بيل غيتس: طموح بلا حدود

حياته مليئة بالنجاحات العبقرية والموهبة الخارقة، هو من أبرز أيقونات ثورة المعلوماتية والاتصالات المعاصرة. شخص يعرفه الجميع، جعل من نظام التشغيل الخاص بشركته علامة تجارية مسؤولة عن كل ما نراه اليوم خلف الشاشة، اجهزة الكمبيوترات والهواتف النقالة. انه بيل غيتس Bill Gates مؤسس شركة "مايكروسوفت" Microsoft لتقنيات الحاسوب الذي يصادف عيد ميلاده الـ58 اليوم. 
 
من الطفولة، الى الشباب وتحقيق امبراطورية "مايكروسوفت"، وصولا الى الاعمال الخيرية. كان شيء واحد دائما وراء تحفيز غيتس وهو النجاح. بدأت قصة هذا الرجل المههوس بنجاحه على الساحل الغربي للولايات المتحدة الاميركية في سياتل في 28 تشرين الاول العام 1955، وهو الاخ الوسط بين الاخت الكبرى والصغرى و هو من أصل إيرلندي – اسكتلدني. والد غيتس كان محاميا مرموقا ووالدته معلمة وقد أثرت تأثيرا كبيرا في بناء شخصيته وشحذ مواهبه وذكائه المفرط. وتعتبر عائلة بيل غيتس عائلة ثرية وتتمتع بنفوذ اجتماعي كبير. 
 
أغرست العائلة في نفس غيتس روح المنافسة وارادا ان يكون الافضل في كل ما يقوم به في حياته. كان هدفه ان يصبح ناجحا كوالده. قضى الكثير من الوقت في قراءة الموسوعات مثلا بدلا من لعب البيسبول، وقد تمتع في المدرسة بمعدل ذكاء عال جدا وذاكرة تصويرية واندفاعية ملفتة. قرر والده نقله إلى مدرسة "لايك سايد" الخاصة التي كانت معروفة ببيئتها الاكاديمية بعد ملاحظته تفوقه في مادتي الرياضيات والعلوم. في المدرسة وفي الثانية عشر من عمره، حقق الاكتشاف الذي حدد مسار حياته. 
 
عرفّه استاذ الرياضيات على علوم الكمبيوتر اذ كانت المدرسة من اولى المدارس في العالم التي استخدمت الكمبيوتر. 
 
كان هدفه معرفة كيف تعمل الألة. وحين دخل بيل غيتس عالم الحاسوب، أصبح يقضي معضم وقته هناك ما دفعه لأهمال دروسه، وعدم دخول الحصص المدرسية الأخرى، وكان يشاطره الإهتمام بالحاسوب طالب أخر اسمه بول ألن يكبره بسنتين، وجعل هذا الإهتمام المشترك منهما صديقين مقربين لسنوات طويلة. كان غيتس دائما يفكر عاليا. علم أن الكمبيوترات اللوحية و تلفزيون الإنترنت سيكونان المستقيل القريب المزدهر، والتاريخ أثبت رؤيته. كان غيتس وألان يحصلان على أجر مقابل تصليح وإعادة كتابة الشفرات (الأكواد) بلغة البيسك لبعض من الشركات مثل TRQ و CCC. استطاع غيتس أن ينمّي مهاراته التنافسية، وقبيل التخرج من الثانوية العامة، كان يقول "سأصنع مليوني الأول عندما أكون في الـ25 من العمر".
 
آمن بفكرته، وحين انهى دراسته الثانوية، كان لديه حلم واحد تأسيس تجارة للبرمجة. 
 
لكن لم يؤمن به الكثيرون. فسافر بيل الى بوسطن ليسير على خطى والده، ويدرس الحقوق.
 
في الجامعة، قرأ عن طريق الصدفة، مقالا عن ابتكار اول جهاز كمبيوتر شخصي في التاريخ عبارة عن صندوق حديدي.
 
كان هذا الابتكار اشارة الى أن المشروع الذي يطمح اليه، ممكن التحقيق وفرصة لا يمكن تفويتها. 
 
قرر بيل وألن تطوير برنامج لهذا الكمبيوتر على مدى شهر كامل ليلا ونهارا بمساعدة شخص آخر يدعى مونتي دافيدوف. 
 
باعه بيل بقيمة 3 الاف دولار لصانع اول جهاز كمبيوتر صغير. لم يكن يبلغ العشرين من عمره، حين استعمل المبلغ الذي اكتسبه، ليؤسس شركة مع بول ألن اطلقا عليها اسم "مايكروسوفت" Micro تعني اجهزة كمبيوتر صغيرة وSoft تعني برامج. 
 
كانت الشركة مغامرة نتائجها غير مؤكدة. وفي الرابعة والعشرين من عمره، انجز صفقة العمر، اذ وقّع عقدا ذهبيا مع شركة IBM اكبر شركة متعددة الجنسيات، في الولايات المتحدة، التي كانت تسيطر على صناعة الكمبيوتر، بفضل آلاتها الصخمة، ونسختها الخاصة من اجهزة الكمبيوتر الشخصية. 
 
