عباس النوري لـ "هي": لست ضد المسلسلات المعربة وهذه قصتي مع "مطبخ المدينة"
قامة فنية سورية كبيرة، وحالة متفردة في براعة الأداء التمثيلي، يلمع بريق نجوميته على الساحة العربية دائمًا في كل عمل فني جديد يُطل به، يمتلك مخزون خبراتي كبير جعله واحدًا من جهابذة التمثيل في الوطن العربي، لقد برع في أداء شخصية الخال رستم التمثيلية في المسلسل الدرامي "آسر"، صانعًا حالة من التفاعل الجماهيري والنقدي بشأن أدائه التمثيلي المُتقن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أكدت على ترسيخ إبداعه التعبيري في نفوس المشاهدين.
هو الفنان السوري عباس النوري الذي يروي في مقابلة مع "هي" تفاصيل مشاركته في تجربة دراما الفورمات التركي المعربة "آسر"، تزامنًا مع استمرار عرض حلقاتها الدرامية المثيرة، التي جعلته واحدًا من أفضل الأعمال الدرامية العربية المأخوذة عن فورمات أجنبي في العشر سنوات الأخيرة، كما يتحدث عن ملامسته أصداء نجاح المسلسل الدرامي مع الجمهور، ومرجعه الرئيسِ في المسلسل بين الرواية العالمية الكونت دي مونت كريستو والمسلسل التركي إيزيل، وعن الركيزة الأساسية الدافعة لقبول المشاركة في الدراما المعربة، لا سيما ويوضح أسباب غيابه عن الحضور في أعمال درامية سورية من بين الذي عُرضت في موسم دراما رمضان الماضي، وعن رؤيته لعودة الدراما السورية إلى وضعها الطبيعي، وعن تفاصيل أخرى كثيرة في المقابلة التالية:
في البداية، ما العوامل التي جذبتك للمشاركة في المسلسل الدرامي "آسر" الذي ينتمي إلى نوعية دراما الفورمات التركي المعربة؟
لم أكن أبدًا ضد خوض الفنان العربي تجربة المشاركة في دراما الفورمات الأجنبية المعربة، نظرًا لكون حياة الفنان قائمة على المحاولات والتجربة، لقد كانت وجهة نظري فيها واضحًا منذ البداية، أنها لا تشبه في قضاياها المطروحة، تلك الموجودة في العالم العربي عمومًا، لكن وقت أن عُرضت علي المشاركة في مسلسل "آسر"، وبعد أن قرأت النص الدرامي، أحببت خوض التجربة بعد أن تم تقريب الرؤى للتماس مع الواقع الحياتي في المجتمعات العربية، في تقاطع الشخصيات التمثيلية في القصة الدرامية مع واقع شخصيات حياتية مشابهة في مصر وسوريا ودول عربية كثيرة.
كيف لامست الأصداء الجماهيرية العربية تجاه المسلسل الدرامي "آسر"؟
شعرت أن النجاح قريب للغاية من الجمهور العربي، ما يحملنا المسؤولية في كل أعمالنا المقبلة أن نقتدي ونتحمل مسؤولية تقديم أعمال تتماهى مع الواقع الحياتي للمشاهد العربي، الذي كلما ازداد التقرب منه، كلما ازداد التوازي والتشابه مع الواقع الحياتي الخاص به، خضوعًا لامتحان المشاهد العربي، في مسلسل "آسر" بالتحدي، أشعر أنني راضِ تمامًا عن كل ما جرى وأتوجه بالشكر لمجموعة MBC لقيادة جميع العوامل الموجودة في العمل لتقديمها للمشاهد العربي.
هل كانت رواية "الكونت دي مونت كريستو" المرجع الرئيسِ في تقديم مسلسل "آسر" بعيدًا عن النسخة التركية من "إيزيل"؟
بالطبع، التزمنا بالرواية في المقام الأول وما يتناسب مع المشاهد العربي، الترجمة هي للأفكار لكن الروح العربية لا تُترجم، أعتقد أن مسلسل "آسر" محظوظ بهذا التنوع الجميل في وجود الفنانين السوريين واللبنانيين، جنبًا إلى جنب في عمل درامي واحد.
إلى أي مدى أحببت شخصية "الخال رستم" في مسلسل "آسر"؟
بالطبع إلى حد بعيد، أحببت الشخصية وتبنيت وجهة نظرها، الممثل لابد أن يدافع عن أي شخصية يجسدها تمثيليًا، حتى ولو كان يؤدي دور مجرم، شخصية "الخال رستم" مكتوبة بطريقة تُثير الجاذبية لدى المشاهدين، أتمنى أن نكون استطعنا توصيل شئ إيجابي وجيد إلى جمهورنا العربي العريض.
