خاص "هي"- مشاهد وذكريات من حفل زياد رحباني الأخير في القاهرة

قبل 8 سنوات كان جمهور زياد رحباني في القاهرة على موعد مع اللقاء الأخير له، وكنت واحداً ممن حالفهم الحظ في مشاهدة زياد رحباني على المسرح في الحفل الذي وصف حينها بحفل عودة زياد إلى القاهرة بعد غياب، قبل أن يصبح الحفل الأخير والذكرى الأخيرة بين زياد ومستمعيه في مصر.

أجواء الحفل الأخير للراحل زياد رحباني في القاهرة

أتذكر الأجواء التي أحاطت بحفل زياد رحباني الأخير في القاهرة، والذي أقيم في الأيام الأخيرة من عام 2018 على مسرح المنارة، كان حديث الجميع حول عودة زياد رحباني إلى الحفلات في القاهرة بعد غياب سنوات، والتكهنات حول الأعمال الجديدة التي سيقدمها في الحفل، والجدل حول أسعار التذاكر، التي كانت مرتفعة مقارنة بما أعتاد الجمهور عليه من زياد رحباني، وأخيرا تسابق الجمهور للحصول على مقعد في الحفل أو الحدث النادر.

بسبب هذه الظروف الخاصة والمحيطة بحفل زياد رحباني، لم أثق بقدرتي على حضور الحفل نظراً للإقبال الكبير ومحدودية التذاكر، قبل المفاجأة في اللحظات الأخيرة بتلقي دعوة لحضور الحفل المنتظر، اعتبرت نفسي من القلة المحظوظين، والحظ الأوفر كانت في فرصة التواجد في كواليس الحفل، ورؤية زياد رحباني لأول مرة خارج المسرح!

حضور من كل الأطياف

من أهم المفاجآت في حفل زياد رحباني الأخير، الحضور المتنوع ومن كافة الأطياف في مقاعد الحفل، جمهور من الشباب والمثقفين والإعلاميين إلى العديد من الفنانين والنجوم والذين تحولوا في لحظات إلى معجبين لا يقل حماسهم عن الآخرين للاستماع إلى موسيقى زياد رحباني، من لطيفة الى شيرين عبد الوهاب وكارول سماحة ودرة وغادة رجب وغيرهم، الجميع في حالة ترقب لظهور زياد رحباني على المسرح، والأنظار صوب مقعد آلة البيانو على المسرح، وسط الأحاديث الجانبية حول الأغاني والمقطوعات المتوقعة في الحفل.

كان المشهد اللافت بالنسبة لي بعد انطلاق الحفل، هو مفاجأة زياد رحباني بتقديم العديد من الأصوات الشابة على المسرح أمام الحضور وهذا الكم من النجوم الذين شعرت أنهم كانوا يتمنون هذه الفرصة مثل هؤلاء الفنانين الشباب، ومنهم شيرين عبده وحازم شاهين وهاني عادل ودعاء السباعي وغيرهم، وبعضهم عرفنا إسمه لأول مرة في الحفل، وبجانبهم ما يقارب من 55 عازف موسيقي من مختلف الجنسيات والأعمار.

لاحقاً سمعت زياد رحباني في لقاء تلفزيوني يحكي عن ظروف الحفل، كان اهتمامه الرئيسي حول ضرورة تواجد جميع الموسيقيين الذين عملوا معه، أشاد بعدة مواهب شابة معه في الفرقة، وبعض ممن واجهوا صعوبة في السفر إلى القاهرة من فلسطين أو سوريا ولبنان، واهتمامه الثاني كان في الحضور إلى القاهرة ولقاء جمهوره، وكان يتمنى بالطبع أن تكون هناك المزيد من الحفلات الجماهيرية بأشكال وأسعار تناسب الجميع، ولكن تجهيزات القاعة واستقبال هذا الكم من الموسيقيين وغيرها من الظروف كانت السبب في قلة حفلاته في السنوات الأخيرة.

وداعاً زياد رحباني

كانت اللحظة الأخيرة من الحفل هي الأكثر أهمية بالنسبة لي، والذكرى التي لا تنسى، حين وجدت نفسي داخل غرفة زياد رحباني في كواليس المسرح بعد انتهاء الحفل، الذي استعرض به زياد تاريخه الحافل سواء بأعماله لوالدته السيدة فيروز أو أعماله الخاصة وأعماله الأخرى مثل تعاوناته مع لطيفة التونسية، كان اللقاء معه مفاجئاً وغير مخطط له، شعرت بالرهبة بالطبع خاصة لتوقعي شعوره بالإرهاق بعد الحفل، ولم أجد الكلمات حين صافحته، ماذا أقول؟ هل ينتظر فنان بقيمة زياد رحباني مني ثناء أو إشادة أو تقييماً للحفل؟! وعلى العكس تماماً كان مرحباً بالجميع داخل غرفته وفي حالة سعادة وحماس ملحوظة.

كان زياد رحباني حريصاً على اللقاء بالجميع بعد الحفل والتأكد من استمتاعهم بما قدمه على المسرح، لم أجد إلا أن أطلب صورة تذكارية توثق هذا الحدث التاريخي بالنسبة لي وأنا أشكره على هذا الاستقبال وعلى الحفل وعلى تاريخه وفنه وعلى هذه الذكرى التي لن أنساهاً أبداً.