الأميرة الدكتورة أضواء آل سعود والدكتور محمد قنديل يناقشان صحة المرأة بعد انقطاع الطمث
في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، تؤدي النساء فوق سن الأربعين دورًا محورياُ في تشكيل ملامح الأسرة والمجتمع والحياة المهنية. وبين مسؤوليات الأسرة ورعاية الوالدين والتقدّم في المسار المهني، تواصل المرأة السعودية ترسيخ حضورها المؤثر في جميع مجالات الحياة. كما تضاعفت مشاركتها في سوق العمل السعودي بين عامي 2000 و2024، وهو ما يعكس تحوّلًا اجتماعيًا واقتصاديًا مهمًا.
تُعدّ مرحلة انتقال المرأة إلى سنّ انقطاع الطمث ذروة نضجها الحقيقي؛ مرحلة تتّسم بالتأثير والقوة والوعي بالذات. ومع ذلك، تُهمل كثير من النساء في هذا العمر صحتهن، خصوصًا ما يتعلق بأعراض هذه المرحلة، مما يدفع العديد منهن لخوض هذه التجربة الحساسة بمفردهن، دون دعم أو توجيه كافٍ. ورغم أن مرحلة انقطاع الطمث تُعدّ جزءًا طبيعيًا من تطوّر صحة المرأة، إلا أن عدداً كبيراً من النساء ما زلن يخضن هذه التجربة الحسّاسة بدون معلومات كافية أو دعم مناسب. وغالبًا ما يتسبب نقص الوعي في تأخّر التشخيص، وإهمال الأعراض، وتحويل مرحلة يمكن أن تكون مليئة بالنضج والاكتشاف إلى تجربة معزولة وصعبة.
ومن هنا جاءت حملة " سن الأمل. صفحة جديدة في حياتي"، التي أطلقتها شركة "أبوت" العالمية للرعاية الصحية ، لتُسلّط الضوء على تجارب نساء خضن هذه المرحلة بشجاعة، وتقدّم معلومات علمية موثوقة من خبراء ومتخصصين في الرعاية الصحية، بهدف إعادة تعريف هذه المرحلة، باعتبارها زمنًا للنضج والقوة والتجدّد والأمل، لا مرحلة تراجع ويأس كما يوحي المفهوم التقليدي المتداول.
وهنا تكمن أهمية هذا الموضوع، إذ لا تزال مرحلة انقطاع الطمث في العالم العربي تُوصَف في كثير من الأحيان بأنها "سن اليأس"، وهو وصفٌ مجحف بحق النساء حين تُربط هذه المرحلة بالضعف بدلًا من القوّة. إنّ هذا المفهوم التقليدي يتجاهل جوهر هذه المرحلة الحقيقي، فهو زمنٌ للتجدّد والثقة بالنفس، وبداية فصل جديد في حياة المرأة، تستثمر فيه خبرتها وحكمتها وقوتها لتكتب فصلاً مُزهرًا من حياتها.
ولإلقاء الضوء أكثر على هذا الموضوع، أجرينا هذا الحوار مع الأميرة الدكتورة أضواء سعد آل سعود، الاستشارية المعتمدة في أمراض النساء والتوليد والمتخصصة في صحة المرأة، ومع الدكتور محمد قنديل، المدير الإقليمي لشركة "أبوت" في مصر والسعودية وإفريقيا، للحديث عن أهمية فهم هذه المرحلة وكيفية تمكين المرأة خلالها.
لماذا يُساء فهم مرحلة انقطاع الطمث ؟ وما أبرز المفاهيم الخاطئة حولها؟
الأميرة الدكتورة أضواء سعد آل سعود: على الرغم من أنّ مرحلة انقطاع الطمث مرحلة طبيعية في حياة كل امرأة، إلا أنه غالبًا لا تُناقش بشكل صريح خوفًا من سوء الفهم أو الأحكام المسبقة. في كثير من الحالات، لا تعرف النساء ما الذي ينتظرهن خلال هذه المرحلة، فتُترك الأعراض - التي قد تكون مرهقة ومؤثرة - دون علاج. حتى المصطلح المستخدم "سنّ اليأس" يحمل بحد ذاته دلالة سلبية، ولا يترك مساحة للتعبير عن القوة والنضج والنمو التي قد تصاحب هذه المرحلة. وعندما لا تجد المرأة من تتحدث إليه - حتى الأطباء - تتحوّل هذه المرحلة التي يمكن أن تكون ممتعة ومليئة بالاكتشافات، إلى تجربة معزولة وصعبة.
الدكتور محمد قنديل: الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة قد يكون تحدياً للنساء، ولهذا فإنّ رفع الوعي العام أمر في غاية الأهمية. فالمبادرات التوعوية تفتح باب الحوار، وتُوفّر المعرفة، وتُسهِم في ربط النساء بأطباء مختصين يمكنهم توجيههن خلال هذه المرحلة بثقة واطمئنان. وفي شركة "أبوت"، نعمل مع الأطباء وخبراء صحة المرأة لتقديم معلومات طبية دقيقة، كما نتعاون مع أصوات موثوقة لمشاركة تجارب حقيقية وتنظيم مبادرات تُسهم في زيادة الوعي والفهم حول مرحلة انقطاع الطمث.
ونفخر بدورنا في دعم الابتكار من خلال مساندة الشركات الناشئة في مجال الرعاية الصحية. من أبرز الأمثلة، تحدي (Innovate4Health) الذي أُطلق في بداية هذا العام بالتعاون مع شركة (Plug and Play) أبو ظبي، وفازت به منصة نواة هيلث (Nawat Health). وهي منصة رقمية تقدّم موارد صحية تراعي خصوصية الثقافة المحلية وتُلبي احتياجات المرأة في المنطقة، لمساعدتها على خوض هذه المرحلة من حياتها بثقة.
