
رانيا أبو النصر لـ "هي": أطمح للعالمية في مجال تصميم الأزياء والتوازن بين العمل والأمومة هو سر نجاحي
في عالم يتقاطع فيه الذوق مع الحضور الطاغي، والنجاح مع الشغف، تبرز رانيا أبو النصر كأحد الأسماء اللافتة في ساحة الموضة والتصميم في المنطقة العربية، ليست فقط كزوجة الفنان ماجد المصري، ولا مجرد أم توازن بين الأسرة والعمل، بل امرأة قررت أن تصنع خطها الخاص، وتترك بصمتها على خريطة الموضة، في هذا الحوار لمجلة "هي"، مع المصممة المصرية، نكتشف أسرار نجاح رانيا أبو النصر، وصفحات تجربتها، ونتعرف على فلسفتها في التصميم، ودورها كأم وزوجة وصاحبة رؤية جمالية لا تخطئها العين، وكذلك دعم عائلتها إلى طموحاتها في التوسع خارج المنطقة العربية، والتحديات الصعبة التي واجهتها.
ما الذي ألهمك لدخول عالم تصميم الأزياء؟ وكيف بدأت رحلتك؟
لطالما كنت محاطة بأصدقاء ومتابعين يبدون إعجابهم بذوقي في اختيار الملابس وتنسيق الألوان، وكانوا دائما يطلبون رأييـ هل هذا اللون مناسب؟ هل هذا التصميم يليق؟ وكنت أجد نفسي، دون قصد، مرجعا لمن حولي في عالم الموضة، تلقيت العديد من الرسائل والمطالبات بأن أطلق خط أزياء يحمل اسمي، ومن هنا، وبدفعة حب ودعم حقيقية من المتابعين وأصدقائي، ولدت الفكرة.

كيف تصفين فلسفتكِ الخاصة في التصميم؟
فلسفتي تقوم على معادلة البساطة + الشياكة = أناقة ملفتة، أؤمن بأن التصميم لا يحتاج إلى تعقيد ليكون مؤثرا، بل يحتاج إلى انسجام بين القَصّة واللون والخامة،أختار الألوان بعناية، ليس فقط من منظور جمالي، بل بما يليق بجسد كل امرأة، فليس كل لون يناسب كل قوام، ولكل جسم لغته الخاصة، ويجب أن يحترم ذلك في كل قطعة.
ما بين الريش، التول، الساتان والدانتيل، كيف تختارين خاماتك؟
اختياراتي للخامات تعتمد على ثلاثة عناصر التصميم، اللون، وشكل الجسم، أحب المزج بين الخامات بجرأة مدروسة، كأن أدمج الجلد مع الدانتيل، أو الساتان مع الريش أو الأقطان المخملية، هذا التداخل يمنح القطعة حيوية وأناقة.

في زمن الموضة السريعة Fast Fashion .. كيف تحافظين على خصوصية هوية تصاميمك؟
أرفض التنازل عن جودة الخامة،و الفينيشنغ "اللمسات النهائية" بالنسبة لي ليس تفصيلا، بل هو أساس، قد تكون قطعة في عالم "الفاست فاشن" جميلة المظهر، لكنها لا تعيش، أتابع الموضة العالمية بالطبع، لكنني أضع بصمتي الخاصة، حتى لو كان ذلك يعني أنني سأجرب أكثر وأتعب أكثر، لن أقدم قطعة، إلا إذا كنت مؤمنة بها من الداخل، ومقتنعة أنها ستعيش.

هل تتذكرين أول تصميم لك كشفتي عنه؟ وما كانت ردود الفعل عليه؟
أول تصميم رسمي خرج من بين يدي كان منذ خمس سنوات، كانت إطلالة بلون أزرق مميز، صممتها لنفسي، وارتديته، والتقطت له صورا وشاركته على انستجرام، لم أكن أتوقع هذا الكم من الإعجاب والتفاعل، كانت لحظة فارقة دفعتني بثقة نحو إطلاق خط الأزياء الخاص بي.
كيف استقبل الناس أولى خطواتك في عالم التصميم؟
الدعم الذي تلقيته كان هائلا ومفعما بالحب الحقيقي، نعم، تلقيت ملاحظات نقدية، وأنا أرحب بها، لكن الأغلبية كانت مشجعة، ووجدت ترحيبا بالأفكار والموديلات التي طرحتها، مما حفزني على الاستمرار والتطور.

