عطور جيرلان باريس.. شاليمار مئة عام من الحب
قليلة هي العطور التي تتخطّى حدود الزمن وتقلبات الموضة دون فقدان سحر هالتها. عطر "شاليمار"، الذي أبصر النور في العام 1925، هو واحد من هذه العطور.
شاليمار إحدى أيقونات جيرلان Guerlain، وركيزة أساسية من إرثها ورمزًا متأصّلًا في قاموسها العطري. هو أول عطر عنبري في التاريخ، تحفة ابتكرها جاك جيرلان في العام 1925، وتحتفل الدار اليوم بالذكرى المئوية لإطلاقه. لمناسبة هذه الذكرى الاستثنائية، تكشف الدار عن "شاليمار ليسانس" (Shalimar L’Essence)، إصدار مكثّف ومعاصر يُجسّد رموز "شاليمار" المميّزة. إنه تكريم للحداثة الغير محدودة بزمن، وقوة الجرأة، والجاذبية الآسرة التي لطالما ميّزت هذا العطر الأشهر في تاريخ عطور "جيرلان" النسائية.

مئة عام من الأسطورة
بدأ كل شيء بقصة حب خالدة... حكاية الشغف الأسطوري الذي جمع الإمبراطور شاه جهان بالأميرة ممتاز محل في الهند خلال القرن السابع عشر. أنشأ الإمبراطور حدائق شاليمار الملكية الفاخرة في لاهور – والتي تعني بالسنسكريتية "معبد الحب"– إهداءً لحبيبته. هناك، ازدهر حبهما حتى وفاتها المأساوية، فشيّد الإمبراطور المفجوع وتخليدًا لذكراها أحد عجائب الدنيا السبع الجديدة: تاج محل.
مفتونًا بالشرق وثقافته وأساطيره، اكتشف مبدع العطور جاك جيرلان هذه القصة. فأشعلت شرارة الإلهام لعطر كُتب له أن يغدو بدوره أسطورة. تحفة من تحف فن العطور الحديث، عطر لا يزال يحتفظ بسحره وجاذبيته على مرّ الزمن... تمامًا كالحكاية التي كانت مصدر إلهامه.

مئة عام من الجرأة
لعبة قدرٍ مقترنة بلمسة من العبقرية الحقيقية، كانت وراء ابتكار عطر شاليمار..... وحي مفاجئ أشعل الهام جاك جيرلان عندما زاره صديقه الكيميائي جاستين دوبون ليقدّم له صيغة الإيثيل-فانيلين (ethylvanillin) الجديدة، صيغة صناعية برائحة الفانيليا القوية،. عندها قام بإضافة بضع قطرات من هذه الصيغة الطرية الجديدة على قارورة عطر "جيكي" (Jicky) الذي أطلقته الدار في العام 1889 والذي يُعتبر أول عطر "حديث" في التاريخ. دون أن يدرك ذلك، أرسى جاك جيرلان ركائز أول عطر من العنبر في تاريخ صناعة العطور. وبعد بضعة أشهر، اكتملت تركيبته التي قدّمت تباينًا رائعًا بين نضارة البرغموت والنغمات العنبرية، وأضفت عليها الفانيليا بعدًا شهيًا جاذبًا بقوة.
كان "شاليمار" عطرًا ثوريًا قلب موازين صناعة العطور في تلك الحقبة، وأرسى أسس اتجاه جديد دائم للعطور العنبرية. كما ترك بصمة بارزة في قاموس عطور جيرلان: إذ تجسّد تركيبته جوهر "جيرليناد" الشهيرة.
من خلال مزج البرغموت والورد والياسمين والسوسن والفانيليا وحبوب التونكا، يُعد "شاليمار" التعبير الأمثل عن هذا التوافق العطري الفريد، الذي لا يزال يميز العديد من ابتكارات الدار حتى يومنا هذا.

