رحلة لين حايك من The Voice Kids إلى نجمة تزرع الأمل بين الشباب: "لا تجعلوا الخوف يسرق منكم الفرص"

حوار: lynda ayyach

منذ أن لمع اسمها وأصبحت أول فائزة بلقب The Voice Kids في موسمه الأول، استطاعت الفنانة اللبنانية الشابة لين حايك أن تحوّل بدايتها القوية إلى مسيرة فنية واعدة، مدفوعة بشغفها بالموسيقى وإصرارها على التطور. بصوتها العذب وحضورها المحبّب، أسرَت قلوب الملايين، وأثبتت أنها أكثر من مجرد نجمة برامج مواهب، بل فنانة تسعى بجدية لتكوين هُويتها الخاصة على الساحة الفنية.

في هذا اللقاء الحصري مع "هي"، تفتح لين قلبها لتشاركنا تفاصيل محطاتها الجديدة، والأعمال الغنائية التي تحضّر لها، كما تتحدث عن موازنتها بين الحياة الفنية والشخصية، وعلاقتها بوسائل التواصل الاجتماعي، التي ترى فيها منبرا للتواصل الحقيقي مع جمهورها. كما توجّه رسالة مؤثرة إلى جيل الشباب العربي، داعية إياهم إلى الإيمان بأنفسهم، وملاحقة أحلامهم بشغف وجرأة.

فزتِ بلقب The Voice Kids في سن مبكرة جدا، كيف تستعيدين تلك اللحظة اليوم؟

على الرغم من مرور عشر سنوات، لا تزال تلك اللحظة حاضرة في ذهني بكل تفاصيلها، وكأنها حدثت بالأمس. صوت إعلان فوزي لا يزال يرنّ في أذني، ويغمرني بالسعادة في كل مرة أسترجعه. قد يظن البعض أنني أبالغ، لكنني بصدق لا يمر يوم من دون أن أتذكر تلك اللحظات، حتى أدق التفاصيل منها. عشر سنوات مضت، لكنها بالنسبة لي أشبه بأشهر قليلة.

فوزي في تلك المرحلة المبكرة من عمري كان حدثا مفصليا، هو الأهم والأكبر في حياتي حتى اليوم. أشعر بفخر كبير عندما أستعيد هذه الذكرى، وأشكر لين الطفلة ذات الثانية عشرة عاما التي أوصلتني إلى ما أنا عليه اليوم، بكل ما حملته من قوة ومسؤولية وتحدٍّ.

كيف تغيرتِ فنيا وشخصيا منذ تلك المرحلة وحتى اليوم؟

أستطيع القول إنني تغيرت كثيرا، وخاصة من ناحية الإحساس بالمسؤولية. في السابق، كنت أخجل من الظهور على المسرح، أما اليوم، فأعيش ما أسميه بـ"الخوف الواعي"؛ فأنا لا أقبل بالخطأ، وأتحمل مسؤولية قراراتي بوعي ونضج. أما فنيا، فأصبحت أكثر التزاما وحرصا على تقديم الأفضل. أحرص على أن أعطي كل عمل فني حقه، وأتمرن باستمرار، وأجبر نفسي على تعلم أمور جديدة، لأنني أؤمن بأن الاجتهاد المستمر هو الطريق الوحيد للنمو الحقيقي.

كيف أسهمت الشهرة المبكرة في صقل هويتك الفنية؟

في الواقع، لم تساعدني الشهرة المبكرة بشكل مباشر على تحديد هُويتي الفنية. انطلقت من برنامج أتيحت لي فيه فرصة أداء مختلف الألوان الغنائية، ونجحت في تقديمها كلها، لكن ذلك لم يوجّهني نحو نمط أو لون فني محدد. وحتى اليوم، ما زلت أبحث عن هُويتي الفنية الخاصة، عن ذلك الشيء الذي يميزني عن غيري ويجعلني مختلفة في المشهد الفني.

طرحتِ مؤخرا ثلاث أغانٍ جديدة وصوّرتِها على طريقة الفيديو كليب. ماذا عن هذه التجربة؟

في الحقيقة، لم أكن أخطط منذ البداية لطرح الأغاني الثلاث معا كألبوم صغير، بل كنت أنوي إصدار كل أغنية بشكل منفرد. لكن بما أن كل واحدة منها تحمل قصة مختلفة تماما عن الأخرى، قررت أن أقدّمها معا في خطوة جديدة وجريئة بالنسبة لي، وهي الأولى من نوعها في مسيرتي الفنية. كانت تجربة مميزة، وأنا الآن بانتظار التفاعل وردود الفعل حولها.

كل أغنية تحمل طابعا خاصا ومضمونا مختلفا.

ما الذي يميز لونك الغنائي اليوم؟

ما زلت في مرحلة البحث عن اللون الغنائي الذي يُجسّد هُويتي الفنية بشكل واضح، ويمنحني بصمتي الخاصة. لكنني في الوقت نفسه أحرص على أن أقدّم أعمالا تجمع بين القوة من حيث الأداء والمضمون، وبين الأجواء المرحة والحيوية التي تلامس روح الشباب.

من يساندك في اختيار الأغاني التي تقدمينها؟

الاختيار يبدأ بالتعاون مع شركة الإنتاج التي أعمل معها Music is My Life، حيث نناقش سويا كل مشروع جديد. كما أنني أستشير عائلتي دائما، لأن رأيهم يهمني ويعني لي الكثير. لكن في نهاية المطاف، يبقى إحساسي الشخصي العامل الحاسم. لا أوافق على أداء أي أغنية ما لم أشعر بأنها تليق بي وتعبر عني وتمثل مرحلتي العمرية.