ما الركيزة الأساسية التي دفعتك إلى قبول الحضور في نوعية دراما الفورمات المعربة بالنظر إلى وجودها على الساحة الفنية مُنذ سنوات طويلة دون المشاركة التمثيلية بها؟
تمثلت في القصة الأصلية لهذا الشكل الدرامي القائم على موضوع جرائم ترتكب يدخل أصحابها السجن، ليخرجوا منه كي يحققوا الانتقام والعدالة، هذا ما تسير عليه رواية "الكونت دي مونت كريستو"، في الوقت ذاته هذه التيمة العجيبة في الدراما، القائمة على العدالة، ما بين الواجب والمسؤولية، تجمع دائمًا الأشخاص الذي يتجمعون لإيجاد الحلول لقضاياهم الشخصية والمجتمعية في آن واحد، لم أكن ضد تجربة دراما الفورمات، لكن كنت أشعر بالتحسس أن أخوض تجربة من هذه النوعية، بشروط تخالف الطريقة المعتاد عليها في العالم العربي.
كيف جرى التعاون والتواصل الفني مع مخرج تركي في عمليات التحضير والتصوير في مسلسل "آسر"؟
أفضل التعاون مع مخرج عربي، يحمل أي جنسية، عن العمل تحت إدارة مخرج تركي أو أجنبي يحتاج إلى الترجمة، ليس فقط ترجمة الحديث، الأمر ليس قائمًا فقط على ترجمة التواصل في الأحاديث، بل في الروح والإحساس، الساحة الشعورية لدى الممثل بحاجة إلى قيادة حقيقية من قبل مخرج يتفهم هذا الشعور، والتناغم الموجود بين الشخصيات، لكن المخرج التركي كان متميزًا للغاية، أود أن أوجه له التحية على هذا العمل المميز على صعيد الصورة، كما أود أن أتوجه بالشكر لـ "الأكتينج كوتش" عروة العربي وجمال سلوم، اللذان سهلا من مهمة ترجمة الأفكار بين جميع الممثلين ومخرج العمل التركي، كانا بمنزلة حلقة الوصل المهمة بين الجميع في المسلسل.
ما أسباب غيابك عن الحضور في الدراما السورية بموسم دراما رمضان الماضي؟
كانت هناك عروض درامية مقدمة لي، لكن ظروف الأحداث الأخيرة في سوريا، حالت دون المقدرة على تنفيذ مسلسل "مطبخ المدينة" مع المخرجة رشا شربتجي، حاولنا التنسيق بين وجودي في تركيا لظروف تصوير مسلسل "آسر"، لكن الظروف التي حدثت أجلت من تقديم "مطبخ المدينة"، بسبب صعوبات التنقل بين سوريا وتركيا، لكن من المفترض أن نبدأ في تصوير المسلسل قريبًا.
كيف تابعت الأعمال الدرامية السورية في موسم دراما رمضان الماضي؟
الدراما السورية عمومًا تخضع لظروف استثمارية واقتصادية، مسائل تجارية صعبة بعض الشئ، ما يؤثر على الكم الموجودة على الساحة بين التزايد والتناقص، ولأن الدراما السورية بلا سوق، فهي تتوجه إلى الأسواق الأخرى، السوق الخليجي والعربي هو الأكبر بالنسبة للدراما السورية، لكن الفنان السوري يكافح ولا يزال يفعل ذلك، شاهدت بعض المسلسلات الدرامية السورية التي عُرضت في موسم دراما رمضان الماضي.
ما الأعمال الدرامية التي نالت إعجابك من بين المعروضة سابقًا في موسم دراما رمضان؟
سعدت للغاية بوجود وحضور عدد كبير من الممثلين السوريين، كانت هناك أعمال درامية أثارت الدهشة في قدرتها على استقطاب المشاهد، من بينها، "البطل" للمخرج الليث حجو، و "تحت سابع أرض" للمخرج سامر البرقاوي، كما سعدت بحضور كل الممثلين الشباب والعمالقة الكبار الذين أوجه لهم كل التحية والتقدير.
هل تنتقد قرارات نقابة الفنانين في سوريا وانتشارها في الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي؟
أنتقد كل حالة تصل وتنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي بهذه الطريقة، الإعلان عن أي قرار لا يجب أن يتم بهذه الطرق التي جرى الإعلان بها في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، أؤيد أن يذهب القرار لصاحبه فقط، دون الإعلان عنه من مصادر رسمية.
في النهاية، متى تعود الدراما السورية إلى وضعها الطبيعي من وجهة نظرك؟
الدراما السورية لا تزل في وضعها الطبيعي، هي دائمًا قائمة أن تكون في ظروف مرتبكة، ليست لدينا أي مؤسسات حقيقية تقوم على تقاليد إنتاجية دورية، كما هو الحال في مكنة الإنتاج الدرامي في مصر والخليج العربي ودول أخرى، الفن في سوريا قائم على أهم الكوادر البشرية الموجودة على الساحة الفنية في المقام الأول، لكننا بحاجة إلى عقلية الاستثمار الذي فقدناها من نحو 60 عامًا ، فقدنا عقلية الاستثمار التي تسهم في تنشيط الاقتصاد وكل الصناعات من حولها بما فيها صناعة الثقافة والفن والدراما.