كان شكل الكمبيوتر مثاليا لكنه كان يفتقر الى نظام التشغيل، وعن طريق الصدفة التقى مهندسو الشركة برجال الاعمال الشباب، ووالدة بيل غيتس هي التي دبرّت الاجتماع عندما تعرفت على الرئيس التنفيذي خلال رحلة في الطائرة. 
 
زار بيل غيتس الشاب مقر IBM في فلوريدا، ووعد بتحقيق المستحيل، نظام التشغيل دماغ الكمبيوتر. 
 
كان من أصعب البرامج التي قام بتطويرها. وقبلت الشركة بعرض بيل بأن يبني نظام التشغيل MS-DOS بالاضافة إلى لغات البرمجة. 
 
وفي العام 1981، زادت مبيعات IBM بواقع 16 مليون دولار، وارتفع عدد موظفي شركة مايكروسفت Microsft. اتبع غيتس استراتيجية لخصّها بنفسه عندما قال بأن شركته "تعرض خدماتها بأسعار رخيصة جدا حتى لا تتمكن بقية الشركات من تطوير برامجها بنفسها بسعر معقول".الإتحاد ما بين شركتي ميكروسوفت و IBM في الثمانينات خلق أول ظاهرة للتسويق للجميع في صناعة الكمبيوتر استنادا على توافر رقائق الكمبيوتر ومستلزماتها بالاضافة إلى نظام تشغيل MS- DOS. وفي العام 1985 بدأت ميكروسوفت بالعمل على واجهة رسومية للكمبيوتر الذي يستعمل الأيقونات بدلا من أسطر الأوامر، مقلدة نظام تشغيل "ماكنتوش"، وبعد أن علمت شركة "أبل" بذلك - الشركة المنتجة لنظام التشغيل ماكنتوش - قامت برفع دعوى ضد مايكروسوفت في المحاكم متهمة اياها بالسرقة. هذه الثورية في بيئة أنظمة التشغيل الجديدة لجهاز الكمبيوتر الشخصي أدت إلى ظهور انظمة تشغيل ويندوز Windows.  وفي العام 1991 انهت "مايكروسوفت" شراكتها القديمة مع شركة  IBM لأنهما اختلفا على مستقبل أجهزة الكمبيوتر الشخصية، وتابعت الشركة الطريق لتطوير وتحسين أنظمة تشغيل ويندوز Windows. 
 
تزوّج غيتس في العام 1994 من ميليندا فرينش، التي كانت تعمل موظفة في شركته، وله ثلاثة أبناء، وبيت فخم يجمعه بعائلته وثروة جعلته يحمل لقب أغنى رجل في العالم سنوات عدة، ويرتقي إلى هذا اللقب بين حين وأخر. وبحسب التصنيف الجديد الذي نشرته مجلة "فوربس" للعام 2013، جاء غيتس في صدارة اثرى اثرياء العالم والاميركي الاكثر ثراء ايضا لهذا العام، مع ثروة مقدرة بـ72 مليار دولار. 
 
وبعد ان حقق المليارات، اتخذ غيتس قرارا آخر سوف يحقق التأثير الاكبر في المستقبل ما سيفعله لو استمر مع "مايكروسوفت" بعد ان تنحّى تماماً عن العمل في العام 2008، وبات رئيساً غير تنفيذي يمتلك حوالي 4.5% من اسهم الشركة واكبر مساهم منفرد. فكانت ولادة المؤسسة الخيرية مع زوجته " مؤسسة بيل وميليندا غيتس الخيرية" مقررا التبرع بنسبة 95% من ماله للمؤسسة "المشوار الذي اخترته في حياتي كان مليئا بالنجاحات، وهذا النجاح الذي حققته منحاني الفرصة لاختيار الطريق التي يجب ان اردّ بها الجميل الى المجتمع لتحقيق اكبر فائدة ممكنة من وراء ذلك، وكل ما تعلمته في مجال عملي يمكنني تطبيقه، لمد يد العون الى اكثر الناس فقرا، من خلال استخدام العلم، وتسليط الضوء على احتياجات الفقراء والتقدم الذي يمكن تحقيقه من وراء ذلك. عندما بلغت الخمسين من العمر، قررت أن هذا ما كان ينقصني اكثر من اي شيء اخر". 
 
يؤمن غيتس انك إن كنت ذكيا وتعلم كيف تستخدم ذكائك بإمكانك أن تحقّق المستحيل "النجاح معلّم سيء، فهو يغري الأذكياء بالتفكير أنه من المستحيل أن يخسروا". صحيح اننا نتعلم من الامور الناجحة التي تحصل في حياتنا لكن يمكن أن يغيّم على الرؤية ما يتسبب بزيادة الثقة بالنفس على نحو واهم وبدون استعداد فعلي للتحديات التي يحملها المستقبل. حالم وطموح ولكنه أيضا يعمل بجهد ليحقق رؤيته وطموحه فهو لا يؤمن بالحظ ولكن يؤمن بالعمل الشاق، المثابرة وروح المنافسة.