هل ترين نفسكِ أكثر في الساحة العربية أم تطمحين للوصول إلى العالمية؟

الوصول إلى العالمية هو حلم يراود كل من يعمل في مجال الفن، لأنها تُعد الانطلاقة الكبرى لأي فنان، مهما كان مجاله. لكن هذه المرحلة لا تأتي إلا لمن يمتلك الطموح والإصرار والصبر، ليتمكن من أن يبسط جناحيه في التوقيت المناسب. بالنسبة لي، العالمية ليست مجرد هدف أو محطة نهائية، بل هي مسار يبدأ من الإيمان بنفسي وبالرسالة التي أحملها من خلال فني.

ما التحديات التي يواجهها الفنان الشاب في بداياته الفنية؟

لا شك في أن التحدي الأكبر في مرحلة الانطلاقة يكمن في الصبر، فهو الصراع الأول بين الفنان ونفسه، قبل أن تبدأ المنافسة مع الآخرين. البدايات دائما تكون الأصعب، لأنها تشكّل الأساس الذي يبنى عليه المسار الفني بأكمله. الطموح كبير، لكن الطريق مليئة بالعقبات، ولم يعد من السهل اليوم أن يثبت الفنان الشاب نفسه بقوة في الساحة الفنية.

كونكِ من جيل الشباب، ما الرسالة التي تحبين إيصالها لجيلك من خلال فنّك؟

نصيحتي لكل من الشبان والشابات في بداية مسيرتهم الفنية أن يجعلوا طموحهم أكبر من خوفهم. فكل طريق في بدايته صعب، وكل حلم حقيقي يرافقه قدر من القلق والتحديات، لكن الخوف لا يجب أن يكون عائقا، بل دافعا للمثابرة والعمل. آمنوا بأنفسكم، واصبروا على البدايات، وكونوا صادقين مع ذواتكم ومع ما تقدمونه من فن. النجاح لا يأتي دفعة واحدة، بل هو نتيجة إصرار واستمرارية، ومن يجعل شغفه دليله، سيصل مهما طال الطريق.

من يلهمكِ من الجيل الجديد موسيقيا؟

الشخص الذي يلهمني فنيا هو ذاك الذي يحلم بقوة، ولا يسمح للواقع بأن يحدّ من رؤيته. هو من ينظر إلى الحياة بإيجابية على الرغم من كل التحديات، ويتمسّك بقناعاته الفنية مهما قست الظروف. لا يساوم على جوهره، ولا يتنازل عن مبادئه في سبيل مكسب عابر. ما يُلهمني حقا هو الفنان الذي يصنع فنه بشغف وإصرار، ويظل وفيا لحلمه الكبير من دون أن يفقد إنسانيته أو أصالته.

كيف توازنين بين الحياة الفنية والشخصية في سنّ يطغى فيه التغيير والاكتشاف؟

أستطيع القول إنني متصالحة مع نفسي بدرجة كبيرة، سواء في ما يتعلق بالتغيير أو الاكتشاف. أؤمن بأن الإنسان يتبدّل وينضج مع مرور الوقت، التوازن بين حياتي الفنية والشخصية أضعه في سلّم أولوياتي، لأنني أؤمن بأن الجانبين يكملان بعضهما. الفن، في نظري، هو مرآة للفنان، وكلما نضج الإنسان وتوسّع أفقه الفكري، انعكس ذلك على أسلوبه الفني وخياراته وطريقة تعبيره.

كيف تتعاملين مع وسائل التواصل الاجتماعي؟ وهل تشعرين بأنها سلاح للفنان أم عبء عليه؟

لا أرى أن وسائل التواصل الاجتماعي هي سلاح ذو حدّين أو عبء، فالأمر كله يتوقف على كيفية التعامل معها. بالنسبة للفنان، أعتبرها قوة غير مباشرة يمكنه الاستفادة منها بشكل كبير إذا أحسن استخدامها. فقد باتت منبرا فعالا ومفيدا لإيصال الفن بسرعة إلى جمهور واسع ومن شرائح مختلفة، كما أنها تتيح للفنان فرصة التفاعل المباشر مع الناس بطريقة سهلة وسريعة.

ما الجديد الذي يمكن لجمهورك أن يتوقعه منك هذا العام؟

أعمل حاليا بكل جهد على تحديد هُويتي الفنية بشكل أوضح، وقد تكون هناك مفاجآت للبعض فيما أطمح إليه أو في المشاريع التي أحضر لها. ما يمكنني تأكيده هو أنني سأقدم أعمالا جديدة تحمل تطورا ملحوظا. فأنا مؤمنة بأن على الفنان أن يسعى دائما إلى التجدد وتقديم ما هو أجمل وأفضل لجمهوره.

هل من كلمة أخيرة توجّهينها لجيل الشباب العربي من خلال صفحات "هي"؟

رسالتي إلى جيل الشباب الذي أنتمي إليه: أنتم الأقوى، وأنتم في مرحلة مليئة بالاكتشاف والتغيير، من المهم أن تواجهوا كل ما تمرون به بإصرار، وعزيمة، وقوة داخلية توصلكم إلى ما تطمحون إليه.. أنصحكم بأن تصغوا جيدا إلى إحساسكم الداخلي، فهو البوصلة التي سترشدكم في قراراتكم. لا تدعوا الخوف يعيق طريقكم، بل اجعلوا من أحلامكم هدفا تركضون نحوه بثقة.