فيلم Jurassic World: Rebirth

فيلم "Jurassic World: Rebirth" وحوش تائهة في غابة الكليشيهات.. لماذا لا تنقرض ديناصورات هوليوود أيضًا؟

إيهاب التركي
23 يوليو 2025

لو عادت الديناصورات إلى الحياة، لاتهمت صُناع فيلم "Jurassic World: Rebirth" بتهمة إهانة الفصيلة الديناصورية، والتهمت جميع نسخ الفيلم قبل أن تطلق صيحة غضب مخيفة، ثم تعود إلى انقراضها بعد تحقيق ثأرها المستحق. عاد عالم "الجوراسيك" إلى الشاشات بفيلم يُعد الجزء السابع في السلسلة التي أسسها ستيفن سبيلبرج عام 1993 بفيلم أصبح أيقونة. هذه المرة، يقود المخرج غاريث إدواردز رفقة فريق جديد بقيادة سكارليت جوهانسون وماهرشالا علي، مع عودة الكاتب البارع ديفيد كوب الذي قدم لنا "Jurassic Park" الأصلي. الفيلم، الذي صدر في 2 يوليو 2025، يحكي قصة فريق يسعى لاستخراج عينات DNA من ديناصورات عملاقة في منطقة استوائية مهجورة، وبينما تُحاول الشخصيات تحقيق هدفها، فشل الفيلم في استخراج DNA القصة الأصلية ونسخ أفلام ستيفن سبيلبرج.

تكرار بلا روح

يبدأ "Rebirth" بمشهد افتتاحي يعيدنا 17 عامًا إلى الوراء، حيث نشهد اختبارًا فاشلاً لخلق ديناصورات هجينة، مع لقطة غبية لغلاف حلوى "سنيكرز" يتسبب في كارثة تطلق المخلوقات المتوحشة في الجزيرة المعزولة. الفكرة تبدو واعدة، لكنها تنهار سريعًا مع انتقال القصة إلى الوقت الحاضر، حيث توظف شركة دواء شريرة فريقًا بقيادة زورا بينيت (سكارليت جوهانسون) لاستخراج DNA من ثلاثة أنواع من الديناصورات الضخمة الهجينة؛ بهدف استخدامها في تطوير عقار لعلاج أمراض القلب. لكن الحبكة تتحول إلى متاهة من المشاهد الطويلة المملة في النصف الأول، حيث يقضي الفريق ساعات في حوارات توضيحية بطيئة تفسر كل شيء، كما لو أن الجمهور لا يعرف عالم الديناصورات من قبل.

هل يعيد فيلم "Jurassic World: Rebirth" تكرار أفكاره؟
هل يعيد فيلم "Jurassic World: Rebirth" تكرار أفكاره؟

المشكلة الأكبر تكمن في ضعف كتابة ديفيد كوب، الذي قدم في السابق سيناريوهات أيقونية ناجحة مثل "Jurassic Park" (1993) و"The Lost World" (1997). هنا، يبدو كوب كأنه يكتب بلا إلهام، متكئًا على صيغة مألوفة ومستهلكة: فريق علمي، شركة شريرة، وديناصورات هائجة. مقارنة بـ" Jurassic Park" الأصلي، الذي جمع بين الدهشة العلمية والتوتر الدرامي، يفتقر "Rebirth" إلى أي جديد. النصف الأول، على سبيل المثال، يضيع في مشهد طويل داخل متحف لإقناع د. هنري لوميس (جوناثان بايلي)، خبير الديناصورات، لمشاركة الفريق المهمة السرية، ولاحقًا مشهد داخل قارب يتحدث فيه الفريق عن خططهم، بينما تتعثر الكاميرا بين وجوه الشخصيات دون هدف، مما يجعل المشاهد يشعر بالملل قبل أن تبدأ المغامرة فعليًا.

