منسّق المناسبات وحفلات الزفاف نايمن قزي لـ"هي": العرس هو حلم على أرض الواقع

إعداد: ليندا عيّاش
تصوير: فاتشيه أباكليان

ارتبط اسم نايمن قزي بأكبر و أهم الأحداث والمناسبات وحفلات الأعراس في أروع و أرقى مظاهرها. إنه مايسترو وبأسلوبه الخاص الذي لا يشبه أي أسلوب آخر، فهو صاحب شعار "البساطة الراقية" في عمله.
جال في عدد كبير من البلدان، ووضع بصمته ولمساته الإبداعية على أكبر و أهم مناسباتها، فمن كاليفورنيا إلى نيويورك وطوكيو وروما وميلان وباريس و أبوظبي وصولاً إلى بيروت، مدينته التي عاد إليها ليستقر بعد 30 عاما.
من أسرار نجاحه دراسة مختلف الثقافات لاختيار الفكرة الناجحة والعمل عليها بأسلوب خلّاق، فكل حدث يصبح مع قزّي أشبه بالكرنفال.
أعطى نايمن عالم الموضة من دون حدود، إنه فنان وقائد أوركسترا  الإبداع، وبريشته رسم أجمل الأفكار وطبقها، وهندس بأفكاره  الخلاّقة ديكور أرقى المنازل والمعارض و أعمالا سينوغرافية متنوعة.
وعلى الرغم من طبعه المبدع إلا أنه صارم ومنضبط بأسلوب متميز وبشخصية تعج بالحياة والتفاؤل، وها هو اليوم يتنقّل بين مكاتبه في إيطاليا وغيرها منطلقا من مكتبه الأساسي في بيروت.

كيف أثرت نشأتك في تشكيل شخصيتك وأحلامك؟
كنت في صغري طفلا فضوليا، أرغب في التعرف إلى كل ما يدور حولي، فكنت أراقب جدي وهو يعمل في النجارة، وجدتي وهي تخيط الثياب، وأبي الذي كان يعمل في ميكانيك البواخر، وأمي في إدارة المنزل مع سائر مسؤولياتها الأخرى، وأستفسر عن الكثير من الأمور التي تدور حولي. فكنت باختصار شغوفا بالمعرفة، واكتشفت ميولي إلى كل مجال له علاقة بالإبداع، فانبهرت بصناعات يدوية عدة، ودفعني فضولي إلى التعمق أكثر. باختصار كنت فتى حالما، حلمت كثيرا، لكني لم أترك حلما من دون أن أسعى لتحقيقه. فكبر في داخلي هذا الإحساس الفني إلى أن انتهيت من تحصيلي المدرسي، وسافرت إلى الخارج لأبدأ في تأسيس مرحلة حياتي العملية.
وكيف بدأت أولى خطواتك الفنية؟
ما إن انتهيت من دراسة إدارة الإعمال حتى دخلت مجال العمل المصرفي، وهو العمل الذي كنت أكرهه، لأنه روتيني ولا يمت إلى عالم الفن والإبداع بصلة. لكن خلال سنوات عملي تعرفت إلى الكثير من الأشخاص الذين كان لهم الفضل في أن أنطلق في خطوتي العملية الثانية، فكنت أعمل في تنسيق المعارض والعلاقات العامة والتسويق لعروض الأزياء وللماركات العالمية وللمناسبات المختلفة، فبرز اسمي في هذا المجال، وبدأت عروض العمل تأتيني من كل حدب وصوب. وانطلقت في مجال استطعت خلاله التعبير عن أفكار كنت أختزنها في ذاكرتي منذ صغري. فأسست شركتي الخاصة سنة 1985، وتوسع نشاطي أكثر إلى أن وصل الأمر إلى الخطوة الأولى في عالم تنسيق حفلات الأعراس وغيرها من المناسبات.
وكيف بدأت أولى خطواتك في هذا المجال؟

لم أكن أفكر في مبدأ تنسيق حفلات الأعراس، إذ لم تكن حينها الفكرة متداولة، فطلب مني تنسيق حفل زفاف في أبوظبي من الألف إلى الياء. وكان الحفل مميزا جدا وتضمن 1500 شخص من نخبة المجتمع. وأردت في هذا الحفل أن أكسر فكرة حفلات الزفاف التقليدية، فجمعت بين الأناقة واللمسات الفنية اللافتة. واعتمدت في ذلك الزفاف على مبدأ الفخامة غير المبالغ فيها، وصممت ديكورا خياليا لسقف الحفل وكانت التجربة الأولى حينها لإعادة تصميم سقف المكان بأسلوب يحاكي مبدأ الفخامة الهادئة. وزينت الطاولات بالورود العائمة بمزهريات مليئة المياه، وكأنها "تيليسكوب". ولاقى هذا الحفل أصداء إيجابية عالية، وتوالت بعدها العروض لتنسيق حفلات الزفاف، وكانت البداية.

