
38 عاما على رحيل داليدا.. أيقونة الموسيقى التي غنت للحياة وتركت العالم حزينة بسبب الوحدة
يمر 38 عاما على رحيل نجم الغناء داليدا، التي توفيت في مايو 1987 عن عمر يناهز 54 عاما، في صدمة هزت عالم الموسيقى والمحبين حول العالم، وخلال سنوات عمر داليدا، كانت الحياة تخفي لها الكثير من المفاجآت والتحولات التي عاشتها بين أكثر من بلد، لكن رغم كل ما مرت به، نجحت في ترك بصمتها الخاصة، كواحدة من النجمات اللاتي غنين للحياة والأمل والحب ومع ذلك، رحلت بسبب شعورها بالوحدة واليأس، بعد كل ما عاشته خلال حياتها القصيرة.
رحلة من مصر إلى فرنسا
داليدا رغم أنها من أصول إيطالية، كانت عائلتها تعيش في مصر خلال فترة الثلاثينيات، وهناك ُلدت في حي شبرا، حيث تعلمت وعاشت لفترة طويلة حتى بلغت سن الـ18، وهي المرحلة التي قررت فيها أن تغير مسيرتها بشكل كامل، لا سيما أن عائلتها كانت تسعى في البداية لأن تعمل سكرتيرة، لكن داليدا التحقت بمسابقة ملكة جمال، وحصلت على الجائزة الأولى في مسابقة ملكة جمال مصر، وكانت تلك الفترة شاهدة على توهج السينما في مصر، فتم ضمها للمشاركة في أعمال مصرية، وشاركت بالفعل في فيلم مصري، والتقت خلال تلك الفترة بالفنان عمر الشريف، الذي أشار في وقت سابق إلى أنه كان معجبا بها.

داليدا كانت طموحة ومستمرة في العمل، وكانت تحلم بالعمل في باريس، وهو القرار الذي حسمته، فانتقلت إلى العاصمة الفرنسية في نهاية عام 1954، وبدأت المشاركة في عروض موسيقية في ملاهي الشانزليزيه، كما أخذت العديد من الدروس في الغناء، وكانت على موعد مع بداية ستغير حياتها إلى الأبد، وتحديدا مع أغنية "Bambino"، التي لم تكن في الأصل مقررة لها، لكن جاءت الفرصة لتبدأ مرحلة جديدة في حياة واحدة من أنجح المطربات حول العالم.
داليدا تصنع تاريخا موسيقيا استثنائيا
استطاعت داليدا على مدار حياتها أن تصنع مجدها الخاص، وتنجح في فرض حضورها الغنائي على مدار ما يقارب ثلاثة عقود، أصبحت خلالها الفنانة الأكثر توهجا غنائيا في أوروبا، فلا يمكن نسيان النجاح الكبير الذي حققته أغنية "Bambino" التي تصدرت لأسابيع طويلة في فرنسا، لتصبح حديث الجمهور في باريس، وتتصدر صورها أغلفة المجلات. وفي عام 1958، حصلت على جائزة الأوسكار من راديو مونت كارلو، التي توِجت بها في العديد من المرات.
استمرت داليدا في رحلتها الغنائية خلال فترة الستينيات، وأصبحت المطربة المفضلة في باريس، بفضل تقديمها مجموعة من الأغاني الناجحة التي تألقت بها في الستينات والسبعينات وكذلك الثمانينات، النجمة الإيطالية-الفرنسية طرحت أغنية Il Venait D’Avoir 18 Ans التي تصدرت المركز الأول في أكثر من دولة، وبيع منها ما يزيد على 3.5 مليون نسخة، كما قدمت أغنية Darla Dirladada، وأغنية Paroles Paroles، ثم حققت نجاحا خاصا من خلال أغنية Gigi l’Amoroso، التي تعتبر من أنجح أعمالها الغنائية.

داليدا نجمة غنت بـ7 لغات
النجمة داليدا امتلكت شعبيتها الواسعة حول العالم، ليس فقط بسبب أدائها لمجموعة من أنجح الأغاني الفرنسية خلال تلك الحقبة الزمنية، بل لأنها كانت مطربة قادرة على اكتساب قاعدة جماهيرية أوسع من فرنسا وحدها. فقد غنت بسبع لغات، من بينها اللغة العربية التي اكتسبتها من سنوات عمرها الأولى في مصر، وكذلك اللغة الإيطالية التي تعود إلى أصولها وأسرتها، بالإضافة إلى الإنجليزية والإسبانية والألمانية، وهذا ما جعلها واحدة من أكثر النجمات اللاتي اخترن الغناء بعدة لغات، وتقديم نسخ مختلفة من الأغاني.
ورغم ذلك لم تقدم مجموعة ضخمة من الأغاني باللغة الإنجليزية، وفضلت أيضا الابتعاد عن إقامة حفلات في الدول الناطقة بالإنجليزية، واكتفت فقط بخمس جولات في نيويورك، ولوس أنجلوس، ولندن، معظمها خلال فترة الثمانينات.
رحلة عاطفية قاسية عاشتها داليدا
رغم النجاح الكبير، وشغفها المتواصل بالموسيقى والغناء على مدار سنوات عملها، وحرصها المستمر على تطوير نفسها من خلال الدراسة، واستغلال شهرتها الواسعة، والنجاحات التي حققتها، إلا أن حياتها العاطفية لعبت دورا مهما في المصير الذي وصلت إليه في النهاية، منذ شبابها، مرت داليدا بالعديد من الصراعات العاطفية، بدأت بقصة ارتباطها بلوسيان موريس، التي استمرت سنوات وسط تأخر في قرار الزواج، الذي تم أخيرا عام 1961، لكنه لم يدم طويلا، حيث انفصلت عنه سريعا، ثم ارتبطت لفترة بجان سوبيسكي.

مرت داليدا خلال فترة الستينات بمواقف عاطفية صعبة، حيث دخلت في علاقة جديدة مع لويجي تينكو، الذي تسبب انتحاره في تصدع كبير في شخصيتها، وحاولت أكثر من مرة الانتحار، وتحديدا في نهاية الستينات، لكنها نقذت، لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها، وتدخل في علاقة مع المطرب آلان ديلون لفترة، كما صدمت بوفاة زوجها السابق لوسيان موريس، وكانت تجربتها المريرة مع الإجهاض محطة قاسية في حياتها، لأنها حرمتها من فرصة الإنجاب.
كل تلك المواقف شكلت ثقلا ضخما على روح داليدا، التي تميزت أعمالها الغنائية في الفترة الأخيرة من حياتها بالحزن، وقدمت خلالها أغاني مثل Je Suis Malade و Mourir sur Scène التي اتسمت بطابعها الحزين، حتى قررت إنهاء حياتها بالكامل في مايو 1987، بعدما تركت رسالة حزينة تؤكد فيها أنها لم تعد قادرة على تحمّل الحياة.