عادل إمام

الأبناء يعيشون في جلباب عادل إمام ... إعادة أفلام "شمس الزناتي" و"البحث عن فضيحة"!

إيهاب التركي
10 يناير 2024

جزء من أزمة السينما التُجارية هو البحث عن أفكار مُختلفة وجذابة للجمهور، والحل السهل هو البحث عن أفكار أفلام عُرضت ونجحت في شباك التذاكر؛ وإعادة إنتاج فيلمي "البحث عن فضيحة"، و"شمس الزناتي" خلال الشهور القادمة يأتي في هذا الإطار. يجمع بين العنوانين اسم "عادل إمام"؛ بطل الفيلمين الأصليين، ويجمع بين مشروعي إعادة إنتاجهما اسم "رامي إمام"، مخرجًا للنسخة الحديثة من "البحث عن فضيحة"، و"محمد إمام" بطلًا" للنسخة الحديثة من "شمس الزناتي"، ويبدو أن كلاهما لا يُمانع العيش في جلباب الأبُ، حتى لو كان الجلباب واسعًا للغاية.

شمس الزناتي والبطل الشعبي!

نجح فيلم "شمس الزناتي" وقت عرضه عام 1991 بسبب نجومية "عادل إمام" أولًا؛ فهو استمرار لمرحلة شجيع السيما؛ الشخص الي يتعامل مع قسوة الظروف بقبضة قوية ودهاء ثعلب، ويُضاف إلى ذلك بالطبع جاذبية شخصيات أصدقاء البطل وأعضاء فرقته، وكاريزما الشرير الذي جسده "محمود حميدة" في دور المارشال برعي، بالإضافة إلى الموسيقى التصويرية التي قدمها "هاني شنودة".

شمس الزناتي والبطل الشعبي!
شمس الزناتي والبطل الشعبي!

من العوامل الأخري التي ساهمت في نجاح "شمس الزناتي"، قدرة المخرج "سمير سيف" على صناعة بيئة جذابة للأحداث؛ وهي البيئة البدوية الصحراوية، وهي بيئة صعبة وبعيدة إلى حد ما عن أجهزة الأمن المُتواجدة أكثر في المدن المُكتظة بالسكان؛ وهذا جعل من دور شمس الزناتي وفرقته بمنزلة الجيش الشعبي الصغير الذي ينصر قرية يسكنها أبرياء يتعرضون للسطو والتنكيل من قبل عصابة من الأشقياء قُساة القلوب.

القصة أيضًا جمعت بين الرومانسية والمُغامرة والأكشن، وهي نفسها ملامح أفلام الممثل "محمد إمام"، المرشح لإعادة تجسيد شخصية شمس الزناتي على الشاشة، وأفلامه "جحيم في الهند"، و"لص بغداد"، و"عمهم" وغيرها تسير على التوازي مع نوعية أفلام الأكشن التي قدمها "عادل إمام" في الثمانينيات والتسعينيات"، وأبرزها بلا شك "شمس الزناتي".

قصة الفيلم مُقتبسة من الفيلم الأمريكي "السبعة الرائعون" "The Magnificent Seven" الذي عرض عام 1960، وهو من نوعية الكاوبوي، ويحكي قصة مجموعة من الرماة البارعين يطلب منهم مجموعة من المزارعين نجدتهم من بطش ونهب المارشال برعي وعصابته.

الكتابة السينمائية في السينما المصرية المُعاصرة ليست في أفضل أحوالها، والحال مستمر مُنذ عقود، واللجوء إلى اقتباس أفكار أفلام أجنبية لا يحل المشكلة تمامًا؛ فهو مُجرد استعارة إطار جميل وأنيق ليؤطر لوحة مُتواضعة؛ لأن الأزمة الحقيقية هي كتابة السيناريو، وربما نجت بعض الأفلام المُقتبسة القديمة بفعلتها لأسباب عدّة؛ منها جودة تمصير الحبكة الأجنبية وخلق ملامح مصرية جذابة لها، وأيضًا كاريزما البطل، وظروف عرض الفيلم وقتها، ولكن تكرار النجاح باقتباس نجاح أعمال قديمة مُقتبسة في الأصل لا يدل إلا على حالة بؤس سينمائي شديدة.

 "The Magnificent Seven"
"The Magnificent Seven"

البحث عن فضيحة والاقتباس!