سنة 2005 أسست مكتبك الخاص في لبنان الذي حمل اسمك، لينضم إلى فرع إيطاليا واليونان، كيف انطلقت؟
في البداية كنت أنسق ما يقارب خمسين مناسبة سنويا في جميع أنحاء العالم العربي، وكنت حينها لا أزال مقيما في إيطاليا، لكن في عام 2001 جئت إلى لبنان بعقد للعمل مستشارا ومنسقا لنشاطات ومناسبات "فقرا كلوب". وانطلقت أيضا في عملي الاستشاري في لبنان، وبكل تواضع أقول إنه كان لشركتي الفضل في رفع مستوى مختلف المناسبات في لبنان حينها.
ما أسلوبك الخاص في عملك؟

أجمع بأفكاري ما بين اللمسات التقليدية والأخرى الإبداعية في إطار فخم وبسيط معا، وكانت حفلات الأعراس من قبل تنطلق من حجم الميزانية للعروسين، لكني كنت أنطلق من زاوية مختلفة، فأتعرف إلى العروسين في البداية في جلسة اكتشف فيها الكثير عن شخصيتهما وحلمهما وأفكارهما. وابدأ برسم الأفكار التي تشبههما، فأناقشها وأشرحها ثم تأتي في النهاية مرحلة تطبيق الميزانية على الفكرة . فكنت كالأرجوحة أعمل في أعلى الميزانيات وفي أكثرها محدودية، ضمن أفكار أرفض ألا تكون سوى مميزة.

نال حفل زفاف وسام بريدي وريم السعيدي أصداء كبيرة لجهة تصميمه وفكرته وتميز تفاصيله، أخبرنا عنه.

ما إن رسمت فكرة هذا الحفل حتى لجأت إلى تجهيز ترتيباته الأساسية من الإكسسوارات المتواجدة عندي، وإضافة إكسسوارات ومعدات، فلم تتعدَّ تكلفة التجهيزات الإضافية بضع آلاف من الدولارات، بالطبع ما عدا الأمور الأخرى المكملة للحفل. وقبل حفل زفافه زارني وسام بريدي وأخبرني أنه يفكر في حفل زفاف مميز من دون أن يناقشني بأي فكرة. فاستوحيت من المجال الإعلامي الذي يعمل فيه ومجال الموضة التي تعمل فيه خطيبته آنذاك فكرة الحفل، فقدمت لهما فكرة زفاف بين أحضان الطبيعة بأجواء لافتة. وجاء الديكور ليكمل بشفافيته وبساطته شخصية العروسين. ولا تزال صور ديكور زفاف وسام وريم تتداول في أهم المواقع الأجنبية، وتنال الإعجاب بتفاصيلها.
ماذا عن زفاف لارا إسكندر؟
تطلب هذا الزفاف الضخم تحضيرات استمرت ثمانية أشهر، وتضمن ألف مدعو، وأرادوا أن يوحي حفل الزفاف بحدائق عدن، فاخترت موقع نهر الكلب في لبنان، وعملت على تنسيق المساحات المحيطة بالنهر لتنفيذ الفكرة المطلوبة، كما أنجزت لها حفلا ثانيا في اليوم التالي بأجواء إيطالية ليجمع المدعوين على حفل غداء استمر حتى صباح اليوم التالي.

مؤخرا نسقت حفل زفاف علا الحريري ابنة النائب بهية الحريري، فما فكرة حفل الزفاف التي اخترتها؟
بعد يومين من الاحتفال بعيد الأم الذي يصادف بداية فصل الربيع، احتفلت علا الحريري بحفل زفافها في إطار عائلي حميم ومميز للغاية. استوحيت فكرة الزفاف من روح فصل الربيع الذي تتفتح فيه الأزهار. واخترت زهر الليمون الذي تشتهر به منطقة صيدا مكان إقامة الحفل، إضافة إلى زهر الياسمين وشخصية العروسين التي تميل إلى البساطة الراقية، فحولت فيلا آل الحريري بديكورها إلى بستان يعج بالزهر الفوّاح بكل تفاصيله، وصولا إلى الحلويات التي زينت بأسلوب مستوحى من الديكور وزهوره.