ما أصعب منعطف مررت به كمصممة؟ ومتى شعرت أن اسمكِ بات علامة؟
أصعب ما واجهته كان في البداية التعامل مع منفذي التصاميم، فمجال التصميم ليس سهلا، ويحتاج إلى تفاهم عميق وثقة متبادلة، في البداية، شعرت أن التواصل صعب، وأن أفكاري قد لا تترجم كما أريد، لكن مع الوقت، وفقني الله بفريق يحب العمل ويؤمن بما نقدمه، وباتوا شركاء في النجاح، شعرت أن اسمي بدأ يتحول إلى علامة حقيقية، عندما بدأت أتلقى طلبات من فنانين وشخصيات عامة، وبدأت الشحنات تُرسل إلى السعودية، الكويت، البحرين، الإمارات وقطر، هنا شعرت أن رانيا أبو النصر لم تعد فقط مصممة، بل اسم يتداول ويطلب.

هل هناك مدينة أو مرحلة ألهمت رؤيتك الإبداعية؟
نعم، مصر، فأنا خريجة آثار، وتأثرت بشدة بالحضارة الفرعونية، هناك شيء ساحر في الأشكال، الألوان، والتفاصيل التي تركها المصري القديم، والتي ألهمت العالم حتى اليوم، أستلهم كثيرا من تلك الروح، وأحاول أن أدمجها بأسلوب عصري حديث، يمزج بين العراقة والحداثة.
من خلال جلسات التصوير التي تظهرين بها بنفسك، هل تحاولين إيصال رسالة حول الثقة بالنفس والتمكين من خلال الأزياء؟
في الحقيقة، ظهوري في جلسات التصوير ليس له هدف أبعد من عرض التصاميم بشكل واقعي، لاحظت من تعليقات المتابعين على انستجرام، أنهم يحبون رؤية الموديلات علي، ويجدونها لطيفة وأنيقة، وهذا يجعلني أكثر حرصا على تلبية رغبتهم في ذلك، أشارك أحيانا مع عارضات أحبهن وأثق بذوقهن، لكن إذا كان هناك تصميم يعجبني بشدة، أفضل أن أرتديه أنا وأعرضه، فلا أسعى إلى الظهور لأجل الشهرة، ولا يشغلني أن أكون أنا "رانيا" في الواجهة، ولكن أحيانا يكون ارتداء التصميم من قبلي هو الوسيلة الأمثل لإبرازه.

كيف تؤثر ردود فعل متابعيك على تطوير تصاميمكِ المستقبلية؟
ردود أفعال متابعيني مؤثرة للغاية، في كثير من الأحيان، ألاحظ أن ما يقرب من 90% من المتابعين يبدون إعجابهم بالتصميمات التي أرتديها شخصيا أو تلك التي أقدمها بطريقتي الخاصة، هذا الشعور يمنحني طاقة إيجابية، ويعزز ثقتي بأنني أسير في الاتجاه الصحيح، أعتبر كلماتهم دعما حقيقيا، وأشكرهم دائما لأنهم يمنحون من وقتهم لي ويتابعونني، ويعبرون عن إعجابهم بكلمة طيبة قد تصنع يومي.

بصفتك مصممة وأم وزوجة لفنان له جماهيريته، كيف تنجحين في إدارة الوقت والطاقة؟
البيت يأتي دائما في المرتبة الأولى، سواء أطفالي أو زوجي، لكنني في الوقت نفسه أعرف كيف أُقسم وقتي، زوجي وأولادي يدعمونني بشكل مستمر، ويمنحونني المساحة لأركز وأنجح، في مواسم معينة، كالإجازات والصيف، أخصص وقتا أكبر للعائلة، وأتابع العمل بصورة أخف، هناك مناسبات لا يمكن التغاضي عنها، ويجب أن نكون فيها معا كأسرة، وهذه اللحظات هي ما يعزز استقراري ونجاحي.

