السعودية ثريا بترجي لـ هي : أسعى للارتقاء بأدب الطفل إلى مستويات عالمية

جدة: منى سعود سراج Mona Siraj

سيدة الأعمال السعودية ثريا بترجي رسامة تشكيلية بطبعها، اختار والدها الإدارة مجالا لها، فتخصصت في الاقتصاد، لكن ما لبث أن عاودها حنين الطفولة، وقادها حسها المرهف إلى عالم الرسم، فاستهواها أدب الطفل، فحولها من عالم الاقتصاد والمال إلى ناشرة في أدب الأطفال، فأسست في عام 2006 دار "كادي ورمادي" المتخصصة في طباعة ونشر وتوزيع كتب الأطفال باللغة العربية، وهو الأمر الذي أهلها وبجدارة لأن تمثل المملكة في "جائزة الناشر الشاب"، وهي عضوة في لجنة كتاب الطفل التابعة للمجلة العربية بوزارة الثقافة والإعلام، ولجنة إحياء مكتبة الملك فهد العامة، وعضوة بجمعية الناشرين السعوديين واتحاد الناشرين العرب، متزوجة من مازن إياد مدني، ولها من الأبناء ثلاثة. "هي" حاورتها، لتحكي لنا عن مسيرتها ونجاحاتها في الحياة، وكيف استطاعت أن تحقق ما كانت تحلم به في عالم الطفل والمحافظة على ثقافته. في 2002 استنشقت رائحة "كادي ورمادي".. أين كنت قبل ذلك؟ أنهيت دراستي الجامعية في عام 1998، وفي نهاية العام رزقت بابني البكر، وتفرغت إلى حد ما لدوري كأُم للمرة الأولى، وحينها كنت أساعد صديقتي في إدارة مؤسسة "شمعة لا تنطفئ" لبطاقات التهنئة العربية. الفن والاقتصاد ثم أدب الأطفال، ثلاث محطات في حياة امرأة سعودية، كيف نفسر ذلك؟ منذ صغري وأنا أهوى الفنون بكل أنواعها، وتطوعت كثيرا أيام دراستي المدرسية والجامعية للعمل على مشاريع فنية مع الآخرين، لكنني لم أتوجه لدراسة الفن بشكل متخصص، وبتوجيه من والدي درست الإدارة، تنبؤا منه بمستقبل المرأة السعودية في إدارة الأعمال، ثم اخترت بعدها أن أتخصص في مجال الاقتصاد، الذي كان الأقرب إلى ميولي ضمن التخصصات المتاحة. أما توجهي لنشر كتب الأطفال، فلم يأت بمحض الصدفة، بل رغبة صادقة بتطوير مهنة النشر في المملكة، والارتقاء بأدب الطفل إلى مستويات تنافس المنشور عالميا. برأيك من المسؤول عن حرمان الطفل متعة القراءة والكتب التي تتناسب وثقافته؟ كل طفل يستمتع حين يُقرأ له، وحتى الكبار يحبون سماع الحكايات، فهذه طبيعة البشر، لديهم ميل فطري للقصة، فهم بوعي منهم أو من غير وعي يدسون أنفسهم على مسرح أحداثها، ويتخيلون أنفسهم داخلها، كما أن للقصة سحرا في التربية تجعل قارئها يوازن بين نفسه وأبطالها، ويستطيع أن يستنكر أو يوافق أو يتملكه الإعجاب. لكن بعضنا في تعامله مع أدب الطفل يظن أن دوره ينتهي بشراء كتاب أو كتابين فقط لأطفاله خلال العام، ووضعهما أمامهم، ليحبوا القراءة بأنفسهم، والواقع يفرض علينا بذل مجهود حقيقي لجعل القراءة جزءا من حياة أبنائنا في الصغر، لترافقهم عادة القراءة والمطالعة مدى الحياة. وماذا عن دار النشر التي أسستها؟ وما الدور الذي لعبته؟ "كادي ورمادي" هي دار نشر سعودية متخصصة في نشر وطباعة وتوزيع كتب الأطفال باللغة العربية، أُسست بشكل رسمي في عام 2006، ولدينا اليوم أكثر من 30 إصدارا للطفل. ومن أول الكتب التي أصدرناها كان "دليل كتاب ورسامي أدب الأطفال في المملكة العربية السعودية" بتعميد من لجنة ثقافة الطفل التابعة لوزارة الثقافة والإعلام، ومن خلاله استطعنا حصر الكتب الموجودة في مكتبات الطفل في المملكة، وأخذت بعدها على عاتقي مسؤولية المساهمة في إكمال النقص وإثراء المكتبات السعودية، والنهوض بمستوى الأدب المنشور للطفل العربي. هل واجهتك أي عقبات عند التأسيس، وخاصة من الجهات المسؤولة؟ تأسيس دار نشر ليس بالأمر السهل في أي مكان في العالم، لأن من أهم مستلزمات هذه المهنة هو الإلمام بالصيغ التعاقدية المختلفة، واحترام حقوق الأطراف المشاركة في الكتاب، وهو من أصعب المهام دوليا، وللأسف كثيرون يجهلون أو يتجاهلون حقوق المؤلف، وخاصة في عالمنا العربي، أضيفي إلى ذلك أن استخراج تصريح دار نشر في المملكة العربية السعودية يحتاج إلى إذن من وزارة الداخلية قبل وزارة الثقافة والإعلام، لكن هذه الخطوات الإجرائية لم تكن أبدا عقبة في طريقي، وأصعب منها كان إيجاد الكتاب والكاتبات والرسامين والرسامات المحترفات داخل المملكة للتعاقد معهم، ثم البحث عن قنوات توزيع جيدة لتصريف الكتب المنشورة، وأخيرا مراقبة الجودة وتطوير الإنتاج. نشر ثقافة القراءة يحتاج إلى مجهودات مجتمعية ورسمية، ما الذي قمتم به؟ أؤمن كثيرا بأن نجاح كتاب الطفل السعودي وزيادة إقبال الأطفال على القراءة باللغة العربية يحتاج إلى توعية مستمرة وتثقيف المجتمع، وخصوصا الأطراف العاملة في مجال صناعة كتاب الطفل، الذين يجب ألا يقتصر دورهم وينحصر في إصدار الكتاب الجيد فقط، دون التسويق لفكرة القراءة والتركيز على أهمية القراءة باللغة العربية. وانطلاقا من ذلك فقد قمنا في "كادي ورمادي" بالتواصل مع المدارس الأهلية والحكومية لتزويدهم بمجموعة من إصداراتنا السنوية، وتفعيل القراءة ضمن برامجهم اللامنهجية، كما قمنا ببعض القراءات القصصية داخل المدارس مع الكتاب أنفسهم، ونظمنا مجموعة من المسابقات القرائية السنوية الموجهة لطلاب وطالبات المدارس، وفي الفترة الأخيرة أشرفنا بالكامل على ملتقى جدة القرائي للطفل في دورته الأولى. هلا حدثتنا أكثر عن ملتقى جدة القرائي للطفل؟ بداية الملتقى يعتبر مظلة ثقافية تجمع الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التجارية والكيانات غير الربحية، من كتاب ورسامين وناشرين وحكواتيين، وأمناء مكتبات ومكتبات عامة وتجارية ومعلمين وتربويين، وروضات، ومدارس بنات وبنين، وخبراء يعملون بشكل مباشر في مجال ثقافة الطفل للاستفادة من تجاربهم وتبادل خبراتهم الفردية، في فعالية جماعية تنقل للأطفال روعة القراءة، وتحببهم بعالم الكتب. وقد حضره نحو 10 آلاف زائر من سكان جدة وضواحيها، وبعض أهدافنا لهذا العام تمثل في ربط مفهوم القراءة بالمتعة والمرح، ورفع مستوى القراءة بين الأطفال في المملكة العربية السعودية إلى مستويات عالمية، والتشجيع على اقتناء الكتاب الجيد والمساهمة في تكوين المكتبات المنزلية والمدرسية والمجتمعية، وتوفير عدد كبير من الكتب والقصص العربية الورقية والإلكترونية المختارة بعناية من حيث المحتوى والإخراج، ومساعدة الروضات والمدارس على تفعيل برامج مكتباتها بما يخدم العملية التعليمية، ويزيد من كفاءتها، وإرشاد الأهالي والمربين، وتوعيتهم بأهمية القراءة وكيفية اختيار الكتاب الجيد. وننوي بإذن الله تكرار الملتقى بشكل سنوي مع تطويره باستمرار. الحوار كاملا مع مجموعة من الصور تجدوه في عدد يونيو من مجلة هي