخياليين. ومن الواضح في هذه الأمثلة القليلة أن الملكية يتم التوسط فيها، وإضفاء طابع رومانسي عليها، وتخيلها، والتنافس عليها ضمن مجموعة من المساحات التاريخية والثقافية.
أمراء رياضيون

معروف عن العائلات الملكية دعم مواهب أبنائها وبناتها. ومعظم هؤلاء الأبناء والبنات الملكيين يمارسون هواية رياضية واحدة على الأقل. وتتنوع هذه الرياضات والمواهب بطريقة لا يمكن تخيلها. على سبيل المثال الأمير هاشم بن الحسين، يرأس الاتحاد الأردني للكيك بوكسينغ. كذلك الأمير حمدان بن محمد آل مكتوم أحرز ذهبية مسابقة القدرة في بطولة العالم للفروسية عام 2014 في نورماندي بفرنسا. كما حقق العديد من الإنجازات في سباقات القدرة وقفز الحواجز.

وبالإضافة إلى ممارسة الرياضة يقوم هؤلاء الأمراء والأميرات بدعم الرياضة الوطنية في بلادهم. سواء بالمشاركة أو إقامة النوادي أو دعمها. ولنا أن نتخيل أن معظم النوادي والاتحادات الرياضية في الدول العربية الملكية يرأسها ويدعمها أمراء العائلات الملكية. وأبرز مثال اليوم الأميرة دليّل بنت نهار بن سعود التي تشغل منصب مستشارة لشؤون الرياضة في الهيئة الملكية لمحافظة العلا. وذلك لنشاطها البارز ونجاحاتها المشهودة في مجالات تطوير وتحديث الرياضة في السعودية.