اكتشف أحد المهتمين بالكتابة السينمائية أن أفكار غالبية أفلام المُمثل الكوميدي "أحمد حلمي" الناجحة مأخوذة عن أفلام أمريكية معروفة، على العكس من أفلامه الأولى الأقل شهرة ونجاحًا؛ مثل "ميدو مشاكل"، و"صايع بحر"، وهي أفلام أفكارها أصلية ومحلية، ومكتوبة خصيصًا للسينما، وهذه الحقيقة لم تدفع صُناع الأفلام إلى الاهتمام أكثر بكتابة سيناريوهات أصلية أكثر جاذبية واتقانًا.

اقتباس الأفلام أمر قديم في صناعة السينما المصرية، و"شمس الزناتي" و"البحث عن فضيحة" ضمن قائمة طويلة للأفلام التي تم تمصيرها عن أعمال أجنبية، وقائمة أفلام "عادل إمام" تكتظ بعناوين أفلام مُقتبسة عن أفلام أجنبية؛ بعضها مُمصر بشكل جيد، أما أفلامه الأكثر أهمية فجزء كبير منها كتبها الراحل "وحيد حامد"، وهو سيناريست بارع كتب عشرات السيناريوهات للسينما، أغلبها انعكاس فني ذكي للواقع في العُقود بين السبعينيات حتى بدايات الألفية الثالثة.

البحث عن فضيحة والاقتباس!
البحث عن فضيحة والاقتباس!

إعادة تقديم فيلم "البحث عن فضيحة" به جرأة كبيرة؛ فالعمل من كلاسيكيات المصرية، والجمهور يُشاهده حتى الآن، وافيهاته حاضرة في الثقافة الشعبية للجمهور العربي.

الفيلم إنتاج عام 1973، إخراج "نيازي مُصطفى"، سيناريو "فاروق صبري"، بطولة "عادل إمام"، و"ميرفت أمين"، و"سمير صبري"، وعدد كبير من ضيوف الشرف، أما النسخة الجديدة من الفيلم فهي بطولة "كريم محمود عبد العزيز"، ولا تزال قائمة باقي أبطال الفيلم مجهولة حتى الآن، وأيضًا الرؤية السينمائية الجديدة التي تستدعي إعادة عمل شهير لم ينساه الجُمهور.

الخيانة الهوليوودية والحب المصري!

المعالجة السينمائية لفيلم "البحث عن فضيحة" هي أخر ما كتبه أحد أهم كتاب الأعمال المُمصرة في حِقْبَة السينما المصرية الكلاسيكية، وهو الكاتب "أبو السعود الابياري"، اقتباسًا عن الفيلم الأمريكي "دليل الرجل المتزوج" "A Guide for the Married Man"، وهو عمل كوميدي أخرجه الممثل والراقص المعروف "جين كيلي"، وجسد أدوار البطولة فيه "والتر ماثاو"، و"روبرت مورس"، وهو من نوعية يٌطلق عليها "كوميديا غرف النوم"؛ فهو يعتمد على النكات والمشاهد المُثيرة؛ وقصة الفيلم عن رجل مُتزوج "ماثاو" يكتشف أن جاره "روبرت مورس" يخون زوجته، ويستخدم وسائل ذكيّة جداً حتى لا تكتشف زوجته خيانته، وهذه الوسائل تعلمها الجار من أزواج بارعين للغاية في الخيانة الزوجية، والفيلم حكايات خيانات بارعة مُنفصلة يحكيها الزوج الخائن لجاره.

"A Guide for the Married Man"
فيلم "البحث عن فضيحة"

فكرة فيلم "البحث عن فضيحة" ابتعدت عن الثيمة الأصلية للفيلم الأمريكي؛ حتى لا يُتهم بالتشجيع على الخيانة، وتم تلطيف وتهذيب الفكرة، وأصبح البطل مهندس ساذج من أصول ريفية يبحث عن عروس حسناء في القاهرة؛ ويجد ضالته في الحسناء حنان "ميرفت أمين" التي لا تهتم به، واستعان بمشورات صديقه "سمير صبري" ليصل إلى قلب فتاته؛ وهي مشورات كانت تؤدي به إلى مشكلات ومواقف ضاحكة كما شاهدنا في الفيلم.

ضيوف الشرف وحكاياتهم الجانبية هي سر جاذبية فيلم السبعينيات؛ فلم يكن دور "عادل إمام" هو سر نجاح الفيلم الوحيد؛ بل دور "سمير صبري" وباقي ضيوف شرف الفيلم؛ بل أن دور الصديق المُتحذلق "سمير صبري" أكثر إيجابية وجاذبية من دور البطل سامي، الحبيب السلبي ضعيف الشخصية.

 

الصور: لقطات من الأفلام المذكورة.