رحيل الفنان لطفي لبيب بعد صراع مع المرض ..مشوار فني نابض بالعطاء ومحبة الجمهور

فُجع الوسط الفني صباح الأربعاء، بوفاة الفنان المصري القدير لطفي لبيب عن عمر ناهز 78 عامًا، بعد صراع طويل ومرهق مع المرض. وأُعلن خبر وفاته رسميًا من قبل نقابة المهن التمثيلية، حيث أكد الفنان منير مكرم أن الراحل توفي داخل أحد مستشفيات القاهرة بعد أن تدهورت حالته الصحية بشكل مفاجئ خلال الساعات الأخيرة.

رحلة المرض... من التهابات حادة إلى العناية المركزة

لم يكن المرض طارئًا في حياة لطفي لبيب خلال السنوات الأخيرة، لكنه عاد ليشتد عليه بشكل مقلق في أيامه الأخيرة. فقد نُقل الفنان الراحل إلى العناية المركزة يوم الثلاثاء الماضي، بعد إصابته بـ التهاب رئوي حاد، أدى إلى نزيف في الحنجرة وفقدانه الوعي، حسب ما أفادت مصادر قريبة من أسرته. وعلى الرغم من الجهود الطبية المبذولة، فإن حالته تدهورت بسرعة، وسط قلق محبيه وزملائه.

وكان نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي قد أعلن قبل وفاته بيوم عن تدهور حالته الصحية، مطالبًا الجمهور بالدعاء له، مؤكدًا أن التقارير الطبية تشير إلى أن وضعه كان "حرجًا جدًا".

في آخر أيامه، بدا أن الفنان لطفي لبيب بدأ يستعيد وعيه تدريجيًا، وإن مُنع من الكلام تمامًا بقرار طبي بسبب وضعه الحنجري الحرج. وقد كشف الأب بطرس دانيال، رئيس المركز الكاثوليكي المصري للسينما، عن تفاصيل لقائه به في منزله، قائلًا إن الفنان كان ممتنًا لحب الجمهور وطلب الدعاء له، لكنه كان لا يزال يخضع لفحوص ومراقبة طبية دقيقة. وكان ظهوره في تلك الصور، برفقة الفنان حمزة العيلي، بمثابة الظهور العلني الأخير له، قبل أن تعاوده الأزمة الصحية من جديد.

أعمال راسخة ومسيرة فنية لا تُنسى

لطفي لبيب من مواليد عام 1947، التحق بكلية الآداب ثم أكمل دراسته في المعهد العالي للفنون المسرحية، ليمضي بعدها في مشوار فني تنوّع بين المسرح والتلفزيون والسينما. وامتدت المسيرة الفنية للراحل لعقود من الزمن، شارك خلالها في أكثر من 100 فيلم سينمائي و30 مسلسلًا تلفزيونيًا، إلى جانب أعماله المسرحية. وكان يتمتع بقدرة نادرة على أداء الشخصيات التي تمزج بين العمق الإنساني والاجتماعي والكوميديا الراقية ، مما جعله وجهًا مألوفًا ومحبوبًا لدى الجمهور بمختلف أجياله.

من أشهر أدواره التي ما زالت عالقة في الأذهان، شخصية السفير الإسرائيلي في فيلم "السفارة في العمارة" إلى جانب الزعيم عادل إمام، وهو الدور الذي قدمه باحتراف لافت. كما شارك في عدد من المسلسلات الناجحة مثل "صاحب السعادة" و"عفاريت عدلي علام"، ووقف إلى جانب فنانين من مختلف الأجيال، من حسن حسني ومحمد سعد إلى أحمد مكي ومي عز الدين.

رغم معاناته الصحية، أصر لطفي لبيب على مواصلة عطائه الفني حتى اللحظات الأخيرة، وكان آخر ظهور سينمائي له من خلال فيلم "أنا وابن خالتي" الذي شارك فيه بدور مميز نال إعجاب النقاد والجمهور، رغم صعوبة ظروفه أثناء التصوير.

بعيدًا عن الفن، كان لطفي لبيب فخورًا بخدمته العسكرية، إذ شارك في حرب أكتوبر كجندي في صفوف الجيش المصري، وهي تجربة تركت أثرًا بالغًا في شخصيته، حيث كتب سيناريو بعنوان "الكتيبة 26"، سرد فيه تفاصيل من حياته العسكرية، وعبّر عن جزء من وجدانه الوطني من خلال الفن والكلمة.

كما كتب مجموعة من المؤلفات والخواطر التي صدرت في مراحل لاحقة من حياته، حين ابتعد قليلًا عن التمثيل لأسباب صحية.

برحيل لطفي لبيب، يفقد الفن المصري واحدًا من رموزه المتميزة الذين أثروا الشاشة بأداء رصين وأدوار لا تُنسى، جمع فيها بين خفة الظل والعمق، بين التراجيديا والكوميديا، وبين الفن والوطن. سيبقى لطفي لبيب في ذاكرة محبيه كوجه مألوف وأب حنون وشخصية قريبة من القلب... رحل، لكنه ترك إرثًا لن يُمحى من الوجدان.