ماذا خلف ظاهرة الغياب المتكرر لطالبات المدارس في السعودية؟

تعد ظاهرة تكرار غياب طالبات المرحلة المتوسطة والثانوية في المدارس الحكومية في السعودية، إحدى الظواهر المقلقة، والتي تحمل في طياتها الكثير من الآثار السلبية التي تنعكس على المستوى التحصيلي والتعليمي للطالبات بشكل عام.
 
"هي" تلقي الضوء على هذه الظاهرة بعرض أحدث الدراسات الخاصة بها، ورأي مديرات المدارس وأولياء الأمور حولها. 
 
دراسة 
فقد كشفت دراسة أجرتها الباحثة التربوية لطيفة البلوي، المبتعثة السعودية التي حصلت على درجة الماجستير في الأبحاث التربوية من جامعة أدنبره، عن أسباب وأثار الغياب على طالبات المرحلة المتوسطة والثانوية في المدارس الحكومية في السعودية، إلى أن عدم تطبيق المدارس للعقوبات الصادرة بخصوص الغياب، وعدم وعي الأسر بآثار الغياب هي الأسباب الرئيسية، لكثرة الغياب في مدارس البنات في العينة التي شملتها الدراسة.
 
وأشارت الباحثة البلوي إلى أنه لا يمكن إلقاء اللوم في الغياب على طرف واحد كمسبب لها إذ أن مشكلة الغياب معقدة، فهناك أسباب نفسية وأسرية واجتماعية وتعليمية تلعب دور في خلق هذه المشكلة.
 
أما عن آثار الغياب على الطالبات فكشفت الدراسة أن الغياب يسبب انحدار في مستوى الطالبة الدراسي وخصوصا في المواد التي يعتمد فهمها على التحصيل التراكمي للمعلومات مثل الرياضيات والعلوم، وكذلك يضعف الغياب ارتباط الطالبة بالمدرسة والمعلمات وبقية زميلاتها ويضعف قدرتهن على التركيز عند حضورهن للمدرسة، كما أن أثر الغياب يمتد إلى المعلمات وإدارة المدرسة والطالبات المنتظمات، فمن ناحية يزيد الغياب من الأعباء الإدارية مثل تسجيل ومتابعة حالات الغائبات، ويجبر المعلمات على تأجيل الاختبارات والدروس مما يؤدي إلى تأخرهن في رصد الدرجات وتأخر المنهج الدراسي ويسبب الغياب شعور الطالبات المنتظمات بالظلم حيث يرين أن كثيرات الغياب يحصلن علي فرص لا يستحقنها حيث تعاد لهن الاختبارات بدون وجه حق ويستنفذن مجهود المعلمات واهتمامهن بسبب تأخرهن الدراسي عن بقية الطالبات.
 
وخلصت الدراسة إلى عدة توصيات كان من بينها ضرورة الاستعانة بالتقنيات الحديثة لرصد الغياب والتبليغ عنه وإعادة دراسة و صياغة لائحة الانتظام حتى لا يكون هناك مجال لعجز في الفهم أو التطبيق، وضرورة المتابعة الدقيقة للمدارس وإدارات التعليم من قبل الوزارة، واتخاذ تدابير تلزم أولياء الأمور بتحمل مسئولياتهم تجاه تعليم أطفالهم وتواصلهم المستمر مع المدرسة.
 
مديرات المدارس
وأكدت سلوى طاهر مديرة إحدى المدارس، أن الأهل هم السبب الرئيسي وراء هذه الظاهرة، فقالت: "على الرغم من التحذير المستمر للطالبات من تبعات الغياب ونقص درجات الانتظام، إلا أننا لا نلمس أي تجاوب أو اهتمام من قبل الأهل أو الطالبات، وخصوصا في الغياب الجماعي قبل وبعد الإجازات الدراسية ويوم الخميس والذي يكون بسبب سفر الأهل غالباً، ولأن معظم العائلات السعودية تميل إلى تدليل بناتهن، فإنهم وللأسف يعتقدون أن الغياب المتكرر لبناتهن إحدى أساليب الدلال و"الدلع"، ولا يدركون تبعات ذلك على حصيلة الطالبات العلمية في المستقبل".
 
وشاركتها الرأي المديرة مرام محمد، وأضافت: "يعود السبب الرئيسي في هذه الظاهرة إلى عدم وعي الأسرة بأهمية الانتظام في حضور الطالبات للمدرسة وإهمال الوالدين لبناتهن، وضعف المستوي الاجتماعي والثقافي للأسرة، خاصة وأن معظم الطالبات في هذا العمر يملن إلى السهر إلى أوقات متأخرة، وكذلك الملل وغياب الصديقات مما يدل على ضعف الاهتمام بالدراسة حيث تجد معظمهن متعتهن خارج المدرسة". 
 
الأهل
في الوقت الذي تلقي مديرات المدارس اللوم على الأهل في تفاقم هذه الظاهرة، نجد أن الأهل يلقون اللوم على المدارس نفسها، فقد أكدت أم عبدالله والدة لأربع طالبات في هذه المراحل، أن البيئة المدرسية لها دور كبير في غياب الطالبات، فافتقار بعض المدارس للأنشطة الترفيهية التي تجذب الطالبات، وكذلك ضعف مستوى بعض المعلمات وطريقتهن المملة في التدريس وتعاملهن السيء مع الطالبات يسبب الغياب.
 
وأشارت نسرين محمد والدة لطالبتين في المرحلة المتوسطة، إلى أن هناك إيحاءات من بعض المعلمات للطالبات بالغياب، من خلال عدم شرح الدروس في نهاية الأسبوع مثلا، والغياب المتكرر لبعض المعلمات، وكذلك تؤدي صعوبة بعض المواد إلى شعور الطالبات بالعجز فيهربن بالغياب.