مشاهد تصنع الملل في فيلم "Jurassic World: Rebirth"
مشاهد تصنع الملل في فيلم "Jurassic World: Rebirth" 

رحلة إنقاذ الحبكة

في المقابل، الأجزاء اللاحقة تحسنت قليلاً مع مشاهد المغامرة النهرية، لكن حتى هنا، يبدو المشهد مستعارًا من كتاب مايكل كرايشتون الأصلي دون إضافة إبداعية. أما الجزء المتعلق بعائلة الصيادين (أب وابنتيه، طفلة صغيرة وابنة شابة وصديقها الكسول الأحمق)، فقد حاول كوب إنقاذ الفيلم من خواء الشخصيات الرئيسية النمطية بإدخال حبكة فرعية عن عائلة بريئة تتعرض للخطر. لكن هذا الإدخال بدا مصطنعًا، حيث لا يضيف شيئًا جوهريًا سوى إطالة الزمن وخلق مشاهد مفلفقة لشخصيات أكثر إنسانية وعفوية تتناقض مع فريق البحث الذي بدت شخصياته جامدة، تتحرك كأنها داخل لعبة فيديو جيم متواضعة.

المشهد الذي يظهر فيه الأب يحاول حماية بناته من ديناصور طائر يفتقر إلى التوتر الحقيقي، ويبدو كمحاولة رخيصة لإثارة العواطف دون نجاح. مقارنة بـ"Jurassic Park III"، الذي نجح في توظيف عائلة محاصرة بطريقة ذكية، يبدو "Rebirth" كمن يعيد تجربة فاشلة بلا روح. مشاهد المغامرة الحقيقية والصراع بين أعضاء الفريق والديناصورات تعكس كسلًا وسذاجة في الكتابة وتصميم المشهد، حتى أن توقع الشخصية التي سيلتهمها الديناصور في المشهد القادم أمرًا سهلًا للغاية.

مشاهد المغامرة الحقيقية والصراع بين أعضاء الفريق والديناصورات تعكس كسلًا وسذاج
مشاهد المغامرة الحقيقية والصراع تعكس كسلًا وسذاجة في الفيلم

كاريزما النجوم الغائبة

سكارليت جوهانسون، التي انتظرها عشاق السلسلة كوجه جديد للإنقاذ، تقدم أداءً متذبذبًا كزورا بينيت، مختصة العمليات السرية. رغم مهاراتها الجسدية التي ظهرت في أفلام مثل "Black Widow"، تبدو هنا كأنها تؤدي دورًا لا يناسبها، حيث تفتقر شخصيتها إلى العمق العاطفي. مشهد يظهرها وهي تحاول الهرب من تيتانوصور مع تعبير جامد يبرز هذا الضعف؛ لا نرى أي انفعال حقيقي، فقط حركات آلية. تغيب كاريزما جوهانسون أو أي إضافة حقيقية، تبدو كمن حُشرت في دور لا يبرز موهبتها.

ماهرشالا علي، بموهبته العميقة المعروفة من "Moonlight" و"Green Book"، يضيع كذلك في دور دانكان كينكايد، الصديق المخلص. أداؤه يعاني من ضعف السيناريو الذي لا يمنحه سوى ردود أفعال سطحية. مشهد يظهر فيه يلوح بمشعل لصرف انتباه ديناصور كان يمكن أن يكون لحظة بطولية، لكنه تحول إلى لحظة متوقعة ومملة بسبب غياب التفاصيل عن تاريخه الشخصي. يبدو علي كمجرد إضافة تجارية غير مستغلة. الشخصيات الثانوية، مثل جوناثان بايلي كدكتور هنري لوميس، تظهر بطابع نمطي، حيث يبدو دوره كعالم شاب متفائل مجرد صدى لشخصيات سابقة دون تمييز.