ما مواصفات منسق حفلات الزفاف الناجح؟
الصدق أولا وأخيرا، فطبيعة هذا العمل تتطلب احتكاكا مباشرا مع عدد كبير من الناس، والصدق أحد الأركان الأساسية في هذا العمل. لذلك أحرص على أن أقدم عملي ضمن إطار فني إبداعي من دون العمل بإطار الطمع والسعي وراء المبالغ الخيالية، لذلك لا أمانع أبدا في تنسيق حفل زفاف بفكرة مميزة وميزانية مقبولة. وبرأيي إن كان منسق الأعراس خ لا لاقا بأفكاره، فلا شيء يمنعه من تنسيق أي حفل زفاف. وأنا فخور بأني لا أقدم أي عرض لفكرة حفل زفاف لأي من زبائني إلا وتكون الموافقة عليها دون تردد. فبت مع الوقت قادرا على استيعاب ذوق ومتطلبات الزبائن وترجمتها بأسلوبي الخاص. ولا بد من أن يتمتع منظم الأعراس بشخصية ذكية ومبدعة وخلاقة ضمن إطار التواضع. كما لا بد من الإشارة إلى أن مسؤولية هذا العمل كبيرة جدا. وأذكر أن أحد الأعراس الذي نظمته في أحد البلاد العربية كان لعشرة آلاف مدعو، وهو ما يحملني مسؤولية أكبر لجهة ثقة الزبائن بي، وللحفاظ على المستوى الذي أقدمه لكل حفل زفاف. وباختصار البساطة والعطاء الصادق من القلب هما أساس النجاح!
هناك حفلات أعراس تتخطى الخيال بأفكارها، كيف تتعاطى معها؟
كنت قد عملت على حفل زفاف في لبنان لعائلة غيث، حيث وضع جبل بين يدي، فعملنا على جرفه، وأسسنا ممرات مؤدية إليه، وجمّلنا الطرقات قبل أن نبدأ بأي أمر له علاقة بالحفل. وكان حفل زفاف أنيقا بين أحضان الطبيعة. فنختار فكرة حفل الزفاف ونحافظ على أهمية هذه المناسبة في أي مكان أو إطار تكون فيه سواء أكان ضمن الإطار العصري أو الكلاسيكي. وأذكر أنني نفذت حفل زفاف خياليا في قلب الصحراء، فحاكت تفاصيل هذا الزفاف سحر المكان بلمسات الديكور الحالمة. من هنا أقول لا مكان للموضة في عالم الأعراس، لأن العرس بفكرته هو حلم على أرض الواقع.
لماذا أنت بعيد عن مواقع التواصل الاجتماعي؟
لأني وبكل بساطة أحترم خصوصية المناسبات وحفلات الزفاف التي أنظمها، فتربطني مع معظم زبائني علاقة صداقة وطيدة، وينتقل التعامل معا من حفل الزفاف إلى المناسبات والحفلات الخاصة، وصولا إلى تصميم ديكور منزلهما. لذلك أحترم خصوصية هذه العلاقة إلا إذا أراد الزبون أن يضيء على مناسباته عبر صفحاته الخاصة، لذلك بدأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تذكر اسمي ضمن الهاشتاغ (NeimanAzzi #) فيما يتعلق بالحفلات التي أنظمها في لبنان والعالم. وبناء على هذا الأمر وضعت خطة منظمة لأطل قريبا عبر مواقع التواصل، لكن بأسلوبي الخاص.
ماذا عن مستوى مجال تنظيم حفلات الأعراس الحالي؟
كنت أتمنى لو أن هناك نقابة تنظم هذه المهنة، لذلك هي تعيش مثل بقية المهن التي لا تملك نقابة ببعض الفوضى، وتعاني من الدخلاء الذين لا يعرفون سوى القليل. لكني أقول لا بد من استيعاب الأمر، لأنه في نهاية الأمر لا يصح إلا الصحيح، ولن يستمر في النهاية إلا من يستحق أن يبقى.