ما العوامل التي تجعل من الصعب على النساء طلب الدعم في وقت مبكر خلال مرحلة انقطاع الطمث؟
الأميرة الدكتورة أضواء سعد آل سعود: رغم أن مرحلة انقطاع الطمث تحدث عادة في سن الخمسين تقريباً، إلا أنّ التغيرات الهرمونية تبدأ في الأربعينيات، وربما قبل ذلك. وهذا يعني أنّ بعض النساء قد يعانين من أعراض مرهقة تمتد لأكثر من عشر سنوات إذا لم يُطلَب الدعم مبكرًا. ويرجع ذلك إلى أن أعراض هذه المرحلة شديدة التنوّع، وغالبًا لا تتم التوعية بها مسبقًا، مما يجعل من الصعب على النساء - وحتى الأطباء - التعرف عليها.
كيف تؤثر أعراض انقطاع الطمث على حياة المرأة اليومية، ومسيرتها المهنية، وأسرتها؟
الأميرة الدكتورة أضواء سعد آل سعود : قد تؤثر هذه المرحلة على طاقة المرأة ونومها وتركيزها ومزاجها، وبالتالي على علاقتها بأسرتها وأدائها المهني. ومع تعدد المسؤوليات اليومية، يمكن لهذه التحديات أن تُحدث أثرًا واضحًا. ولكن التدخّل المبكر واستشارة الطبيب يساعدان في تخفيف هذا الأثر. ومع الدعم الطبي الصحيح وتبنّي أسلوب حياة صحي، تستطيع المرأة التخفيف من حدة الأعراض، وحماية صحتها، واستقبال هذه المرحلة كفصل جديد مليء بالفرص.
ما الدور الذي يمكن لمقدّمي الرعاية الصحية وشركات مثل "أبوت" القيام به في تمكين النساء خلال هذه المرحلة من حياتهن؟
الأميرة الدكتورة أضواء سعد آل سعود: عندما يكون الأطباء - حتى من غير تخصص النساء - مطّلعين على هذه المرحلة، يصبحون عنصرًا أساسيًا في تمكين المرأة من الاهتمام بصحتها. وعندما تساهم شركات الرعاية الصحية في قيادة هذا الحوار، يتولد وعي واسع واتصال أقوى، ويصل للنساء الدعم الذي يحتجن إليه.
الدكتور محمد قنديل: تمكين النساء من مواصلة إنجازاتهن يبدأ من حصولهن على المعلومات الصحيحة والدعم المناسب. هدفنا هو تحفيز مزيد من الحوارات حول انقطاع الطمث، وتزويد النساء بالمعرفة التي تساعدهن على التعامل مع هذه المرحلة بثقة. بهذه الطريقة، يمكن المرأة أن تنظر إلى هذه المرحلة على أنها قابلة للإدارة وليست عبئًا. ومن خلال رفع الوعي، نسعى إلى تشجيع للنساء على طلب المساعدة بدون تردّد، فتقوم بذلك بالخطوة الأولى نحو مواصلة عطائها في جميع أدوارها بثقة كاملة.
كيف يرتبط التوعية بمرحلة انقطاع الطمث ببرنامج التحوّل في القطاع الصحي ورؤية السعودية 2030؟
الدكتور محمد قنديل:.في إطار رؤية السعودية 2030، هناك تركيز كبير على تعزيز صحة المرأة في مختلف المراحل العمرية. والانفتاح على مناقشة مرحلة انقطاع الطمث يأتي ضمن التحول الوطني في الرعاية الصحية، المدعوم بالتقنيات الرقمية والشراكات بين القطاعين العام والخاص. هذا التوجه يمكّن النساء من الحصول على رعاية متخصصة وتثقيف صحي موثوق، بما يدعم الشيخوخة الصحية والحياة المتوازنة.
هل هناك أي رسالة أخيرة تودين توجيهها لقراء مجلة «هي»؟
الأميرة الدكتورة أضواء بنت سعد آل سعود: تولي المملكة العربية السعودية جُل الاهتمام للمرأة في جميع الجوانب، وفي الجانب الصحي على وجه التحديد، وقد وفرت الدولة حفظها الله جميع المتطلبات الصحية من ثروة بشريه و اجهزة طبيه وغيرها للاهتمام بصحة المرأة بمختلف الاعمار. وفيما يتعلق بمرحلة الطمث فتأتي غالبًا في ذروة نضج المرأة، في العمر الذي تزيد من رسم ملامح حياتها بثقة، مستندة إلى خبرة واسعة وحكمة متراكمة. أنصح كل امرأة بأن تتعامل مع هذه المرحلة بوصفها فرصة لليقظة الداخلية، لحظة لاكتشاف الجمال والتوازن بطرق جديدة. فكل محطة في حياة المرأة تحمل قوتها الخاصة، وهذه المرحلة تحديدًا تؤكد لنا أن النمو لا يتوقف، بل يتجدد،
الدكتور محمد قنديل: حان الوقت لجعل الحديث عن مرحلة انقطاع الطمث أمرًا طبيعيًا، وزيادة الوعي حول الدعم المتاح للنساء لتمكينهن من التعامل مع الأعراض بفعالية وطلب الرعاية عند الحاجة. ومع وجود الدعم المناسب من الأسرة والأصدقاء ومقدمي الرعاية الصحية والمجتمع بشكل عام، يمكن أن تكون هذه المرحلة فصلًا جديدًا ومُلهمًا في حياة كل امرأة، وفرصة لتعيش حياةً مفعمة بالإمكانات..