سكارليت جوهانسون
سكارليت جوهانسون تؤدي دورا لا يناسبها في الفيلم

رؤية إدواردز تتعثر في الظلال القديمة

غاريث إدواردز، المعروف بـ"Godzilla" (2014) و"Rogue One"، جاء بوعد بإعادة إحياء السلسلة بأسلوبه البصري المميز. لكنه وقع في فخ التكرار، حيث يعتمد على لقطات واسعة للديناصورات دون بناء توتر حقيقي. النصف الأول من الفيلم يعاني من إيقاع بطيء، مع مشاهد طويلة تُظهر الفريق يناقش خططه، مما يفقد الزخم مقارنة بإخراج سبيلبرغ الدقيق في "Jurassic Park"، الذي بنى التشويق تدريجيًا. مشهد الهرب من النهر، رغم كونه مستوحى من كتاب كرايشتون، يفتقر إلى السلاسة التي قدمها سبيلبرغ في "The Lost World"، حيث بدت الديناصورات هنا كأشباح رقمية خفيفة.

إدواردز حاول إدخال لمساته الشخصية، مثل لقطات الإضاءة الذهبية، لكنها لم تنقذ الفيلم من الشعور بالملل. مقارنة بـ" Jurassic World" (2015)، الذي نجح كولن تريفورو في خلق توازن بين الإثارة والدراما، يبدو إدواردز مترددًا، ربما بسبب ضغوط تلبية توقعات الجمهور القديمة. هذا التناقض جعل الفيلم يتأرجح بين محاولة الابتكار والهروب إلى الأمان القديم.

المخرج غاريث إدواردز وقع في فخ التكرار
المخرج غاريث إدواردز وقع في فخ التكرار

العناصر الفنية وسطوع خافت

الجانب البصري كان الوعد الأكبر لـ"Rebirth"، لكن الـCGI، رغم ميزانية 180 مليون دولار، فشل في تقديم ديناصورات مقنعة. مقارنة بـ"Jurassic Park" الأصلي، الذي جمع بين النماذج الآلية وتأثيرات رقمية رائدة، تبدو الديناصورات هنا خفيفة الوزن، كأنها مرسومة فوق اللقطات الحية دون تكامل. مشهد هجوم تيتانوصور على الفريق يكشف هذا الضعف؛ الحركة تبدو غير طبيعية، والظلال غائبة، مما يخرج المشاهد من التجربة. حتى مقارنة بـ"Jurassic World: Dominion" (2022)، الذي قدم ديناصورات أكثر واقعية، يبدو "Rebirth" رديئًا.

التصوير السينمائي لجون ماثيسون يقدم لحظات جميلة، مثل إضاءة الشفق على الماء، ومشاهد الغابة الواسعة التي تُمهد لمسرح صراع ملحمي لم يحدث بين البشر والديناصورات المتوحشة. الموسيقى لألكسندر ديسبالت تحاول استحضار نغمات جون ويليامز الأيقونية، لكنها تبدو متكررة وغير مؤثرة. مقارنة بموسيقى "Fallen Kingdom" التي أضافت طابعًا غامضًا، يبدو "Rebirth" كمن يعيد تشغيل شريط قديم دون إحساس.

الفيلم يمثل محاولة فاشلة لإحياء سلسلة فقدت بريقها
الفيلم يمثل محاولة فاشلة لإحياء سلسلة فقدت بريقها

الفيلم يمثل محاولة فاشلة لإحياء سلسلة فقدت بريقها. بدلاً من أن تكون سكارليت جوهانسون نجمة الإنقاذ، تحولت إلى شاهدة على انهيار درامي وسينمائي، فشل الفيلم بسبب كتابة كوب الضعيفة، الـCGI المتعثر، والمشاهد المملة التي لم تنقذها حتى محاولات إدواردز. عائلة الصيادين، كحل درامي، أضافت عبئًا بدلاً من الإنقاذ، بينما ظلت الكليشيهات - من الشركات الشريرة إلى الهرب من الديناصورات - تطارد الفيلم كظل غير مرغوب. مقارنة بالأجزاء السابقة، خاصة الأصلي، يبدو "Rebirth" كمحطة نهائية لسلسلة تستحق الراحة. ربما كان من الأفضل ترك الديناصورات ترقد في سلام بدلاً من إعادة إحيائها بهذا الشكل الرديء.

الصور من موقع الفيلم الرسمي.