هل هناك مساحة في يومك لا تتنازلين عنها؟
نعم، لا أتنازل أبدا عن التواجد مع أولادي، إذا لم يكن ماجد متواجدا بسبب العمل، أحرص على أن أكون موجودة مع الأولاد، أعود من عملي لأتناول الغداء معهم ثم أعود إلى مهامي، من المهم جدا بالنسبة لي أن أكون "أما" قبل أي شيء، كما أنني مصممة أزياء، والنجاح في المنزل هو الأساس، وإذا اختل هذا التوازن، لا يمكنني أن أبدع في عملي.
هل تتدخلين في اختيارات أبنائك في الملابس؟ وهل تحاولين غرس الذوق الفني فيهم أم تتركين لهم حرية التعبير؟
أتدخل أحيانا برأيي، لكنني أحرص على أن أترك لهم مساحة للاختيار، حتى يعتادوا اتخاذ القرار السليم، أقول رأيي، ونصل غالبا إلى حل وسط، الأجيال الجديدة أكثر تعقيدا بسبب اختياراتهم، لكنني دائما أحاول مساعدتهم على تطوير حسهم الجمالي من دون فرض، شيء عليهم.

هل تناقشين أبناءك في عملك كمصممة؟ وهل يبدون رأيهم في تصاميمك؟
بالتأكيد. ابنتي "داليدا" دائمًا تبدي رأيها، وأحترمه كثيرا، وتعبر بعفوية: "يا مامي ده حلو قوي" أو "لا، مش عاجبني"، أحيانا تقترح تعديلات، وأنا أحب أن أستمع لها، إعجابها بتصميماتي في هذا السن هو شهادة أعتز بها، أما ابني "آدم"، فله روح مرحة ويحب المزاح، لكنه لا يهتم كثيرا بتفاصيل الموضة، وهذه طبيعته.
كيف ينعكس دعم زوجك الفنان ماجد المصري على مسيرتك؟ وهل هناك مساحة بينكما لتبادل الرأي في الموضة والفن؟
ماجد هو الداعم الأول لي، حين قررت دخول عالم الموضة، قال لي: "لازم تدرسي"، وبالفعل التحقت بالمركز الإيطالي ودرست، ثم قال لي: "لازم يكون عندك مكان وفريق عمل"، كانت مرحلة صعبة، وأخذت جهدا ووقتا كبيرا، لكنه ساندني بالكامل، نحن نناقش كل شيء، حتى وإن كان وقته مزدحما، إلا أنه يبدي رأيه دائما في التصاميم، ويكون صادقا، أنا أثق برأيه لأنه يرى الأمور بعين فنية أيضا.

ما الدور الأقرب إلى قلبك من أعماله؟
شخصية "زياد الرفاعي" في مسلسل "مع سبق الإصرار"، العمل كان رائع في كل شيء الأداء، الأزياء، الديكور، وكان مثاليا، ولا أنساه أبدا.
كيف تتعامل أسرتكما مع الشائعات؟
الشائعات لا تهمنا على الإطلاق، نضحك عليها فقط، ولا نعيرها اهتماما، تركيزنا الكامل هو على بيتنا، أولادنا، عملنا، ونجاحنا، لا نعطي لهذه الأمور وقتا أو طاقة.

عندما تحتاجين للراحة أو إعادة شحن طاقتكِ، ما النشاط أو المكان الذي تلجئين إليه؟
السفر، سواء داخل مصر أو خارجها، في الساحل أو البحر الأحمر، السفر هو وسيلتي لإعادة شحن طاقتي، هو ما يساعدني على العودة للعمل والحياة بكل حيوية وتركيز.
ما هي طموحاتك المستقبلية في عالم الموضة؟ وهل تفكرين في التوسع دوليا؟
طموحي لا يتوقف، ما دمت بدأت، يجب أن أواصل، وأطور من نفسي، أحلم بأن يحمل اسمي حضور عالمي، لماذا لا؟ كل المصممين الكبار بدأوا من نقطة بسيطة، أنا بدأت من بلدي مصر، وهي بلد عظيمة، وأطمح أن أمثلها بفخر على المستوى العالمي، أعلم أن هذا يتطلب مجهودا، وقتا، تركيزا، وتكاليف، لكن هذه رحلة أستمتع بها، النجاح الحقيقي هو أن تترك أثرا وتاريخا يذكر.

الصور من حساب رانيا أبو النصر على انستجرام.