
نغم متميز: بشرى الحمود تكشف لـ "هي" كيف تحول الفن من شغف إلى ضرورة
كما تبدأ المقطوعة بنغمة أولى تمهد للحن. وامتدادًا لمقالة "نغم متميز" المنشورة في عدد شهر يونيو من مجلة هي، والتي سلّطت الضوء على سعوديات يُعدن كتابة النوتة الموسيقية لمسيرة الفن المنفرد في المملكة. نصغي إلى بشرى الحمود صوتٌ عاطفي خرج من زفّة زفاف ليصبح مساحة شفاء ومشاركة وتحرّر.
بين الغناء والكتابة والتدريس، تحوّلت تجربتها الشخصية إلى رحلة صوتية ناعمة لكنها واثقة، تُعبّر عن ما لا يُقال، وتُثبت أن الفن أحيانًا لا يُنقذ فقط… بل يُعيد تعريف الحياة ذاتها.لكامل.
كانت تجربتك الأولى في الزفّات... كيف ساهمت هذه اللحظات المبكرة في تشكيل علاقتك مع الجمهور؟ ومتى شعرتِ أن الغناء بالنسبة لكِ يتجاوز كونه أداءً فقط؟
تجربة الزفّات كانت انطلاقتي الحقيقية في عالم الغناء. من خلالها، تعلّمت كيف أعبّر عن الإحساس، وكيف أتفاعل مع لحظات خاصة مشحونة بالعاطفة. شعرت حينها أن الصوت لا يقتصر على كونه لحنًا، بل هو مشاركة وجدانية، وذكرى قد تبقى مرتبطة بصوتي لسنوات. أما اللحظة التي أدركت فيها أن الغناء أكبر من مجرد أداء، فكانت عندما بدأت أرى تأثير صوتي على مشاعر الناس، وكيف يمكن لصوتي أن يلامس قلوبهم دون الحاجة إلى الكثير من الكلمات.

نشر الأغاني المغنّاة "الكفر" عبر اليوتيوب كان خطوة جريئة في وقتها — كيف ساهمت هذه التجربة في بناء ثقتك بنفسك وبصوتك؟
كانت خطوة جريئة فعلًا، خصوصًا في فترة لم يكن الظهور عبر الإنترنت أمرًا سهلاً أو خاليًا من الانتقادات. لكن اليوتيوب علّمني أن أواجه مخاوفي، وأن أكون صادقة مع ذاتي ومع صوتي. كل تفاعل، حتى النقد، ساعدني على اكتشاف مكامن قوتي وضعفي، وعلّمني كيف أجرّب وأنمو بثقة أكبر.
قدّمتِ أغنيتين من كلماتك وألحانك باللغة العربية الفصحى "آه على فؤادي" و"عند اللقاء". ماذا مثّلت لكِ هذه التجربة؟
كانت هذه من أصدق التجارب التي مررت بها. حين تكتبين وتلحّنين بنفسك، تكتشفين العمق الحقيقي لصوتك — ليس فقط كنغمة، بل كفكرة، وكإحساس، وكوسيلة لنقل رسالة. أعتقد أن تجربة الكتابة، ولو مرة واحدة، تمنح الفنان فهمًا أعمق لذاته ولرسالته الفنية. ومع أنها تجربة ثرية، فإنها ليست شرطًا للجميع، لكنها تستحق أن تُخاض.
هل يوجد أسلوب تعبيري معيّن تشعرين أنه يُشبهك أكثر الغناء العاطفي، أم النغمة الهادئة، أم الطابع القوي؟ ولماذا؟
أميل إلى الغناء العاطفي وإلى النغمات الهادئة، لأنني أجد فيهما مساحة أوسع للتعبير الصادق. أحب أن أقدّم إحساسي بهدوء وشفافية، وغالبًا ما تكون اللمسة البسيطة أعمق أثرًا من الأداء المرتفع أو القوي. بالنسبة لي، الغناء هو إحساس أولًا وأخيرًا.
مررتِ بتجربة صحية صعبة، وجعلتِ من الغناء وسيلة للدعم النفسي... كيف أثّرت تلك المرحلة في علاقتك بالفن؟ وهل أعادت تعريف الغناء بالنسبة لكِ؟
بلا شك. في تلك المرحلة، أصبح الفن وسيلتي للشفاء، ولم يعد مجرد وسيلة للتعبير. الغناء حينها كان بمثابة التنفّس — شيئًا أنقذني من الصمت والضعف، وأعادني إلى ذاتي. لم يعد الغناء ترفًا، بل أصبح ضرورة.

ما هي اللحظة التي شعرتِ فيها أن الفن أنقذك حقًا؟
كانت بعد فترة تعب طويلة، حين غنّيت لنفسي للمرة الأولى، دون تفكير في رأي الآخرين أو تقييمهم. كنت وحدي، وصوتي وحده هو من أعاد إليَّ شعوري بالوجود، ومنحني يقينًا أنني لا زلت قادرة على التعبير. عندها أيقنت أن الفن، أحيانًا، يكون طوق النجاة.
درّستِ الصوت لمدة عامين، ما أبرز ما تعلّمتِه من هذه التجربة؟ وهل غيّرت طريقة استماعك للأصوات من حولك؟
أهم ما تعلّمته هو أن أستمع بإنصاف. لا يوجد "صوت خاطئ" أو "غير جميل" — لكل صوت طيفه الخاص ومجاله الذي يمكن أن يزدهر فيه. أصبحت أقدّر التفاصيل الصغيرة: النفس، الاهتزاز البسيط، وحتى لحظات الصمت بين الجمل. التجربة غيّرت ذوقي الفني وطريقتي في الاستماع بالكامل.
ما القرار الذي دفعكِ إلى التفرّغ الكامل لمشروعك الفني؟ وهل شعرتِ بالخوف أم بالحرية؟
كان عليّ أن أختار بين الأمان وبين الصدق مع نفسي، واخترت أن أكون صادقة، حتى وإن لم يكن الطريق واضحًا تمامًا. نعم، كان هناك خوف، لكنه لم يكن بحجم الحرية التي شعرت بها بعد اتخاذ القرار. أصبح لديّ الوقت لأستمع إلى نفسي، وأخوض تجاربي الفنية بكل ما أملك من شغف وصدق.