حرص جاك جيرلان أن تكون قارورة هذا الابداع العطري الطليعي مصمّمة خصيصًا له، عمل على ابتكارها ابن شقيقه ريمون. جاءت القارورة في تناسق تام مع روح العطر؛ تصميم من الطراز المغولي، مزيّن بنقوش أرابيسك تذكّرنا بأحواض حدائق شاليمار. كانت هذه القارورة الأولى في التاريخ التي تم تصميمها على قاعدة، وكذلك الأولى التي زوّدت بسدادة ملونة من الكريستال الأزرق الياقوتي، صُبغت بتقنية سرية خاصة بدار باكارا (Baccarat) العريقة.
إنجاز تقني وجوهرة جريئة، تم كشف النقاب عن عطر "شاليمار" (Shalimar) لأول مرة أمام الجمهور في المعرض الدولي للفنون الزخرفية (International Exhibition of Decorative Arts) المُنعقد في باريس العام 1925. شكل هذا المعرض تتويجًا لحركة فنية راقية أُطلق عليها فيما بعد اسم «آرت ديكو». هناك نال عطر "شاليمار" جائزته الأولى. من خطوط قارورته إلى جموح رائحته الشرقية المُلهبة، عبّر "شاليمار" عن افتتان تلك الحقبة بالشرق، واستطاع أن يلتقط روح العصر ببراعة متقنة.
قارورة عطر "شاليمار" تفيض بجمال خالد لا يبهت، وقد بقيت وفيّة لهويتها الأصيلة عبر الأزمان. في العام 2010، أعادت المصمّمة جايد جاغر (Jade Jagger) تفسير رموزها من خلال عدسة البساطة الراقية، مع الحفاظ على طابع الـ "آرت ديكو" المميّز الخاص بها الذي لا يزال يتفرّد في مشهد العطور المعاصرة. وفي العام 2025 – تمامًا كما في 1925 – يواصل "شاليمار" تفرّده وتأكيد هويته الفريدة: يمكن التعرّف إليه من النظرة الأولى، ويكفي نبض قلب واحد للوقوع في غرامه.

مئة عام من الحسية المرهفة
حصد "شاليمار" أوّل معجبيه... في الولايات المتحدة. فخلال رحلة عبور للمحيط الأطلسي على متن باخرة Le Paris، أصبحت زوجة ريمون جيرلان سفيرة غير رسمية للعطر، إذ كان الركّاب الأميركيون، المأخوذون بروعته، يسألونها عن اسم العطر الذي تضعه. وقد شكّل هذا الحماس نذيرًا مبكرًا بنجاح عطر يتمتّع بأنوثة آسرة، سيستولي لاحقًا على قلوب العالم بأسره. بوصفه رمزًا يُحتذى به للحسية، تسلّل "شاليمار" تدريجيًا إلى قلوب النساء، وأصبح العطر المميّز لعدد من الشهيرات اللواتي ساهمن في تخليد نجاحه عبر الأجيال.
أكثر من مجرد عطر، "شاليمار" هو حالة ذهنية تنتقل من جيل إلى آخر. رمزٌ للأنوثة الجريئة الواثقة. إعلان حرية. بيان عطري ساحر تم الاستحواذ عليه وتقديمه داخل قارورة.
في العام 2025، يعود أثر عطر "شاليمار" الفريد والفاخر ليعكس مجددًا روح العصر. مزيجٌ من القوّة والنعومة يرافق المرأة اليوم، فيكون صدى لقناعاتها، وشغفها، وثوراتها – الكبيرة منها والصغيرة. عطر يتجدّد باستمرار مؤكداً كونه حقيقة بديهية، "شاليمار" يُجسّد هالة سحرية وشخصية لا تُنسى، لامست قلوب النساء على مدى قرن، ولا تزال تفعل حتى يومنا هذا.

في زمن يتصدّر فيه الطابع الكلاسيكي صيحات الموضة من جديد، يعود "شاليمار" إلى الواجهة بقوّة، حتى في أوساط الجيل الشاب. ارتداء عطر "شاليمار" بات أسلوبًا للتعبير عن الحسية، الذوق، والحرية. لم تعد هناك حاجة إلى الإكسسوارات أو الإطلالات المتكلفة.
"شاليمار" الجمال الأخاذ، "شاليمار" التحوّل الرائع، "شاليمار" الجوهر المطلق.