لبنان: مجتمع ليبرالي ونساء معنفات!

حل لبنان في المرتبة 16 من أصل 22 دولة عربية من حيث وضع المرأة وفق دراسة أجرتها مؤسسة "طومسون رويرتز" نهاية عام 2013. ويعود السبب في تراجعه الى المعيار القانوني، فالتشريعات اللبنانية ظالمة بحق المرأة...كما تقول المنظمات الحقوقية.
 
وبالرغم من تميّز لبنان بمجتمعه الليبرالي على مستوى التقاليد والأداء المجتمعي، لكنه يعاني من عدم تحديث لقوانينه، التي ما تزال تحتوي على الكثير من الثغرات التي ينفذ من خلالها المعنفون، بعد أن تكون المعنفات من النساء قد دفعن الثمن من كرامتهن..وأحيانا كثيرة دمائهن، وأرواحهن.
 
ولم تفلح بعد المنظمات الحقوقية اللبنانية في إنجاز تشريعات حقيقية تحمي المرأة من التعنيف، على الرغم من تحقيقها إنجازات عدة في هذه المجال، كتوقيف عدد من المعتدين، لكن هذه الإنجازات كانت تحصل فقط عند تعرض إمرأة ما لإعتداء شنيع من زوجها، ما يجعل لكل تقدم في هذا المجال ثمنا عاليا تدفعه نساء لبنان.
 
وقد لاقى مشروع قانون حماية المرأة من العنف الأسري لدى إقراره في مجلس الوزراء العام 2010، انتقادات ورفضاً من بعض المرجعيات اللبنانية، وهذا القانون الذي جرى إقراره من قبل اللجان النيابية المختصة، لا يزال ينتظر الإقرار النهائي في الهيئة العامة لمجلس النواب اللبناني، ولا تزال منظمة "كفى" التي تضم ستين جمعية تعمل منذ عام 2008 من أجل إقرار القانون.
 
وبمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة, وفي إطار فعاليات حملة الـ 16 يوماً العالمية وتحت شعار "اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة", أطلقت "الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة" مشروعين لحماية وتمكين النساء والفتيات إضافة إلى عدد من الأنشطة التفاعلية والعروض المسرحية والندوات التوعوية في عدة جامعات وورش العمل التي تستهدف المحامين والإعلاميين والعاملين في منظمات المجتمع المدني لتعزيز الوعي المجتمعي حول العنف القائم على النوع الاجتماعي وآثاره.
 
ويستهدف مشروع "نساء وفتيات آمنات" النساء والفتيات المستضعفات من اللبنانيات والنازحات السوريات ويعمل على تمكينهن اقتصادياً ومعرفياً لمدة 10 أشهر من خلال دورات مهنية ومهارات حياتية إضافة إلى تعليم اللغات, بدعم من منظمة هارتلاند إيلاينس و بتمويل من منظمة اليونيسف.
 
وتبدو مخاوف المنظمات الحقوقية مبررا، فعدد المعنفات في لبنان في تزايد مستمر وخاصة في  الآونة الأخيرة حيث ظهرت على الإعلام العديد من القصص المؤلمة الناتجة عن تعنيف المرأة بأقسى الطرق وأبشعها.. وأصبحت أسماء كل من رلى ومنى وفاطمة وغيرهن  مثالاً عن أقسى قصص التعنيف في لبنان.
 
رلى يعقوب
هي أم لخمس فتيات في الثلاثين من عمرها ،قتلها زوجها أمام بناتها ،وأصيبت بنزيف قوي في الدماغ ادى الى وفاتها، وأخذت بعدها عائلة الزوج بناتها من عائلة الأم  دون ان تسمح لهن بإلقاء النظرة الأخيرة على الأم قبل دفنها من قبل عائلتها في منطقة حلبا – شمال لبنان. وقد مارس هذا الزوج العنف على زوجته وبناته  لسنوات.وللأسف تم تبرئة الزوج  بالاعتماد على تقريري لجنتي الأطباء اللذان يجزمان بأن النزف لا علاقة له على الإطلاق بانفجار في أمّ الدم (Anevrysme)، وهو مرض وتشوّه خلقي في الأوعية الدموية، بالإضافة الى إغفال قاضي التحقيق لشهادتي الطفلتين اللتين أكدتا ان والدهما يضرب امهما بإستمرار... 
 
منال عاصي
ينضم اسم منال عاصي (33 عاماً) لقائمة المعنفات اللواتي دفعن حياتهن نتيجة صمتهن عن تعنيفهن من قبل الأزواج، فقد انهال زوجها عليها  بالضرب لساعات دون ان ينجح احد بردعه ،فأراق دمها لأنها لم توافق ان يتزوج زوجها بإمرأة اخرى، فإنهال عليها بالضرب  بكل ما أوتي من قوة مستخدماً أواني المطبخ والكراسي والطاولات وعصي التنظيف ،كما اتصل بأمها ليخبرها أنه يقوم بضرب ابنتها داعياً إياها ان تأتي لتشاهد. أتت الأم بصحبة ابنتيها وابنها محمد، والأخير تعارك مع الزوج الذي كان قد أنجز مهمة توجيه ضربات "قاضية" الى جمجمة زوجته قبل وصول العائلة التي قامت بنقلها الى مستشفى المقاصد حيث لم يقاوم جسدها النزيف الداخلي في الدماغ سوى لساعة واحدة. 
 
واستنكرت "جمعية قل لا للعنف" "الجريمة  في حق  منال عاصي،ورأت أن "منال ضحية هذا المجتمع والتقاليد والمورث الثقافي الذي فشل في حمايتها من بين براثن ذلك الوحش المفترس، وتساءلت كيف لم يتم تخليصها من قبل جيرانها وكيف لامرأة لبنانية أن تقتل أمام أعين الجميع من دون أن يحرك احد ساكنا". بدورها رأت نائبة رئيس الجمعية ميرنا قرعوني، "انه لم يعد كافيا المطالبة بإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف الأسري، فان المطلوب بموازاة ذلك العمل على تغيير هذه النظرة الاجتماعية و توعية النساء ليكسرن جدار الصمت وتشجيعهن على الإبلاغ عن كل حالة عنف يتعرضن لها".
 
رقية منذر
عندما اصرت رقية منذر (27 عاماً) على الطلاق  هرباً من العنف الزوجي تعرّضت لضرب مبرّح من زوجها ولإطلاقِ نار أدّى إلى وفاتها على الفور وهي حامل في  شهرها الثاني. لأنها طلبت الطلاق، احتجاجاً على الضرب المتكرر من قبله.
 
وأوضحت جمعية "كفى" أن زوج رقية موقوف قيد التحقيق، وأن الطبيب الشرعي وبعد  الكشف على الجثة قبل غسلها أصدر تقريراً مختصراً لم يشر فيه إلى الكدمات التي كانت على جسدها والتي بدت واضحة على رقبتها وباقي أنحاء الجسد.وأفادت "كفى" بأن عائلة رقية قدمت طلباً للنيابة العامة لإعادة إخراج جثمانها والكشف عليها مجدّداً.
 
تمارة حريصي
أما تمارة حريصي ابنة ال21 ربيعاً  فنجت بأعجوبة من محاولة قتل نتيجة العنف الزوجي، بعدما ضربها زوجها وعذبّها بأبشع الطرق، لكنها استطاعت ان تلجأ الى المخفر  ،وبعدما كشف عليها الطبيب الشرعي، الذي أشار في تقريره إلى وجود عدد من الرضوض في أماكن مختلفة من الوجه والرأس، كما على جسد الضحية، ونزف وكسر في الأنف ورضة قوية فوق الكلية!!!